الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    الحوثيون يصادرون لقمة العيش من أفواه الباعة المتجولين في معقل الجماعة    شاهد الصور الأولية من الانفجارات التي هزت مارب.. هجوم بصواريخ باليستية وطيران مسير    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    قرار مصر "الخطير جدا" يثير فزع "نتنياهو" ووزيره المتطرف يقول: حان وقت الانهيار    "أهل اليمن مايروحون للشّامي والشّام مايقبلون اليمانيه"..شاعر يمني الأصل يثير الجدل بشيلة في منصيتي تيك توك وانستقرام (فيديو)    شاهد: نجم الاتحاد السعودي "محمد نور"يثير اعجاب رواد مواقع التواصل بإجادته للرقص اليمني    بدء الثورة ضد الحوثيين...شجاعة أهالي إب تُفشل مخطط نهب حوثي    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    تاليسكا سيغيب عن نهائي كأس خادم الحرمين    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    انهيار جنوني .. لريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى منذ سنوات وقفزة خيالية للدولار والريال السعودي    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الذكرى الأولى لإحراق ساحة الحرية: تعز.. ثورة مستمرة ومحرقة لا تنسى
نشر في الوحدوي يوم 31 - 05 - 2012

شهدت تعز هذا الأسبوع ايام وليالي متغيرة الالوان والاشكال .. هذه المدينة التي اشعلت فتيل الثورة الشعبية تستعد هذه الايام لا حياء الذكرى السنوية الاولى لمحرقة ساحة الحرية بتعز.
تعز الثورة ترتدي ثوب الوفاء وهي تعلن للعالم اليوم عدم نسيان جريمة المحرقة البشعة التي نفذها نظام المخلوع صالح بحق المعتصمين سلميا العام الفائت.
المدينة ستشهد خلال هذا الاسبوع العديد من الفعاليات والمهرجانات الاحتفالية ،وحسب اللجنة الإعلامية المنظمة لإحياء ذكرى المحرقة، فإن المدينة ستشهد العديد من الأعمال الفنية المعبرة تم التجهيز لها، حيث سيتم الاحتفال بهذه الذكرى لمدة سبعة ايام متواصلة.
المجلسين الاهلي و الثوري بتعز دعيا كافة المكونات الثورية من شباب وشيوخ ونساء وكافة ابناء تعز التواجد والاحتشاد ابتداء من اليوم الثلاثاء ولمدة سبعة ايام لإحياء ذكرى محرقة الحقد الأسود ( محرقة ساحة الحرية ) .
هناك برنامج احتفائي كبير وفعاليات متعددة توجه رسالة للعالم بأن أبناء الشعب لن ينسوا تلك الجريمة البشعة ، وستبقى قضية المطالبة بمحاكمة مرتكبيها مطلب جماهير لن يسقط بالتقادم.
مساء اليوم ستنطلق مسيرة ليلية بالشموع من امام مديرة القاهرة الى الساحة كما هو مقرر، يلي ذلك إعادة تمثيل المحرقة بكل تفاصيلها في تمثيلية واقعية قد تم الاعداد والتجهيز لها مسبقاً في عمل درامي معبر.
تحرص اللجنة المنظمة للحفل على تنظيم مهرجان كرنفالي كبير غدا الاربعاء كتعبير عن العرفان والوفاء لشهداء المحرقة يليه اقوى مسيرة شهدتها الجمهورية اليمنية وذلك للمطالبة بتسليم القتلة والمجرمين المشاركين في جريمة هولوكوست تعز .
وحسب اللجنة المنظمة فانه سيتم وضع حجر الاساس لبناء نصب تذكاري كبير يجسد ثورة الشباب الشعبية السلمية والتي انطلقت شرارتها الاولى من تعز.
وتأتي هذه الفعالية بعد مرور عام على إحراق " ساحة الحرية" بتعز في 29من مايو والتي راح ضحيتها 11شهيداً واكثر من 120جريح معظمهم اصابتهم خطرة حسب مصادر حقوقية حيث قامت قوات النظام بارتكاب مجزرة بحق شباب الثورة.
للمحرقة حكايتها
بدأت الحكاية باعتقال قوات الأمن لمجموعة من الشباب صباح يوم المحرقة ، فخرج جموع من الشباب إلى أمام مديرية (القاهرة) المجاورة للساحة للمطالبة بالإفراج عن اخوانهم المعتقلين فوجهوا بمسلسل من العنف الدامي .
