نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    "استحملت اللى مفيش جبل يستحمله".. نجمة مسلسل جعفر العمدة "جورى بكر" تعلن انفصالها    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    مليشيا الحوثي تنظم رحلات لطلاب المراكز الصيفية إلى مواقع عسكرية    بعد أيام فقط من غرق أربع فتيات .. وفاة طفل غرقا بأحد الآبار اليدوية في مفرق حبيش بمحافظة إب    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاقة النظام بالجماعات التكفيرية والقاعدة.."شعار ما يسمى مكافحة الإرهاب أنموذجاً"
نشر في الوسط يوم 11 - 05 - 2011

كتب/ قادري أحمد حيدر الإهداء : إلى شهداء وأبطال الثورة الشبابية الشعبية السلمية، التي أسقطت في طريقها لإسقاط النظام ، جميع الفزاعات الوهمية : الإنفصال ، الإمامية ، القاعدة. يبدأ الشاعر اللبناني الكبير أنسي الحاج مقالاً له بالقول "التاريخ يبدأ من الواقع ويستكمله الفكر ، وغالباً ما يجرف الفكر الواقع – خاصة الفكر الإعلامي والإعلاني العولمي السائد اليوم – الباحث – فالمؤرخون أسياد الذاكرة يتصرفون بها على قدر الطاقة ، وبحسب الميل ، وبذلك تدخل بعض العبارات التاريخ ، ومثل كل العناوين باتت غلافاً لمضامين مختلفة ومتناقضة"(1 ) ، وما ذهب إليه الشاعر أنسي الحاج هو القول التحليلي النظري – الفكري الذي يصدق بالكامل على عنوان أو شعار ما يسمى مكافحة الإرهاب ، الذي بات حقيقة إطاراً وغلافاً وغطاءً لمضامين سياسية ، وأمنية ، وعسكرية واقتصادية مختلفة ومتناقضة ، ومن هنا تعثر هذا المفهوم وسقوطه في أكثر من امتحان نظري وفكري ، وسياسي ، وقانوني، وواقعي عملي تطبيقي ، بوصوله إلى آفاق مسدودة ، نظرياً وعملياً ، وهو ما يفسر عدم وصول الجماعات الدولية المختلفة إلى تعريف دقيق واحد ، جامع لمعنى شعار "مكافحة الإرهاب" ، أو تحديد دقيق لما هو المقصود من شعار "مكافحة الإرهاب" ، ونعتقد أن تسمية شعار "مكافحة" ما يسمى "الإرهاب" في الإطار العام المجرد السائد ، إنما هي تسمية مضللة ومغلوطة ، لأهداف سياسية أيديولوجية ، اقتصادية استراتيجية عالمية لا علاقة لها في الواقع بحقيقة مكافحة الإرهاب على صعيد الممارسة . إن مفهوم "الإرهاب" ، أو ما يسمى "مكافحة الإرهاب" في ظل فوضى المفاهيم والطروحات السائدة حول الإرهاب ، جعلت منه مفهوماً ملتبساً ، ومراوغاً ، يحمل قيمة معيارية ، وقيماً توصيفية ، بل وتأويلية مختلفة ، حيث تحول شعار ما يسمى "مكافحة الإرهاب" إلى جزء أصيل من السياسة الخارجية العالمية للدول الكبرى ، خاصة أمريكا ، والغرب الرأسمالي معها ، متجاهلين أن القضاء على الإرهاب يتم بتجفيف منابع الظلم والاستبداد ، والنهب ، سواء الداخلي ، أو الخارجي العولمي ، ومن خلال عمل سياسي ، تنموي حضاري إنساني مشترك ، وليس من خلال عمليات قصف عسكرية عشوائية لا إنسانية يكون ضحاياها في الغالب من المدنيين (الأطفال ، والشيوخ ، والنساء) ومن غير حاملي السلاح قصف من طائرات بدون طيار ، يطال أرواحهم ومنازلهم وممتلكاتهم . إن معظم الحكومات العربية تشجع الأفراد والجماعات على انتهاج الأعمال الإرهابية ، بسدها الآفاق السياسية الديمقراطية السليمة أمامهم ، والوقوف سداً منيعاً أمام أي إصلاح أو تغيير في أوضاعهم ، ومنع المشاركة والشراكة لهم في السلطة والثروة ، وفي صنع القرار السياسي ، ومنع تداول السلطة سلمياً في واقع الممارسة ، حتى لا يبقى أمامهم من خيار سوى اللجوء إلى العنف ، والتطرف ، والإرهاب . وحين نشدد على أن التطرف والإرهاب يبدءان فكراً لا نقصد أن العلة كامنة في العقل والفكر ، وإنما نقصد بذلك الشروط والمناخات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المولدة لذلك الفكر العنيف والمتطرف الذي يقود بالنتيجة إلى ممارسة الفعل الإرهابي . وليس عفوياً إصرارنا هنا على تسمية هذه الفقرة من البحث / الدراسة ب"شعار مايسمى مكافحة الإرهاب" وهي التسمية التي نفضلها ، عوضاً عن الشعار العمومي الإطلاقي تحت تسميه "مكافحة الإرهاب العالمي" ، ذلك أنه تحت هذه التسمية