قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    18 محافظة على موعد مع الأمطار خلال الساعات القادمة.. وتحذيرات مهمة للأرصاد والإنذار المبكر    خطر يتهدد مستقبل اليمن: تصاعد «مخيف» لمؤشرات الأطفال خارج المدرسة    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    رواية حوثية مريبة حول ''مجزرة البئر'' في تعز (أسماء الضحايا)    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    اسباب اعتقال ميليشيا الحوثي للناشط "العراسي" وصلتهم باتفاقية سرية للتبادل التجاري مع إسرائيل    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    جامعي تعزّي: استقلال الجنوب مشروع صغير وثروة الجنوب لكل اليمنيين    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    ما الذي يتذكره الجنوبيون عن تاريخ المجرم الهالك "حميد القشيبي"    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تجاوز قضية الجنوب لن يغرق الإنتقالي لوحده.. بل سيغرق اليمن والإقليم    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    الحوثيون يلزمون صالات الأعراس في عمران بفتح الاهازيج والزوامل بدلا من الأغاني    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    اعتراف أمريكي جريء يفضح المسرحية: هذا ما يجري بيننا وبين الحوثيين!!    تشيلسي ينجو من الهزيمة بتعادل ثمين امام استون فيلا    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    الشيخ الأحمر: أكرمه الأمير سلطان فجازى المملكة بتخريب التعليم السعودي    إصابة شخصين برصاص مليشيا الحوثي في محافظة إب    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    اختطاف خطيب مسجد في إب بسبب دعوته لإقامة صلاة الغائب على الشيخ الزنداني    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    أسفر عن مقتل وإصابة 6 يمنيين.. اليمن يدين قصف حقل للغاز في كردستان العراق    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حروب تلد حروبًا: إيران ترث «خلافة» البغدادي


عبدالوهاب بدرخان
هل تقترب الصراعات في سورية والعراق واليمن وليبيا من نهايات قريبة نسبياً؟ على رغم ندرة المبادرات الداخلية فإن التنافس بين الأطراف الخارجية، دولية وإقليمية، فتح فصولاً صراعية جديدة لا تعد بإنهاء بل بإطالة كل صراع. هناك تحالفات جديدة، سباقات تسلّح، اصطفافات متبدّلة وخلط أوراق… هذه مرحلة تحوّلات ربما تمثّل قمم الرياض ذروتها، إذ تحاول إعادة الدور الأميركي قبل أفوله في المنطقة، لكن سبقتها تقلّباتٌ في العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا، بينها وبين حليف مثل تركيا، وحتى مع حلفاء مزمنين في الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي. كل ذلك ينعكس على البلدان الأربعة المأزومة وجوارها، وليس مؤكّداً أن التشوّش الراهن سينجلي متى حسمت أميركا خياراتها، إذا حسمتها فعلاً، فهي تركّز على محاربة الإرهاب وتتجاهل الأسباب الداخلية التي أجّجت هذا الإرهاب، أما الأطراف الأخرى كروسيا وإيران وإسرائيل وتركيا فتتلاعب، خصوصاً في سورية، وكلٌّ على طريقته، بورقتي الإرهاب والأزمة الداخلية معاً.
بعد قمم الرياض أصبحت المعادلة كالآتي: الإرهاب هو إيران. كان ذلك واضحاً بالنسبة إلى الولايات المتحدة منذ وجودها في السعودية بعد حرب الخليج، ثم عندما أصبحت سلطة احتلال في العراق ولمست مباشرة كيف استفادت إيران من الحرب على أفغانستان بإيواء فلول تنظيم «القاعدة» ومن الحرب على العراق بإدخال مواليها من معارضي صدام حسين الذين أصبحوا لاحقاً نواة الميليشيات التي فرّخت عشرات لتكون «حرساً ثورياً» بديلاً من الجيش الوطني، تماماً كما فعل ملالي طهران بعد إطاحة الشاه. بل اتضحت أكثر للأميركيين علاقة إيران بالإرهاب بعد انسحابهم من العراق ثم دعوتهم إلى العودة للمساعدة في محاربة الإرهاب، تحديداً في ضرب «داعش»- وليد «القاعدة»- الذي تمدّد إلى سورية وأعلن «دولة الخلافة» في مساحة جغرافية واسعة معظم سكانها من السُنّة، وهي المساحة التي أرادت إيران إخضاعها لتحصّن هيمنتها على عموم العراق وتتحكّم بمناطق شرق سورية ووسطها وصولاً إلى لبنان، استكمالاً ل «هلالها» الفارسي أو الشيعي.
هذا «الهلال» سيطر بميليشياته على الأرض، فلم يتأثّر بالتدخّل الروسي في سورية بل تعايش معه، ولا بعمليات «التحالف الدولي ضد الإرهاب» بل كشف حاجة الأميركيين إليه في العراق، حتى أن الخلافات الأميركية- الروسية تترك له مساحات مريحة لمواصلة عمله، إلى حدٍّ تبدو معه الدولتان الكبريان وكأنهما تخدمان الاستراتيجية الإيرانية. لم تعبّر روسيا، حتى في سعيها إلى تدعيم نفوذها في سورية، عن أي نيّة أو مخطط لتقليص نفوذ إيران، وفضّلت حتى الآن التنسيق معه على رغم تناقضه مع خططها لتطبيع الوضع السوري. أما الولايات المتحدة فأكّدت مراراً أن الحدّ من التمدّد الإيراني أحد أبرز خياراتها الاستراتيجية، بالتزامن مع ضرب الإرهاب وإنشاء مناطق آمنة، أي أنها تقترب من معادلة «الإرهاب هو إيران» وبالتالي فإن المنطقة تترقّب تنفيذ توجّهها هذا ومدى تأثيره في مستقبل الأوضاع، تحديداً في سورية والعراق واليمن، وبات ممكناً أن تُضاف ليبيا إلى السياق ذاته، لماذا؟ لأن كشف واشنطن عن نياتها وتحالفاتها، وتأخّرها في التحرك، دفعا بالمتضرّرين المحتملين إلى «تحالف» تسعى إيران إلى بلورته مستفيدةً من مسار أستانة السوري للتقارب مع تركيا واستمالة تيار الإسلام السياسي «الإخواني» القلق من ربطه أميركياً وعربياً بالإرهاب. ولا تبدو موسكو ممانعة نشوء تحالف كهذا بل تعتبر أنه يمدّها بأوراق إضافية في مساوماتها مع أميركا.
إذا كان الإرهاب هو المعضلة الرئيسية فإن وشوك انتهاء معركة تحرير الموصل بهزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في معقله الأهم يرشّح العراق لأن يوفّر النموذج الأول لما ستكون عليه الحال في مرحلة «ما بعد داعش». بعد ذلك، وبالمفهوم نفسه، سيشكّل إطلاق معارك تحرير الرقّة ودير الزور خطوة نحو حسم الأزمة في سورية لتأخذ عندئذ بشيئ مما يكون قد تبلور سياسياً في العراق. في المقابل، لم يكن الإرهاب سوى جزء تفصيلي في اليمن، إذ كان تنظيم «القاعدة» متوطّناً في بعض مناطق الجنوب والوسط قبل أزمة 2011 ويرجّح أنه كان يتلقّى دعماً من قيادته في إيران وقد استخدمه علي عبدالله صالح لابتزاز الخارج، ويرجّح أنه لا يزال على تواصل معه. أمّا في ليبيا فارتبط بفلول «القاعديين» الذين تغلغلوا في نسيج «الثورة» وميليشياتها ثم ظهر «داعش» فجأة وبجهوزية تامة مكّنته بسرعة قياسية من إنشاء إمارة في سرت، إلى أن طُرد منها لكنه لا يزال تهديداً ماثلاً حتى أنه سجل حضوراً في مانشستر البريطانية.
