خسائر في صفوف قوات العمالقة عقب هجوم حوثي مباغت في مارب.. واندلاع اشتباكات شرسة    من هو اليمني؟    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    صحيفة إماراتية تكشف عن "مؤامرة خبيثة" لضرب قبائل طوق صنعاء    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    التفاؤل رغم كآبة الواقع    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسة تاريخية للباحث محفوظ عن الحرية الطلابية والشبابية في خلال ثورتي سبتمبر واكتوبر
تنفرد بها شبكة صوت الحرية
نشر في صوت الحرية يوم 26 - 11 - 2012


سنوات .. الجمر والرصاص
ل:
أ.محفوظ سالم ناص
ناشط ومحلل سياسي
امين سر( منارات)

*هذه الورقة البحثية يتوج بها مركز (منارات) امسيات موسمه الفكري الثقافي (المسكوت عنه في مسيرة الثورة اليمنية: سبتمبر/ أكتوبر) بأمسية في منتداه عصر الثلاثاء 4 ديسمبر 2012م.

شيءٌ كالتقديم
قبل (45) عاماً, في مثل أيامنا هذه, من نوفمبر العام 1967, كان الشعب اليمني يسجل على أكثر صفحات التاريخ نصاعة, بأحرف من نور, نهاية حقبة إمامية ظلامية, استعمارية بغيضة, وبداية عهد الانعتاق من مخلفاتها, للانطلاق في رِكاب المدنية, والبناء, والعدالة, والعيش الكريم الآمن المستقر, الذي تُقدس فيه إنسانية الانسان, وتُعلى راية المواطنة المتساوية, فوق كل سارية, لاسيما وقد اكتملت أضلاع مثلث الانتصار الملحمي البطولي للثورة اليمنية (26 سبتمبر/ 14 أكتوبر/ 30 نوفمبر).
وعلى عظمة هذه الأحداث الثلاثة, وجسامة ما قدمه الشعب والحركة الوطنية من تضحيات في سبيلها, بيد أن إعلام ما بعد انتصار الثورة في ما كان يُعرف بالشطرين الجنوبي والشمالي, وعلى غرار الإعلام, المناهج الدراسية في مختلف مراحل التعليم, وجلّ الاصدارات والكتابات, الزاعمة تغييها تسجيل ونقد مسارات الحركة الوطنية, وتقصي المراحل والتحولات الهامة في مسيرة الثورة, كُلها دون استثناء (إعلام, مناهج, كتابات, إصدارات), دأبت, ولاتزال على تصوير وتقديم الأحداث التحولية التغييرية الثلاثة بما بينهما من ترابط عضوي لا تنفصم عُراه, وكأنها شيء هلامي, آتٍ من لا شيء, أو "نبت شيطاني", نبت في أرض جدباء, دون ري بماء, بعد استنبات بذور.
بعبارة أخرى تتبدى الأحداث العظام الثلاثة, وكأنها مقطوعة الصلة, دون أرومة وجذور لسوابق مثلت ارهاصات ممهدة للواحق لها, افادتها من عصارات تجاربها في ساح معتركات النضال الوطني.
فمن الاجحاف في حق الشعب اليمني, والانتقاص من تضحياته, اظهاره في إعلامنا , ومناهجنا التعليمية, والكتابات والاستكتابات المناسباتية, وجلّ الاصدارات, وكأنما هو قد عاش ل (129) عاماً من الاحتلال البريطاني (1839- 1967), والحكم السلاطيني العشائري, ولنصف قرن ونيف, من الحكم الامامي الظلامي المتخلف (1918- 1962م), في بيات شتوي طويل, لم يستيقظ منه إلا على ازيز الرصاص, ودوي المدافع, إيذانا بانتصار الثورة في ال 26 من سبتمبر 1962, واندلاعها في ال 14 من أكتوبر 1963, وتتويج انتصاراتها برحيل آخر جندي بريطاني عن أرضنا الطيبة في الثلاثين من نوفمبر العام 1967م.
صحيح أن هناك كتابات تناولت بعض الارهاصات النضالية التي سبقت الثورة, غير أن مما يؤخذ على جلّها, التناول السطحي العابر, والاستعراض السردي الحكائي, بمنأى عن استغوار الحدث/ الارهاصة, بمحركيه ومحركاته, وظروفه, ونتائجه.
وأحسب ان انجب الطلاب, وأكثرهم فطنة وشغفاً بالاطلاع والاستزادة في المعرفة, على مدرجات الجامعة, ولا أقول في الصفوف النهائية من مرحلتي التعليم الاساسي والثانوي, بالكاد وفي احسن الأحوال, هم على معرفة ودراية, بأن اهم الأحداث التي مثّلت ارهاصات للثورة اليمنية في سيتينيات القرن الميلادي الماضي, سيوجزها ودون استزادة منه عليها, في حركة 17 فبراير 1948م, الدستورية, حركة المقدم أو العقيد أحمد حسين الثلايا, أول ابريل 1955, حركة ضباط مستشفى الحديدة عبد الله اللقيه ومحسن الهندوانه, ومحمد العلفي, 1961 في عدن.
وحسبك, فلا تطلب منه أو منهم على هذا مزيداً.
وكما أن الامامية الظلامية لم تُضمِن مادة التاريخ, في مدارسها, إلا كل ما يُعلي ويكرس في النفوس التراتبية الطبقية في المجتمع من منظور ابارثيدي عنصري مقيت, والخضوع والإذعان للحكم الامامي, وتسلطه الفردي, كذلك عمد المستعمر البريطاني, وحُكام السلطنات والمشيخات والامارات, عمدوا إلى الزج في مادة التاريخ, بكل ما يُكرس من المناطقية, ويمجد قبلية وعشائرية المجتمع, على حساب المدنية والمؤسسية فضلا عن تمجيد الفرد الحاكم وتسلطه المطلق
وفي اليمن الجمهوري بجناحيه الشمالي والجنوبي (ج. ع. ي/ ج. ي. د. ش), ما بعد انتصار الثورة, عمل كل من النظامين الحاكمين, وبما يخدم اهواءه ونوازعه وتوجهاته, على "تكييف" ولا أذهب بعيداً فأقول "تزييف", احداث التاريخ التي كانت مجرياتها ووقائعها في الشطر الآخر, لا سيما الحديث والمعاصر منها, بصور واشكال, إما منقوصة مجتزأة, أو مشوهة ملوية الأعناق, أو مكتومة الانفاس, مسكوت عنها.
وكأنما هذه الأحداث هي مُلك لهذا النظام أو ذاك, وليست من مآثر الشعب وبطولاته.
ولأن نظام 22 مايو 1990م, هو حاصل جمع نظام ج. ع. ي + نظام ج. ي. د. ش, فإن المناهج الدراسية, وكذا مُخرجات اجهزة ووسائل الاعلام والصحافة, لا سيما الحكومية والحزبية منها, وجُلّ ثمرات المطابع, جاءت على نحو متطابق يتماهى مع تلك المعادلة, وإلى حدٍ يجعل المرء, حين يقف على بعض مما يُلقن للنشء والطلاب, في مدارسنا, ويتأمل في إمعان, في الكثير من المخرجات المسموعة والمقروءة, والمرئية, عن أجهزة ووسائل الاعلام والصحافة, وثمرات المطابع, يكاد يصل إلى قناعة بصحة, وصدق قول, من قال: (أن التأريخ مهنة المزورين).