كان المشهد منذر بمزيد من العنف ، وكان سطح مبنى المديرية ممتلئ بالكثير من جنود الأمن وأضعافهم من (البلاطجة) المأجورين ، الذين باشروا بإطلاق الرصاص الحي على الشباب العُزل.
كانت البداية بقيادة مدير أمن مديرية القاهرة وهو أحد (المشاركين ) في مجزرة تعز ويدعى أحمد عبده سيف الذي كان يطلق النار شخصياً وشوهد أكثر من مرة حسب شهود عيان ، لتخلف الجريمة الكثير من الاصابات المباشرة في صدور الشباب السلميين.
الساعة تشير إلى السادسة مساء من يوم الاحد نهاية شهر مايو للعام الماضي لتبدأ محاولات اقتحام الساحة بكل الآليات والمعدات العسكرية، ليقابل مشهد الموت بصمود لا فت لشباب الثورة الذين واجهوا قوات (الخوف) وبلاطجة الصالح بإرادة صلبة.
عزيمة الشباب جعلت مدمني القتل يلجؤون إلى قوة السلاح ، فأنهمر الرصاص الحي على الشباب وصدورهم العارية من كل حدب وصوب بجميع أنواع الأسلحة بمختلف بمسمياتها ، فتوالت الساعات وتكاثر مقدار القوة المستخدمة ، وتقاطرت قنابل الغاز والقنابل السامة بكثافة إلى المدخل الشرقي للساحة ، حينها كان الوضع ينذر بكارثة قادمة!.
كان المشهد اسطوري بين شباب سلاحه هتافات ثورية كانت ترعب القتلة وتهز قصور المرتجفين في صنعاء، وبين قتلة جبناء يختفون وراء الزناد وآلالت الموت
هدوءٌ يسبق سهام الجريمة
بعد تواصل محاولات الأمن والبلاطجة لاقتحام الساحة مقابل الصمود الأسطوري الذي أبداه الشباب خاصة بعد استمرار المواجهات حتى ساعات متأخرة من الليل فشلت خلالها قوات العائلة في التقدم مسافة قصيرة تمتد بين مدخل الساحة جوار بنك التسليف الزراعي ومستشفى الصفوة ،وهي مسافة لا تتجاوز (150) متراً.
الساعة 11 والنصف هدوءاً نسبياً حيث تراجعت قوات الأمن إلى الخلف عدة خطوات وأوهمت الشباب أنها ستعود من حيث أتت ، حتى لا يخرج الشباب عن إطار الساحة ، وفعلاً اقترب الشباب من رجال الأمن وبدوا بالكلام معهم ، وأوهمهم بلاطجة المجرم المخلوع –أنهم يريدون الخير للوطن وأنهم مناصرون للثورة السلمية وغير ذلك من الكلام المعسول ، وكل ذلك لم يكن في الحقيقة إلا انتظاراً لمدد عصابة حكم المخلوع صالح الذي قاده (عبدالله قيران) مدير أمن تعز السابق ، وعندما وصلت ادوات الجريمة وأذنابها بقيادة مثلث الشر والدمار العوبلي وضبعان وجبران ،وكذا قوات اللواء (33) حرس جمهوري والذي جاء بكل سلاحه إضافة إلى كميات من المادة المشتعلة كانت معدة لعملية إحراق الساحة بمن فيها .
وشاركت قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي والشرطة العسكرية والأمن العام في تنفيذ هذه الجريمة ، وبعد فترة هدوء امتدت لقرابة نصف ساعة وصلت الإمدادت ، نقض (السفاحون اغبيا المخلوع ) عهدهم مع الشباب العزل ، وفي صورة وحشية لن تفارق مخيلة كل شاب ورجل شهد مسلسل العنف الأكبر الذي لم يسبق له مثيل !.
(أمطار) الرصاص و(وسيول ) الدم:
بعد نقض قوات الأمن لوعودها بالانسحاب تقدمت تلك القوات بصورة همجية استعملت كل ما يخطر ببال المجرمين من آلات ومعدات الموت الوحشي ، فكانت أصوات الرصاص تصم الأذان ، و طلقات القتل تحول هدوء الليل إلى ضوضاء مفزعة ، اهتزت تعز كلها لقوة وكثافة إطلاق النار على الصدور العارية التي تساقطت وتسابقت على التصدي لمحاولة اقتحام ساحة حريتهم التي شعروا فيها أنهم أحرار بعد أن حاول النظام البائد التعامل معهم كعبيد لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن .
كانت الرصاصات تخترق القلوب وتُحرق الصدور ،و قوات الخوف تزيد منها وتطلقها بكثافة شديدة ،لتستمر المواجهات الى وقت متأخر من اليل نتج عنها اقتحام وإحراق ونهب كل محتويات هذا الوطن الصغير الذي ضم جميع ابناء الشعب من كل الفئات .
وستبقى هذه الليلة الصعيبة والطويلة بأهوالها وبشاعة قاتلي هدوءها ليلة خالدة مخلدة في ذاكرة اليمنيين والاجيال القادمة ولن يغفر التاريخ لمرتكبيها.
استيقظت تعز اليوم الثاني على فاجعة إحراق ساحة الحرية وإنتشار مكثف لرجال الامن والجيش في جميع احياء المدينة وفي أعينهم نظرات القتل والشر.. كانت قوات الامن تمنع أي تجمع لأكثر من ثلاثة اشخاص ،وساد الخوف والرعب كل سكان الثائرة تعز كما قام مجموعة من شباب الثورة التجمع في جولة وادي القاضي وشوارع اخرى محاولين استرجاع مدينتهم المسلوبة لكن دون جدوى .
كانت قوات أمن البلطجي صالح تلاحقهم وتمنعهم من التجمع واستمرت تعز طيلة ثلاثة ايام مكسورة الجناح لاتسطيع التحرك بسب كثافة وعنف الاجرام الممنهج ضد اهلها وثوارها .
وأكدت مصادر حقوقية في تعز عن استشهاد 11شهداء في يوم المحرقة واكثر من 120جريح معظمهم اصابات خطرة سببت لهم الاعاقة الى هذا اليوم .
أسماء شهداء المحرقة:
مهما تحدثنا عن محرقة ساحة الحرية فلن نستطيع وصف أهوالها وتفاصيل عنفها الوحشي، وهنا سنترككم مع عدد من شهود العيان الذين عاشوا اجواء الرعب وشاهدوا تفاصيل الإجرام .
تحكي الناشطة الحقوقية -المحامية معين العبيدي تفاصيل من المحرقة قائلة: إن يوم 29مايو 2011م ، وتحديداً بعد الساعة الرابعة مساء تجمع الشباب المعتصمين في المدخل الشرقي لساحة الحرية وهو المدخل المحدد لمبنى ادارة أمن مديريه القاهرة ،وقبل ان يبدوا بالتحرك الى امام المبنى للاحتجاج على اعتقال زملائهم في ادارة امن المديرية فوجئوا بوابل من الرصاص ينهال عليهم من امام وفوق مبنى المديرية وكذا من احد السيارات التي كانت تحمل مجموعة من البلطجية المسلحين بالقرب من إدارة الأمن.
وتضيف معين أنه عند الساعة السادسة مساء توجهت مع بعض زملائها من المحامين بعد ان سمعت بما حصل الى مستشفى الصفوة والمستشفى الميداني لعمل حصر للضحايا.
تقول العبيدي أنها تفاجأت بالدماء تملا ارضيه المستشفى والمصابين في كل مكان اصاباتهم برصاص حي في انحاء متفرقه واغلبها في الاجزاء العليا من اجسادهم .
وأضافت العبيدي : فور وصولنا كان هناك ثلاثة من الشباب قد استشهدوا احدهم لفظ انفاسه امام عيوننا ،كانت اصابته طلقه ناريه في الرقبة ، وشاب اخر لفظ انفاسه في غرفه العمليات اثناء محاولة الاطباء انقاذه بعد اصابته بطلقه ناريه في الرقبة ، فيما توفى رجل في الخمسينات من العمر باثر طلقة ناريه اصابته في الفخذ وكان مجهول الهوية لم يعرفه احد .
وحسب العبيدي فأن مستشفى الصفوة امتلئ بالجرحى و كانت الحالات في تزايد مستمر فاقت الطاقة الاستيعابية للمستشفى ،ما حدى بإدارة المستشفى إحالة الحالات الجديدة الى مستشفى الروضة ومستشفى اليمن الدولي .
ولم يختلف حال المستشفى الميداني عن مستشفى الصفوة فكان هو ايظا مليئ بالمصابين والجرحى.
