باستثناء من أجرموا بحق الجنوب في عام 1994م ممن بيتوا النيّة لإلحاق الجنوب بالشمال من خلال إعمال القوة محل اتفاق الوحدة، ما من أحد خارج إطار منظومة الإجرام تلك من أبناء هذا البلد إلا وتعاطف مع إخوانه في الجنوب إزاء ظلم حلّ بهم، لاسيما الظلم الذي ترتب على نتائج تلك الحرب القذرة والمتمثلة بالإقصاء، ونهب الممتلكات العامة والخاصة، وتقاسم الثروات بين أمراء الحرب، ومصادرة الحق السياسي في تمثيل الجنوب. ما كان يحلم به الأخوة في الجنوب في ضوء حراك الشارع الجنوبي عام 2007م هو توقف النظام في الشمال عن مثل هذه الممارسات المجحفة والعودة إلى مربع ما قبل الحرب فيما يتعلق بحقوق الجنوبيين المكتسبة، إذ لم يكن مطالب الحراك – حينها- سياسية بقدر ما كانت حقوقية بامتياز. ظل الشارع في الجنوب يطالب- سلمياً- بحقوقه المصادرة حتى ثورة فبراير 2011م، هذه الثورة الشعبية العارمة التي اجتاحت كل مدن وساحات الوطن مطالبة برحيل صالح ونظامه الفاسد، مثلت بارقة أمل للأخوة الجنوبيين في إمكانية استعادة حقوقهم واستعادة مكانتهم في الخارطة السياسية، حيث كان أكبر انجاز لاح للأخوة في الجنوب، هو ذلك الذي تحقق من خلال نتائج مؤتمر الحوار الوطني. لقد حصد الأخوة في الجنوب من خلال هذا المؤتمر نقاطاً ومكتسبات ما كان لهم أن يحققوها فيما لو اختطوا طريقاً آخر غير طريق هذا الحوار... لو خاضوا حروباً لعقود من الزمن أو رابطوا في شوارع الجنوب وساحاته لعقود أخرى أملاً في الحصول على مبتغاهم لما تحقق لهم شيء مما حققوه في مؤتمر ذلك الحوار. ما يجري في الجنوب اليوم من رفض البعض لمخرجات الحوار هو جنون ما بعده جنون، فإلى جانب ما تضمنته المخرجات من إنصاف للقضية الجنوبية... نجد أن من يهيمن على القرار السياسي والعسكري والأمني والمالي في الدولة هم جنوبيون، فالرئيس هادي جنوبي ورئيس وزرائه جنوبي، ووزير دفاعه جنوبي ووزير داخليته جنوبي، و محافظ البنك المركزي جنوبي، وسفراء اليمن لدى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن جنوبيون، وكل من يديروا المحافظات الجنوبية من محافظين ووكلاء ومدراء أمن ومدراء عموم كلهم جنوبيين. إزاء مشهد كهذا، السؤال الذي يطرح نفسه هو: أين هو الغُبن أو المظلمة التي تدفع البعض في الجنوب اليوم إلى البحث عن إنصاف؟! ثم أي إنصاف هذا الذي ثمنه بتر الوطن من نصفه والعودة بالجميع في الشمال والجنوب إلى التمترس على تماس التشطير من جديد وإلى الاحتراب الذي كنا في الماضي نوظفه – زعما- في تحقيق الوحدة، بيمنا سنخجل اليوم وسيدفن كل منّا رأسه في الرمل إذا ما ادعى أحدنا أنه احتراب من اجل الإنفصال؟!. جنون ما بعده جنون إذا ما مضى بعضنا في هذا الهوس وفي هذا الطريق المحفوف بكل المخاطر سيما وأن تماس الإحتراب في الماضي هو ذاته اليوم الذي يتمترس فيه الاخوة الاعداء، وبعناوين جديدة الأخطر فيه هذه المرة هو في تعدد القوى الخارجية المتربصة بالوطن شماله وجنوبه على السواء. [email protected] .... لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet