وضعت فلسطين، أمس، مجلس الأمن الذي يجتمع الاثنين، وكذلك الأمم المتحدة والعالم، أمام اختبار الضمير عندما خاطب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأمم المتحدة بعد تسليم أمينها العام طلب الحصول على العضوية الكاملة، أنه ما من أحد يملك ذرة ضمير يرفض العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة . وقال عباس في خطاب تاريخي ألقاه، أمس، في الدورة السادسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن "فلسطين تبعث من جديد"، داعياً جميع شعوب العالم لتكون مع الشعب الفلسطيني . ونبّه إلى أنه "بعد 63 عاماً من عذابات النكبة المستمرة" مكرراً كلمة "كفى" ثلاث مرات، وأضاف في خطابه الذي قوطع بتصفيق عاصف على نحو متكرّر أحرج أمريكا و"إسرائيل" أنه "آن الأوان أن ينال الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله"، وطلب من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بعيد تسليمه طلب انضمام دولة فلسطين إلى المنظمة الأممية، العمل السريع على طرحه أمام مجلس الأمن، كما طلب من أعضاء المجلس التصويت لمصلحة العضوية الكاملة، داعياً الدول التي لم تعترف بعد بفلسطين أن تعلن اعترافها . وكان عباس قدّم لكي مون، قبيل إلقائه الخطاب، طلب انضمام دولة فلسطين إلى المنظمة الدولية، في ملف يحمل علامة النسر، شعار فلسطين . وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن الأمين كي مون أحال الطلب إلى مجلس الأمن . ومن المتوقع أن يستغرق مجلس الأمن بعض الوقت لبحث الطلب الفلسطيني الذي هددت الولايات المتحدة بأن تستخدم حق النقض "الفيتو" لإحباطه . لكن موسكو كانت أول المعلنين أنها ستصوّت إلى جانب الطلب الفلسطيني . ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن مصدر في الوفد الروسي قوله للصحافيين إن روسيا ستصوت لمصلحة حصول فلسطين على العضوية الكاملة في حالة طرح مسألة الاعتراف بها أمام مجلس الأمن . وفيما واكبت "إسرائيل" خطاب عباس بنشر 22 ألف شرطي في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 48 وألغت مأذونيات جيش الاحتلال في الضفة الغربية، كرر رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو، في كلمته، بعد عباس، المطالبة بالاعتراف بيهودية "إسرائيل"، في حين كرر وزير خارجيته تهديداته ضد الفلسطينيين ب "الرد"، متهماً عباس بالتحريض غير المسبوق . وبدا أمس، أن الفلسطينيين أحرزوا نصراً معنوياً تاريخياً وغير مسبوق، لدى إلقاء الرئيس الفلسطيني خطابه أمام الجمعية العامة، مطالباً بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقد ترجمت الأغلبية من شعوب العالم ممثلين في زعاماتهم ورؤسائهم الموجودين في القاعة الرئيسة في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك والذين قاطعوا عباس مرات عدة بالتصفيق المستمر ووقوفاً لاسيما حين تحدث عن قيامه بتقديم طلب الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية بالأمم المتحدة . وزاد حرج الولايات المتحدة و"إسرائيل" ووفديهما عندما زاد التصفيق لدى حديث عباس عن ممارسات الاحتلال ضد الفلسطينيين منذ النكبة . وجاء ذلك قبيل موعد إلقاء رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو كلمته . وفيما أعرب كثيرون معروفون بتحالفهم مع "إسرائيل" في واشنطن عن خيبة أملهم بما حدث في قاعة الأمم المتحدة بخطاب عباس الذي انتقد فيه "إسرائيل" فإن ريتشارد هس رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي اعتبر خطاب عباس "غير موفّق" وخطيراً ويؤثر سلباً في نوايا "إسرائيل" تجاه الدخول في عملية سلام . واعتبر آخرون أن يوم أمس كان يوماً أسود في تاريخ سمعة "إسرائيل" حيث جرت جرجرتها بمشروع قرار في الوكالة الدولية للطاقة النووية، وحتى من دون ذكر اسمها حول أسلحتها النووية في نفس الوقت الذي جرت إهانتها وتقديمها في أروقة الأمم المتحدة كشريرة . وطالب هؤلاء بسرعة تدخل أمريكا للرد على هذه الإهانات . وكان نتنياهو قد حاول الرد في كلمته، على خطاب عباس، مقللاً من مصداقيته وساخراً منها وزاعماً أن الحائط الغربي في القدس الذي اعتبره أقدس الآثار اليهودية مكاناً محتلاً . وقال نتنياهو إنه لم يأت ليحصل على تصفيق من الأعضاء بل لقول ما زعم إنها الحقيقة وأن الفلسطينيين لا يريدون التفاوض . وهاجم ما وصفه بالإسلام الجهادي محاولاً ربط الإسلام بالإرهاب قبل أن يعرج على مهاجمة إيران وإمكان تمكن المسلمين الجهاديين من الحصول على سلاح نووي . * الخليج