أحداث جديدة وأفعال متقطعة هي بمثابة إرهاصات اندلاع ثورة شعبية جديدة في فلسطين في وجه العدو الإسرائيلي وهذا يبشر بانتفاضة ثالثة ستنطلق من داخل أراضي 48 لمقاومة الاحتلال وإلغاء مشروعه القائم على حل الدولتين وما تجري حالياً من عمليات تفاوض وحراكات متعددة بفلسطين هي عبارة عن خيارات لها أبعادها الخاصة ولكل خيار رؤية خاصة وبالتالي فإن خيار أبو مازن المتبع طيلة السنوات السابقة القائم على التطبيع مع الكيان الصهيوني والذي يواصل ماراثون اتفاق أوسلو الذي ضر بالقضية الفلسطينية ولم يحقق لها شيء حتى اللحظة وبالتالي فنهاية هذا الخيار المطروح هو الفشل والوصول إلى طريق مسدود ، وعلى الجانب الآخر هناك خيار المقاومة المسلحة على غرار ما حدث في الأشهر الماضية الذي فعلته فصائل المقاومة ومن ضمنها حركتي " حماس والجهاد " والتي استطاعت تحقيق بعض المكاسب العسكرية لكنها لم تستثمر ذلك في تحقيق الانتصار السياسي بسبب التواطؤ العربي وعدم تقديم موقف ايجابي لمناصرة فصائل المقاومة في القاهرة وكذلك بسبب التأمر الغربي والأمريكي . من هنا يبدو أنما يحصل في القدس هو ولوج إلى خيار ثالث تحت عنوان حماية بيت المقدس، عبر انتفاضة شعبية نقطة انطلاقتها هذه المرة أراضي 48 وعناصرها فلسطينيين 48 تهدف إلى استعادة الأراضي المنهوبة وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على كافة الأراضي الفلسطينية ، وبالتالي فإن هذه الانتفاضة الشعبية ستهدف بدرجة رئيسية إلى حماية بيت المقدس من الأخطار المحدقة بها من قبل قوات الكيان الصهيوني . وعليه فإن العودة من جديد لسجل التفاوض وخيار الدولتين حلول مقترحة من قبل الغرب تدقدق بها مشاعر العرب بأنهم رعاة سلام وحرية بينما المتمعن جيداً في حقيقة ما يحدث يرى بأن ما وراء الاعتراف بالدولة الفلسطينية ثمة شيء يخدم إسرائيل باعتبار إعلان قيام فلسطين بدون الأراضي المغتصبة من قبل الكيان الصهيوني هو بمثابة الاعتراف بالدولة الإسرائيلية وبالتالي بيع القضية الفلسطينية وتحقيق المصالح والأهداف الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة من خلال المتاجرة بالدم الفلسطيني والأراضي العربية المحتلة من قبل إسرائيل ، وغم الطموح والحلم العربي بإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف إلا أن المفاوضات والأخبار الأخيرة إيجابية من حيث المبدأ لكنها للأسف تحمل في طياتها الكثير من النتائج الكارثية بحق الشعب الفلسطيني وقضية العرب المركزية فلسطين ، كون الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة يتضمن الاعتراف بإسرائيل أي حل الدولتين وهذا يلغي مطالب العرب وحق العودة للفلسطينيين واستعادة الأراضي المنهوبة . إعلان قيام الدولة الفلسطينية وفق الطريقة الحالية بحل الدولتين يعتبر ضربة قوية للمقاومة الفلسطينية مما يؤدي إلى إفقادها لدورها المحوري والرئيسي في الدفاع عن القضية الفلسطينية والمقدسات الإسلامية مما سيسهل تفكيك صفوف المقاومة وإضعافها وهذا ما تحمل به إسرائيل منذ زمن ، كون المقاومة كانت هي السلاح الوحيد الذي تخشاه إسرائيل وبالتالي فحل الدولتين سيؤدي إلى إلغاء المشروع القومي والعروبي للمقاومة وتحويلها إلى مجرد جماعة عادية مقيدة وفي نهاية المطاف القضاء عليها واستهداف كوادرها ، وهذا سيجعل الوضع في نهاية المطاف بروز موجة كبيرة من الانشقاقات في صفوف فصائل المقاومة وهذا الخيار قد تقبل به بعض الجهات كحماس بينما سترفضه فصائل أخرى كالجهاد الإسلامي وانشقاق فصائل المقاومة يعتبر بحد ذاته انتصار كبير لإسرائيل وللكل القوى المحاربة للمقاومة في المنطقة . ما يحدث اليوم في رفع هو استمرار لمخطط الخيانة والمتاجرة بالقضية الفلسطينية ودماء الشهداء واستهداف لمشروع المقاومة من خلال محاصرتها وإظهارها بأنها العقبة أمام تحقيق التصالح بين الدولتين وهذا ما يتبناه البعض في رفح وبتأييد من بعض الحكام العرب الذين تعودوا على الخيانة العظمى للأمتين العربية والإسلامية . كل هم النجاح في الانتخابات المبكرة التي باتت ملامحها تلوح في الأفق، وهو لتحقيق ذلك مضطر إلى المزيد من التطرف لسحب السجادة من الأحزاب الصهيونية الأكثر تشدداً إن التطور في التطرف اللافت من قبل الكيان الصهيوني بزعامة نتنياهو هو في سبيل تحقيق النجاح في الانتخابات الإسرائيلية وسحب البساط من الأحزاب الصهيونية الأكثر تشدداً وبالتالي فإن الاعتراف بالدولة الفلسطينية في نهاية الأمر هو لمصلحة التيارات الإسرائيلية المتطرفة التي تسعى في مخططها الاستعماري إلى تهويد وتدنيس المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية باعتبار ذلك أمر عادي بالنسبة للصهاينة وهذا ما تفسره الاقتحامات المتتالية للمسجد الأقصى ، وهو ما لا يجب على الأمتين العربية والإسلامية أن تسمح به ( أي تحويل التدنيس والتهويد للأقصى إلى أمر اعتيادي ) . ساعد الوضع القائم الذي يعيشه العالم الإسلامي اليوم بسبب انشغاله بعدد كبير من المشكلات من العراق إلى سوريا واليمن وليبيا وغيرها من الدول مما جعل العرب يتناسون قضيتهم المركزية القدس وبالتالي فإن هذه هي الفرصة التي انتظرها الغرب وإسرائيل كون الوضع بات مثالياً بالنسبة لإسرائيل والحركات الصهيونية لتحقيق أهدافها في فلسطين وطي قضية العرب الأولى من الذاكرة .