أثار تقرير منسوب لوزارة الأوقاف اليمنية بشأن مدارس الزيدية جدلا واسعا ومخاوف مما اعتبرتها أوساط سياسية "فتنة طائفية" في حال إغلاق مدارس تعليم "الفقه الزيدي". واتهمت تلك الأوساط الوزارة ب"تنمية الصراعات والنزاعات الطائفية والمذهبية التي تتقاطع مع المشروع الصهيوني الرامي إلى تعزيز هذه النزاعات داخل المجتمعات العربية والإسلامية". وتوقع الأمين العام لاتحاد القوى الشعبية الدكتور محمد عبد الملك المتوكل إثارة صراع طائفي "ستكتوي بناره الدولة والأجهزة الأمنية والوطن بأكمله", موضحا أن المستفيد الأول من هذه الخطوة "هو المشروع الصهيوني وأعداء اليمن". تنوع مذهبي وتعليقا على ذلك اتهم رئيس تحرير أسبوعية صوت الشورى عبد الله صبري ما سماه التيار المتشدد بوزارة الأوقاف "بمحاربة المذهب الزيدي وتصفيته من اليمن", مطالبا الحكومة بالحفاظ على التنوع المذهبي من خلال حماية المدارس الزيدية. وانتقد صبري تقريرا صدر عن الأوقاف بهذا الصدد, وقال إن توصيفاته غلب عليها "الطابع الأمني". وقال للجزيرة نت إن الانسياق وراء التقرير قد يؤدي لإشعال فتنة طائفية خطيرة في أي لحظة. ونفى وجود المذهب الاثني عشري باليمن, قائلا إن أتباعه لا يتجاوزن أصابع اليد الواحدة, لكنه قال إن الحرية الدينية مكفولة في الإسلام ومتاحة في إطار حقوق الإنسان. ويعتقد صبري أن المسألة المذهبية تتطلب حوارا اجتماعيا يتناول قضية القبول بالآخر ويعزز قيم التسامح والتعدد المذهبي وينبذ التطرف والغلو. تقرير الأوقاف وكانت "صوت الشورى" قد تحدثت عن تقرير لوزارة الأوقاف والإرشاد يطالب بإغلاق كافة المدارس والمراكز التعليمية التابعة للزيدية بتهمة أنها "شيعية وتدعو إلى الإمامة والنظام الملكي السابق". ووفقا للأسبوعية, يوصي التقرير بإغلاق مراكز الجامع الكبير وبدر والبليلي والزهراء والأبهر والحسين بن علي والإمام زيد والفليحي, فضلا عن إغلاق بضعة مراكز "إخوانية إصلاحية" وثلاثة مراكز "سلفية" صغيرة, وذلك بتهمة "الدعوة للإمامة والاثني عشري والتبعية لإيران وتلقي تمويل خارجي والعمل ضد النظام الجمهوري". وأشارت الصحيفة الأسبوعية إلى أن التقرير أثنى بالمجمل على كبار مراكز ومدارس السلفيين، مبررا ذلك بأن القائمين عليها "يحثون على طاعة ولي الأمر". وحذرت الصحيفة من مغبة إغلاق مركز الجامع الكبير بصنعاء الذي قال عنه التقرير إنه "المركز الأم لتدريس منهج الاثني عشري والتحريض على النظام الجمهوري وتزوير الأحداث التاريخية وتشويه الصحابة وأمهات المؤمنين". واعتبر الناطق الرسمي السابق لأحزاب اللقاء المشترك المعارضة نايف القانص أن إغلاق المراكز الزيدية نبش لفتن مندثرة من الأساس وربما تقود إلى نزاعات طائفية. وقال القانص للجزيرة نت إن استبعاد مراكز قائمة منذ مئات السنين يعكس توجه السلطة إلى الدفع بالمجتمع نحو العنف والخلافات المذهبية التي دأبت -حسب رأيه– مؤخرا على تغذية هذه الثقافة، فبدأت بتشجيع المراكز السلفية كخطوة أولى ثم أتبعتها بالتفكير في تصفية المدارس الزيدية بهدف تأجيج الصراع بين الطرفين. الموقف الرسمي في المقابل, نفى وزير الأوقاف والإرشاد القاضي حمود الهتار وجود أي توجه لدى الوزارة بإغلاق أي من المراكز أو المدارس الدينية. وبيّن الهتار للجزيرة نت أن توجه الوزارة منصب على إعادة تنظيم تلك المراكز من خلال مراجعة وإقرار مناهجها من قبل المجلس الأعلى للأوقاف والإرشاد، والإشراف عليها وعلى القائمين بإدارتها، وتقويم منتسبيها بما يجسد الوسطية والاعتدال وينبذ التطرف والعصبية والحزبية والقبلية والمناطقية. ولفت المسؤول الحكومي إلى أن بقاء أي مدرسة أو مركز خارج إطار الدستور والقانون أمر غير مقبول من الجميع. ودعا الجمعيات والهيئات الراغبة في إقامة مراكز صيفية بالمساجد للحصول على تراخيص مسبقة والالتزام بمناهج وزارة الأوقاف المعتمدة وتمكين مشرفيها من تسيير أعمالها بما يكفل ترسيخ الوسطية والاعتدال.