في جميع هذه البلدان تمسّ الحاجة إلى إطلاق حلول سياسية بمقدار ما تمسّ إلى محاربة الإرهاب، أولاً لأن الظروف التي أنضجت «داعش» وظهوره لا تزال قائمة بل إنها قد تزداد تغوّلاً، وثانياً لأنها قد تنتج جيلاً آخر من هذا التنظيم بسرعة قياسية. فعلى سبيل المثال، حضّ النظام الإيراني نظام نوري المالكي على عدم تقديم تنازلات لحل الأزمة السياسية في العراق لكنه شجعه على التنازل ل «داعش» بعدم مقاومته في الموصل وبسحب أي قوات حكومية قادرة على التصدّي له. كذلك حقّق النظامان السوري والإيراني أكبر المكاسب من تمكين «داعش» في زرع وجوده في الشمال ومن انشقاق «جبهة النصرة» عنه ترجيحاً لوضع فصائل المعارضة في سياق إرهابي يرفضه العالم، ويتذرّع به لقبول نظام بشار الأسد كخيار سيئ أفضل من الآخر الأسوأ. وفي الحالين كانت المشكلة في ممارسات النظام القائم، وفي المشروع الإيراني لنشر الفوضى والاستثمار فيها. هذا ما كان عليه الأمر أيضاً في اليمن، بتوظيف أنانية الرئيس المخلوع وأحقاده واحتكاره بعض القوات المسلّحة واستهتاره بالبلد في خدمة الميليشيات الحوثية للسيطرة على الدولة والجيش والمؤسسات كافة، من دون أي ازعاج للتنظيمات الإرهابية الموجودة.
لن يستعاد أي استقرار في أي من هذه البلدان، ولن يستقيم أي حل سياسي، ما لم تُرفع يد إيران عنها أو يُقلّص نفوذها الى أدنى حدّ. هذا مشروع حرب أخرى وستتجنّب إيران وخصومها تعريض أراضيها، وستحارب إيران وخصومها بالسوريين والعراقيين واليمنيين. يترافق انتهاء معركة الموصل مع تكثيف ميليشيات «الحشد الشعبي» اندفاعاتها إلى الحدود السورية، فوليّ الفقيه الإيراني الذي يتصرف ك «خليفة» يعتبر أنه الأحقّ في وراثة أرض «خلافة» أبي بكر البغدادي، و «الحشد» يريد أن يحلّ محل «داعش». هذا اختبار مهم لاستراتيجية «احتواء النفوذ الإيراني» الأميركية، وسباق مفتوح بين مَن يملك الأرض ومَن يملك الجو، بين طهران التي تعتبر معابر الحدود شرايين حياة لوجودها في سورية وستواصل ضغوطها للسيطرة عليها، وبين واشنطن التي تسعى إلى تحويل المعابر ومحيطها «مناطق آمنة» لكن تلكؤها قد يخسّرها السباق، فالغارة الجوية على ميليشيات عراقية مندفعة إلى الجانب السوري من معبر التنف لن تثني الإيرانيين، مثلما أن الشروط الأميركية لم تمنع الحكومة العراقية من تشريع «الحشد» وإشراكه في معركة الموصل، ومن بعدها استعادة عربداته في الأنبار في طريقه إلى الحدود.
ثمة تفاهمات أوليّة، محدودة لكن مهمّة، قد تكون أميركا وروسيا توصّلتا إليها من دون إعلانها. بينها مثلاً عدم العرقلة الأميركية لاتفاق مناطق خفض التوتر في سورية مع اشتراط منع الميليشيات التابعة لإيران من عبور الحدود لإقامة خط طهران- بغداد- دمشق- بيروت. وبينها أيضاً اشتراط روسيا عدم التعرّض للجيش النظامي السوري، لكن معظم التحركات المنسوبة إلى النظام قوامها من أتباع إيران مع أنفار نظاميين كأدلّاء، وليس معروفاً إذا كان الأميركيون والروس توافقوا على معايير الفصل أو التمييز بين هذين الطرفين. غير أن المضي في اتفاق أستانة، بتشارك الروس والأتراك والإيرانيين في رسم «الحدود» بين مناطق خفض التوتر، بات يؤسّس لتوافق رباعي يضم الأسد كتحصيل حاصل، ومن شأن ذلك أن يهمّش مفاوضات جنيف أو يتركها عقيمة وشكلية ليلتفّ عليها بترتيبات تعكس ما تتوافق عليه الدول الثلاث مع الأسد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.