الدولة العميقة ومن يدعمها هدفهم إضعاف الإنتقالي والمكاسب الجنوبية    اعضاء مجلس السابع من ابريل لا خوف عليهم ويعيشون في مأمن من تقلبات الدهر    تحميل لملس والوليدي إنهيار خدمة كهرباء عدن مغالطة مفضوحة    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    بريطانيا تُفجر قنبلة: هل الأمم المتحدة تدعم الحوثيين سراً؟    بيان عاجل لإدارة أمن عدن بشأن الاحتجاجات الغاضبة والمدرعات تطارد المحتجين (فيديو)    برشلونة يرقص على أنغام سوسيداد ويستعيد وصافة الليغا!    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    متهم بقتل زوجته لتقديمها قربانا للجن يكشف مفاجأة أمام المحكمة حول سبب اعترافه (صورة)    استعدادات حوثية للاستيلاء على 4 مليار دولار من ودائع المواطنين في البنوك بصنعاء    لاعب منتخب الشباب السابق الدبعي يؤكد تكريم نجوم الرياضة وأجب وأستحقاق وليس هبه !    ليفربول يسقط في فخ التعادل امام استون فيلا    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    "نكل بالحوثيين وادخل الرعب في قلوبهم"..الوية العمالقة تشيد ببطل يمني قتل 20 حوثيا لوحده    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    سيف العدالة يرتفع: قصاص القاتل يزلزل حضرموت    إشاعات تُلاحق عدن.. لملس يُؤكد: "سنُواصل العمل رغم كل التحديات"    ما معنى الانفصال:    مقتل عنصر حوثي بمواجهات مع مواطنين في إب    برشلونة يتخطى سوسيداد ويخطف وصافة الليغا    اليمن تجدد رفضها لسياسة الانحياز والتستر على مخططات الاحتلال الإسرائيلي    البوم    غروندبرغ يحيط مجلس الأمن من عدن ويعبر عن قلقه إزاء التصعيد الحوثي تجاه مارب    شهداء وجرحى جراء قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على شمالي قطاع غزة    انخفاض أسعار الذهب إلى 2354.77 دولار للأوقية    السفيرة الفرنسية: علينا التعامل مع الملف اليمني بتواضع وحذر لأن الوضع معقد للغاية مميز    السعودية: هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    مباحثات يمنية - روسية لمناقشة المشاريع الروسية في اليمن وإعادة تشغيلها    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    الاكاديمية العربية للعلوم الادارية تكرم «كاك بنك» كونه احد الرعاة الرئيسين للملتقى الاول للموارد البشرية والتدريب    احتجاز عشرات الشاحنات في منفذ مستحدث جنوب غربي اليمن وفرض جبايات خيالية    صراع الكبار النووي المميت من أوكرانيا لباب المندب (1-3)    من أراد الخلافة يقيمها في بلده: ألمانيا تهدد بسحب الجنسية من إخوان المسلمين    دموع ''صنعاء القديمة''    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    ماذا يحدث في عدن؟؟ اندلاع مظاهرات غاضبة وإغلاق شوارع ومداخل ومخارج المدينة.. وأعمدة الدخان تتصاعد في سماء المدينة (صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    تشافي: أخطأت في هذا الأمر.. ومصيرنا بأيدينا    ميلان يكمل عقد رباعي السوبر الإيطالي    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    رسميًا: تأكد غياب بطل السباحة التونسي أيوب الحفناوي عن أولمبياد باريس 2024 بسبب الإصابة.    رسالة صوتية حزينة لنجل الرئيس الراحل أحمد علي عبدالله صالح وهذا ما ورد فيها    تحرير وشيك وتضحيات جسام: أبطال العمالقة ودرع الوطن يُواصلون زحفهم نحو تحرير اليمن من براثن الحوثيين    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    بسمة ربانية تغادرنا    قارورة البيرة اولاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغيبوبة التاريخية لهذه الأمة!
نشر في المشهد اليمني يوم 02 - 01 - 2024


مقالات
عزالدين الأصبحي
ذات يوم وفى قلب القاعة المكتظة بالحاضرين بمشهد يعرفه الكثير أيام جماهيرية ليبيا، قبل ثلاثة عقود، كانت منصة الخطابات تكاد تلامس الجمهور المتصبب عرقا وحماسة، جمهور جُمع من دول شتى متشنج إلى درجة تجعلك تتمنى السلامة والخروج من اللقاء الذى صار مأزقا حقيقيا، فقط تخرج بسلامة الروح لا أكثر. يصعد الخطيب تلو الآخر وترى الأعناق تشرئب، والحناجر تهتف بشعارات لا تتوقف عن الإنجاز الثورى، وفى كل مرة يذكر فيها اسم الزعيم ترد الجماهير بصراخ يكاد يدخلها فى غيبوبة. تحول المكان وكأننا فى قاعة زار عجيبة، حتى صعد المنبر مشارك أجنبى، ألقى خطابا حماسيا بالبرتغالية وبصوت ألهب القاعة المكتظة أكثر. اكتشفت أن معظم الحضور لا يعرف البرتغالية مثلى، لكن الرجل أدرك نفسية القطيع، فبقى بين الفينة والأخرى يذكر اسم الزعيم بقوة فترد القاعة بهتاف أقوى وتصفيق لا يتوقف، كان القطيع منسجما مع حالة الغيبوبة التى يعيشها.
وفى مشهد آخر غير بعيد، فى ضاحية بيروت التى بقيت لعقود عاصمة للكتاب والنشر وفضاء للحرية والتنوع الدينى، ترى مشهدا يدمر كل ذلك التاريخ، ويختزل بلد التنوع فى مشهد عجيب آخر، حيث الآلاف متراصة فى انتظار الزعيم يطل بعمامته على الشاشة يلقى خطابا غيبيا، وغابت الثقافة بحضور العمامة. هنا يحضرك قول جوستاف لوبون ومقولته الشهيرة التى يقول فيها: «ينزل الفرد عدة درجات فى سلم الحضارة بمجرد انخراطه فى جمهور منظم، قد يكون إنسانا مثقفا عندما يكون فردا منعزلا، لكنه بمجرد انضمامه لجمهور من الناس، يصبح مخلوقا بشعا، يتصرف بفطرته ويشبه الفرد داخل الجمهور حبة رمل وسط حبات رمل آخر»، قد يحضرك القول لأنك غدوت حبة رمل.
وفى تجمع للجماعات المتحوثة (نسبة للحوثى) بصنعاء، ما يشبه حبات الرمل تلك بل، وأكثر وضوحا، حيث مئات الأشخاص الذين حتما كانوا لفترة وجيزة طبيعيين، صبغوا انفسهم بالمناسبة الدينية/ السياسية من قمة الرأس حتى أخمص القدمين باللون الأخضر. فالتعليمات الثورية التى جاءت استجابة لنداء إلهى هذه المرة تتطلب إبراز اللون الأخضر وهو غير لون القذافى وإن كان أشد جنونا، والشخص الذى لا يتزين بالأخضر يصبح كافرا وضد الثورة أيضا، فتم طلاء صنعاء بلون شجرة القات، وكأنها حفلة زار أخرى. المنظر ظهر أكثر جنونا من أى خيال سينمائى، الأفواه تمضغ القات بأوراقه الخضراء فتنتفخ الاوداج وتجحظ الأعين، لتجد نفسك حاضرا فى مشهد لفيلم عبثى عن الزومبى الأخضر لا فى حفل سياسى حاشد. حولوا أنوار منازلهم وملابسهم وأشكال أسمالهم إلى نسخة من أوراق شجرة القات الملعونة تلك. ويشتد الجنون إلى ذروة فقدان العقل حيث يقفون رافعين أذرعهم بطريقة التحية النازية المعروفة، ويطلقون صرختهم الشهيرة (بالصرخة الخمينية)، هذه المرة باللغة العربية غير المفهومة كونها ممضوغة بالقات لا بالبرتغالية حتما!.
تجد بين المصبوغين بالأخضر، أساتذة جامعة فاقدى الأمل، ومهندسين سابقين، وأطباء تركوا المهنة والتحقوا بركب المعجزات. ويحضرنا جميعا هنا قول جوزيه ساراماجو عندما قال: «الأكثر رعبا من العمى هو أن تكون الوحيد الذى يرى. وبالتالى يذوب الكل فى القطيع. إنها العزلة القاتلة التى تقودُ بلدا نحو الغيبوبة التاريخية حتما. لا تعنينى كل تنظيرات البطولات الوهمية، وتقاطع المصالح المتهالكة، فنحن نسير نحو هاوية الغيبوبة التى يصعب العودة منها. نعم تحضرنى قراءات عن خطورة العزلة الجماعية للمجتمعات، هذه العزلة التى تصنع وهما وتكون السبب الأصيل فيما يعانيه الناس الآن. ولعل أوضح صورها تكمن فى ترسيخ الخرافة ونشر الجهل، وإهمال التعليم وتنشئة أجيال كافرة بمعنى الدولة والمجتمع».
وبسبب الانقطاع عن العالم حضاريا نجد هذا الانتشار لثقافة التزمت والتشدد وعدم القبول بالآخر، وتجدها لدى كل الأطراف. وهى ظاهرة مقيتة تنمو دوما كسبب ونتيجة معا للجهل وفقدان مصادر المعرفة. وبسبب تلك العزلة، يعانى الناس الهلوسات أبرزها: «الاعتقاد بالمؤامرة».. حيث يعتقدون أن العالم كله يتآمر على إنجازهم الثوري! لذا ترى القطيع فرحا يستعرض أسلحة شتى يتباهى بالقوة الزائفة، مرددا وهما بأنه سيقود مسيرة إيمانية تغير الكون، ثم نصرخ فى وجه العالم نريد رواتب وخبزا للأطفال!، ونُصِّر على نشر خطاب الكراهية والتشظى، فالعزلة دائما ما تفقد أصحابها قدرة الشعور بالآخرين.. فتحولهم إلى مسوخ مؤذية وبشعة. نعم سنحتاج إلى جهد هو أشد تعبا من جهد بناء المدن فى إعادة بناء البشر. وسيرهقنا الوقت أكثر فى عملية استعادة نخبة مدركة للخطر وقادرة على التضحية، حيث نحتاج النخبة القدوة فى كل شىء قبل أن تفسد كلية. وإذا كان الملح يقى اللحم من الفساد، فمن يصلح الملح.. إذا الملح فسد؟
* الحوثي
* صنعاء
1. 2. 3. 4. 5.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.