الفضفاضة المجردة يجري إدراج تنظيمات وأحزاب ثورية مقاومة تحررية وديمقراطية تحت عنوان شعار "مكافحة الإرهاب" ، والتطرف والعنف . وهو غالباً الشعار السياسي الذي تلجأ إليه أمريكا لوصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب ، وكذا المقاومة اللبنانية ، وبعض اتجاهات المقاومة العراقية ، -التي تطال القوات الأمريكية- وفي غيرها من مناطق العالم ، وهو كذلك الشعار السياسي الذي تلجأ إليه بعض الأنظمة في العالم الثالث ومنها اليمن في وصف خصومها السياسيين المعارضين بالإرهاب والتخريب ، والتطرف . "ومعلوم أن حكومات عديدة في أفريقيا وآسيا استفادت من تحالفها مع واشنطن في ما يسمى الحرب على الإرهاب ، من أجل ضرب حركات معارضة ، وجماعات محلية لها مطالب حقوقية ووطنية (...) ولا غرابة أن دوائر أمنية في السلطة اليمنية تحاول ضرب الحراك السياسي السلمي الجنوبي ، بالقوة ، عبر تصوير بعض المحافظات الجنوبية مثل لحج ، الضالع ، على أنها مناطق تعبث فيها عناصر تخريبية مسلحة ، وتصوير محافظات جنوبية أخرى مثل أبين، وشبوة باعتبارها مرتعاً لعناصر تنظيم القاعدة ، والهدف من هذا التقسيم للمحافظات الجنوبية والشرقية هو التأثير المعنوي على مؤيدي الحراك السلمي ، ونشر المزيد من القوات العسكرية والأمنية في هذه المحافظات ، وتكريس النهج القمعي ضد ناشطي الحراك"( 2) تحديداً ، لأن جزءاً هاماً وكبيراً من القاعدة يجري تحريكه بالرِّموت كنترول من مركز العناصر النافذة في الحكم . وحقيقة أن هدف ربط الحراك الجنوبي السلمي من قبل المؤسسة السياسية الرسمية بالقاعدة والتطرف والجهاد والإرهاب تارة ، وبالعناصر التخريبية تارة أخرى ، هدفه السياسي الميداني ، عسكرة مناطق ومحافظات الجنوب باسم شعار ما يسمى "مكافحة الإرهاب" ، والتخريب ، وحماية الوحدة الوطنية تارة ثالثة ، غير مدركة المؤسسة السياسية الرسمية خطورة هذا النهج على مستقبل العمل السياسي الديمقراطي ، والوطني ، خصوصاً في صورة تعميق الهوة الوطنية بين الشمال ، والجنوب، وتحويل مناطق الجنوب إلى حالة عسكرية قلقة ومتوترة ، تعيش حالة استنفار ومقاومة دائمة للحكم "المركزي" ، وبالنتيجة تعميق دعوات الانفصال ، وخطاب تقرير المصير. ولم يخفف من هذا الشعور والإحساس سوى حالة الثورة الشبابية الشعبية الواسعة التي شملت الوطن اليمني كله – الشمال والجنوب- تحت شعار الشعب يريد إسقاط النظام . الذي وحد اليمنيين قاطبة . إن أخطر ما في شعار ما يسمى مكافحة الإرهاب العالمي ، هو التالي : أولاً ، استباحة الأرض العربية والإنتقاص من سيادتها واستقلالها ، (من أجل نهب ثروات شعوب المنطقة والتحكم بموقعها الاستراتيجي) ، وإهدار كرامة شعوبها ، وثانياً ، تحويل الاحتلال إلى ديمقراطية (نموذج العراق) والأهم ضرب فكرة العروبة (الوطن العربي) وتحويل القضية القومية كفكرة ومشروع سياسي للتحرر الديمقراطي ، إلى مشروع للشرق الأوسط الجديد والموسع تحت قيادة إسرائيل ، وهو ما يجري تكريسه اليوم تحت شعار ما يسمى مكافحة الإرهاب العالمي وهو ثالثاً ، وفي تقديرنا أن الثورة الشبابية الشعبية العربية الجديدة إذا ما قدر لها الاستمرار والتوسع ، والنجاح ، فإنها كفيلة بإعادة الروح والحياة إلى معنى العروبة ، والقومية العربية في أفاقها الوطنية والقومية الحضارية الديمقراطية ، على قاعدة التعددية والحوار ، والقبول بالآخر ، عروبة ، ديمقراطية ، إنسانية ، لتستعيد معه المنطقة العربية روحها الديمقراطية في افاقها التحررية الإنسانية الشاملة بعيداً التعصب ، والشعوبية التقليدية التاريخية . وهي أكبر، وأهم ضربة لمشروع التحالف الاستبدادي الداخلي (العربي) والخارجي الاستعماري العولمي الجديد تحت شعار ما يسمى مكافحة الإرهاب الذي حول الإسلام كدين إلى عدو يجب مكافحته بهذه الصورة أو تلك . ومن المهم في البداية الإشارة والتأكيد ، أين يتقاطع ويتوحد النظام السياسي اليمني ، كمؤسسة سياسية لها مصالحها المباشرة والخاصة ، مع ما يسمى النظام العالمي ، وخاصة أمريكا ، أو بتعبير آخر ، كيف تتحدد قراءة كلٍ منها لشعار مايسمى "مكافحة الإرهاب" العالمي : بالنسبة لأمريكا ، والغرب الرأسمالي معاً يحاولان أولاً : الخلط بين المقاومة المشروعة والقانونية ، والتحررية (الوطنية والقومية) وبين الإرهاب (فلسطين ، لبنان ، العراق ، أفغانستان) مقاومة الاحتلال الأجنبي عموماً وهو البعد الاستعماري العولمي النيوليبرالي للرأسمالية الامبريالية في طورها الاستعماري الوحشي (العراق ، أفغانستان) أنموذجاً لذلك . ثانياً : إن شعار ما يسمى "مكافحة الإرهاب" غير مفصول عن سياساتها الخارجية وغير مفصول عن الأجندات التوسعية للرأسمالية العالمية في طورها الجديد، والشعار في جزء كبير منه مصنوع صناعة أيديولوجية لأهداف سياسية اقتصادية إستراتيجية ، وهو ما لا ينفي وجود حيثيات الإرهاب في هذا المكان أو ذاك ، ثالثاً :إن شعار ما يسمى "مكافحة الإرهاب" وتطبيقاته يخضع للمصالح الإستراتيجية للدول الكبرى عموماً ، ولمصالح الأمن القومي الأمريكي خصوصاً ، وأبرز دليل سياسي ، وعملي على ذلك وضع شرط انفصال جنوب السودان ، مقابل رفع النظام السوداني من الدولة الراعية للإرهاب ، ورفع الحظر الاقتصادي عنه ، وهنا يبرز الهدف السياسي المباشر للكيل بمكيالين في ما يتعلق بما يسمى شعار "مكافحة الإرهاب" في واقع الممارسة ، ومن هنا تبرز ضبابية ومراوغة شعار مفهوم ما يسمى "مكافحة الإرهاب" وإنما –وهو الأهم- عدم جدية وقانونية ما يسمى شعار "مكافحة الإرهاب" ، في العقل السياسي الأمريكي، والأوروبي ، وهيمنة المفهوم السياسي الأيديولوجي ، على المفاهيم الراسخة القانونية التي أقرتها التشريعات الدولية المختلفة . أما هدف النظام السياسي اليمني من مجاراة الخارج في رفع شعار ما يسمى "مكافحة الإرهاب" فهي أهداف عديدة أولاً : الهروب إلى هذا الشعار الفضفاض لتبرير عجزه الداخلي عن مكافحة الإرهاب ، وثانياً : الإرضاء السياسي للخارج بالقول: إنه مع شعار ما يسمى "مكافحة الإرهاب" لتحسين صورة النظام ، ثالثاً : للحصول على الدعم المالي والمنح ، والمساعدات والاستفادة منها لتحسين شروط استقرار النظام وتكريس شرعيته الداخلية ، رابعاً : وهو الأهم توظيف مكافحة الإرهاب لتصفية الحساب مع الخصوم السياسيين المعارضين ، والقبليين كذلك"(3 ) ، وخامساً : تحسين أوضاع النظام المالية من خلال المساعدات والمنح ، المقدمة لمكافحة مايسمى الإرهاب لتكريس نظام شراء الولاءات والمحسوبية التي أطالت عمر النظام ، وخدمته في الفترة الماضية ، خاصة مع ارتفاع عائدات النفط خلال الست سنوات الماضية . وهنا يتقاطع ويلتقي نظام الحكم في صنعاء مع أمريكا والخارج حول شعار ما يسمى "مكافحة الإرهاب" . ولكن دون أي جدوى عملية لهذا الشعار على صعيد الممارسة الواقعية . فحتى الآن ما يزال شعار "مكافحة الإرهاب" في اليمن ظاهرة إعلانية ودعائية ، في الإعلان عن أسماء بعض الأشخاص المطلوب القبض عليهم ، مع فدية بمئات أو ملايين الدولارات أو الريالات، إعلانات بدأت تظهر أحياناً في بعض الصحف الرسمية ...، إعلان عن طلب القبض على الإرهابيين 1.سعيد محمد قليص الشهري 2. أحمد عبدالعزيز 3.جاسر الجاسر"( 4)، ولم تصل المواجهة والمكافحة للجماعات الإرهابية ، والإرهاب حتى الآن إلى مستوى المواجهة والمكافحة الأيديولوجية ، والثقافية ، والسياسية ذات الطابع الإستراتيجي ، الذي يطال البنية التحتية المادية ، والأيديولوجية ، والمؤسسية للعنف والتطرف ، والإرهاب الأصولي المتأسلم ، فلم يدخل الإعلام الرسمي ، والمؤسسة الثقافية الرسمية حد مواجهة التطرف والإرهاب الديني ، هذا ما تقوله حقائق الواقع بعيداً عن الخطاب الإعلاني ، والدعائي الإعلامي ، الممنوع من الصرف على صعيد الممارسة الواقعية . إن تدهور أوضاع حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية ، والتقييد على الصحافة الديمقراطية في أكثر من مكان في العالم ، إنما أرتبط عملياً وفعلياً بشعار ما يسمى "مكافحة الإرهاب" العالمي (المحصور في التطرف والإرهاب الإسلامي تحديداً) والذي تجسد في انتهاكات غوانتانامو ، وأبو غريب ، وباجرام ، وفي الاختطافات الدولية ، والسجون الدولية السرية ، وفي سيادة قانون الطوارئ في كل العالم العربي دون الإعلان عن القانون رسمياً ، وغيرها من الممارسات المعادية للحريات والمناقضة للقانون الدولي ، والشرعة الحقوقية والإنسانية الدولية ، وجميعها شجعت الأنظمة الاستبدادية في المنطقة العربية ومنها اليمن على رفع وتيرة قمعها ومصادرتها للحريات ، وانتهاك حقوق الإنسان ، وحرية الصحافة والرأي والتعبير ، تحت شعار مكافحة القاعدة والإرهاب ، فالنموذج العالمي الذي تقدمه أمريكا ، وأوروبا ، يشكل عامل حفز ودعم لتصاعد وتيرة قمع الحريات ومصادرة حقوق الإنسان (إرهاب دولة ، في مواجهة إرهاب أفراد وجماعات) تحت
مظلة شعار ما يسمى "مكافحة الإرهاب" . "إن مكافحة الإرهاب في اليمن لن تتحقق غاياتها بالقضاء على التنظيمات الإرهابية إلا بوفاق وطني ، وباستراتيجية سياسية وطنية تشارك في وضعها وتنفيذها الأحزاب المناهضة للإرهاب ، والوفاق الوطني يتطلب حواراً جاداً بين أطراف الصراع ، بمشاركة جميع القوى السياسية دون استثناء أحد ، إن التدخل السعودي والأمريكي المباشر كطرف خارجي في الصراع وفي الحرب ستترتب عليه تأثيرات تعمق الأزمة في عدة اتجاهات ، الاتجاه الأول : اتخاذ السلطة الحرب مصدراً لشرعيتها ، وهذا التدخل ستستخدمه لإطالة أمد الحرب ، والاتجار بها ، وسيشجعها على الاستمرار بالإعداد لحرب أهلية واسعة ومستمرة ، وتجهيز الميليشيات المسلحة ذات الطابع القبلي والجهوي ، كلجان الدفاع عن الوحدة ، وكتائب الجهاد ، والجيش الشعبي ، الاتجاه الثاني : استخدام السلطة للحرب على - الإرهاب وغيره – الباحث – للتنصل من الحوار والاتفاقات مع أحزاب المعارضة"( 5)، والاتجاه الثالث : تحول الحرب إلى مصدر رزق للأجنحة المستفيدة من الحرب ، ومصدر لجمع المال وشراء الذمم وتكريس نظام الولاءات والمحسوبية التي يدور حولها الحكم . ولا خيار أمام المؤسسة السياسية الرسمية للدخول في مشروع جدي وإستراتيجي لمكافحة التطرف الديني والإرهاب باسم الجهاد الإسلامي ، سوى خلق جبهة وطنية عريضة ، وجعل القوى السياسية الحزبية والمدنية ، والديمقراطية الحقيقية طرفاً أساسياً ومشاركاً فعلياً في هذه الجبهة لمكافحة الإرهاب باسم الدين ، وهو ما أشار إليه الوزير العماني يوسف بن علوي لصحيفة "الحياة" حين قال " إن أحزاب اللقاء المشترك تستطيع مع الحكومة - هذا قبل الثورة الشبابية الشعبية- أن تجد قاعدة يتفق عليها ، باستيعاب المشكلات في الشمال والجنوب ، وأعتقد –كما يقول – إن الرئيس علي عبدالله صالح بما لديه من خبرة يستطيع أن يكون وسيلة إيجابية في أي حوار ضمن هذا النطاق"( 6) ، وهو ما لم يدركه ويستوعبه الحكم في اليمن حتى اللحظة من ضرورة فك ارتباطه جذرياً بهذه الجماعات التي ما يزال مصراً على استخدامها كورقة سياسية "كرت" لأهداف تكتيكية ، وهو ما يفسر أن النشاط السياسي ، والأيديولوجي ، وحتى الأمني ، للمؤسسة السياسية الرسمية في مواجهة الخطاب التكفيري والجهادي ، والجماعات الجهادية ما يزال في حده الأدنى ، مواجهة محدودة ، وجزئية ، ومناسباتية وهو في الغالب خطاب إعلاني ، إعلامي ، دعائي ، لمكافحة الإرهاب ، ودون رؤية سياسية فكرية إستراتيجية شاملة لمواجهة ومكافحة الإرهاب . فهل اعتقال المحلل السياسي الصحفي عبدالإله شائع حيدر ، لأكثر من ثمانية أشهر حتى الآن يدخل ضمن شعار مكافحة الإرهاب والقاعدة أم العكس ؟ وهل التضييق على الحريات ، ومصادرة الحقوق السياسية والمدنية ، ومحاصرة الصحافة المعارضة ، واعتقال جماعات الحراك الجماهيري السلمي في الجنوب يدخل ضمن مكافحة الإرهاب القاعدي والتنظيمات الجهادية ؟ أم يزيدها كل ذلك قوة وسطوة ونفوذاً ؟ ويجعل تفردها بالساحة قائماً وممكناً . إن الهامش الديمقراطي ، والتعددية ، وحقوق الإنسان جميعها في حالة تراجع وانكسار ، وهو عملياً تعويق لمسار أي تحول سياسي ديمقراطي في البلد . إن خطورة ما يجري سياسياً ، وعسكرياً ، وأمنياً ، بين التنظيمات الجهادية المختلفة، والقاعدة ، وبين المؤسسة الرسمية في اليمن ، هو أنه ليس هناك استراتيجية سياسية وطنية شاملة وواضحة لدى الحكم بمقاومة القاعدة (على شاكلة ما يجري في المملكة السعودية) ، فالنظام السياسي يعيش حالة ازدواجية سياسية في الموقف من الجماعات التكفيرية والجهادية ، والقاعدية ، بحكم عملية وحالة الاختراق المزدوج بين هذه الجماعات ، وأجنحة نافذة في الحكم (سياسياً ، وأمنياً ، وعسكرياً) واللافت للنظر هنا أن الجماعات الجهادية والقاعدية اليمنية (ضد الداخل والخارج) بأطيافها المختلفة ليس من أهدافها ، وضمن أجندتها ، وممارساتها مكافحة الفساد ، والنهب ، والقتل ، والتوزيع غير العادل للثروة الوطنية ، التي ينص عليها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، ولا حتى مقاومة الاستبداد ورفض الطغيان واحتكار السلطة ، بل إن بعضهم يبرر ذلك تحت غطاء خطاب "طاعة ولي الأمر" ، وهذا ينطبق على الجيل الأول من الجهاديين وكذلك الجيل الثاني ، وحتى بعض عناصر الجيل الثالث من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي أعلن عن تشكيله خلال عام 2009م ، ومن هنا نلحظ عدم خوف النظام – إلى زمن قريب – على ذاته ومصالحه وشرعيته من هذه الجماعات كنظام . فلم تكن ممارسات وخطابات التنظيمات التكفيرية والجهادية ، والقاعدية ، - حتى وقت قريب ثلاثة سنوات – توجه نقدها أو هجماتها القتالية ضد المؤسسة السياسية الرسمية ، ويمكننا القول أن النظام استخدم ورقة القاعدة فزاعة لترويع الداخل ، وكسب المال من الخارج العربي ، والأمريكي ، الغربي . "لقد أدى رد الحكومة على التهديد بالهجمات "الإرهابية" – من خلال الطائرات بدون طيار – الباحث – إلى إضعاف الإطار القانوني الدولي لحقوق الإنسان ، والقوانين المحلية ، بلجوئها إلى ممارسة ما كان محرماً بالقانون الدولي (...) وسعت إلى تبرير هذه الممارسات باسم الأمن القومي ، وفي اليمن بات يقيناً بأن ازدياد معدل الانتهاكات لحقوق الإنسان يرجع أحد أسبابه الرئيسة إلى الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها الحكومة اليمنية ، تحت الضغط الأمريكي في إطار الحرب على الإرهاب ، خصوصاً ما يتعلق بالاعتقالات التعسفية والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون والقضاء"( 7) وخلف شعار ما يسمى "مكافحة الإرهاب" (القاعدة خصوصاً) تحرك المجتمع الدولي (أمريكا وبعض دول أوروبا ودول الخليج) لدعم النظام في اليمن بعد أن جرى تدويل ظاهرة الإرهاب في صورة اسم القاعدة (الإسلام) ، وبدأت المساعدات الأمنية والعسكرية بمبالغ محدودة منذ أكثر من عقد من الزمن ، ثم تطورت إلى مساعدات ومنح مالية واقتصادية حتى وصلت المساعدات والمنح إلى أرقام مالية كبيرة في مؤتمر لندن الذي خصص أكثر من خمسة مليارات دولار لدعم اليمن أمنياً ، واقتصادياً (تنموياً) ، فتحت شعار ما يسمى "مكافحة الإرهاب" "وضع الغرب ، ودول الخليج وغيرها 5.7مليار دولار كمساعدات لليمن عام 2006م لمكافحة تنظيم القاعدة المتنامي نشاطه في اليمن ، ولكن حكومة صالح – كما تقول إيلين نك ماير – غير قادرة على تطوير خطط الإنفاق ، والرقابة المؤكدة التي تلبي تطلعات الجهات المانحة لليمن ، وقد كان الغرض من مؤتمر أصدقاء اليمن ، تجنب هذه المخاوف ، والتوصل إلى إيجاد حلول لدفع التنمية ، أو ربما عبر إنشاء صندوق إضافي لدعم التنمية في البلد ، وبالرغم من ذلك فإن ما تحتاجه اليمن هو أكثر من غيرها ليس المزيد من النقد ، بل أن تقسم الحكومة النقد الذي تملكه على الشعب بدلاً من سرقته"( 8) ، علماً أن ما صرفته الحكومة اليمنية من مبلغ ال 5.7مليار دولار لا يتجاوز في أحسن الأحوال 7 إلى 10% من المبلغ المرصود وذلك للشروط الإدارية والقانونية والمالية والتنظيمية لصرف المساعدات والمنح ، حيث لم تستطع الحكومة التلاعب بالمبلغ ، ومع ذلك طلب علي مجور رئيس الوزراء من الدول وأصدقاء اليمن في مؤتمر لندن في يناير 2010م أربعين مليار دولار لدعم اليمن في مكافحة الإرهاب ، أسماها "خطة مارشال يمنية" . مما أثار استغراب العالم كله حول جدية هذا الطلب"( )، علماً أن مكافحة الإرهاب والقاعدة تحتاج قبل المال ، والدعم الأمني ، والعسكري ..