حذر خبراء اقتصاديون من خطورة تدهور سعر العملة الوطنية »الريال« أمام العملات الأجنبية في وقت شهدت فيه العملة الوطنية انخفاضا خلال الأيام القليلة الماضية إلى أدنى مستوى لها بواقع 240 ريالاً للدولار الواحد. وفي حين ارجع محافظ البنك المركزي اسباب تراجع سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية وخاصة الدولار إلى زيادة مدفوعات استيراد مستلزمات شهر رمضان المبارك وعجز البنك المركزي عن كبح جماح تدهور سعر الريال من خلال ضخ مزيدا من تدخل البنك من خلال ضخ ملايين الدولارات إلى السوق وكان آخرها بيع 80 مليون دولار في الآونة الأخيرة.. فقد حذر اقتصاديون ومراقبون من مغبة استمرار هذا التدهور واثره على معيشة المواطنين وتراجع مستوى المعيشة وزيادة التضخم وتآكل دخول الافراد ولاسيما ذوي الدخول المحدودة والعاملين في القطاعين العام والمختلط.. وفي هذا الخصوص ارجع الدكتور طه الفسيل استاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء في تصريح ل»الوحدة« أسباب تدهور العملة الوطنية إلى جملة من الاختلالات والتشوهات في البناء الهيكلي للاقتصاد اليمني واعتماده على مصدر واحد للحصول على العملة الأجنبية والمتمثلة في عوائد النفط التي تراجعت حصة اليمن منها كما تراجعت اسعاره في السوق الدولي ناهيك عن انخفاض عائدات اليمن من مبيعات الغاز وهذه المصادر الرئىسية لدخل اليمن من العملات الصعبة فيما تخضع هذه المصادر للتذبذب وعدم الاستقرار بالإضافة إلى العديد من العوامل الاقتصادية والإدارية المتعلقة بالسياسة النقدية وإدارة النقد الأجنبي في بلادنا إلى جانب استنزاف العملة الأجنبية في تلبية الاحتياجات الخارجية وتأمين طلبات المسافرين لأسباب إدارية أو علاجية وتعليمية وسياحية وغيرها. قال أن ظاهرة الدولرة هي المسيطرة حيث أصبح كل شيء يقوم بالدولار الأمر الذي يدفع بعض أصحاب الأموال للمضاربة بأسعار الدولار وشراء أكبر قدر منه ناهيك عن التأثر بالأجواء السياسية المضطربة التي تسهم بشكل كبير في الإقبال على شراء العملات الصعبة وخاصة الدولار. وقال :إن انهيار العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية سيكون له مردود سلبي خطير لعدة نواحي منها زيادة التضخم وتراجع دخول الأفراد وتراجع الاستثمارات وعدم قدرة الدولة على المضي في برامجها المتعلقة بتخفيف معدلات الفقر والحد من البطالة. ونفى الدكتور الفسيل ان تكون زيادة المدفوعات لاستيراد مستلزمات رمضان والعيد من السلع والخدمات من الاسباب الرئيسية لتراجع سعر العملة الوطنية مشيراً إلى أن توفير هذه السلع يفترض انها متوفرة قبل 4-6 اشهر من الآن. ولفت إلى ان انخفاض سعر العملة الوطنية أمام الدولار لن يسهم في زيادة الصادرات اليمنية كما هو متعارف عليه عالمياً.. مشيراً إلى أن اليمن لا يخضع للشروط الاقتصادية العالمية.. من جهة أخرى رأى الخبير الاقتصادي سالم المعمري ان تدهور سعر الريال اليمني أمام الدولار والعملات الاجنبية الاخرى يرجع إلى عدة اسباب من أهمها وابرزها تنامي العجز الحاصل في الموازنة العامة للدولة إلى جانب العوامل التي تنتاب السوق اليمنية والتجار والمستثمرين نتيجة تجدد الاحداث الامنية في صعدة والمحافظات الجنوبية وقال: لربما يكون من الجائز والصحيح أيضاً ان تأمين احتياجات رمضان من السلع الاساسية قد أدى إلى زيادة الطلب على شراء العملات الاجنبية وخاصة الدولار الامر الذي يؤدي إلى زيادة المضاربة في سعر الصرف لتأمين هذه الاحتياجات. وأضاف قائلاً: ان هناك اسباب اخرى مساعدة أيضاً مثل لجوء بعض الاشخاص الذين لديهم وفورات مالية وأموال سائلة إلى شراء الدولار خوفاً من التدهور الحاد في سعر الريال وبالتالي يلجأون إلى تحصين انفسهم من خلال شراء الدولار والعملات الصعبة الاخرى.. واختتم تصريحه قائلاً ان هناك عوامل نفسية تسهم في زيادة تدهور سعر الريال لدى بعض المستثمرين نتيجة لما يتعرضون له من ابتزاز من قبل بعض موظفي الدولة حيث يضطرون إلى شراء العملات الصعبة وتهريبها إلى الخارج وخاصة اصحاب المشاريع الاستثمارية التي بدأت بالظهور في الآونة الاخيرة وترحيلها إلى مناطق اخرى خارج اليمن وهؤلاء وان كانوا قليلين إلاَّ أنهم يساهمون بشكل أو بآخر في شراء العملات الصعبة من الاسواق وترحيلها إلى الخارج.