لأول مرة منذ سنوات يشعر فؤاد بالفرح الشديد بعدما ان تم قبوله في " مطعم شعبي" بوظيفة مباشر، فهو يبحث عن عمل منذ تخرجه من كلية الهندسة قسم الهندسة المعمارية بتقدير جيد جدا !! فؤاد مثل لألاف الشباب العاطلين واليائسين من حدوث اي شيء قد يخفف من معاناتهم، لم يجد فؤاد اي حرج من عمله كمباشر في مطعم وهو صاحب درجة البكالوريوس في الهندسة المعمارية لأن الحرج الحقيقي -يقول فؤاد-هو الجلوس في البيت بلا عمل خصوصا في هذه السن التي يكون الشاب مطالبا فيها بالزواج وتحمل مسؤولية العائلة "صحيح اني كنت اعتقد بأني سأصبح مهندسا بارعا ولي مستقبلا مشرقا ولكن واقع البلد وحال الدولة المختطفة دمر حلمي والمهم انني اعمل واكسب أجرا اخر الشهر ولن اموت جوعا". ومنذ الانقلاب الحوثي على الدولة في سبتمبر 2014 أصبحت اليمن من أكبر الدول المصنفة بال "فاشلة" ووصف تقرير صدر عن الأممالمتحدة نهاية 2020 اليمن بالدولة" غير صالحة للعيش" وهو ما وضع الشباب في أزمة بطالة وفراغ رهيب لاسيما خريجي الجامعات الحالمين بالوظيفة وتأسيس الحياة الكريمة. مرتديا زي العمل المليء بالدهون يضيف فؤاد والابتسامة على وجهه:" سينتهي كل هذا ويرحل الانقلاب ونتقدم الصفوف لنبني البلد، انا واثق من هذا، انها مسألة وقت لا أكثر". لكن الحظ لم يحالف " الحماطي" كما حالف فؤاد، فالحماطي أيضا خريج كلية التجارة جامعة صنعاء ولكنه لم يجد وظيفة ويقضي معظم النهار نائما في المنزل ويمضغ القات طوال الليل، يتحدث بنظرات شاردة وقلقة قائلا:" كثير من زملائي في الدفعة يملكون مناصب رفيعة فقط لأنهم من الهاشميين، لا أعرف إلى أين امضي وماذا علي ان افعل، اشعر ان هذه البلاد مقبرة لا شيء متوفر فيها سوى الموت". الموت جوعا وبحسب الباحث الاجتماعي " صبري القباطي" فإن هموم وامال الشباب هبطت إلى أدنى مستوياتها بعد الانقلاب الحوثي في سبتمبر 2014، فمثلا لم يعد الشاب دون الثلاثين يتطلع إلى الأمان الوظيفي أو بناء بيت أو تأسيس شركته الخاصة، وكل شاب من بين سبعة شباب اقتصرت طموحاته إلى تأمين الغذاء والدواء له وأسرته وعدم الموت جوعا، بحسب القباطي. حواء تعاني ولا تختلف هموم الشابات كثيرا عن هموم الشباب ف"طاحونة الجوع والفقر" لا تفرق بين ذكر وأنثى، بحسب وصف "سوسن" خريجة الجامعة اللبنانية والباحثة عن عمل منذ سنتين دون جدوى. "لم تعد المعاناة للرجال وحدهم، نحن أيضا مطالبين بتوفير الحد الأدنى من الحياة لعائلاتنا وانفسنا". وتشير "سوسن" ان سبب غضب الشباب هو أن الفقر والحاجة لا يصلان إلى فئة " الهاشميين" وكبار الحوثيين، بل على العكس تعيش أبناء هذه الطبقة في رفاهية كبيرة رغم ما يسمونه" العدوان" الذي يلصقون به كل كوارث الاقتصاد والأمن. "زميلاتي الزينبيات اعرفهن وهن الان يملكن العقارات والسيارات والمناصب، يبدو أن العدوان لا يصل إليهم ابدا بل على العكس، اقسم بالله ان العدوان الحقيقي هو عدوان الحوثي على الشعب".