، إلى إرادة ، وإلى قرار سياسي ، ورؤية استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الإرهاب، إن النظام في صنعاء حتى اليوم ما يزال يستخدم ورقة التهديد الإرهابي الإسلامي (القاعدة) كورقة ابتزاز للحصول على المساعدات الخارجية لأهداف سياسية تكتيكية تخص استقرار النظام ، وشرعيته ، وضرب وحصار وقمع خصومه السياسيين المعارضين المختلفين (حوثيين ، حراك ، اللقاء المشترك ، وجماعات قبلية معارضة) ، ولم يدخل فعلياً النظام في بداية مشروع مكافحة الإرهاب ، إلا بعد أن قرر الجيل الثالث من القاعدة (جيل الإنترنت) فك الارتباط بالأجنحة النافذة في الحكم ، بداية 2009م ، وحتى الآن لم يتضح بصورة جلية فك ارتباط الحكم بمجاميع مختلفة من القاعدة والجهاديين (خالد عبدالنبي ، طارق الفضلي ، ومجاميع كبيرة أخرى) . إن الموقف المزدوج من الجماعات التكفيرية والجهادية هو الذي يفسر حيرة واضطراب بعض الباحثين في قراءة حالة الإرهاب في اليمن ، وهو كذلك ما يفسر ظاهرة التهويل ، والتهوين ، الرسميين من حضور ووجود الجماعات الجهادية ، والقاعدية في اليمن لقد دأبت المؤسسة الرسمية على توظيف معادلة مزدوجة (مركبة) تجسدت في ابتزاز الداخل بالخارج (أمريكا ، إسرائيل) ، وفي تخويف الخارج من الداخل (القاعدة ، الأصولية) وهو ما يفسر ازدواجية الخطاب الرسمي تجاه القاعدة بين التهوين ، والتهويل ، "فالذي يهول القاعدة ويضخمها هو خطاب السلطة ، وإجراءاتها اليومية ، التي تتبعها ، ترى معارك تدور يومياً في كل مكان ، بالأمس معركة في شبوة بالطيران ، وتهجير ما بين خمسة عشر إلى عشرين ألف مواطن من مدينة الحوطة ، وذلك بسبب البحث عن شخص أو شخصين من القاعدة ، وبعدها تأتي السلطة لتقول في خطاب آخر : إن ثمة من يهولون من شأن القاعدة ، وتنسبه للآخرين ...، السلطة تهون وتهول من شأن القاعدة ، إذا ما أرادت أن توظفها في شيء معين هولتها ، وإذا أرادت أن توظفها في مصلحة ما هونت منها ، كأن تطمئن المستثمرين ، وهو موضوع خطير جداً ، لازم أن تكون قضية مكافحة الإرهاب ، قضية وطنية (...) والمجتمع اليوم حائر بين خطابين ، كلاهما رسمي ، مهول ، ومهون"(9 ) ، إن خطاب التهوين ، أو التهويل ،من ظاهرة الإرهاب ، والقاعدة تحديداً ، إنما أساسها ومصدرها اللعب المزدوج والموقف المزدوج من قبل المؤسسة السياسية الرسمية بهذه الورقة (الإرهاب / القاعدة) ، وهو ما جعل د. محمد عبدالملك المتوكل يفسر الأمر بالقول : "في تضخيم كبير – يقصد لظاهرة الإرهاب – الباحث – وأخشى أن يكون تضخيماً ناتجاً عن مخطط خفي (...) أعتقد أن هذا التضخيم من –الأمريكان – ناتج عن أحد أمرين : فإما أنهم يريدون التواجد وقد بدؤوا بالفعل ، وبالتالي يحكمون أو يديرون القضايا بالطريقة التي حكموها في الدول الأخرى ، وإما أنهم يخططون لبناء دولة في منطقة معينة من اليمن، بحيث تكون القاعدة هي البعبع الذي يساعدهم على إخافة شعوبهم ، وبصورة تتيح لهم فرصة التحرك"( 10). وفي هذه النقطة الحرجة والحساسة يتقاطع ويتلاقى خطاب المؤسسة السياسة الرسمية مع خطاب أمريكا ، وبعض دول أوروبا في التضخيم والتهويل من القاعدة ولكلٍ منهما أسبابه الذاتية الخاصة ومصالحه ، ويبدو أن التهويل الرسمي من القاعدة في المرحلة الأخيرة صار يخدم الأجندة الخارجية الأمريكية ، خاصة بعد أن تأكد لأمريكا، والغرب عدم جدية النظام في صنعاء في مكافحة الإرهاب ، وأن شعار ما يسمى "مكافحة الإرهاب" ليس أكثر من ورقة سياسية تكتيكية ، وتأكد هذا الاقتناع بالملموس ، لأمريكا ، والغرب الرأسمالي ، بعد حادثة ، عمر الفاروق عبدالمطلب ، النيجيري ، في ديسمبر 2009م ، وحادثة الطردين ، وأن إمكانية التحالف الإستراتيجي مع النظام في صنعاء لمكافحة الإرهاب أصبح صعباً ، إن لم نقل مستحيلاً، ومن أن دعم النظام مالياً ، وأمنياً ، لمكافحة القاعدة غير مُجْدٍ في الممارسة الواقعية إلا بصورة محدودة ، وأن لا بد من تقليص الدعم ، والاستعاضة عنه ، أو توسيعه مع جهات مأمونة في الداخل اليمني ، (جهات محلية وخارجية مخترقة للجهاز الأمني والسياسي اليمني) وعلى صلة مباشرة بأمريكا ، والسعودية ، والأمر الآخر الاعتماد على النفوذ السعودي في اليمن كحليف استراتيجي في مكافحة القاعدة ، وجاءت حادثة الطردين لتكشف عن اختراق الجانب السعودي ، للأجهزة الأمنية ، والسياسية اليمنية ، فالسعودية هي من أبلغت الأمريكان ، والجهات المعنية الأخرى في الخارج بقضية الطردين ، وهو ما أعلنته جميع الوسائل الإعلامية ، بما فيه القيادات السياسية والأمنية الأمريكية ، وهي فضيحة سياسية وأمنية تكشف عجز النظام عن مكافحة الإرهاب، بل وتلمح إلى تورطه وتواطئه ، مع الجماعات الجهادية ، والتكفيرية المسلحة ، وكأن السعودية بذلك تقول بصورة مباشرة إن الأجهزة الأمنية اليمنية غير معنية بمكافحة
القاعدة ، وإنْ هي إلا كشعار إعلامي ، وإن النظام في صنعاء غير جاد في مكافحة الإرهاب ، وهي رسالة قاسية وثقيلة أوصلها النظام السعودي إلى العالم كله . أضعفت سياسياً وعملياً ، قضية تحالف النظام في اليمن أمنياً مع العالم الخارجي في مكافحة الإرهاب (القاعدة) ، وأنه من الصعب أن يكون حليفاً استراتيجياً في هذا المجال . وبعد حادثة الطردين ، بدأ حصار العالم الخارجي كله لليمن ، اقتصادياً ، ومالياً ، بصورة كبيرة ومخيفة ، أثرت على تنقلات رحلات الطيران منه ، وإليه ، وأثرت بالنتيجة على السياحة ، والاستثمار ، وعلى علاقة اليمن السياسية ، والاقتصادية ، والأمنية بالعالم الخارجي كله . وعلى سمعة اليمن ، والمواطن اليمني بدرجة أساسية حيثما كان وتواجد ، وما زالت آثار وأصداء ذلك قائمة حتى اللحظة بدرجة أو بأخرى ، وهو ما أضعف إمكانية توظيف اليمن (سياسياً ، واقتصادياً) لشعار ما يسمى "مكافحة الإرهاب" ، والقاعدة ، وكلها صبت في أن هناك صلة بين المؤسسة السياسية ، والأمنية الرسمية اليمنية ، والجماعات التكفيرية والجهادية ، والقاعدة ...، جزء من الرسالة السعودية يعود إلى محاولتها تأكيد دورها الاستراتيجي مع أمريكا ، والعالم الخارجي في مكافحة الإرهاب . وجعلها مشرفة وقائدة له في المنطقة ، بما فيه اليمن ، وما يؤكد ذلك أكثر هو حادثة إنقاذ وتحرير المختطفين الألمان في اليمن (صعدة) عبر السعودية ، قبل حادثة الطردين ، ودون علم ومعرفة الأجهزة الرسمية اليمنية (السياسية ، والأمنية) وهو ما يشير إلى احتمالات كبيرة بتورط أجنحة نافذة يمنية مع هذه الجماعات الجهادية (القاعدة) ، وجاءت تصريحات بعض المسؤولين الأمريكان حول التعاون والتحالف الاستراتيجي مع السعودية لمكافحة الإرهاب، والقاعدة على الأرض اليمنية ،وهي رسالة سياسية أمنية للنظام في صنعاء لتقوي هذا الاحتمال ، وهو ما فسر التوتر في شدة التصريحات الرسمية بين اليمن ، والسعودية - في حينه- بعد حادثة الطردين . ومما جاء في وثائق سرية تتبع وزارة الخارجية الأمريكية نشرتها وثائق ويكليكس ، حول موقف النظام في اليمن من الإرهاب " إن الإدارة السياسية الضعيفة للبلد – اليمن – المضيف في مكافحة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ، من شأنها أن تزود العناصر المتطرفة ببيئة عمل سهلة للغاية ، مما يوحي أن متوالية التهديدات ضد المصالح الأمريكية والأجنبية الأخرى في اليمن ستتواصل في الأجلين القريب والمتوسط"(11 ) وقد أكدت صحيفة "نيويورك – تايمز – الأسبوع المنصرم – حين أماطت اللثام عن خطة أمريكية تقوم على توظيف الإمكانات ، والقدرات المالية ، والاستخباراتية السعودية للعمل على الأرض اليمنية لملاحقة ومحاربة القاعدة : ولم تنف الإدارة الأمريكية صحة هذا التسريب ، وإنما شككت في صحة التفاصيل التي أوردتها الصحيفة"(12 ) ، وبذلك يكون شعار ما يسمى "مكافحة الإرهاب" يمنياً وصل إلى طريق مسدود مع الداخل ومع الخارج ، ولم يعد بإمكان المؤسسة السياسية الرسمية أن توظف شعار "مكافحة الإرهاب" بالطريقة القديمة ، وانحصر استخدام ما تبقى صالحاً من الشعار في تجميد عملية التحول السياسي الديمقراطي ، ومنع الإصلاحات الدستورية والقانونية، والاقتصادية والاجتماعية ، (من خلال رفض الحوار