وواصلت : استمر اطلاق الرصاص على الشباب وتم تعزيز القوات الأمنية في مدخل الساحة الشرقي وكان يتم رش الشباب بمياه البلاليع و الغازات السامه الى داخل الساحة لدرجة انتقال الغازات السامة الى مستشفى الصفوة وهو مليء بالجرحى ، غرفه عمليات المستشفى لم تتوقف طوال الليل ، فيما التعزيزات الامنية تتوافد الى امام مديرة القاهرة لمواصلة ارتكاب جريمتهم البشعة.
واردفت العبيدي: حاولنا التواصل من داخل مستشفى الصفوة مع رئيس نيابة استئناف محافظه تعز لإبلاغه بما يحدث للشباب وطلبنا منه اتخاذ الاجراءات القانونية لإيقاف الاعتداء والانتهاك للشباب المعتصم ، وتلقينا وعودا باخطار ادارة الامن والمحافظة ، والنيابة العامة هي الجهة المختصة قانوناً في التحقيق بهذه الانتهاكات وفقا للدستور والقانون ، والجهات الأمنية ماهي إلا منفذه لتوجيهات النيابة العامة ،ولكن يبدوا ان الامور لم تسر على هذا الاساس فلم تستطع النيابة عمل شيء واستمر اطلاق الرصاص على الساحة من مدخلها الشرقي والشباب يردون على الرصاص بالحجارة وبالهتاف بأنها سلميه والتكبير.
وبنبرة حزينة افادت العبيدي أن اجرام بلاطجة المخلوع استمر حتى الواحدة بعد منتصف الليل ووصلت القوات الأمنية الى امام مستشفى الصفوة وبسبب الارهاق الذي اصابني إثر استنشاقي الغازات السامه اضطررت إلى المغادرة ، وبعدها بقيت على تواصل دائم مع مع زملائي المتواجدين في المستشفى ، وفي الصباح تفاجأت بأن الساحة وخيمها نهبت على ايادي عصابة الاجرام التي احرقت كل شي جميل فيها .
جمال محمد يحي احد شباب الثورة في ساحة التغير بصنعاء كان موجوداً هو الاخر في ساحة الحرية في تلك الليلة الدامية تحدث إلينا قائلا :
في يوم الاحد 29 – 5 – 2011.لم يتعد وجودي ستة ايام في تعز وفي عصر نفس اليوم سمعت نداء جاء من منصة ساحة الحرية للخروج بمسيرة حاشدة الى مبنى مديرية أمن القاهرة المجاور للساحة للمطالبة بالا افراج عن المعتقلين لدى إدارة الامن وما أن خرجنا كان بصحبتي الشهيد سليم ألصبري رحمة الله علية وكنا في وسط المسيرة حينها سمعنا صوت مرعب وحاقد لرصاص القلته ولم تمر سوى ثواني لتتعالى أصوات التكبير والهتافات الثورية، واتجهت المسيرة كموجة " تسونامي " بتجاه تلك الأصوات التي لم تعد تخاف الثوار حتى وصلنا إلي أمام مبنى المديرية ورأيناهم متمركزين كالجرذان في متارس الخوف يوجهون فواهات بنادقهم الغادرة الى صدور الشباب بطريقة وحشية.
ويضيف جمال :وصل بعض الشباب إلى باب المديرية وقاموا بنزع صور " ذاك القبيح عفأش " خلال تلك الفترة سقط الكثير من الجرحى والشهداء ومازال الحال كما هوى عليه .. نرشقهم بالحجارة فيردون بأصوات الخوف ورصاصات الجبن وما أن مر الوقت حتى وصلتهم التعزيزات من قوات الأمن المركزي ومكافحة الشغب الذين أتو وراء مرشات المياه يطلقون تلك القنابل المنبعثة منها تلك الغازات السامه الدالة على نية الشر والسم الذي كانوا يحملونه لابادة ثوار تعز ضنا منهم أننا سنتراجع وما أن تقدموا حتى أفزعتهم صرخاتنا وهتافاتنا الثورية التي كانت تنزل عليهم كالصواعق.
وحسب جمال فأن القتلة لم يستطيعوا اخفاء رعبهم وخوفهم ، فتمترسوا وراء سيل كثيف من النيران والقنابل المسيلة للدموع ومرشات المياه على جموع الثوار وبقى الحال كذالك حتى اذان المغرب فاتنظمنا لأدا الصلاة ( قبل الحاجز الحجري الذي كان يعتبر باب الساحة) .
