في العاصمة صنعاء، ومنذ ساعات الفجر الأولى بدء سيل اليمنيين بالتوافد على ميدان السبعين للمشاركة في تشييع جثمان الشيخ صادق بن عبد الله الأحمر شيخ مشايخ حاشد وكبيرها والذي وافته المنية يوم الجمعة الماضي في العاصمة الأردنية عمان. أعاد مشهد التشييع المهيب إلى الأذهان مشاهد جنازات الشيخ عبد الله الأحمر واللواء حميد القشيبي والقاضي العمراني وجميع أبناء الصف الجمهوري الذي كان ميدان السبعين محطة لقائهم الأخير وشهادة جماهيرية ورسالة جمهورية. وعبر مشاركون في تشييع الجنازة عن حزنهم العميق لوداع قامة عملاقة بحجم الشيخ صادق فيما وصفه آخرون بأنه كان "قلعة كبيرة من قلاع الجمهورية" وغير ذلك من الأوصاف التي ودع بها رجال اليمن شيخهم المسن صادق بن عبد الله الأحمر.
عمود حاشد أحد المشيعين ويدعى "ناصر " اعتبر جنازة الشيخ صادق رسالة إلى الحوثيين أو من وصفهم "الاماميين الجدد" أن صنعاء لازالت جمهورية وستظل كذلك وأن القامات الوطنية يصعب تشويهها بالدعايات وشراء الذمم وأن التاريخ لا يجامل وأن اليمن لا زال فيها رجال وغالبية اليمنيين في معركة مستمرة ضد الحوثي. وبدت جنازة الشيخ صادق من بعيد كما لو أنها سيل من الأجساد البشرية جاءت من كل حدب وصوب ولم تنجح القبضة الحوثية الحديدة في منع المشاركين من الوصول لصنعاء وتأدية واجب العزاء في فقيد الوطن. يقول أحد المشاركين في حديث" للصحوة نت ": جئنا لنودع الشيخ صادق بجوار والده الشيخ عبدالله ورفيقهم الشيخ مجاهد أبو شوارب، رحل الشيخ صادق ولكن ستبقى له الذكريات والمواقف وسيرة النضال، كان الشيخ رحمه الله عمود حاشد الصلب الذي رفض الخضوع للإمامة وهكذا هي حاشد يغادرنا بطل ويولد ألف بطل من رحم المعاناة ، ستظل القبيلة اليمنية شامخة شموخ جبالها ووديانها وسهولها ولن تنحني لكهنوت أو إمام".
رمز وطني مشيع آخر يدعى "أوسان " تحدث قائلا: "الشيخ صادق رحمه الله رمز وطني نعاه الوطن بأكمله، عاش بيننا وعشنا معه لحظات الانتصار والانكسار، اليوم يغادر عالمنا مفسحا المجال لقائدٍ آخر وبطل سيحمل الراية باقتدار إن شاء الله وحتى النصر جيلاً بعد جيل، لن نحيد ولن نميل عن مسار الكرامة والحرية والجمهورية والمساواة الذي رسمه لنا الشيخ وناضل من أجله، وستظل مواقفه وصواته وكلماته وصورته ترتسم في مشاعرنا وقلوبنا إلى أن نلتقيه عند الله يوم القيامة ، وهذه هي روح القبائل اليمنية الأصيلة التي تأبى انحناء الرأس إلا للحق".
ملهم الأجيال أما المواطن "عبد الله " والذي هرع إلى ميدان السبعين منذ الصباح الباكر ليودع شيخ اليمن وكبيرها كما قال، فقد رثى الشيخ صادق بهذه الكلمات:" رحمة الله عليك ياكبير اليمن وعمودها ومقدامها، لقد كنت طيب القلب اريحي النفس تلقائي التصرفات لا تكلف فيك ولا غرور ناضلت ضد الحوثيين ورفضت ترك بيتك لهؤلاء التتار المتوحشين القتلة ومثلما وحدت الجمهوريين في حياتك فستظل جنازتك ياشيخ صادق ملهما للأجيال من بعدك يستلهمون منها النضال ضد الإمامة والتخلف والكهنوت".
والشيخ صادق بن عبد الله الأحمر من مواليد 20 يونيو 1956م، وهو أكبر أبناء عبد الله بن حسين الأحمر، وقيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح. وحصل على شهادة في مجال قيادة الطائرات المدنية الصغيرة عام 1986، ثم تزعم قبائل حاشد خلفاً لوالده بتاريخ 28 يناير 2008م، وكان للشيخ صادق عدة أدوار سياسية حاسمة منها دوره السياسي اثناء ثورة الشباب اليمنية حين أعلن انضمام قبيلة حاشد إلى الثورة السلمية. صبيحة 6 يناير 2023 أعلن عن وفاة الشيخ صادق بن عبدالله الأحمر في العاصمة الأردنية "عمان"، جراء معاناته من مرض السرطان.
