يوماً بعد يوم تتزايد احتمالات التدخل البري في اليمن لطرد قوات «الإنقلابيين» الحوثيين من المدن التي سيطروا عليها بقوة السلاح. ومما زاد من تلك التكهنات الحاجة الملحة إلى معالجة الوضع الإنساني المتدهور، والذي جعل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير يتحدث عن بحث هدنة إنسانية، ومناطق آمنة داخل اليمن لنجدة المدنيين، وإغاثتهم. وليل الأربعاء ونهار الخميس الماضيين، عقد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ومسؤولون أمريكيون مرافقون له، منهم قادة عسكريون، سلسلة لقاءات مع مسؤولين سعوديين ويمنيين في الرياض، على رأسهم العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي. اللافت في الأمر أن المملكة العربية السعودية وافقت على هدنة إنسانية مشروطة بتوقف الحوثيين عن «الأعمال العدائية» كما ذكر الجبير. وفي تقرير ل«القدس العربي» نشر الجمعة رأى مراقبون ان الحرب البرية ربما تبدأ بعد «الهدنة الإنسانية»، التي يرى المراقبون أنها لن تصمد كثيراً، وهو ما سيعطي قوات التحالف العربي المبرر لشن الهجوم البري الذي من المحتمل أن يبدأ بإنزال في محافظة عدنجنوب البلاد. ولعل الظروف الموضوعية قد نضجت لتدخل بري محتمل، بعد أن تم تدمير كمية هائلة من مخازن الأسلحة التي سيطر عليها الحوثيون، والتابعة للجيش اليمني. ثم أن المقاومة الشعبية لم تستطع حتى الآن وقف تقدم قوات الحوثيين، والرئيس السابق الذين سيطروا الأربعاء الماضي على مديرية التواهي في محافظة عدن بعد أن تمكنوا من إبعاد المقاومين عنها، في ظل اختلال واضح في ميزان القوى لصالح الحوثيين عتاداً وعدة، بعد الدعم الذي تلقوه من قبل قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح. والخميس الماضي قال الوزير الجبير «نحن نفكر في إرسال مساعدتنا من خلال الجو ولكن هذا ليس كافيا ويجب أن يكون لدينا عمل إضافي في هذا المقام». وإذا كان إرسال المساعدات عن طريق الجو غير كافٍ، فما هي طبيعة «العمل الإضافي» الذي يمكن أن يكون كافياً، في مثل هذه الحالة؟ العبارة تشير إلى ان هذا العمل هو «إرسال المساعدات عن طريق البر» وهذا يعني، وجود قوات برية على الأرض. وهذا ربما يفسر ما ذكره الجبير من قبل عن ضرورة وجود «مناطق آمنة» في عمق الأراضي اليمنية، لحماية اليمنيين، وتوفير المواد الإغاثية. وعلى الرغم من أن الجبير قال في رده على سؤال بشأن إمكانية التدخل البري: إن «الولاياتالمتحدة والسعودية لم يتحدثا أبدا عن إرسال قوات برية إلى اليمن» إلا أن هذا التصريح يمكن أن يفهم على أنه نوع من العبارات الدبلوماسية التي لا تفصح كثيراً عن حقيقة وجود إعدادات على الأرض لهذا التدخل. ولعل حضور الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند الثلاثاء الماضي القمة الخليجية التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض يأتي مؤشراً على تحرك ما ستشهده المنطقة، في ظل تقارير تؤكد على أن القطع البحرية الفرنسية والأمريكية ستشارك في عمليات مراقبة تنفيذ القرار الدولي رقم 2216، الخاص بمنع إرسال أسلحة إلى المتمردين الحوثيين، ونزع أسلحتهم التي استولوا عليها من مخازن الجيش اليمني. وفي مثل هذا الوضع المتشابك، يبدو أن جماعة الحوثي، وأنصار الرئيس السابق يسيرون إلى قدرهم بخطى حثيثة، دون إدراك لحقيقة المتغيرات الدولية على كافة الصعد السياسية والعسكرية والأمنية. ميدانياً تتحدث تقارير عدة عن وجود مقاتلين مؤيدين للشرعية اليمنية على الأراضي السعودية، وفي دول أخرى، يتم تدريبهم ليكونوا طليعة القوة البرية التي يفترض ان تقوم بالمهمة. وخلال الأسبوع الماضي، قام التحالف كذلك بعملية إنزال بحري على السواحل الجنوبية لليمن، في مدينة عدن لقوة من عشرات الأفراد، الذين لم يكشف عن طبيعة عملهم، والمهمة التي أوكلت إليهم على الرغم من تقارير تحدثت عن أن القوة اشتركت في معركة تحرير مطار عدن الدولي. ويرى مراقبون أن القوة التي تم إنزالها في عدن هي قوة استطلاع، للتهيئة لإنزال بحري أكبر ربما يكون مقدمة للحرب البرية المقبلة، التي من المرحج أن تكون عدن نقطة انطلاقتها، مع وجود احتمالان آخران أن تنطلق المعركة البرية من الحدود الشمالية الغربية جهة محافظة صعدة، أو من الحدود الشرقية من محافظة مأرب. وقد جاء حديث العميد أحمد عسيري الخميس الماضي شديد اللهجة، من جهة صراحته بانه لم تعد هناك «خطوط حمر» وأن قوات التحالف ستستهدف قيادات الحوثيين، ومقراتهم القيادية في مدينة صعدة ومران. وهو ما يشير إلى عمليات جوية نوعية ومكثفة على صعدة شمال البلاد، ربما لفتح جبهة برية من هناك، خاصة وان هاونات الحوثيين طالت خلال نهاية الأسبوع الماضي عدداً من المناطق في جيزان ونجران على الحدود الشمالية مع اليمن، وهو ما أدى إلى مقتل عدد من السعوديين، بين مدنيين وعسكريين بالإضافة إلى خسائر مادية في مدارس ومستشفيات.