والتلاعب بورقة الحوار مع المعارضة) ، وكذا في استخدام شعار "مكافحة الإرهاب" في تصفية الحساب مع خصومه السياسيين وقراره السياسي بإلغاء اتفاق فبراير 2009م واتفاق 17 يوليو 2010م ، وإصرار النظام على الذهاب إلى الانتخابات البرلمانية منفرداً ، وبدون الإصلاحات السياسية والدستورية التي تم الاتفاق عليها مع المعارضة ، حتى عدم تحديد فترة الرئاسة بدورتين انتخابيتين ، وجعل حكم الرئيس مفتوحاً وغير محدد بفترة زمنية معلومة (مدى الحياة) من خلال حديث سلطان البركاني عن "قلع العداد" وكأننا أمام حكم وراثي ومن خلال دستور يقود إلى ذلك ، على الرغم من تراجع أو تقلص قدراته السابقة على استخدام ورقة أو شعار ما يسمى "مكافحة الإرهاب" في جلب المساعدات والمنح المالية من الخارج ، وضعف قدرته على تسويق شرعية النظام ، سياسياً، وديمقراطياً ، أمام الخارج ، باعتباره يعمل في مكافحة الإرهاب. بعد أن عاد سؤال علاقته بالجماعات الجهادية ، والقاعدية يطرح نفسه بقوة أمام الخارج . خاصة بعد تصريح اللواء علي محسن الأحمر قائد المنطقة الشمالية الغربية ، وقائد الفرقة الأولى مدرع حين قال : "يمكنني التأكيد على أن الرئيس صالح هو من أسهم بشكل كبير في وجود الإرهاب في اليمن ، فقد لعب بالنار كتكتيك حذرناه مراراً من مغبة عواقبه(...) لقد أقحم صالح البلاد في العديد من الأزمات ولم يتورع عن استخدام أي وسيلة للبقاء في السلطة"(13 ) وليس من خيار أمام المؤسسة السياسية الرسمية إلا فك الارتباط جذرياً بهذه الجماعات ، وتقديم تنازلات جدية من أجل الوطن كله ، تنازلات سياسية ، إصلاحية دستورية قانونية ، والبدء بالدخول في حوار سياسي جدي مع الداخل بكل أطيافه وألوانه والإقرار أن لا خيار سوى الحوار والإصلاح السياسي الديمقراطي الشامل . وأن "الطريقة الأنجع لمكافحة الإرهاب ، هي في استئصال الجذور المولدة له ، وفي تقديم حزمة شاملة من المعالجات ذات الطابع الإستراتيجي"( 14) ، فالتنازل للداخل الوطني هو الخيار الأسلم بدلاً من تحول شعار ما يسمى "مكافحة الإرهاب" إلى حالة استباحة مفتوحة للبلاد كلها ، أرضاً ، وبحراً ، وجواً ، حينها يمكننا القول إننا بدأنا ندخل إلى فضاءات سياسية وطنية ديمقراطية لمكافحة التطرف والإرهاب في بلادنا . هوامش 1 - صحيفة النداء صنعاء 4/10/2010م العدد (250) ص 3. 2 - أنظر حول ذلك : د. محمد المخلافي ، قادري أحمد حيدر ، تقرير حالة التسامح في اليمن ، عام 2008م مركز رام الله فلسطين مصدر سابق . 3 - صحيفة الثورة صنعاء الخميس 21/10/2010م العدد (16780) الصفحة الأخيرة . 4 - د. محمد أحمد المخلافي ، صحيفة الثوري ، صنعاء ، الخميس 14/1/2010م العدد (2082) . 5- يوسف بن علوي صحيفة الحياة اللندنية الأحد 22/11/2009م نوفمبر . 6 - عبدالإله شائع حيدر " تقرير إستراتيجي فصلي" ص 27 يصدر عن مركز الجزيرة العربية للدراسات والبحوث العدد الأول مارس 2010م . 7- إيلينا نك ماير المصدر أونلاين ترجمة خاصة ، نقلاً عن مجلة السياسية الخارجية الأمريكية وعن مجلة فورين بوليسي الأمريكية ، والباحثه حالياً رئيسة مكتب واشنطن بوست . 8 - أنظر حول ذلك علي مجور رئيس الوزراء في حوار مع صحيفة "السياسية" صنعاء ، تاريخ (....................) وكذلك المصدر أوتلاين ترجمة خاصة نقلاً عن السياسة الخارجية الأمريكية . 9 - ياسين سعيد نعمان حوار مع صحيفة الأهالي / صنعاء الثلاثاء 28/9/2010م العدد (160) ص 8-9 . 10 - محمد عبد الملك المتوكل مقابلة مع صحيفة "صوت الشورى" صنعاء الأربعاء 6/10/2010م . 11- صحيفة المصدر ، صنعاء ، الثلاثاء 4/1/2011م العدد رقم (147) وثائق سرية تتبع وزارة الخارجية الأمريكية ، مصادر ملحقة رقم (21+ 22) 12 - د. ناصر محمد ناصر صحيفة الوسط صنعاء الأربعاء 1/12/2010م العدد (312) الصفحة الأخيرة . 13 - علي محسن الأحمر / صحيفة الثوري /صنعاء الخميس 21/3/2011م العدد (2141) ، ص 5 . 14- قادري أحمد حيدر كتاب "قراءات في العولمة والتأسلم السياسي" مصدر سابق ، ص92.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.