أفشلت الاستخبارات التونسية والدولية، خطة إماراتية تفضي إلى انقلاب ناعم في تونس، وتقضي الخطة الإماراتية بإقالة رئيس تونس السبسي لأسباب طبية، وأن يترأس وزير الدفاع في عهد نظام زين العابدين بن علي رئاسة الحكومة، واخراج حركة النهضة من العملية السياسية، وكان بطل خطة الانقلاب وزير الداخلية لطفي برهام، والذي أقيل من منصبه، بعد أن كُشفت الخطة؛ التي نشرها موقع موند الفرنسي. الفضيحة الاماراتية، تزامنت مع زيارة رئيس الجمهورية عبده ربه منصور هادي، إلى أبوظبي، مما يضع الكثير من الاستفهامات حول جدية الامارات في فتح صفحة جديدة مع الشرعية، وتخوفات من كون التقارب الإماراتي الأخير مع الشرعية، خطوة مكر إمارتية أكثر من كونه تقارب جدي لتصحيح العلاقة المتدهورة مع اليمن. لقد دلت تجارب كثيرة، على أن الإمارات لا تمد يد الدبلوماسية لدولة أو جماعة، إلا لمآرب سيئة، وبغية تحقيق مطامع بالدبلوماسية عجزت عن تحقيقها بالقوة والفوضى، ومن هنا تأتي تخوفات الكثير من التقارب الأخير مع هادي، فالدولة التي لم تغسل بعد يدها الملوثة بخطة استخبارتية "فاشلة"، للاطاحة بنظام مسالم؛ مثل تونس، تمد يدها إلى نظام بلد آخر؛ مثل اليمن، لم تصلح بعد أفعالها التخريبية والعدوانية فيه. لأبوظبي تجارب سابقة في الغدر، واستخدام الدبلوماسية كوسيلة لتغطية مؤامرات قادمة، لقد فعلت ذلك في ليبيا، كانت على مدى سنوات ما بعد سقوط نظام القذافي تدعم قوات حفتر، ضد الحكومة الشرعية المنتخبة، وظلت كذلك إلى أن فشل حفتر، في الاسقاط النهائي للشرعية في ليبيا، وعجزت هي في اقناع العالم بالاعتراف بشرعية وكيلها حفتر، فاتجهت بمد يدها للحكومة الشرعية وحاولت لعب دور الوساطة بين حفتر وحكومة ليبيا، ثم اتضح في النهاية أنها تمارس دور الخداع والمكر. وحتى لا نذهب بعيدا، لقد عمل ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، بكل قوته لاضعاف تواجد التجمع اليمني للاصلاح، في الجنوب، وعمل بكل ما يملك لاخراجه من موازين التأثير السياسي والعسكري في الجنوب، كان حينها يراهن على المخلوع صالح وحزبه، لكن مقتل صالح على يد مليشيا الحوثي أربك الامارات، وبكل بساطة ذهب محمد بن زايد لمد يد الدبلوماسية لتجمع الاصلاح، معلنا فتح صفحة جديدة معه، لكن الوقائع التالية للقاء الإماراتي-الإصلاحي، أبانت عن مكر إماراتي، وأن هدف اللقاء كان هو شراء صمت الاصلاح على مخططات جديدة لاضعاف الشرعية، وتمكين المليشيات التابعة لأبوظبي. لقد نجحت الامارات تحت ستار دعم الشرعية، في تقويض الشرعية في المناطق المحررة من مليشيا الحوثي، ودعمت بوضوح وعلن، مليشيات مناطقية وانفصالية في عدن وشبوة وأبين وحضرموت، ورعت انقلاب "ثان" على الشرعية في عدن، وأججت الصراع في تعز، عبر دعمها لتشكيلات متمردة على الشرعية، مثل أبوالعباس ولواء العصبة، ولقد فتح ضعف الشرعية شهيتها الاستعمارية لمحاولة احتلال سقطرى، وكانت قد بدأت بالفعل في احتلال مطار وميناء سقطرى، لولا التحركات الشعبية والرسمية، التي وضعت الامارات في مواجهة مع العالم. أدركت الامارات أن كل جهودها التي أخذتها بقوة السلاح، وعبر التشكيلات المسلحة التابعة لها، سوف تذهب هدرا، بعد درس سقطرى الذي أوضح أنها تمارس، كما قال وزير الداخلية الميسري، احتلالا غير معلن في الجنوب، وكما أُخرجت بالدبلوماسية من سقطرى، يمكن أن يتحول احتلالها غير المباشر للجنوب إلى احتلال معلن، اذا ما تحركت اليمن دبلوماسيا؛ كما فعلت مع سقطرى. درس سقطرى، وفشل الانقلاب في عدن، وعدم نجاح الامارات في شراء الاصلاح، وتدخل المجتمع الدولي في عرقلة دخول الامارات مدينة الحديدة، كلها أسباب عديدة أوصلت أبوظبي إلى قناعة، بأن كل ما تفعله في اليمن، بدون غطاء الشرعية، سيذهب أدراج الرياح، وأن التوجه نحو الدبلوماسية خيار ضروري للحفاظ على ما تحقق لها. إن الشرخ الذي أحدثته الإمارات في اليمن كبير جدا، ولم ينحصر سوئه على اليمن كنظام وسيادة، بل وصل إلى الإعتداء على كرامة شعب له حضارة وتاريخ عريق، ومن هنا، يجب على الشرعية، التعامل بحذر مع التوجة الإماراتي نحو التقارب مع هادي، وعلى الشرعية استثمار هذا التقارب، بما يحقق مصالح اليمن. فالدبلوماسية الاماراتية أكثر مكرا من مواجهتها المباشرة، وعلى الشرعية التعامل مع تحركات أبوظبي الدبلوماسية بذكاء، للخروج باتفاقات جديدة مبنية على العلابات الندية، وباشتراطات أن تثبت الامارات حسن نيتها العملية على الأرض، برفع يدها عن دعم المليشيات المسلحة. يجب أن ندرك، أن النوايا الحسنة في عالم السياسة، لم تعد تجدي في اصلاح العلاقات بين الدول، دون أن يسبقها اعتذار علني واضح للأخطاء والجرائم المرتكبة، ولا يمكن للدبلوماسية وحدها أن تعالج الانتهاكات المرتكبة بحق الدول، دون أن يصاحبها اجراءات عملية، تؤكد بدء صفحة جديدة من العلاقات المبنية على الندية والاحترام.