الجينز واحد من بين الملابس الأكثر تواضعا وتعقيدا وغموضا في مختلف العصور، ويعتبر المصدر الأساسي لنسيج الدينيم الذي يصنع منه الجينز هو البلوط الأبيض المخروط الموجود بكثرة في منطقة غرينزبورو، في شمال كارولاينا الأميركية. تقول كارا نيكولاس عن الشركة المصنعة لنسيج الدينيم، وهو القماش الذي يصنع منه الجينز، “إن الجينز يخلق علاقة عاطفية مع مرتديه، وهو بمثابة أمر شخصي جدا بسبب التفرد والصباغة، فبمجرد أن تلبس الجينز الخاص بك حتى تشعر بأنه أصبح بمثابة جزء من شخصيتك. ولكل فرد خصوصيته في الملابس التي يرتديها. والجينز هو من الملابس التي يتم ارتداؤها عبر الأزمنة ويتميز بأخذه قالب جسم مرتديه ويعبر عن شيء من شخصيته”. وتضيف نيكولاس “بدأ الناس في جمع الجينز العتيق، وقد كانت هذه الفكرة لمحاولة محاكاة هذه الأصالة ومضاعفتها. كثيرا ما يبحث الناس عن نفس الجينز الذي يعود إلى سنوات 1900 للاستلهام منه مع تجريب خيوط مختلفة الصيغ والأصباغ”. وخلال النصف الثاني من القرن العشرين تم اعتماد الجينز بقوة في أوساط الموضة وعروض الأزياء. ويعتبر ليفي ستراوس مؤسس الجينز الأزرق، الذي ظهر عام 1873 في أعقاب حمى الذهب في كاليفورنيا، حين اكتشف جيمس مارشال الذهب في بعض مجاري الأنهار في كاليفورنيا، وتم منح براءة الاختراع (عن عملية وضع المسامير المثبتة في سراويل الرجال المخصصة للعمل) لشركة جاكوب دافيس وليفي ستروس في 20 مايو عام 1873، على اعتبار أنها صنعت نوعا جديدا من ملابس العمال إلى جانب أنها قدمت الجينز الأزرق لأول مرة، استنادا إلى أول تصميم من جينز ليفيس – والذي يشار إليه في الأصل ب “أكس أكس خصر بدلات العمال”- يوجد جيب خلفي واحد تزينه تصاميم مقوسة الخياطة، وحزام السرج، وأزرار حمالة وبرشام نحاس في الساقين. كثيرا ما يبحث الناس عن نفس الجينز الذي يعود إلى سنوات 1900 للاستلهام منه مع تجريب خيوط مختلفة الصيغ والأصباغ وتجدر الإشارة إلى أن قماش الدينيم ظهر لأول مرة في بلدة نيم الفرنسية، ويعتقد أنه اتخذ هذه التسمية من الاسم الفرنسي “سرج دي نيم” (نسيج نيم) وهو عبارة عن نسيج ملتو ذي لون أزرق طبيعي، وقد تم صنع هذا النسيج القطني في القرن التاسع عشر والذي تم استخدامه في خياطة ملابس البحارة في مدينة جنوة الإيطالية. تم وصف جينز ليفيس بأنه “بدلات عمل متينة مصنوعة من الدينيم الأزرق الحقيقي”، وتتكون علامته التجارية من صورة لحصانين على قطعة من الجلد، والتي تم ابتكارها عام 1886، وهي عبارة عن جينز معلق بين عربتين مربوطتين إلى حصانين كل منهما تجذب الجينز في اتجاه معاكس، وهي دليل على متانته. وفي عام 1890، أسند للموديل أكس أكس العدد 501 بعد أن أصبح الزي المنتشر بين رعاة البقر في الغرب. وفي عام 1901 تم تقديم نموذج للجينز بجيبين خلفيين، وفي عام 1922 أضيفت إليه حلقات الحزام، في حين أضيف التبويب الأحمر على الجيب الخلفي الأيمن في عام 1936 للتميز بين دجينز ليفيس وبدلات العمال التي ينتجها المنافسون الذين كانوا يستخدمون تقريبا نفس النوع من نسيج الدينيم. وبما أن سينما هوليود اختارت الاهتمام بنمط عيش رعاة البقر، بدأ ارتداء الجينز الأزرق الذي يحبذه رعاة البقر يتسرب كلباس رئيسي في ثلاثينات القرن الماضي، ثم انتشر عبر ثقافة الشباب في الخمسينات في ظل تأثير متمردي هوليوود الذين يرتدون الجينز مثل جيمس دين. ويقول المراهقون أن كلمة “جينز” بدأ استخدامها في نفس العقد من الزمن، لكنها لم تكن مستخدمة حتى عام 1960 حين قام ليفي باستبدال مصطلح “سترات العمال” بمصطلح “جينز” في مجال الإعلانات. وتم بث أول إعلان تلفزيوني لجينز ليفيس في عام 1966. إنتاج الجينز بلغ أكثر من 5 مليار قطعة سنويا، ومن المنتظر أن يرتفع العدد ليصل إلى جينز لكل فرد في مختلف أنحاء العالم وأكد المختصون أن الألياف المتينة، وقوية التحمل لنسيج الدينيم ساعدت على إحداث ثورة في مجال الأزياء، وبدأت تكتسب زخما، وهو ما دفع إلى محاولة توظيف نسيج الدينيم في الموضة، من ذلك تخصص بعض الشركات المختصة في صناعة الألياف المخروطة الموجهة لإنتاجه مثل شركة انفيستا. وقامت شركة يونيفي بإنتاج ألياف من خلال اعتمادها على تقنية ريبريف التي تستخدم في إعادة تصنيع قوارير المياه. وأوضحت نيكولاس أن “هذه الشركات تستخدم تقنية خاصة في الغزل لتقليد الخيوط القطنية ولكنها تمتاز بمتانة الألياف الاصطناعية وفوائدها”، وتضيف أن “الفكرة الأساسية في كل ما نقوم به، بغض النظر عن الاستدامة والتكنولوجيا والتطبيق، هي سعينا الدائم للمحافظة على مظهر نسيج الدينيم القطني وتأثيره؛ إننا نحاول دائما الحفاظ على هذا المظهر”. وتجدر الإشارة إلى أن دجينولوجيا، هي شركة مقرها مدينة فالنسيا الأسبانية، متخصصة في صناعة الآلات الليزرية وهي من رواد التكنولوجيات الصديقة لكوكب الأرض، قد عملت على معالجة الآثار التي تخلفها عملية غسل نسيج الدينيم. وكشفت انريكي سيلا، الرئيس التنفيذي لشركة دجينولوجيا، أن إنتاج الجينز بلغ أكثر من خمسة مليار قطعة سنويا، ومعدل استهلاك سنوي قدر ب 1.5 من أزواج الجينز للفرد في أوروبا، و4 قطع منه للفرد في الولاياتالمتحدة، ومن المنتظر أن يرتفع العدد ليصل إلى جينز لكل فرد في مختلف أنحاء العالم، وأعلنت أن ذلك يؤكد فكرة أن الجينز له روح، بحيث يصبح جزءا من الشخص. كما تعتقد أن ثورة ستحصل في مجال صناعة الجينز خاصة وأن 20 بالمئة من الشركات تعمل الآن بالتقنية الليزرية. وبالنظر إلى المستقبل، لا تزال صناعة الجينز تبحث عن استلهام تصاميم جديدة للجينز الأصلي ذي اللون الأزرق.