بدأنا بالصلاة ورائحة الغازات تملى المكان وبالرغم من ذألك واصلنا الصلاة في الوقت الذي لم تتوقف فيه تلك القوات من رمي القنابل الغازية ،ما اضطر بعض الشباب لقطع الصلاة ليقوموا بالتقاط القنابل وردها بتجاه العسكر وما ان اتممنا الصلاة حتى اعتلت الهتافات من جديد لتزرع في قلوبهم الخوف.
ويواصل جمال روايته لتفاصيل تلك الجريمة قائلا: "استمرت المواجهات وكذا اطلاق الغازات السامه بكثافة لم استطيع الصمود اكثر لاسقط على الارض مغشيا علي ولم اشعر بنفسي الى وانا داخل المستشفى الميداني ، وعرفت أن صديقي الشهيد سليم هو من اسعفني الى المستشفى، وهو من أول من رايته بجواري عند عودة الوعي إلي، وعندما تطمني علي تركني متجها لمساندة زملائه الثوار وقال لي " ارتاح شوية والحق بنا".
يقول جمال أنه لم يستطيع النهوض حيث كانت اعصابه لاتزال متأثرة بالغاز،و بعدها بعشر دقائق استعاد طاقته وخرج من المستشفى متجها نحو المواجهات ليلتحق بصديقه، فتفاجأ بصديقه محمولا على اكتاف البعض الذين اخبروه انه اصيب بالغاز فيما واصل جمال طريقه لمساندة زملائه.
امسكت بيد صديقي سليم والسنة النيران تلتهم كل من يقف أمامها والجثث تتهاوى كما تتهاوي ناطحات السحاب حين يصدر أمر أزالتها وصرخات أستغاثه فاق دويها صوت الرصاص والقنابل .. بهذه العبارة لخص لنا جمال وصفه لهول المحرقة.
وفي تلك اللحظات يقول جمال أنه استحضر عديد من الصور الخيالية التي لطالما حاول اجتناب مشاهدتها في افلام الرعب لبشاعتها المفرطة لكنه أجبر أسفاً على مشاهدتها حقيقة بأمه عينيه (كرهاً لا طوعاً) والعديد من المآسي الخيالية.
يضيف "الحقيقة أننا في وقتها لم نكن في إحدى دور السينما لنشاهد أحد أفلام هوليود الخيالية ولم نكن أيضاً في عصر المانيا النازي لنشاهد هتلر يقوم بإحراق مليشيات يهودية.. وأيضاً لم نكن في روما لنشاهد نيرون يحرق روما وهو يتراقص عازفاً بل كنا في تعز اليمن.. تعز صانعة الرجال و مشعلة الثورات ."
وبنبرة حزينة يتحدث جمال عن فضاعة ماحدث قائلا: في ساحة الحرية شاهدت شباب يحترقون أحياء .. يتساقطون الواحد تلو الأخر وهم يحاولون جاهدين حماية وطنهم الصغير ساحة الحرية الذي لمسوا فيه حرية لطالما أفتقدوها في وطنهم الكبير.
هول ما حدث جعل جمال يصف المخطط والمشرف على الجريمة المدعو قيران قائلا:" عندما بدأ قيران وأتباعه رحلة البحث (( عن شاليط )) !! بدأوا بتدمير كل من يقف أمامهم باحثين عن شاليطهم المزعوم .. غير أبهين برؤوس تتطاير على السنة النيران الملتهبة كما تتطاير حبات الفشار .. أي جندي هذا يستحق إحراق الناس أحياءً !!"
بعدها امسك جمال بيد صديقه سليم مصرين ان لا يغادروا وطنهما الصغير الا شهداء لكن اصوات الرصاص المخيفة والمرعبة كانت اقوى من اصرارهم.
يواصل جمال : بعد صلاة الفجر كانت الساحة قد احترقت واضطررنا الى الخروج لكن الى اين؟ فمداخل الساحة محاطة بأشباح الموت ووجوه القتل الفاغرة التي تنتظر كل من ينجو من لهب النيران .
وقفنا حائرين نبحث عن مخرج فإذا بأحد شباب الثورة المجاور للساحة ذي يزن السوائي - والذي كان يعرفه صديقي سليم ابعدنا عن اعين اشباح الموت واخذنا الى منزله .
إذا ماذا عسانا أن نصنع سوى تقديم اعتذار لكل طغاة عصرنا ونقول
عذراً هتلر !!! لم تكن الأشد إجراماً فهناك من هو أشد منكً فتك ووحشية فأنت لم تحرق أبناء وطنك وعشيرتك كما فعل .. وسحقاً نيرون لم تكن أشد إجراماً وانت تتراقص وتعزف على ناصية روما وهي تحترق فهناك من هو أشد منك عشقاً لدماء فأنت لم تكن مسلماً وعلى علم بحرمة دم المسلم كما يعلم.
المهندس رشاد سيف
لنتذكر ونحن في الذكري الأولى للمحرقة والتي مازال أثارها في النفوس مشتعلة حتى اليوم. وقد عبرت تلك الجريمة عن طبيعة قبح وبشاعة الأيدي المخططة والمنفذة.
ولاشك أن عمليه الاقتحام لم تكن في تخطيطها وتنفيذها موجهة ضد الشباب الثائر وجماهير الشعب المتواجدين في الساحة وإنما كان توجيهها مصوب الى كل المبادي العظيمة التي عبرت عنها الثورة وبهذا الإدراك لم يستطع الحقد الدموي والظلمة القاتمة ليلتها إن تترك الشباب يتعثرون وينهارون, ولأكن الشباب استطاعوا تبديد الظلمة وفي وقت قصير وقف التاريخ طويلا أمام ذلك الدور البطولي العظيم للشباب الثائر الذي راح يسطر علاقته بالثورة بالدم والدموع وانتزع أشعه الضوء المنيرة لطريق أملة واستمرت الساحة في قبضه الثوار رمزا لقوة الفعل الثوري.
وما يتصل بذكريات تلك الليلة باسترجاع سريع كنت في الساحة يومها من الرابعة عصراً كانت الأجواء في ذلك اليوم مختلفة وكلما اقتربت الشمس من مغيبها كان الوضع يتأزم أكثر وتزداد استفزازات العسكر المتواجدين بكثافة والمتنوعين بزيهم العسكري من جهة مديرية القاهرة
وكان مع مرور الوقت يتأكد الاقتحام وقراره ربما اتخذ.. وهذا مكاشفته بعد ذلك تاريخ الوثائق المتصلة بالاقتحام
أصبت بالاختناق عندما تواجدت قرب بنك التسليف ونقلت من قبل بعض الشباب (عفيف- زياد- محمد مهيوب–أيمن أنور- محمد رشاد ) إلى اللجنة الطبية وأسعفت من قبل الدكتور عبد العليم البريهي كانت الأجواء غاضبة لأكنها لاتخلو من المرح تحتي للقادم ومودة وتعاون في الداخل.
وقد كان من ألافت أن حركة الكر والفر منظمة لاتلحظ إرباك أو انهيار وليس هناك خوف او فزع وكان الموجودين كانو جاهزين مدربين لمثل ذلك اليوم و ربما هذا الأداء الأسطوري جنب الكثير الإصابة
وفي الثانية صباحاً كنت على قناة الجزيرة انقل مايدور في تلك اللحظات العصيبة في الساحة.
وقد كان الموقف عصيباً من شده القصف والنيران تلتهم كل شي وكانت أعداد من العسكر من اتجاه الجامعة الأردنية قد تمت إحراق الجزء الجنوبي والجنوبي الشرقي للساحة وقد كان عدد من الشباب محاصرين داخل المدرسة (مجيب القطري- ومطلق الاكحلي )
وآخرين وبجوارهم شهيد وجريحين وقد طلبت من مجيب عدم مغادرة المدرسة إلى حين صلاة الفجر وفي اتصال من الأخت شفيقة القدسي تسئل عن الشباب المحاصرين في المدرسة أخبرتها أنهم في أمان وقد غادرو المدرسة أثناء الصلاة
وفي اتصال على تلفون الدكتور فؤاد ألصائدي للاطمئنان عليهم في المستشفي الميداني وقد كان وقتها قد صودرت عليهم ما بحوزتهم وقد ردعليا احد العسكر بتهديد وشتائم مقززه ورديت علية بأنهم سيطردون ولن يبقون فيها طويلا.
هناك العديد من التفاصيل التي لايتسع ذكرها هنا لاكتنا في هذه الذكرى سوف نظل أوفياء لشهدائنا وجرحانا وأمناء لكل المبادئ والأهداف النبيلة التي قدموا أنفسهم في سبيلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.