ما بين التشويه المتعمد للجيش العربي السوري وحلفائه وتحديدًا رجال المقاومة اللبنانية حول الوضع الإنساني في بلدة مضايا، إلى التفريغ المقصود لمضمون الجولات المكوكية لستيفان دي ميستورا مبعوث الأممالمتحدة إلى سوريا، يخوض معسكر التآمر والإرهاب على سوريا جولة جديدة من ماراثون التعطيل لمسار الحل السياسي الذي جرى تعبيده بقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254) بالإضافات السابقة والمتممات اللاحقة، في تكريس واضح واستعانة بارزة لما بدأه هذا المعسكر التآمري من فبركات وتدليسات في إطار محاولات حشد الطاقات والإمكانات لتمرير عمليات الضغط والابتزاز للدولة السورية وحلفائها، سواء كان ذلك داخل القاعات المغلقة أو خارجها، وأمام المنابر الإعلامية أو بعيدًا عن المؤتمرات الصحفية، رغم اليقين المتزايد بأن حسابات حقل العصابات الإرهابية والتكفيرية والأدوات والعملاء التي رعاها المتآمرون لم تطابق حصاد بيدر الإرهاب الذي أنتجوه في المنطقة وخارجها. لقد كان لافتًا تصدير مشاهد الوضع الإنساني في بلدة مضايا القريبة من الحدود اللبنانية، عبر الماكينات الإعلامية لمعسكر التآمر والإرهاب وتلك الموالية له، التي أعادت النبش في دفاترها بحثًا عن وسائل الفبركة والتشويه والتحريض في بدايات تفجير المؤامرة أثناء مجزرة الحولة وجريمة السلاح الكيماوي في خان العسل وحي جوبر والغوطة وغيرها التي ارتكبتها العصابات الإرهابية وتصويرها على أنها من صنع “النظام” والجيش العربي السوري وإلصاق التهمة بهما، وذلك لبناء رأي عام دولي ضاغط، ولابتزاز سوريا وحلفائها، ولتشريع الإرهاب الذي أنتجه المتآمرون ووسائل دعمه، ومحاولة تطويع ذلك لتدخل عسكري مباشر على غرار ما حصل في ليبيا، حيث صور معسكر التآمر والإرهاب بلدة مضايا على أنها تتعرض لموت بطيء جراء “الحصار المطبق” الذي يفرضه عليها الجيش العربي السوري ورجال المقاومة اللبنانية. وفي سبيل تمرير هذه الكذبة إلى الرأي العام الدولي، أخذت الماكينات الإعلامية لمعسكر التآمر والإرهاب والموالية له تنشر صورًا مفبركة لأطفال غير سوريين، ونقلها إلى العالم ومغيبي الفكر والمعزولين عن الواقع وحقيقة ما يجري، على أنها صور لأطفال سوريين في بلدة مضايا بسبب منع الجيش العربي السوري ورجال المقاومة اللبنانية المساعدات الإنسانية عن أهلها، وراحت بالتوازي مع ذلك تجري لقاءات مع أشخاص تقول إنهم من بلدة مضايا، حيث كانت شهاداتهم وما تريده تلك الماكينات مثيرة للانتباه من خلال محاولة مكشوفة لإضفاء شيء من المصداقية بالاتصال مع شخصين قالت إنهم من بلدتي كفريا والفوعة، وحين يبدأ الشخصان سرد حقيقة الوضع والانتقال إلى دور العصابات الإرهابية وجرائمها ينقطع صوتهما ليعلن بعدها المذيع مدير الحوار أن الاتصال انقطع، في حين على الضفة المقابلة من الاتصال بمن قيل إنهم من سكان مضايا أخذوا يسترسلون في رص الاتهامات إلى الجيش العربي السوري ورجال حزب الله، ودون أن ينقطع الاتصال، ولكنهم لم يجرؤوا على ذكر الممارسات للعصابات الإرهابية في بلدة مضايا، واستيلائها على شاحنات المساعدات الإنسانية التي يدخلها الهلال الأحمر السوري أو الأممالمتحدة، وتقوم ببيعها لأهالي البلدة بأثمانٍ مضاعفة جدًّا، حالها حال القرى والمدن السورية الأخرى المحاصرة، طبعًا هذا إذا كان المتصل فيهم فعلًا من بلدة مضايا. في الحقيقة إن تلك الفبركات والتدليسات ما هي سوى محاولات يائسة من قبل معسكر التآمر والإرهاب، اعتاد عليها الشعب السوري والحكومة السورية، وكل عاقل تابع تفاصيل المؤامرة الإرهابية على سوريا منذ تفجرها وإلى الآن، لإطالة أمد المؤامرة واستنزاف الدولة السورية حتى تكتمل عملية الإجهاز عليها، وإلا فإن الحكومة السورية لم تقصِّر في هذا الجانب بموجب التزامها الشرعي والقانوني والأخلاقي لكونها مسؤولة مسؤولية تامة عن كل مواطن سوري. لذلك، لا غرو أن يجول ستيفان دي ميستورا عواصم القرار حول الحل السوري وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254) وليس في جعبته قوائم أسماء الممثلين لما يسمى ب”المعارضة” ولا قوائم التنظيمات الإرهابية، بل إن دي ميستورا لا يعلم ولو اسمًا واحدًا. وهذا بدوره يعكس مسعى تعطيل الحل السياسي، وربما إفشال مهمة دي ميستورا كسابقيه. في مواقع التواصل الاجتماعي انتشر مقطع فيديو يظهر فيه الإعلامي اللبناني فيصل عبدالساتر يأتيه اتصال من قناة دولة خليجية يعرض عليه مئة ألف دولار في لقاء تجريه معه فيقوم خلاله بشتم الرئيس السوري بشار الأسد، وكما يظهر في الفيديو فإن فيصل عبدالساتر رفض ذلك، ورد على صاحب الإغراء بأنك لو أعطيتني كل بلادك وما فيها بالإضافة إلى مئة ألف دولار، فلن أتخلى عن مبادئي. على أن السؤال الأهم في هذا السياق هو: يا ترى كم مئة ألف دولار صرفت وستصرف للمرتزقة والبيادق والعملاء المحسوبين على الشعب السوري وعلى الهوية السورية، في كل مرة يظهرون فيها على منابر القنوات الفضائية والمؤتمرات الصحفية؟ وإذا كان شتم الرئيس السوري وتشويه الحكومة السورية والتحريض عليها بمئة ألف دولار أو يزيد قليلًا، فكم سيعطى هؤلاء في مساهمتهم المباشرة أو نجاحهم في قطع رأس الدولة السورية، هذا مع يقيننا أنهم أعجز عن ذلك، ما دام هناك سوريون وطنيون مخلصون يدافعون عن وطنهم سوريا وعاهدوا الله على ذلك؟ *"الوطن" العمانية 11 يناير 2016