تعرف على قائمة قادة منتخب المانيا في يورو 2024    7000 ريال فقط مهر العروس في قرية يمنية: خطوة نحو تيسير الزواج أم تحدي للتقاليد؟    فضيحة: شركات أمريكية وإسرائيلية تعمل بدعم حوثي في مناطق الصراع اليمنية!    "حرمان خمسين قرية من الماء: الحوثيون يوقفون مشروع مياه أهلي في إب"    انتقالي حضرموت يرفض استقدام قوات أخرى لا تخضع لسيطرة النخبة    فيديو صادم يهز اليمن.. تعذيب 7 شباب يمنيين من قبل الجيش العماني بطريقة وحشية ورميهم في الصحراء    أرواح بريئة تُزهق.. القتلة في قبضة الأمن بشبوة وتعز وعدن    صحفي يكشف المستور: كيف حول الحوثيون الاقتصاد اليمني إلى لعبة في أيديهم؟    الوضع متوتر وتوقعات بثورة غضب ...مليشيا الحوثي تقتحم قرى في البيضاء وتختطف زعيم قبلي    مسلحو الحوثي يقتحمون مرفقًا حكوميًا في إب ويختطفون موظفًا    حرب وشيكة في الجوف..استنفار قبلي ينذر بانفجار الوضع عسكرياً ضد الحوثيين    الدبابات الغربية تتحول إلى "دمى حديدية" بحديقة النصر الروسية    المجلس الانتقالي يبذل جهود مكثفة لرفع المعاناة عن شعب الجنوب    إنجاز عالمي تاريخي يمني : شاب يفوز ببطولة في السويد    عن ماهي الدولة وإستعادة الدولة الجنوبية    رفض فئة 200 ريال يمني في عدن: لعبة القط والفأر بين محلات الصرافة والمواطنين    حرب غزة.. المالديف تحظر دخول الإسرائيليين أراضيها    عن الشباب وأهمية النموذج الحسن    بحضور نائب الوزير افتتاح الدورة التدريبية لتدريب المدربين حول المخاطر والمشاركة المجتمعية ومرض الكوليرا    - الصحفي السقلدي يكشف عن قرارات التعيين والغائها لمناصب في عدن حسب المزاج واستغرب ان القرارات تصدر من جهة وتلغى من جهة اخرى    شرح كيف يتم افشال المخطط    بدء دورة تدريبية في مجال التربية الحيوانية بمنطقة بور    "أوبك+" تتفق على تمديد خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و439 منذ 7 أكتوبر    ولي العهد الكويتي الجديد يؤدي اليمين الدستورية    رصد تدين أوامر الإعدام الحوثية وتطالب الأمم المتحدة بالتدخل لإيقاف المحاكمات الجماعية    الملايين بالعملة الصعبة دخل القنصليات يلتهمها أحمد بن مبارك لأربع سنوات ماضية    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    أولى جلسة محاكمة قاتل ومغتصب الطفلة ''شمس'' بعدن    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا    بالصور: اهتمام دبلوماسي بمنتخب السيدات السعودي في إسبانيا    بالصور.. باتشوكا يحصد لقب دوري أبطال الكونكاكاف    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    مصرف الراجحي يوقف تحويلاته عبر ستة بنوك تجارية يمنية بتوجيهات من البنك المركزي في عدن    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسراع من وتيرة الإصلاحات .. مطلب المرحلة الملح
نشر في التغيير يوم 29 - 05 - 2006

" التغيير" خاص الدكتور حافظ سيف فاضل: يُستغرب كثيرا من تصريحات يطلقها بعض القادة العرب حول التحذير من تسريع وتيرة
الاصلاحات! كما بدر في تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك بالرغم من الاعتراف بضرورة الاصلاحات الملحة, وقد خطت مصر خطوات مشجعة في هذا المضمار إلا انها لاتزال غير كافية ولاتلبي المطلب الجماهيري. او كما ظهرت للعيان خطوات الاصلاحات البطيئة التي تسلكها المملكة العربية السعودية والتي افضت في مضمونها الى ذات التحذير منتهجة سياسة الاصلاح التدريجي.
