"ما قالوا من أجل صلاح؟" سؤال أمي المتكرر والموجع الذي لم أَجِد له إجابة! أحاول طمأنتها باستمرار وبأنك ستعانقها يوما ما، فتذرف دمعة متبوعة بحشرجة وصوت مخنوق.. تردد أمي على مسامعي دوما إننا معها في كل وقت وحين وإنها لا تنساك ولا تنسانا جميعا حتى في أحلامها.. أنا بعيد عن أمي وأبي أيضا وهذا وجع إضافي لهما. تقول لي أمي ويقول لي أبي أيضا إنهما يشفقان علي ويعتبرانني في حكم المختطف.. فمثلما لا يقدران على الوصول إليك يا صلاح فقد حالت المسافات بيننا والسبب واحد. قبل أسبوع وتحديدا ظهر الجمعة قبل الماضية اتصلت بأمي فردت علي بصوت مليء بالفرح فعرفت أن الأمر مرتبط بك يا صلاح فمنذ مدة وصوتها منكسر وغائر وحزين.. قلت لها خيرا ان شاء الله، فردت لقد سمحوا لصلاح بالاتصال بِنَا.. كنت أتخيلها فراشة من ضوء تحلق عاليا بأجنحة من نور. أهل قريتنا يسمون أمي بنت الحاج كنية عن صلاحها وارتباطها بمكة حتى أني لم اعرف ان اسمها فاطمة إلا بعد أن بلغت العام العاشر من عمري.. ولا اعرف أمي إلا امرأة صوامة قوامة فهي لا تختلط بمجالس النساء كثيرا وتقضي وقتها ذكر واستغفار.. ولهذا أثق أن من يوجع أمي فنهايته وخيمة، وقد أوجعها الحوثي بالفعل وأوجع قلوب أمهات اليمنيين جميعا. سمحوا لصلاح باتصال يتيم بأمه وأبيه منذ 3 سنوات ومنعوهما أكثر من مرة من زيارته. ظل والدي الضرير يتوكأ بعرجته وشيخوخته شوارع صنعاء ذهابا وإيابا طيلة 3 أشهر يتوسل من يعرف ومن لا يعرف للتوسط لدى الحوثيين للسماح له بزيارة صلاح ولكن دون جدوى.. خسر نحو 500 ألف ريال قيمة قات ومواصلات لمجموعة حوثة مقابل وعود أو بالأصح مقابل بيع الوهم.. كنت على ثقة أنهم لصوص وقطاع طرق ونهابين لكن صحة والدي لم تكن تحتمل إخباره بهذه الحقيقة ولذا شجعته على ذلك وبالفعل فقد شعر براحة ضمير وبأنه عمل شيئا لأجل صلاح وعاد إلى القرية بكامل صحته بعد أن غادرها سقيما عليلا.. ولذا حينما يعتل والدي لا أرسل له قيمة دواء وإنما مصاريف لزيارة صلاح ومتابعة الإفراج عنه لأن علته ودواءه هي أنت. سيسقط الحوثي سقوطا مدويا بقدر الوجع الذي ألحقه بقلوب الأمهات. * من صفحة الكاتب على "الفيسبوك"