والمحصلة: تجهيل. تزييف الوعي, ذهنية شبه جمعية مشوشة, مضطربة المعلومات المتناقضة والمتضاربة, شحن بدعاوى ومزاعم "تسيد ومثالية واخلاقية طرف, ودونية وانحلال وتفسخ طرف آخر. وما ترتب على هذا الشحن, من نتائج كارثية.
وما حصدناه ونحصده ليس إلا من بعض البذور المستنبتة في أذهان الشباب في (المعاهد العلمية) و (مدارس العلوم الاشتراكية) والكوادر الشبابية و (نضالات بيشاور وكابول) و (غسيل الأمخاخ) بمعرفة وعلى أيدي الرفاق في الكرملين و kbg
هكذا كنا
احسب أني من جيل, عاش في شطرٍ من الوطن, كان لسنوات لا يبدأ دوران عجلة العمل في مرافقه ومؤسساته, والمدارس والمعسكرات فيه, الا بعد الوقوف في تجلة وإكبار وشموخ لرفع العلم الوطني, وترديد (اقسم بالله العظيم, ان اناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية, وتنفيذ الخطة الخمسية, وتحقيق الوحدة اليمنية).
وما من مؤتمر, أو اجتماع, إلا و كان انعقاده تحت شعار (لنناضل من أجل...) بل أنه في فترة "اليسارية الطفولية المتطرفة" كان مستحيلاً رابعاً, الا يتصدر أي خطاب (رسالة) رسمي, أو مظلمة أو طلب شخصي, الشعار اياه, ولربما غض الطرف عن عدم (البسملة) في الصدارة من المظلمة أو الطلب, إما ان تسقط "الشعار المقدس" فان مصير طلبك أو مظلمتك, سلة المهملات, هذا ان لم يساور من قدمتها اليه, شك في ان لك موقف من مضمون الشعار, فاسقطته قاصداً متعمداً, لا سهواً ونسياناً, فيخضعك للمساءلة والاستجواب المباشرين منه, ان لم يذهب إلى حد أبعد فيوصي رجال (أمن الدولة), بك خيراً.
وفي فلك هذا الشعار, كانت تدور موضوعات مسرحيات, وأغنيات, وأناشيد, وفنون تشكيلية, ومحاضرات, وندوات, وأمسيات وصباحيات شعرية و قصصية, ومعارض لفنون تشكيلية, وكذا خُطب الجمعة الجوامعية, التي كانت تحرص الإذاعة المركزية في عدن, حينذاك, على نقلها من مسجد الهاشمي, في الشيخ عثمان, بصوت الخطيب الألمعي, الكاريزمي, المفوه, الشيخ عبد الله حاتم, رحمه الله, فضلاً عن المواد الدراسية في مختلف المراحل التعليمية, من الروضة وحتى الثانوية إذ ان جامعة عدن لم تؤسس إلا في العام.... وكان نواتها كلية التربية العليا.
ولربما الفينا بعض هذه العطاءات, متماهية, مأخوذة, برؤية تيار, أو جناح, في (التنظيم السياسي الجبهة القومية) ثم (الموحد) وبعد ذلك (الاشتراكي) واشتراطه لتحقيق الوحدة, توحيد الأداة الثورية النضالية في الشطرين, وإنضاج الظروف الموضوعية لذلك, يعني بعبارة أكثر افصاحاً ووضوحاً, "تسيد" الحزب, على الحركة الوطنية اليمنية, وتعميم تجربته نصاً وروحاً, على اليمن من اقصاه غلى اقصاه.
الأهم, ان التطلع ليوم الوحدة والتشوق اليه, كان هاجس السواد الأعظم, ان لم نقل كل ابناء الجنوب. وكما انه كان عند المنتمين (لا صوت يعلو فوق صوت الحزب). فان صوت (الوحدة اليمنية) كان الصوت الاقوى صدى, وترجيعاً, في ضمير كل جنوبي يمني, وفي الوجدان الجمعي العام للجنوبيين اليمنيين يعيشونه حلماً مشروعاً, ويتطلعون بعيني زرقاء اليمامة, للآفق البعيد القريب, وبأعناق مشرأبة متطلعة في انتظار مجيئه كطائر العنقاء الاسطوري في المستقبل المنظور.
وبالمناسبة, لا أتذكر انني قد أعددت برنامجاً إذاعياً أو تلفزيونياً, كما لم أكتب تناولة صحفية أو انسج خيوط واختلق شخصيات عمل درامي للمسرح, أو الاذاعة, كما لم يطاوعني شيطان الشعر, بفكرة مادة قصائدية أو غنائية مموسقة, في زمن قياسي, مثلما كان معي, حين عاتبني الرائع الجميل صديقنا الفنان الكبير سالم بن علي بازياد, في عصرية من عصاري بواكير عقد الثمانينيات من القرن الميلادي الماضي, على تقاعسي عن كتابة شيء للوحدة اليمنية, حسب تعبيره. فأخبرته بأن (الوحدة) يجدها منبثة في كتاباتي وتناولاتي الصحفية, وقصائدي المسرّحة, وفي مساجلاتي الشعرية القليلة والنادرة, فقال رحمه الله, كل هذا اعرفه ولا يهمني في شيء, الأهم عندي هو ما يمكن وضعه على مسبك الغناء والتغني. واختتم كلامه ممازحاً (مالم فأنت ضد الوحدة).
وقبل انقضاء اسبوع على حديثنا, استضافني رحمه الله في مقيل ثنائي بمنزله الرابض كالأسد تحت الجبل, والمطل على البحر على الطريق المؤدي من حي الشهيد خالد إلى مدينة خلف.
وقبل أن تدنو شمس الأصيل للغروب, تداعى (موال فرح) فطلبت منه ان يخاوي أو يدوزن العود بتعبير الموسيقيين, ففعل في طرب وانتشاء, وفي سلاسة وفي زمن قياسي, تداعت مقاطع أو كوبليهات الموال:
أحباءُ كُناْ
أحباءُ عشناْ
على حبنا نشقىْ
ويبقى الحُب..
وبانبقى..
نغني للفرحْ موالْ
موال الفرحْ موالْ لفرحنا الآتي
وحلمنا الآتي
ندعوه تعال..تعال
بُكره يا حلمنا تكبر
تزهر على الخدود ورده
لونها أحمرْ
وفي شرايين العروق
يولد للفرح موال
موال الفرح موال قسماً بالخد والعينين
اني لن أركعْ
بأشعاري.. بألحاني
برسم فجرك الأروعْ
الوجه واحد موحدْ
عليه الفجر يسطعْ
ونغني للفرح موالْ
موال الفرح موال
وقد نفخ البازياد, فيه (الموال) الروح, ومنحه المزيد من اكسير الحياة, بأن صاغ له لحناً معبراً عن مضمون كل مقطع (كوبليه) من مقاطعه الثلاثة, فجمع فيه بين تعبيرات, لوعة الفراق, وعذوبة اللقيا. بين الشجن الجميل النبيل, والفرح الانساني الشفيف, وقبل منتصف الليل في المكلا, كان يقلني خلفه على دراجته ليوصلني لسكني بحي السلام, مدندناً بصوت خفيض بلحن (الموال) فذكّرني, بتعريف أحد المفكرين للفن بأنه اقصى درجات الفرح. وبذلك المفكر الفيلسوف الذي برر عدم مشاركته في حفل دُعيّ لحضوره بان ليس فيه ما يبعث في نفسه على الفرح.
ولما حطت حرب الزمرة, الطغمة, اوزارها, قام في فبراير وربما مارس من العام 1986, بتسجيلها لإذاعة المكلا بتوزيع موسيقى رائع, وبمصاحبة لا تقل روعة, من فرقة (بارادم) للموسيقى التابعة لسكرتارية المجلس العمالي بمحافظة حضرموت.
وقد اخبرني, بانه قد اهدى, نسخة من التسجيل, لإذاعة عدن, التي كانت مركزية- حينذاك- وبالفعل استمعت اليها للأغنية, لمرات وهي تبث من الإذاعة التي اصبحت (البرنامج الثاني) .
إلى هذا, اهدي نسخة مماثلة للزميل والصديق الاستاذ عبد الباسط محمد المبرزي مدير البرامج الثقافية والمنوعات بإذاعة صنعاء (البرنامج العام) رحمه الله عند أول زيارة عمل له إلى محافظة حضرموت في العام 1991م, غير أن (ابو سمير), رحمه الله, اخبرني بأن الديلمي عباس, من موقع رئيس القطاع, وباعتباره المتعهد الأوحد والوصي المناسباتي وبلا منازع, على صعيد التغني بالوحدة, وفارسها (فارس السيف والقلم), قد استمع ل (موال فرح) واعجب به, وعاد ليفرض حظراً على بثه, بدعوى مجيء على اللون الأحمر في الموال (.. وتزهر على الخدود ورده لونها أحمر), وكل ما عقبت به, على ما اخبرني به الزميل المبرزي, يومذاك, ان قلت له: لا غرابة فالرجل يُذكِرهُ اللون الأحمر بأيام زمان الغُبر العجاف, وهو اليوم في المنطقة الرمادية, (مناسباً) الشطارة والفهلوة, منتصراً للأزرق, قابضاً بالأخضر (ومن اين لي هذا النعيم, سيدي لولاك), ثم ماذا تنتظر من هكذا آدمي, يخوض حرباً ضروساً مع رجل ودَّع الحياة, وأغمض إغماضته الأخيرة, من سنين, بفرض حظر غير معلن, على أغانيه, وإنزال الويل والثبور بمن بثها في برامجه من مذيعيين ومعدين ومخرجين, واين نحن من قامة سامقة معطاءة وارفة الظلال مثل مهندس الكلمة الشاعرة, العذب, الجميل, عبد الله عبد الوهاب نعمان (الفضول)؟
ولوجهة أخرى ادرتُ دفة الحديث. وأعود, ومثلي أبناء جيلي الباحثين عن الحقيقة, لنقول للذين تشرّبنا على ايديهم, ولسنين طوال, ورضعنا من وثائقهم وتنظيراتهم, ومواقفهم, القناعات الراسخة بان اليمن, الأرض والانسان, التاريخ والحضارة, الكُل واحد لا يتجزأ, بواحدية ثورته (سبتمبر/ اكتوبر), واعتبار إعادة وحدته, قدر ومصير الشعب الذي لا محيص عنه.
أنكم لم تألون جهداً, أو تدخرون مسعى, لاقناعنا بصدق دعاواكم, وقد صدّقنا, وآمنا, وعملنا. وشرّبنا, وارضعنا أولادنا, من المهود, ما تشرّبناه منكم, ورضعناه من وثائقكم, وتنظيراتكم, ومواقفكم.
وإذا بكم اليوم, تقلبون لنا, ظهر المجن, ف"تشحنون" جيل الثورة, والوحدة, بالنقائض, لما سبق ان شحنتمونا به, فالجنوب, أو الشطر الجنوبي من الوطن اليمني, ما عاد في "الشحن والتعبئة" الحاليين, يمنياً, وانما جنوباً عربياً, وحضرموت, التي كانت, ايام (شحن وتعبئة) جيلنا, وإلى عهد قريب, عمق اليمن الحضاري والتاريخي, ما عادت حسب مزاعمكم ودعاواكم الأحدث, يمنية البتة.
وبالتالي, إذا كان الصدق والحقيقة, يكمنان في ما شحنتم وعبأتم به جيلنا, فأنتم بالمزاعم والدعاوى الجديدة, تزيفون وعي جيل الثورة والوحدة, ومن حقه مقاضاتكم. وان كان العكس, فمن حق جيلنا ان يقاضيكم, لتزييفكم وعيه, وشحنه بقناعات زائفة, امضى بسببها, نحو رُبع قرن من سنى عمره, مناضلاً حالماً, متطلعاً ليوم, إعادة تحقيق الوحدة, ولما تحققت امضى عشرون عاماً ونيف يسدد "ضرائب" هرولتكم اليها.
وإذا كانت المصداقية, والحقيقة, التي لا تشوبها شائبة, ولا يعتورها شك, تكمن في دعاوى ومزاعم اليوم, أليس من حق (الرابطة) مقاضاتكم, ومطالبتكم برد اعتبارها, لما انزلتموه به لردح من الزمن, من تنكيل, وتشريد, ووصم, بأبشع, واقذع, النعوت, أخفها وطأة وصمها ب(الانفصالية) بدعوى تسمية نفسها(رابطة ابناء الجنوب العربي), وهي برأينا تسمية واقعية, إذا ما قسناها بظروف الواقع حينذاك بل بشجاعة ريادية غير مسبوقة, منها. - أولاً- ان السلطة الاستعمارية, كانت قد أصرت قانوناً, منعت بموجبه تسمية المنطقة, بغير اسمها الرسمي المتداول في المحافل العربية والدولية (عدن والمحميات الشرقية والغربية)- حينذاك- وثانياً فالرابطة تعلل تسميتها (رابطة ابناء الجنوب العربي) بأنه تأكيد منها "على وحدة الجنوب ككل, كما يؤكد عروبته". كما انها أختارت أسم الجنوب العربي الكبير (اليمن الطبيعية) يشمل الجنوب والشمال, وكانت أول هيئة تُطلق على المنطقة, سياسياً اسم (اليمن الطبيعية). وبعبارة أخرى "المرة الأولى التي يُطلق فيها اسم واحد على كل مناطق الجنوب, والمرة الأولى التي تقوم فيها دعوة, تخاطب أهل تلك المناطق كشعب واحد, يعاني المعاناة نفسها, وتطالبهم بالتوجه لأهداف واحدة, وغايات واحدة". وتأكيداً لصدقية ادعاءها تورد لمؤسسها السيد محمد علي الجفري, من محاضرة له في اتحاد لطلبة الكويت, في القاهرة, مساء الجمعة 26 جمادي الأول 1377ه الموافق 28/ 12/ 1956/, هذا المقتطف من المحاضرة "في واقع الأمر, بل وفي مصطلح الحركة الوطنية في الجنوب, يُطلق- الجنوب العربي- على اليمن الطبيعية, بكافة اجزائها ونواحيها. فحدود- الجنوب العربي- إذن, هي المملكة العربية السعودية, شمالاً, وبحر العرب, جنوباً. والخليج العربي, شرقاً, والبحر الأحمر, غرباً. وبذلك تشمل كلمة- الجنوب العرب- المملكة اليمنية المتوكلية, عدن وما يسمى بمحمياتها الشرقية والغربية, و عُمان"