اذا ما كان بعض القادة العرب يعتقد ان ادخال النمط الاصلاحي السريع في نظام وهيكلة الدولة العربية قد يسقطها كما اسقطت طريقة البيروسترويكا والغلاسنوست (الاصلاح واعادة ابناء) الاتحاد السوفيتي السابق, واصبحت مثلا يحذر منه, يكون بذلك القادة قد جانبهم الصواب في هذا الاسقاط القسري, بسبب طبيعة اختلاف المستويين المختلفين بين الاتحاد السوفيتي والدول العربية, فضلا, عن السباق المحموم الذي كان مسيطرا اثناء الحرب الباردة بين الغرب الرأسمالي المتماسك والمنظومة الشيوعية الآخذة في التأكل قد اسقطت بنية الاتحاد السوفيتي وساهم في هذا السقوط دولة الفاتيكان فترة البابا البولندي الراحل يوحنا بولس الثاني والذي لعب دورا كبيرا تأثيريا رجحت كفة سقوط نظرية الدولة الشيوعية الى جانب التأثير الاعلامي المكثف من خلال راديو (اوروبا الحرة) المدعومة من الغرب الرأسمالي انذاك. اما السبب الجلي الرئيسي والذي يقف وراء سقوط الاتحاد السوفيتي واسرع من وتيرة سقوطه وهو ان المنظومة الشيوعية ذاتها اصيبت بخلل عام من الداخل افتقدت الى آلية التغيير الذاتية التي تمكنها من اعادة البناء والاصلاح كما هو الحال في طبيعة النظام الرأسمالي, ولذلك ترهلت وشاخت المنظومة الشيوعية بحيث كان عامل الخلل متمثلا في (الاستبداد السياسي) وهو العنصر الاساسي الذي خلخل النظام الشيوعي, وبالتالي ادى الى انتفاضة شعوب المنظومة ضدها, وكان امر اسقاطها حتميا. وكون الاستبداد السياسي صفة مشتركة بين انظمة الدول العربية في المنطقة و المنظومة الاشتراكية السابقة, فان هذه الخلخلة اثرت في مفاصل الدولة وسيظل امر ورود التأثير قائم في اي لحظة ومهدد بانتفاضة شعبية عربية عارمة تكفي ان تتحرك في قُطر عربي وسرعان ما ستتجاوب معظم بقية الاقطار الاخرى لثورة برتقالية مماثلة, والتي اشبه ماستكون شدتها بعواصف المد الشعبي الناصري في زمن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بخطاباته الملتهبة والتي كانت المحرك لشعوب المنطقة حينها. ومالم تتدارك الانظمة العربية القائمة اليوم وتتجاوز بهذا المفهوم المعدي (الاستبداد السياسي) والخطير لتنتقل طوعا الى مطلب المرحلة الملح وهو الاسراع من وتيرة تحقيق الاصلاحات الشاملة, والاتجاه بالمجتمعات العربية نحو الديموقراطية الحقيقية, دون تشويه الفكرة الديموقراطية الاساسية او تعريبها, فانها قد تواجه ازمات سياسية خانقة وتحرك الشارع نحو اسقاط الانظمة. ولان البّر يكمن في الاصلاح, وخير البّر عاجله, لايجب ان تتأخر او تتباطئ مسيرة الاصلاحات السياسية للانظمة العربية بسبب ان هناك تخوفات او معوقات قد تكون وهمية او نتيجة اخطاء في واقع الحسابات السياسية قدمها لاصحاب القرار بعض المستشارون المحليون المدمنون على خلق الازمات ومن تنقصهم الخبرة الدولية وفراسة تحليل الواقع السياسي المرتبط في فهم طبيعة المتغيرات الدولية. فالمخاوف الحقيقية التي تمس امن الاوطان, تكمن في ان يبقى الحال السياسي كما هو عليه, دون تغيير, او تتغير الامور بوتيرة بطيئة ومرتابة, بحيث لايشعر المواطن بأثر النقلة النوعية وتغييرها الايجابي عليه وعلى المجتمع, بعكس تأثيرات التغييرات الاصلاحية المتسارعة التي ستدخل فورا الثقة في نفس المواطن العربي والتي افتقدها منذ بداية مرحلة نشوء الدول القومية الوطنية ووعودها الطموحة التي لم ترى النور. ان لم يستشعر المواطن ان هناك تغيرات تجري حوله قائمة على قدم وساق ومتناولة جميع الاصعدة المختلفة الحياتية, وفي نفس الوقت سريعة, فلن يثق المواطن بحكومته, حتى واٍن احدثت الحكومة تغييرا جادا (بنفسها الطويل المعتاد) فسيكون مرده الى نظرية المؤامرة المستشرية في عقلية الوسط السياسي والشعبي العربي, وسيعتبر المواطن الاصلاحات المتناثرة هنا وهناك مجرد ديكور وشكليات سطحية لا تمس العمق المنشود ولاتعبر عن التغيير المطلوب وذلك بسبب ما شاب هذه العلاقة المزمنة من حالات عدم الثقة المتبادلة بين السلطة والمواطن العربي. والمواطن في ذلك على حق, فلماذا لايكون هناك تسريع من الوتيرة الاصلاحية؟ ابتداء في مكافحة فساد المال العام المستشري في اروقة الدولة, وسرعة ضبط واحالة ملفات متورطي الفساد الى المحاكم المختصة, ليشعر المواطن للوهلة الاولى ان هناك جدية في الحرب على الفساد كما هي جدية الحرب على الارهاب. ولماذا لايكون الاسراع ايضا في استصدار قوانين ملائمة لكل مرحلة زمنية بحسب مرحلتها, تتطلب ادخال عناصر الانفتاح بديلا عن مكامن الجمود والابقاء على قوالب قوانين عتيقة نسج العنكبوت عليها خيوطه, كقوانين الاحوال المدنية والشخصية, وكذلك هناك قوالب قوانين عديدة تتطلب التعديل اكان ذلك في السياحة وتسهيل الاستثمار واستقطاب رأس المال العربي والاجنبي, من ناحية الجانب الاقتصادي, او من ناحية الجانب الاجتماعي كأن يكون التركيز على تحقيق العدالة الاجتماعية. وكذلك الامر ذاته يتطلب الاصلاح السريع في قوانين المشاركة السياسية العامة للرجل والمرأة على حد سواء متضمنة حق الانتخاب والترشح. فالاسراع بهذه الوتائر الاصلاحية السامية اصبح من الامور المفروغ منها حتى على مستوى البلدان الاقل نموا الواقعة في القارة السوداء. وتأخير تحقيق مجموعة الاصلاحات هذه قد يجلب نتائج غير حميدة بعكس ما قد يتوقعه بعض الزعماء العرب الميالون الى بقاء الحال كما هو عليه. كذلك يجب ان يولى الاصلاح الاهتمام بالعملية التعليمية برمتها وتطوير البحث العلمي والاسراع في تعديل المناهج الدراسية العربية وتحسين مدخلات ومخرجات التعليم لكي يعود بالنفع ليس على تحصيل الانسان العلمي فحسب وانما تجاريا ايضا, اذ, يشكل التعليم المراجع والمحدث منتجا جيدا في الكيف والكم معا, بحيث يراعي متطلبات واحتياجات السوق, ويفرز التخصص المطلوب وفق الاحتياج والطلب, على ان يتم تدريب الطلاب على امكانية البحث عن المعلومة واستغلالها بالشكل الانسب كبديل عن مناهج التلقين والحشو الحالية البالية. بالاضافة, الى ان عملية المراجعة المستمرة والتنقيح للمناهج لمواكبتها العصر الحديث, يحد من تفريخ الارهاب, فمثلا, لم نجد ان تعليم سويسرا يفرخ الارهاب ولكن وجد في باكستان هذا النوع من التعليم المفرخ للارهاب وخاصة حوانيت معاهد (معاول الهدم) الدينية التابعة لطالبان. ان الاسراع في اعطاء حقوق المرأة السياسية والاجتماعية الكاملة على اساس المساواة بين الرجل والمرأة في المجتمع, يثري ويسرع في اخراج طاقات وابداعات نسائية كبيرة تضاف الى خدمة ذلك المجتمع العربي ويحد من سلطته الذكورية الاحادية التفكير والتي دوما ما تعطل نصف المجتمع منذ فترة زمنية قاهرة وتعيقه عن انجاز مهامه الحياتية ومشاركته الفاعلة في صنع القرار. فلماذا اذن نظرية الاصلاح التدريجي!؟.
