من أي محافظة أنت؟ بهذا السؤال يجعلك الفضول تسأل لتنعم بإجابة من شخص بصوت مدني جميل وبهدوء يرد سؤالك يقول: من تعز بتضخيم العين وكأنه ينطقها عين وغين في وقت واحد, وهنا ستدرك أنك أمام شخص مدني قادم من تعز الحالمة، تعز التي أبهرتنا بحبها للحياة والفن. وحتماً أنك بعد هذه الإجابة ستكون أمام شخص يحمل فكر مستنير بالعلم وستعلم أنه قدم إلى محافظتك يحمل فكر يُقدم من خلاله خدمة للمجتمع، كما أنك ستجده إنسان بسيط التعامل مرح القلب, لا على كتفه بندقية ولا على خاصرته "جنبيه" ولا في جانبه مسدس, فقط ستجده يحمل ملابسهُ وأدوات المهنة التي يزاولها وقد وضعها بداخل كيس بسيط ليشعرك أنه للعمل جاد، وهنا ستشعر بالأمان لأنك أمام شخص مدني قادر على أن يفهمك وتفهمه, ولمجرد اختبارك لقدرته سرعان ما يبادرك بنكتة لطيفة لذلك الاختبار, كيف لا يكون بسيطاً وقلب لين وهو قادم من مدينة غرست فيه روح الحب والمرح والتعامل الراقي. هكذا هي تعز عودتنا برجالها كباراً وصغارا,ً لم تكن يوماً البندقية جزء من مكونات شخصية أبناؤها, ليس هذا لأنهم غير قادرين على التعامل معه بل لأنهم اختاروا الكتاب والقلم وأدوات البناء والعمل رمزا لشخصيتهم الطامحة للبناء. فكفوفهم البيضاء امتدت بالبناء في كل مداميك خارطة ربوع وطننا من شرقه إلى غربه، ومن جنوبه إلى شماله بهمة وعزيمة ليشيدون وطناً بتلك الأيادي والعقل المستنير. فتعز مدينة لست عشق الإنسان المتحضر فقط بل تعشقها حمام السلام, لسبب أنها تجد في أسطح منازلها مسرحاً تتراقص عليه حين تسمع سمفونية السلام المتسللة من مجالسها الخالية غالبية منازلها من السلاح والمزينة أوتادها بملابس العمل والمضيئة رفوفها بالكتب. فتعز مدينة المشاقر لا مدينة البنادق, مدينة أستطاع سكانها أن يحولوها إلى مدرسة متكاملة زاخرة بالحيوية لتعلمنا دروس الحياة الجميلة, فهي مدينة تشعرك بأنها تفردت بين سائر مدن الجمهورية بالجد وتقبلها لكل أطياف المجتمع من خلال نشر مفهوم الثقافة والتسامح وحب الحياة ولهذا فتعز هي أم للجميع, فمستحيل لجيل تربي على ترابها أن يتخلى عنها طالما منحته الضوء لن يضل طريقه أبداً فهو يدرك جيداً أن القلم أقوى من البندقية، لك الله وأبنائك يا حالمة واعلمي أن القلم والكتاب الذي وضع على غلافه غصون مشاقر صبر سيكون شعارك للحب والسلام والتسامح وستكون ساحاتك ميادين للثقافة والمعرفة لا ساحات للحرب وستذهب البندقية للجحيم فأنت وجدت لتكوني للثقافة والمدنية عنوان لهذا الوطن المتخم بالوجع.