- محسن محمد أبو بكر بن فريد, محطات رئيسية في مسيرة حزب الرابطة (رأي), ط1, 2009م, بدون, ص 17,18 و هنا, شتان ما بين (الجنوب العربي) من منظوركم ومنظور الرابطة, وحتى إذا ما افترضنا ان النظرتين من وجهة جغرافية, متطابقة, فلماذا عبتم على الرابطة, وشردتموها قيادة وقواعد خارج حدود الوطن لنحو ثلاثين عاماً؟ وعلى أي معطيات بنى (البيض) قناعاته, بجدية وصدقية (الحبيب) و (الشيخ) و (الشريف) في الوقوف إلى جانبه في حرب صيف 1994 المشؤومة, فهل جراح ومآسي (30) عاماً تندمل بمنصب (نائب رئيس جمهورية أو وزراء)؟ وكيف له إقناع من كانوا اطفالاً وشباباً في الستينات والسبعينات, وصاروا آباء وأجداد في التسعينات, وقد عبأهم (تنظيمه) ثم (حزبه) ولما يزيد عن رُبع قرن بكل اسباب العداء للرابطة (عمالة, خيانة, إرتزاق,...) كيف له اقناعهم بالتمترس في خندق واحد في مواجهة جحافل "الشرعية"؟
واليس من حق النشء والشباب والطلاب مقاضاتهم لما سببتموه لهم من تشوشات ذهنية, واضطرابات نفسية:
- من مايو 1990 رسخ الاعلام, الصحافة, مقاعد الدراسة, مدرجات الجامعة,... لديهم بان منجز اعادة تحقيق الوحدة, يعود الفضل فيه بعد الله لرجلين (علي) و (علي), وقد قبلنا بهذا الزعم, ولقنّاه لاولادنا, وفجأة إذا بأحدهما وقد أمطر بأبشع النعوت, شريد خارج الحدود, فيما الآخر هو (رائد الوحدة, التنمية الديمقراطية, باني نهضة اليمن الجديد,...الخ) فأي ادعاء يصدقه النشء والشباب والطلاب!
- طبّل الاعلام وزمّر ل(وثيقة العهد والاتفاق) بل وشهد التوقيع عليها العالم بأسره, واذا بها وقبل ان يحقق مداد الموقعين عليها وقد صارت (وثيقة الشقاق والافتراق).
- قامت الدنيا ولم تقعد بالطبل والزمر ل (7/7) وترسيخه بأذهان الشباب والطلاب, "حدث الأحداث التاريخية في اليمن الأقدم والقديم والاسلامي والحديث والمعاصر" سُجلت اسماء "ابطاله" في انصع صفحات التاريخ. وفجأة بعد 18 عاماً إذا به قد تحول إلى (خطأ تاريخي يوجب على "ابطاله"الاعتذار عنه") فأين الحقيقة لندل طلابنا وشبابنا عليها؟




(الرجال.. الرجال)
- ثم إذا كان الجنوب, ليس الا جنوباً عربياً, لا يمنياً, وحضرموت ما كانت في يوم من الايام يمنية, فلماذا هرولتم إلى الوحدة الاندماجية؟
- وهل بالله عليكم لو كان ثمة نبض من حياة في واحد من (الرجال.. الرجال) بقامات (عنتر, شايع, مصلح, الجاوي...) أكان لأحد منكم ان يتجاسر ولو بالهمس أو من قبيل المزاح الثقيل ان ينبت ببنت شفة لإطلاق هكذا دعاوى؟ واين كانت هذه العنتريات, واين كان كل هذا الطعنطاز قبل الاغماضات الأخيرة ل(الرجال.. الرجال)؟
أقول لكم (خلالكِ الجو فبيضي واصفري).
لكن استحلفكم بالله, لا تعيشون فساداً وتعبثون بأذهان النشء والشباب والطلاب.
لا تستغلون عوزهم وفقرهم وبطالتهم وما بدواخلهم من احتقانات "وحدة" الفيد, النهب, والاستعلاء والاستقواء, فتلقون بهم حطباً في محارق دكاواكم, لتحصدوا مغانم دنيوية زائلة.
لا تضيعونهم, حسبكم ان اضعتم آباءهم, وتذكروا قول توفيق الحكيم (ان عواصف النفس تطفئ مصابيح العقل)
وبيننا وبينكم الله, والوطن, والايام.

الشباب والطلاب .. تأريخ ما أهمله التاريخ
من البدهي القول, إن الشباب- عامة – والطُلاب منهم- على وجه الخصوص-هُم من بين فئات المجتمع- أي مجتمع حضاري حي- الاكثر استشعاراً لمعاناة واقعهم ومراراته, وبالتالي فهم الأكثر إدراكاً ووعياً بمسئولياتهم تجاهه, باعتبارهم الفئة الاشد توقاً للتغيير, والأحمس تطلعاً لصنع التحولات في مجتمعاتها, ذلك أنهم أداة التغيير أو احدى أدواته المؤثرة الفاعلة, فهُم- ايضاً- وجهة وبوتقة ما ينتج ويتمخض عنه.
ولم يذهب المناضل عبدالقوي مكاوي, بعيدا حين ذهب إلى القول, بأن الحركة الطلابية بدأت في الظهور مع تفتح الوعي الوطني وبداية اليقظة الوطنية ككل, فهي لم ترتبط بتاريخ معين لأنها كانت دائما وأبدا في طليعة الحركة الوطنية.