وهناك مسألة هامة اخرى, وهي وقف الدول العربية العمل بقانون الطوارئ واستبداله بقانون مكافحة الارهاب وهو امر ملح وضروري يتطلب الاسراع في تحقيقه دون وجل او خوف خاصة بعد ان دخل المجتمع الدولي كله مرحلة (الحرب الكونية على الارهاب). فالطوارئ وحالتها لاتنطبق الا على اوضاع الانقلابات العسكرية والحروب والمناوشات الاهلية مثل تشاد والصومال وغيرها.. ولكن المرحلة الآنية هي تكاتف الجميع في الحرب على الارهاب كونها حاجة ملحة حاضرة تتطلب سرعة ايجاد قانون شامل لمكافحة الارهاب. فالمواطن العربي في حقيقة الامر وبعد نكبة 1948 ونكسة 1967 لايزال الى هذه اللحظة يجهل الجهة الموجهة نحوها اعلان حالة الطوارئ في البلدان العربية!؟ فالحرب ضد دولة اسرائيل جمدت واصبحت غير واردة بالنسبة لمجموع دول الطوق, فالجولان المحتل, لم تطلق منه سوريا رصاصة واحدة تجاه المحتل, وانما تقوم بتجييش محاربين اخرين عنها بالوكالة ومن اراض غير اراضيها, وفي زمن المواجهة مع الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 تراجع الجيش السوري ولم يبقى له موطئ قدم امام دبابات ارئيل شارون المتقدمة, وصار السلام هدف ستراتيجي للدول العربية جميعها منذ قمة بيروت عام 2002 وبحسب البيانات الختامية للقمم العربية اللاحقة, وبذلك لم يعد هناك مبرر لاستمرار اعلان حالة الطوارئ في سوريا او في دول الطوق. اما الدول البعيدة عن اسرائيل فمبررات أعلانها حالة الطوارئ غير شرعية, الا ان يكون الاعلان موجه نحو المواطن العربي نفسه, فهذا امر اخر. ففي دولة مثل اليمن وهي خارج دول الطوق, ولاننسى ان السلام هدف ستراتيجي للدول العربية, يمارس فيها العسكر احد اجراءات قانون الطوارئ وهو التفتيش الليلي المستمر والذي يسري منذ قيام زمن الجمهورية العربية اليمنية بعد ثورة (26 سبتمبر 1962) ضد حكم الامامة البغيض, والى يومنا هذا, وبعد مرور ستة عشر عاما على قيام الوحدة اليمنية المباركة (22 مايو 1990), لاتزال الجولات العسكرية الامنية داخل المدن تمارس التفتيش اليومي منذ الساعة الحادية عشرة مساء حتى الفجر, وكذلك اقامة نقاط عبور بين المدن تضطر اجراءات التفتيش العسكرية ابناء البلد اليمنيين المسافرين الى فتح الشنط وخانات المركبات الآلية او ابراز وثائق الاثبات الشخصية, والاجانب ابراز جوازات السفر, على طول طرق البلاد وعرضها وكأن المسافرين في الرحلات الداخلية ينتقلون من دولة الى اخرى. فضلا, عن كثرة الشكاوى والاشكالات التي تسببها تجاوزات بعض العسكر (الغير مثقف او دون المستوى) جراء احتكاكه بالمواطنين المدنيين بصفة مستمرة, بالرغم من الاوامر الصادرة بعدم تفتيش المركبات الآلية التابعة للعائلات او الاجانب. ان انتشار مثل هذه المظاهر المسلحة داخل المدن وتواجد المعسكرات في اواسطها تسبب للمواطن اليمني شعور بالضيق واحساسه انه يعيش في جو من التوتر والاخلالات الامنية المستمرة في ظل نظام دولة يبدو انه قلق وغير مستقر بسبب نفير الطوارئ الدائم والذي لم يتمكن الانتشار العسكري في الجولات والنقاط الى ايجاد حلا يحد من تفاقم مشكلة ظاهرة حمل السلاح بين اوساط اليمنيين وعامة الناس, وان مثل هذه الخطة الامنية الدهرية اصبحت عقيمة بقدر عتقها الزمني المتهالك وعاجزة عن وقف تفشي الظاهرة, لذا يتطلب استحداث خطط امنية حديثة بديلة