سيفكر الجميع بمزاحمتك، وسيسعى البعض لإزاحتك، والإحلال مكانك ،سيصبح مقعدك مطمعا للسيطرة والنفوذ، سيما لدى الباحثين عن مكان .. فقط حين يكون نصف مقعدك أو جزءا منه فارغا وشاغرا لأن بنيتك كانت هزيلة وجسمك نحيلا. فكيف إذا كان مقعدك اليمن وبنيتك الجيش وجسمك السلطة !! إن غياب الدولة وضعف حضورها ،يفتح الشهية لدى جياع التسلط ، وعطشى التسيد في التوسع والسيطرة ذلك أن باتساع رقعة العبث تزداد مساحة العنف لتكبر معها جغرافيا الموت . وهكذا تبدو العلاقة طردية فمتى خفت سوط الدولة .. ارتفع صوت الصرخة، مخلفا وراءه خرابا أخلاقياً ودمارا اجتماعياً هائلا!! وما كان لجغرافيا الموت أن تكبر هكذا ولا لمساحة الصرخة أن تتسع على هذا النحو لولاء شركاء الوفاق وزملاء الحوار الذين ذابوا في الشعار وانصهروا في الصرخة انتقاما من الشعب ونكاية بالثورة السلمية التي تسامحت معهم درجة العفو وتصالحت مع جرائمهم حد التنازل . إن التحالف مع الموت سينهي الرصيد النضالي للمؤتمر وسيقضي على ما تبقى له من وطنية . أما الدولة فلا يمكن تفسير صمتها حيال ما يحدث من اقتتال ونزيف هنا وهناك على أنه بهلوة وحذلقة سياسية تهدف إلى إضعاف وإنهاك القوى المتصارعة في البلد سيما لو انتقل الصراع الى صنعاء . وأي حديث لها عن الحياد في هذا الوقت يعد هروبا من المسؤولية وتنصلا عن الواجب الوطني بل لم يبق هناك مجالا للوقوف على مساحة واحدة ولا مبرر لإمساك العصا من الوسط ذلك أنها باتت هي الهدف من الصراع الدائر أدركت ذلك أم لم تدركه!! إن الهدف من تصدير الصراع وتحويل المعركة إلى العاصمة هو الانقضاض على حكومة( الرجل العجوز ) إن جاز التعبير واستدعاء الأزمة المؤجلة بفعل المسكنات والحلول المهدئة والعودة باليمن إلى ما قبل ثورة فبراير ما يعني تفجير الوضع عسكريا وادخال البلاد في حرب استنزاف طائفية يصبح القتل فيها عبر الهوية المأدلجة . لقد أصبح أمام القوى الصادقة والمخلصة فرصة أخيرة لإظهار موقفها من كل هذا العبث والسعي لإنقاذ الكيان الوطني الذي تتهدده الكثير من المخاطر وتدارك النسيج المجتمعي الذي يتعرض لمحاولات تمزيق واسعة وفي المقدمة من تلك القوى الوطنية حزب المؤتمر الذي لازال يحتضن الكثير من العقلاء والوطنيين . أما الشعب فلا أعتقد أنه وإن بدا مرهقاً بمعاناته ومثقلاً بهمومه سيمكن هؤلاء المراهقين من العبث بمصيره والقضاء على مكتسباته واغتيال أحلامه وفي المقدمة منه شباب الثورة الذين ما كان لهم أن يثوروا على طاغية ليأتوا بأخر أشد طغيانا وأعظم قبحا وأكثر تخلفا !!