• فالحركة الطلابية هي التي قادت المظاهرات مع الحركة العمالية عام 1956م ضد العدوان الثلاثي على مصر
• وهي التي قادت المسيرات الشعبية في الزحف على المجلس التشريعي مع قطاعات العمال ضد انتخابات ذلك المجلس المزيف
• وهي التي خرجت تستنكر مشروع الإتحاد الفيدرالي في أعوام 1955, 1956, 1959م
• وهي التي قامت بجمع التبرعات لثوار الجزائر وخرجت إلى الشوارع تستنكر حرب الإبادة التي مارستها فرنسا ضد شعب الجزائر الثائر
• وهي التي حملت بجدارة تحريك الجماهير في كل المناسبات التاريخية والأحداث النضالية التي شهدتها ساحة الجنوب عبر مرحلة النضال
- عبدالقوي مكاوي, اليمن الجنوبي إلى أين, دار صوت العروبة اللبنانية, ص102
وكما في كل الثورات التحررية فقد كان الطُلاّب اليمنيين " أقباس الحسَّ وشعلة الحماس " في كل تحركاتهم, وحركاتهم, وانتفاضاتهم, التي مثَّلت " بمجموعها للثورة (سبتمبر/ أكتوبر ) عناصر وقودها, وعوامل انبلاجها" , ولم تقتصر ادوارهم أو تقف عند تخوم, توزيع المنشورات, وحمل الرسائل, وايقاظ الوعي, وتبديد ظلمات الجهل والأمية في أوساط الشعب.. وإلى أقصى البقاع, ولكنهم عمدوا - ايضاً- إلى الوقوف في مقدمة الرتل من الثورة, في مراحل تفجرها, ومن ثم الدفاع عنها, من انحرافات واختراقات الداخل, ومؤامرات وإحتواءات الخارج " وسجلوا على كل ذرة تراب أشعة من شروق المستقبل, " فكان النضال الطلابي أروع الحلقات في مسلسل النضال الوطني التحرري, في تاريخ اليمن المعاصر. لأنه (النضال الطلابي)- كما يقول الاستاذ البردوني- عن وعي بالثورة وعن استعداد لمواجهة الاحتمالات, فلم تكن حركة طلابنا, موقوفة على الهتاف التظاهري, وانما هي على أتم الاستعداد للثورة العملية, وللذّود عنها, كما دلت مظاهرات أكتوبر 1967 الطلابية " على لجنة التصالح, التي أرادت, ان تجعل ثمار الدماء رماداً, وتضحيات البطولة استسلاماً. لهذا احبطت مظاهرات الطلاب الاكتوبرية خطة الوساطة المشبوهة "
وللذود عن صنعاء الثورة " تجنّد كل الطلاب في المقاومة الشعبية عام 67م كما تجنّد زملاء لهم في الحرس الوطني من قبل " ولم يبارحوا مواقعهم " حتى كسروا الحصار إلى جانب الجيش والشعب " ليلتحقوا بميادين أخرى, لا يقل النضال, فيها شأناً, عن ميدان مقاومة إحتواء الثورة, والإرتداد بجماهيرها, إلى ما قبل تبرج شموس صباحاتها
وإذا كان الجناح السبتمبري في الثورة اليمنية, قد كانت البواكير الأولى, لإرهاصات طيرانه قد انطلقت من (دار العلوم) و(الثانوية) بصنعاء, وامتدت إلى مدارس (تعز) و(الحديدة) و(حجة), فان الجناح الاكتوبري للثورة, هو الآخر كانت بواكير ارهاصات طيرانه منطلقها (كلية بلقيس) بعدن, و(الوسطى) في غيل باوزير, و(الوسطى) و(الثانوية) في المكلا, وسواها من المدارس المنبثة في السلطنات والمشيخات والامارات التي كانت قائمة ما قبل الثورة فيما كان يُعرف بمحمية عدن الشرقية والغربية فضلاً عن المستعمرة عدن. فمما لا شك فيه, أن الطُلاب في هذه المدارس, قد اضطلعوا بأدوار متفاوتة, وبحسب الظروف الذاتية لهم, والموضوعية لواقعهم, في التبشير بالثورة, وبث ونشر الوعي بها, ومن ثم حمل عَلمِها, والاستماتة في الذود عنه, ونسأل الله, أن يُقيض, للتيار, أو القطاع الطلابي, من الباحثين الموضوعيين, والمؤرخين المُنصفين, من يتقصى أدواره النضالية في الثورة, بجناحيها السبتمبري والاكتوبري, (لن يتأتى لطائر الطيران بجناح واحد. وعلى رأي أحد الشعراء: لا يستطيع المرء أن يبكي بعين واحدة). فمن "العيب" أن تنقضي (50) عاماً, و(49) عاماً, على الثورة اليمنية (سبتمبر/ أكتوبر) و(22) عاماً, على قيام الجمهورية اليمنية, دون أن يتحمّس باحث من باحثينا الجادين أو مؤرخاً من مؤرخينا المنصفين لمطالعتنا ببحث مُنصف موضوعي جاد, يستغور فيه أدوار الحركة الطلابية اليمنية, في تفجر الثورة, وانتصارها, والدفاع عنها, وما تمخض عنها من تحولات, وهو موضوع على أهميته, مشوق وبالغ الثراء, وفيه من الإغراء المُحفز, لأن يكون موضوعاً لرسالة أو رسائل ماجستير, أو دكتوراه, تثبت لمن في قلبه مثقال ذرة من شك, بأن الحركات والانتفاضات, والأدوار الثورية النضالية, لطُلاب الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الميلادي الماضي, لهم في العقد الأول, من الألفية الثالثة, ذرية من أبناء وأحفاد, يتجسدون في تلاميذ وطُلاب المدارس الذين يتقدمون منذ العام 2007م الحراك الجنوبي السلمي في المحافظات الجنوبية, وطُلاب جامعتي صنعاء وتعز, الذين كان لهم شرف المبادرة للتظاهرة, وافتراش الساحات, مُعلنين ثورتهم الشبابية السلمية التغييرية مطلع العام 2011م, وفي صور ومواقف نضالية دالة على أن " حركة طلابنا متصلة الحلقات, متواصلة التيار من وقت لآخر ومن ميدان إلى ثانٍ, وهذا ليس بغريب لأن القراءة تغيير, وتجدد الأجيال حتمي, حتمية طلوع شمس كل يوم, وليس القادة الأنجح إلا الذين كانوا التلاميذ الأنجب, باعتبار الطلاب الثروة الأبقى والثورة الدائمة, وإذا كانت بعض القيادات الشبابية تقع في أخطاء فذلك طبيعة العمل الأول أو تغرير المُنظّرين, لأن الشباب يمتلك قوة الدفع, ويمكنه أن يكتسب أبعاد التجربة, في ظل فهم أكثر خبرة, أو أطول مدة في المراس, ومن مزايا طلابنا الكثيرة أن طموحهم لا يتجاوز مصالح الشعب, ولا ينطلق من غير مشروعية, فكما أنهم الربيع الدائم للأمة, فهم التجدد المستمر في جذور الحياة, وفي دفع الإرادة, من تحقيق إلى تحقيق, وأمام طلاّب اليوم مهمات قد تختلف عن سابقيهم, وقد تكون مشاكلهم أعقد, إلا أن كفاءتهم على المجابهة والتجاوز سوف تكون أقدر مواقعاً وإعداداً, والغد على ذلك من الشاهدين "
ومما لاشك فيه ، ولاجدال عليه، بأنه "لعب الطلاب دوراً بارزاً, في النضال ضد الاستعمار, والمناهج البريطانية في عدن, ومثلوا سنداً قوياً, وواعياً, للحركة الوطنية في الجنوب اليمني, وقد بدأت أول اضرابات ومظاهرات طلابية في النصف الأخير من الاربعينيات (القرن الميلادي الماضي), بشكل غير منظم, وكانت لأسباب وطنية محلية وقومية..