تكون غير ظاهرة للعيان للحد من الظاهرة وفاعله في تحقيق النتائج الايجابية الامنية المبنية على الاحصاءات العلمية البيانية. نتمنى على القيادة اليمنية ان تبادر الى رفع هذه الجولات والنقاط العسكرية وتبقيها على منافذ الحدود بين الدول حتى يأتي اليوم الذي تصبح الدول العربية كمنظومة الاتحاد الاوربي على الاقل من وجهة نظر غير متشائمة مستقبلية يتحرك المواطنين العرب بحرية ودون عوائق حدودية. ويمكن ان يقتصر حاليا اجراء الحفاظ على الامن من خلال الدوريات الراجلة والمتحركة والمطعمة بالعنصر الشرطي النسائي فذالك ادعى الى الطمأنينة خاصة لدى العوائل التي تجوب شوارع المدينة اسوة ببقية دول العالم المتحضر, من دون ان يكون هناك تعرض للمواطن ومركبته الآلية لاي اجراء تفتيش غير قانوني, الا في حال الاشتباه او الحالات المبلغ عنها مسبقا, ووفق القانون وبأمر قضائي, اما التفتيش بالجملة الجماعي الحالي الذي يجري في اغلب الشوارع الرئيسية للعاصمة صنعاء وبقية المدن اليمنية وخطوطها الطويلة فهو اجراء تعسفي مزمن يضع افتراضا ان جميع المواطنين متهمين وان عليهم جميعا اثبات العكس امام الحاجز العسكري. ان عملية ادخال الاساليب الحديثة في التعامل الامني بين الفرد العسكري والمواطن المدني واحترام حقوق المواطنين, سيتماشى مع دخول اليمن منظومة مجلس التعاون الخليجي لتصبح اليمن قدوة لاعضاء المجلس وسيتمتع باشادة ايجابية دولية, كبادرة حسن نية اولية تنفذها الحكومة اليمنية تجاه مواطنيها وتجاه اقليمها والذي تأتي ضمن سلسلة طويلة من الاجراءات التأهيلية المطالب بها اليمن للانضمام. الغريب انه قد لاتلحظ هذه الحالة اليمنية المستنفرة عسكريا والمستفزة للمواطن اليمني في دول عربية اخرى تعيش حالة طوارئ مماثلة كدول الطوق مثل سوريا والاردن وبيروت, وعلى سبيل المثال سوريا, تعيش اعلان حالة طوارئ منذ الستينات, فالمسافر عبر البر يسير خطوط طويلة بين دمشق وعمان او دمشق وبيروت دون ان يستوقف على حاجز او نقطة او جولة حتى الوصول الى المعبر الحدودي. اما الحالة اليمنية الفريدة عربيا ودوليا تجدها فقط تحدث في دول النزاعات الاهلية والحروب الافريقية.
بحث الرئيس اليمني عن مصدر تمويل اخر غير مشروط, واعتقد الرئيس انه وجده في الصين, وبذلك سيتم تجاوز شروط الدول الغربية المانحة المفروضة والمرفقة بالمنح والمعونات, واهم هذه الشروط مدى رفع مستوى سقف الحريات العامة وعدم التراجع عن ممارسة العملية الديموقراطية وكذلك التشديد نحو صحافة حرة شفافة, وتجريم الاعتداء على الصحفيين اليمنيين الذين دوما تسجل قضاياهم في المحاضر الرسمية (ضد مجهول) حتى اصبحوا ضحايا عنف منظم يستهدف الكلمة والتعبير في البلد, ولو ان الرئيس اليمني يخرج بكلمة علنية صريحة تدين الاعتداءات على الصحفيين اليمنيين وبلهجة حازمة متوعدة بمحاسبة الجناة من خلال تحقيقات جادة, ستلقى اثرا طيبا في نفوس المواطنين كما خرج الرئيس وادان عملية محاكمة الصحفي تيسير علوني وطالب اسبانيا بالافراج عنه, مع ان علوني تمت ادانته بحكم قضائي اسباني (اوروبي) وليس بحكم قضاء دولة من دول العالم الثالث حيث تفتقد النزاهة والعدالة, والادانة القضائية الاسبانية كانت واضحة وهي: (التعاون مع منظمة ارهابية, وبرئ من الانضمام الى منظمة ارهابية) ومع ذلك خلط الكثيرين