الإهداء.. إليها.. في رقدتها الراضية المطمئنة بجوار الكريم.. إلى (أمي) الحبيبة.. وإلى أخي الصابر المحتسب.. السيد/ أنس محمد هاشم النهاري.. عظم الله أجرك يا أخي وثبتك قبل أسابيع قدر لي ضمن ثلة من العاملين في مؤسسات المجتمع المدني بتعز من زيارة مؤسسات مدنية بالعاصمة صنعاء للتعارف وتبادل الخبرات.. وزرنا (المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان) حيث قدم الأخ الأستاذ/ علي الخولاني مدير عام المؤسسة تعريفاً ضافياً بمؤسسته شملت أفلاماً توثيقية مصورة من واقع المعاناة.. الحق أن ما سمعناه.. وما نراه ونلمسه بخصوص هذه المؤسسة يشرح القلب ويثلج الصدر.. نسأل الله العظيم أن يأجر هؤلاء ويجزيهم والمعطين الباذلين ثواباً مضاعفاً وأجراً غير منقطع.. وأن يعافي هؤلاء المرضى.. عاجلاً غير آجل.. آمين يا رب العالمين ولكن.. لكن هل هذا الدور على عظمته.. على اتساعه وحسن أدائه يمكن أن يحدث أثراً فاعلاً وفاصلاً في هذا البلاء!! أريد أن أقول: هل دور المؤسسة هنا سابق للحدث أو لاحق له.. بمعنى آخر: هل وقفت المؤسسة كمؤسسة معنية ومتخصصة بداء السرطان عند أصل المشكلة وفصلها.. ما دورها (البحثي) في معرفة جذر هذه المشكلة بدلاً من معالجة التفرعات, فمعرفة الشيء فرعٌ عن تصوره.. وفق القاعدة الأصولية السرطان اليوم صار شئنا أم أبينا.. أعلنا أم أخفينا واحداً من أفراد العائلة اليمنية.. لم يعد ضيفاً عابراً لكنه أضحى ساكناً مقيماً في الأسرة والبيت اليمني.. حيثما التفت لا يخطئك بصرك أن تعد وتحصي هنا.. هناك.. هنالك شخصياً كنتُ أحسبني سأكون بعيداً عن زيارة هذا الزائر غير المرغوب فيه.. ظننت وظني خائب أن اشتراطات دخول (نادي السرطان) غير متحققة في أسرتنا البسيطة.. المتواضعة, وفجأة وجدنا أنفسنا وجهاً لوجه مع السرطان, ومع أحب إنسان.. مع أغلى كائن جميل, مع (أمي) الطيبة الصابرة المناضلة.. تغمدها الله بواسع رحمته.. بدون سابق إنذار.. حتى بدون حيثيات موضوعية مقبولة جاءنا الخبر (الصاعقة).. الوالدة مصابة بداء السرطان.. رحمها الله تعالى شيء رائع وجميل أن يتداعى الناس.. يتضامن الجهد الرسمي مع العطاء الشعبي لتقديم شيء لمن ابتلاهم الله بهذا الداء اللعين غير أن الدور الأكبر والأهم هو في معرفة أسباب هذا البلاء.. في الوقوف على منابته الأولى!! اليوم حنفية السرطان مفتوحة عن آخرها تضخ الموت الزؤام لآلاف ومئات الآلاف وملايين الناس.. غالبيتهم من الفقراء والبؤساء.. وهذا الجهد المشكور المأجور بإذن الله يحاول أن يمتص هذا الضخ ويخفف منه.. والحنفية تصب.. لا تزال!! الحل في نظري أن يتوقف الناس جميعاً ويتداعون (لإقفال) هذه الحنفية أولاً.. ومعرفة السبب أو الأسباب التي تتسبب في فتحها على هذا النحو المفجع المهمة تخص في المقام الأول الدولة والحكومة.. الجهات الرسمية هي المسؤول المباشر عن هذا الجهد.. وواجبها أن تفتح (ملف السرطان) على نحو واسع.. تفتحه بشكل علمي موضوعي شفاف بعيد عن الانفعال والأضواء والشعاراتية.. الأمر يتعلق بأرواح الناس ولا بأس من استدعاء (خبراء مهنيون) يقرؤون الحالة اليمنية جيداً.. ليقفوا بصورة علمية دقيقة عن السبب الأبرز:- - هل ثمة كما يقال نفايات خطيرة جاءت من وراء البحار ودفنت في التربة اليمنية! - هل المشكلة في المبيدات والسموم غير المرخصة التي تتغلغل في المنتجات الزراعية التي نتناولها يومياً.. عوضاً عن آفة القات, قاتل الله القات, هذا القاتل الناعم..!! - هل المشكلة في الماء الذي نشربه بما فيه من أملاح وشوائب ومواد غير صحية؟ - هل المشكلة في المصانع ومخلفات المصانع التي تشكل أحزمة محكمة الغلق (كماشة) على مداخل المدن ومخارجها.؟ - هل.. وهل .. وهل أسئلة يتوجب أن تدخل (المختبر) و (المعمل) وأن تفحص جيداً ويجاب عليها بشكل دقيق.. أخذاً بالأسباب.. وأداء للواجب.. أما أن نظل هكذا فاغري الأفواه ذاهلي العقول لا هم لنا إلا أن نباشر في توديع الأحباب في الرحيل الأخير ثم (نحوقل) و(نسترجع).. ولا نزيد, وكلٌ آخذٌ دوره ينتظر الأجل المحتوم.. وفي أحسن الأحوال تبقى الجهات التي تشتغل في هذا الجانب تجهز القوائم وتحسب الأعداد... وتباهي بما قدمت للأحياء الأموات.. أو للأموات الأحياء والملفت والأعمار بيد الله أن أكثر المبتلين بهذا المرض يغادرون بصمت والشاهد أن الملصقات الإعلانية لمؤسسة السرطان ذاتها تؤكد هذا الانطباع.. ولا حول ولا قوة إلا بالله بين يدي هذه التناولة العجلى أضع إمكاناتي المتواضعة رهن هذه الكتيبة المناضلة التي تؤدي دوراً رائداً في المجتمع.. وكنتُ قدمت لزملائي وإخوتي في فرع المؤسسة بعدن جملة شعارات يمكن أن تخدم في الجانب التوعوي والإرشادي للمجتمع.. وفي الجعبة المزيد.. وشاركت إعلامياً في أحد الاحتفالات الكبيرة.. هناك.. أداءً لواجب.. وعملاً صالحاً أرجو ثوابه لوالدتي.. تقبلها الله في الصالحين.