كما بدأت الحركة الطلابية في تنظيم نفسها سنة 1954م, حيث تكوّن, برؤية وطنية, نادي الطلاب في مدينة عدن, وكان نشاطه يتركز في العمل الثقافي, وجمع شمل الطلاب, وتوحيد صفوفهم" – التجمع القومي للقوى الوطنية في الجنوب اليمني, تصور التجمع القومي حول كيفية حل قضية شعبنا العادلة في الشطر الجنوبي من اليمن, 5 يوليو 1986, ص13
ولما استشعرت السلطات الاستعمارية, خطورة وحيوية هذا النشاط الطلابي المتدفق, قامت السلطات البريطانية في سنة 1955م, بسحب "الترخيص الخاص بنادي الطلاب, وهُوجم مقره". وكان الرد العملي, على هذا الاجراء الاستعماري التعسفي, "ان قام الطلاب, بإضرابات, في المعهد التجاري, ومدرسة بازرعة, وغيرها من المدارس, كما قمنّ الطالبات بإضراب دام ستة شهور في كلية البنات, وذلك احتجاجاً, ضد (على) السياسة الاستعمارية في عدن, والمناهج الغير وطنية, لا سيما وان هدف التعليم في عدن, كان مجرد تخريج كتبة لخدمة الإدارة البريطانية فقط"
ولم تقف نضالات الطُلاب, (ذكوراً وإناثاً, طبعاً), عند تخوم القضايا والتطلعات الطلابية, واصلاح المناهج التعليمية, ولكنها تجاوزت ذلك, لمشاركة قطاعات الشعب الأخرى, فعالياتها, ونشاطاتها النضالية, وعلى سبيل المثال لا الحصر, نجد ان "الطُلاب قد شاركوا اخوانهم العمال, في الاضرابات العمالية التي اندلعت سنة 1956م. وقد استشهد في المصادمات (مع قوات المستعمر اثناء فترة الاضرابات), الطالب, قاسم هلال , أول شهيد للحركة الطلابية"- التجمع القومي للقوى الوطنية في الجنوب اليمني, تصور التجمع القومي حول كيفية حل قضية شعبنا العادلة في الشطر الجنوبي من اليمن (كراسة) أو كتيب, 5 يوليو 1986, ص12
ومما أتينا عليه ، يمكن الادراك, لأهمية تنظيم الشباب والطلاب لأنفسهم في إطار احزاب وتنظيمات سياسية شبابية تعبر عن تطلعاتهم وآمالهم.
وليست ببعيدة عنا،دعوة الرئيس السابق ، للشباب اليمني في بدايات ثورتهم السلمية التغييرية العام 2011م. لتنظيم أنفسهم في حزب أو أحزاب يمكن (التفاوض) معه أو معها وأيٌ كانت جدية الدعوة ومصداقيتها ، وأهداف مُطلِقها ، إلا أن (شباب ثورة التغيير السلمية) قد فوَّت على نفسه حينذاك سانحة ، بأن لم يجعل من نفسه جوَّاب نداء الدعوة ، فأنتهزها غيره وتفاوض باسمه ، محولاً (الثورة الشبابية التغييرية) إلى (أزمة سياسية عجائزية ) و(التغيير), إلى (تدوير) .. والبقية تأتي, وعلى كل حال (خيرها في غيرها).
وعودٌ على بدء فلم يكن هكذا عفواً جزافاً, ومن قبيل إطلاق القول على عواهنه ان يختار رئيس المجلس الجمهوري, القاضي الارياني, المؤتمر الطلابي (مايو 1970) مناسبةً, ومتلقين, لخطابه الذي وجههُ للمؤتمرين, و كان من أهم ما جاء فيه:
(ان الحزبية تبدأ بالتأثر, وتنتهي بالعمالة واننا نرفضها سواء جاءت تحت مسوح الرهبان, أو تحت قرون الشيطان)
طلاب الأربعينيات
كهربة العقائد .. وبلورة الرؤية
يمكن القول, تأسيسا على شواهد ومعطيات الواقع, أن شبابنا الطلابي من مطلع الأربعينيات (في القرن الميلادي الماضي), كان مختلفا عن شباب العشرينيات والثلاثينيات التي كانت أهم صفاته, عدم التدخل فيما لا يعنيه, على حد تعبير الآباء, والأساتذة, لأنه أحسّ نفسه, معنيا بالوطن, بتأثير بواكير الثقافة المعاصرة, فبدأ يخوض عدة ميادين نضالية, مواجها لواقعه , معلنا رفضه له, وتوقه لتغييره.
ففي أول الأربعينيات من القرن الميلادي الماضي, تبرعمت فكرة الحركة الدستورية, وفي 18 أشباط/فبراير كان قيامها, وفي ضحوة آذار/مارس, كان سقوطها. ولسنا بطبيعة الحال , هنا في موقف استغوار أسباب السقوط, بعد قيام قصير لحركة الدستور الشباطية, غير أن ما يهمنا منها, في مقامنا هذا, هو أن (الحركة الطلابية كانت أروع ظواهر ثورة الشباطيين التي كانت هدف سخط جماهير العاصمة مهد الحدث).
بعبارة أخرى (كان طلاب دار العلوم والثانوية "بصنعاء" أصدق جنود ثورة 48, وأحسّنهم تقبلا لها, وتوعية عنها).. ومن منظور البعض, من الباحثين المعاصرين للحدث, (فقد انتمت حركة الطُلاب, إلى خلفية ثقافية, أحرّ عناصرها, الشعر الاجتماعي والسياسي, فبلورت رؤيتها, وكهربت عقائدها, وأمتد التوهج بالتوهج, حتى سقوط الدستور) – عبدالله البردوني, اليمن الجمهوري, ط6, 2008م, ص254
وأيُ كان مآل الحركة الدستورية (فقد زاول الطلاب أدوارهم بكل استبسال, فثوّروا الجموع بالخطابات الحماسية, والقصائد الإيقاظية, التي كانت تُنشر خارج اليمن, ثم انتقلوا إلى ميدان الفعل, فحملوا البنادق وتعسكروا حول أسوار صنعاء, فأصبح طُلاب الثانوية, وطلاب دار العلوم, وطلاب الصحة, وطلاب الإشارة, أصبح كل هؤلاء معسكرا واحدا مختلف المواقع والقيادات, لكي يكسروا الحصار عن العاصمة, إلا أن خبرتهم في استعمال السلاح كانت غير كافية, أمام قوة الحصار المُدربة, وأمام الخيانة من الداخل.. لهذا أُسقطت العاصمة في شهر مارس, فدفع زعماء الطلاب ضريبة الحماس, فمنهم من استشهد, كعبدالله محمد الوزير, ومنهم من كابد السجن كعبدالملك الطيب, وعلى البوني, وعلى الواسعي, ومنهم من لاذ بالفرار كأحمد الخزّان وحسين عثمان الوزير, وحسين المقبلي) – البردوني , المصدر السابق, ص249

الخمسينات
الانتفاضات الطلابية .. البشير بالوعد المنشود، والدليل إلى المُنتظر
في الخمسينات من القرن الميلادي الماضي ، ازدادت إعداد الطلاب، أو القوة الثالثة كما يسميها السياسيون وذلك لازدياد عدد المدارس ، وإنبثاثها في مواطن يمنية عديدة أصبحت " مواقعاً جديدة تُضاف إلى المواقع القديمة ، وتُطيل ألسنة اللهب ، فبعد استشهاد (الثلايا) وزملائه عام 1955م ، خمد الشعب كخموده بعد سقوط الدستور ، فدلَّت ( المدرسة الأحمدية ) بتعز على أن في العرين أسوداً، ففجرت أول تظاهرة ، على قطع الرؤوس الكثيرة في تلك الحادثة ، وعلى هذا العنف ، برغم أن انقلاب (الثلايا) لم يستند إلى جبهات جماهيرية ، وإنما كانت التظاهرة العنيفة أول احتجاج شعبي على قطع الرؤوس الوطنية الذي كان من يوميات الحكم الأحمدي ، وكان هتاف المظاهرات يتقدُ بالغضب: ( لا إعدام لا إعدام .. يحيا الشعب يحيا الشعب ) وكانت هذه انصع صفحة في التاريخ الطلابي ، لأنها أنتقلت من الهمس والإنشاد ، إلى التفجر الشامل بين غمار الملايين ، وتحت الشمس ، لكي تشهد تيار التحول يمتد ويتسع "– عبدالله البردوني، اليمن الجمهوري ، ط 6،2008م، ص255
وبالتالي لا نحسبه بمجافٍ للحقيقة ، أو مبتعدا عن محجه الصواب ، من يرى بان هذه المظاهرة قد كانت "أول نقاط التحول في التاريخ الطلابي ، بل وفي التاريخ الشعبي ، إذ لم يعتد شعبنا قبل هذه التظاهرة الطلابية ، ما يسمى بالمظاهرات الجماهيرية ، فكانت تلك المظاهرة أول تنبيه إلى قيمة تحريك الشارع الشعبي "- البردوني ، المصدر السابق ص255
وفي العام 1956م ، لما كان العدوان الثلاثي على مصر جيّشَ الطلاب الجماهير ، وخرجوا في مظاهرة مطالبين بالتسليح والتطوع .