واعتقد ان المحاكمة هي محاكمة ضد الكلمة ومهنة الصحافة مع ان هناك ادانة مازالت قابلة للنقض. وكان من الاولى ان يدين الرئيس العنف في بلده تجاه الصحافة وحرية الكلمة, ويترك موضوع علوني للديموقراطية الاوربية فهي ترعاه وحتما ستوفيه حقه. ومتابعة لموضوع التمويل المشروط, ابدى الرئيس انزعاجه علنا من الشروط والضغوط (الحميدة) التي تمارسها معظم الدول الغربية المانحة على اليمن وغير اليمن وربطها بالمعونات الاقتصادية. وقد اقترحنا ناصحين الحكومة في مقال سابق (الديموقراطية اليمنية الوليدة وحقوق الانسان) بعد صدور تقرير مكتب الديموقراطية وحقوق الانسان والعمل, الصادر من وزارة الخارجية الامريكية في تقريره الخاص عن اليمن حول ممارسات حقوق الانسان للعام 2005, بأن لاتتسرع الحكومة اليمنية (كعادتها) بالنفي وابداء ضيق الصدر مع التقارير الدولية, وانما تبادر الى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق عما ورد في التقرير وهذا الاجراء سيعود بالنفع لصالح المواطن اليمني, اذ سيكف مظالم تقع على المواطنين, وسيعود لصالح الحكومة, بأن ستكون حكومة ذا مصداقية وستتمتع بسمعة دولية طيبة جراء المراجعة للانتهاكات المفترضة الواردة في التقارير الدولية وتفاعلها الايجابي بشأن مواطنيها. نشر المقال في جريدة (الوسط) اليمنية المستقلة وكذلك في جريدة (القدس العربي) اللندنية, واجه الاقتراح سخرية تهكمية غير لائقة من قبل مجموعة غير واعية بتصرفاتها تسيئ لرئيس الجمهورية وحزبه تعمل في جريدة (الميثاق) التابعة لحزب المؤتمر الشعبي الحاكم تمتهن اسلوب تكشير الانياب و التجريح, ولها سوابق عديدة بترصدها لكثير من كتاب الرأي اليمنيين ذوي النقد البناء الايجابي الصريح الفاعلين في المجتمع, وكانت حجتهم الهشة ان (التقرير امريكي), ويبدو انه لايهمهم المواطن ان كان قد تعرض فعلا لانتهاكات وتجاوزات ذكرها التقرير تتطلب التحقق منها بقدر مايهمهم الاخراس عن قول الرأي وقمع المختلفين. ونعيد مجددا الكرّة, واحالة الامر ذاته والمقترح الى الحكومة اليمنية ولكن هذه المرة بمناسبة صدور تقرير منظمة العفو الدولية الصادر مؤخرا, حول حقوق الانسان في اليمن لعام 2006. ومنظمة العفو, منظمة دولية, مستقلة, تعتمد على التمويل من قيمة اشتراكات اعضائها الذين يعدون بالملايين في انحاء العالم, ونطمئن مجموعة (الميثاق) اياها, بأن منظمة العفو الدولية ليست امريكية هذه المرة, وحان الوقت لتعامل الحكومة اليمنية بجدية مع صدور التقارير الدولية التي تمس حقوق الانسان المواطن اليمني, ونتمنى ان يدرج هذا المقترح مادام في صالح المواطن ضمن برنامج الرئيس الانتخابي للفترة الرئاسية القادمة لاننا نعتقد ان الرئيس سيتراجع ويعلن ترشحه لفترة رئاسية اخيرة قادمة, خاصة بعد ان وقع التلفزيون اليمني (الرسمي) بشكل مبتذل في اسلوب المبايعة العلني لشخص الرئيس بعيدا عن الشكل الديموقراطي واقرب منه الى الملكي الوراثي.
مما لاشك فيه, انه يجب تأييد الدول الغربية المانحة على ضرورة ارفاق كشف حساب ومجموعة شروط مع المبالغ التي تقدم للحكومة اليمنية او اي حكومة عربية اخرى وتربط بمدى التزام الدولة بحقوق الانسان والمواطن اليمني او المواطن العربي ومدى افساح مجالات الحريات العامة وعدم التضييق السياسي او التراجع عن مسيرة الديموقراطية.