ولما تزايد أعداد الخريجين في دار العلوم بصنعاء ، الحّ الطلاب في العام 1959، على فتح مجالات العمل ، (وحتى لا تتفجر المظاهرات ويتمادى تيار الشباب في الاكتساح عنّ ل(الأمام أحمد) إسكات المطالبين فأمر بفصل مئتي طالب من جميع المدارس) .
ورداُ على هذا الإجراء ، أقدم الطلاب على، ظاهرة سطحية ، إذ "تجمع، طلاب ( دار العلوم ) ، وقرروا أن يجتمعوا، في جامع ،(قبة المتوكل) ، كل ليلة ، ويطلقوا احتجاجهم، من هناك ، على مقربة ، من القصر (بصنعاء)، في مأمن من القبض عليهم ، إلا أن هذه الظاهرة السطحية ، تطورت بما حولها من الاشتعال الاجتماعي ، والعامل الأكثر أهمية ، تضامن طلاب ( التحضيرية)، و(الثانوية) ، مع طلاب (دار العلوم ) ، فقد تبلورت ، فكرة كظاهرة عامة، ضد الأوضاع بجملتها ، غير أن طلاب (دار العلوم ) أحجموا لوقار العمائم بجانب طفور المظاهرة وتدفق أمواجها وحسم ( الإمام ) الأمر بإلغاء فصل الطُلاب".

من إرهاصات بواكير الستينيات
في العام 1961م, كان الغضب الشعبي, قد تجاوز مجالس القات إلى الثكنات والمدارس, وبذا "أصبحت المواجهة بين حقيقة (الإمام), ومداجاته علنية، في قصيدة إمامية" نددت بالإشتراكية العربية, ودعت "إلى الوحدة بلا ثورية, وكانت قصيدة (أحمد) هذه, مادة اخبارية هامة ،لأنها ذات طابع فقهي سياسي, ولأنها بيان شعري:
ولا يجوز أخذ مال الغير إلا بأن يرضى بدون ضير
بحجة التأميم والمعادلة بين ذوي المال ومن لا مال له"
وعند انتصار ثورة الجزائر عام 1961م, اختمرت فكرة الاحتفاء بالمناسبة, فاجتمعت الاندية الرياضية في سيئون (نادي الشباب, نادي الاحقاف, نادي الموظفين) وعدد من الشخصيات الوطنية, وكان على رأس المتحمسين للاحتفالية, الأخ أنور خالد (من الناصريين, العاملين بإدارة الزراعة في سيئون) حيث سخر كل الامكانيات المتوفرة لديه في الادارة التي يعمل بها، من سيارات, وبالونات, والمنصة التي نُصبت بالشارع المعروف ب (ساقية البلاد)، وباقتراح من نادي الشباب بسيئون اصبح الشارع وإلى يومنا هذا يعرف ب (شارع الجزائر) . وقد القيت في الاحتفالية، كلمات الاندية ، والشخصيات الوطنية ،فضلاً عن قصيدة وطنية للشاعر الاديب عبد الرحمن أحمد باكثير- عبد القادر أحمد باكثير, مذكرات عن مراحل النضال والتحرير 1960- 1969 حضرموت, ط1, ج1, 2008م, ص44.
إلى ذلك في سبتمبر من العام 1961م, لدى انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة, نظَّم اتحاد الطلبة الحضارم والاندية الشعبية, بإيعاز من حركة القوميين العرب، مظاهرة سلمية, نددت بالانفصال مثلما كان تنديدها بمحاولات الاستعمار البريطاني, إحداث الوقيعة بين الشعبين في السلطنتين القعيطية، والمهرية، عند الإعلان عن اكتشاف النفط في منطقة (طرفيت), واعتبار المنطقة المكتشفة مهرية وليست قعيطية
وقد الهبت الخُطب التي اُلقيت، في المظاهرة، حماس الجماهير, وكان الخُطباء فيها:
أحمد عوض باوزير امام السكرتارية بالمكلا
حيدر أبوبكر العطاس امام القصر السلطاني
وعلي سالم البيض امام المستشارية
اما موقف البعثيين فقد كان سلبياً من هذه المظاهرة, باكثير, المصدر السابق ج1, ص42,ص43-
(الوفاء بالوفاء) مابين (السلال) وشباب سيئون
بُعيد (96) ساعة، (30 سبتمبر 1962)، من إنتصار الثورة السبتمبرية، كان شارع (الجزائر) في مدينة سيئون ، يصطخب مبتهجاً،في تظاهرة إحتفالية شعبية ،شاركت فيها المدرسة المتوسطة،والمدارس الأهلية ،والأندية الثقافية والأدبية والجماهيرية،والهيئات الوطنية، وفرق الألعاب الشعبية، وتبارى الخطباء المفوهين والشعراء الألمعيين، في التعبير عن فرحة سيئون ، والوادي عامة، بانتصار الثورة . وقد حيا الشاعر الأديب عبدالرحمن أحمد باكثير، الحدث بقصيدة مطلعها:
حي وأهتف للثورة اليعربية .....عبدالقادر أحمد باكثير ، مذكرات عن مراحل النضال والتحرير 1960- 1969م حضرموت،ط1،ج1،ص44-
ولا أحسبُ إلا أنه قد نما لعلم الزعيم (السلال)، ماكان من السيؤونيين وأبناء وادي حضرموت عامة، ولما سنحت له السوانح ، لم تثنه المسافات الطوال، من أن يرد التحية بأحسن منها ، ويبادلهم الوفاء بالوفاء . وعند برقيته التاريخية ، بقية الحكاية:
من المشير عبد الله السلال
إلى الجبهة القومية/ سيئون
نهنئكم بسقوط السلطنة الكثيرية (2/ 10/ 1967م), ونتمنى لكم النجاح, والنصر دائماً. (04 أكتوبر 1967م)- كُررت إذاعاتها من إذاعة سيئون التي كانت حينذاك عبارة عن جهاز لاسلكي يغطي إرساله مدينة سيئون, كما نُشرت بنشرة "الزخف" التي كان يصدرها مكتب النشر والاعلام هناك بعد استلام الجبهة القومية للسلطة)
بعد أقل من (20) يوماً على انتصار الثورة
حرس وطني من الشباب في الحديدة
الثورية ليست حكراً على فئة, أو حزبٍ, أو حركة. أن أي منحى أو فئة يتجه نحو قضية الوطن, تحريراً, أو تقدماً, فهو ثوري. "د. حسين مروه"