ان اجراء عملية الاصلاحات الشاملة تعتبر اسهل تطبيقها في دول تقع ضمن سلطة النظام الملكي (الوراثي) ويمكن تنفيذها بخطى حثيثة وثابته في شتى المجالات المتعددة خلافا لسلطة النظام الجمهوري, كون الانظمة الملكية يمكن ان تتم فيها الاصلاحات بأتخاذ قرارات فردية عليا ليست مؤسساتية وقابلة للتنفيذ الفوري, وتعد الاسهل من غيرها لتحقيق تلك الاصلاحات بوتيرة متسارعة بعيدا عن مؤسسات الدولة والمجتمع المدني وسوط الصحافة الحرة ورقابة البرلمان والاحزاب المعارضة السياسية التي تعتبر سمة من سمات الانظمة الجمهورية. ففي الدول الملكية ومجتمعاتها المحافظة والمنغلقة على ذاتها, لم تعتاد على ايجابية العمل السياسي والتعددية الحزبية وتفاعل برامجها المختلفة, ولم تحظى تلك المجتمعات بخوض تجربة ممارسة العملية الانتخابية الشاملة بمافيها الانتخابات التشريعية التي تخلق برلمان منتخب مباشرة من الشعب وصياغة قوانين مستمده منه, وبالتالي, قد لانبالغ القول اذا ما اعتبرنا ان قادة شعوب تلك المنطقة هم اكثر حكمة ومقدرة من شعوبها على ادارة المواقف بحكم العلاقة الخارجية والخبرة الطويلة لتوارث الحكم الممتد في العائلة الواحدة, وفي المقابل لا وجود للممارسة الشعبية والمشاركة في صنع القرار. فقرار الاصلاح يفترض في حالة الدول الملكية ان يكون ممهورا بجرة قلم من صاحب السمو اذا ماتمتع بالجرأة وقليل من الارادة السياسية, ودون الحاجة الى (حوار وطني) كما هو حاصل في الحالة السعودية فالحوار الذي يجري او جرى يفتقد الى عناصر مهمة ضرورة توفرها في مجتمع مدني سبق ذكرها, وبالتالي الحوار الوطني سيكون عبثيا واطرافه السياسية غير محددة الملامح, ولايمتلك برامج سياسية او تسيرها احزاب نابعة من الشارع السعودي وتعبر عن نبضه. فضلا, ان المحاور المراد مناقشتها اصبحت بديهية في كثير من بلدان العالم, ولم تعد تدرج في خانة المجادلة او اختلافات الرأي. فالاصلاح والحقوق والتجديد ليس بحاجة الى فتح نافذة حوارية تشتيتية مفتعلة بغرض التباطئ في سير الاصلاحات وانما الصحيح هو المضي قدما في الاصلاح مباشرة والعمل على تعديل القوانين المعيقة للاصلاح وانشاء المجتمع تنشئة يؤمن بالقيم الديموقراطية. كما فعل الملك عبدالله بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين في اصدار قرار حول مكافحة العنف الاسري, ولاقى ترحيبا واسعا, بهدف الحد من انتشار العنف في الاسرة السعودية, وكذلك في موضوع صندوق الاستثمار لاعانة محدودي الدخل, ويمكنه على ضوء ذلك ان يصدر قرارا في المشاركة السياسية للمرأة والرجل وامكانية الانتخاب والترشح, وظهور برلمان سعودي منتخب, وكذلك السماح لقيادة المرأة للسيارة من حيث بديهية واخلاقية اعطاء الحقوق للاخرين, وسيرحب وتمدح قرارته في الصحف الرسمية وغير الرسمية لليوم التالي ويعتاد عليها المجتمع وستدون بالانجازات العظيمة, ولن يلتفت لمايسمى بالحوار الوطني.
اليمن جارة المملكة تجاوزت المراحل بكثير وتتحدث عن ثلاث مرشحات منافسات لمنصب رئيس الجمهورية دون حرج او عقدة (الانثى) ولهن برامج سياسية فاعلة, وتم ذلك في اليمن دون حوار وطني بل خلقتها الانتخابات الديموقراطية (الوليدة) والارادة السياسية المتمثلة في القيادة السياسية اليمنية. والتي لايمكن نكران محاسن صنعها الرئيس اليمني في عهده مترافقة مع هامش كبير من الحرية يسمح ايضا بتوجيه النقد الموجه والمباشر للرئيس, وهذه هي الديموقراطية اليمنية, نتمنى ان تتنتقل عدواها الى سائر دول المنطقة.
*كاتب وباحث أكاديمي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.