يوم ال 16 من اكتوبر 1962م, اعلن راديو صنعاء عن تكوين حرس وطني من شباب الحديدة, ويبلغ تعدادهم (500) شاب, وقد دُربوا على احدث الاسلحة, وارتدوا ملابسهم العسكرية الحديثة, ليساهموا في الدفاع عن جمهوريتهم, ووطنهم بسواعدهم القوية. إلى هذا ذكر الراديو أن جملة ما تبرع به أهالي الحديدة للحرس الوطني بلغ في يومه الأول, مبلغ (26) ألف ريال.- اليقظة, العدد 243, سيف علي مقبل, من تاريخ الحركة الوطنية, ص237- فيما بلغ ما جُمِعَّ من مدينة تعز, حتى 7 أكتوبر ما يزيد عن خمسين الف ريال, وتتوالى التبرعات لصالح الحرس الوطني.- اليقظة, العدد 235, سيف علي مقبل, من تاريخ الحركة الوطنية, ص2

مظاهرة (لا نزال مُصرين.. على دخول المصريين)
كانت إدارة المعارف الكثيرية, قد أوفدت وفداً إلى القاهرة, لطلب مساعدتها بإيفاد مدرسين مصريين, للمدرسة المتوسطة بسيئون. وإثر عودة الوفد, الأحد الثالث من اكتوبر العام 1965م, صرح رئيسه, مساعد ناظر المعارف في السلطنة- آنذاك- محمد عمر الكاف, بأن الحكومة المصرية قد وافقت على ارسال بعثة من المدرسين المصريين, غير ان السلطات البريطانية ، رفضت منحهم تأشيرات دخول إلى البلد.وما أن انتشر الخبر في أوساط الطلبة, حتى انتظموا على التو في مظاهرة منددة بالاستعمار البريطاني, هاتفة بالشعار الرئيس للمظاهرة: (لا نزال مُصرين.. على دخول المصريين).واثناء سيرها في شوارع المدينة "انضمت إلى هذه المظاهرة فئات كبيرة من الشعب وآباء الطلبة, واتجهت صوب المستشارية البريطانية واقتحمتها, واحرقت الجماهير أربع سيارات, ومجموعة من الاطارات, وقطعت اسلاك اللاسلكي, وتصاعد الدخان لساعتين (تقريباً), ولم يعد مساعد المستشار البريطاني إلى منزله في ذلك اليوم, وتوجه إلى المكلا"- عبد القادر أحمد باكثير, مذكرات عن مراحل النضال والتحرير, 1960- 1969م حضرموت, ط1, ج1, 2008م, ص120
تجليات ستينية
كانت الحركات الطلابية بمجموعها عناصر وقود الثورة ، وعوامل انبلاجها كما دلت تلك المظاهر الطلابية الكبرى بصنعاء في منتصف العام 1962م ، والتي سبقت الثورة بشهور وكانت أصدق الإرهاصات ، وأقوى العلامات الدالة على اقتراب يومها ، وبقيادتها (المظاهر الطلابية) لأفواج الجماهير امتدت من طلابية إلى شعبية " لأن الطلاب في آخر الشوط اقتبسوا من نار الشعب، أكثر مما اقتبسوا من الكتب ٍوأوراق الجرائد، فإذا كان لهم فضل الاستجابة النارية ، فللشعب فضل الإلحاح والاستثارة ، لأنهم تعلموا منه أكثر مما تعلموا من المدارس والقصائد والصحافة، وإن كانت هذه على إختلافها قد وسعت مناطق الحس الثوري "
وقد انتهت الحركات الطلابية إلى ثورة تحررية ، أخرجت الشعب من قيوده ، إلى رحاب وجوده تحت أسطع الاصنداء "
" وإذا كان الطلاب قد أصبحوا ثواراً ، فإن الذي مازالوا طلابا قد أصبحوا زنود الثورة وسر خصوبة امتدادها , فعندما أعلنت الثورة (الجمهورية ) تدفق طلاب المدارس إلى المعسكرات، للانصهار بالثورة، والاندماج في موجها العارم ، مرددين الهتاف بحياة الثورة وموت خصومها ، فتشكَّل الحرس الوطني منهم ، ومن جميع القطاعات الشعبية ، فمنهم من قاتل ، ومنهم من انتشر في المناطق يقاتل الخوف ، والجهل بسلاح التوعوية " و " لما انتهت مهمة الإرشاد الذي لا ضرورة له ، عرف الطلاب أن الشعب قد بلغ الرُشد ، وعليهم أن يلتحقوا كليا بمواقع قتال المؤامرات ، وسجلوا على كل ذرة تراب أشعة من شروق المستقبل "
(وعندما كانت الأسلحة تدفن المؤامرة وتمد ضحوات النصر ، كانت المهود والملاعب والمدارس الابتدائية تزخر بمئات التلاميذ المنتظرين ، فعدما أصبح طلاب آخر الخمسينات قادة وجنوداً ، أصبح أطفال ذلك ،الحين طُلاب مدارس لكي يلتحقوا بالموكب المضيء ، وشهدت لهم منتصف الستينات عددا من الانتفاضات كمظاهرة 65 على انتهاك مقررات مؤتمر عمران ومظاهرة 30 أكتوبر 67م على لجنة التصالح التي أرادت أن تجعل ثمار الدماء رمادا، وتضحيات البطولة استسلاما، لهذا أحبطت مظاهرات الطلاب الاكتوبرية خطة الوساطة المشبوهة ) - البردوني ، المصدر السابق" ص258
وفي العام 1967 تجند كل الطلاب في المقاومة الشعبية ، كما تجند من قبل ، زملاء لهم في الحرس الوطني ، ذلك كي " تشرق الأفكار أعمالاً ميدانية ". وقد كانت المشاهد تثير الروعة والإعجاب ، فأبن الثالثة عشرة ، كان يقاتل إلى جانب أبن الأربعين، بنفس المستوى، حتى قال بعض معمرينا وهو يرى مظاهرة طلابنا عام 62م : ( من يدري أن شعب المستقبل هو هؤلاء التلاميذ الصغار) . وقال بعض المجربين في حرب السبعين: (أن هؤلاء الأطفال يغرون المرتزقة بما في أيديهم من سلاح فلا يحصلون إلا على مصارعهم السريعة ) . ولا أحسب صديقنا الشاعر العذب الجميل سعيد محمد بن هاوي باوزير (أبو سراج) إلا معبراً وترجماناً للسان هؤلاء ، حين قال في غنائية سبعينية رائعة له ، شلتها ( ألف حارس على بُن اليمن ألف حارس ):
جيلْ(نشوانْ ) أسسْ في مرابِعكْ تأسيسْ
جيلْ صادقْ وفيْ يحُولها الصحاريْ فراديسْ
في المصنعْ .. وفي المدرسةْ .. وحتى المتارسْ
أنا على العهْد والميثاقْ يا أُختْ بلقيسْ
أنا وأنتِ .. وحبي ما تسعنا القواميس
أنا مكاني مطولِّ .. على رغمْ الزمانْ المعاكسْ
ألفْ حارسْ على بُن اليمنْ ألفْ حارسْ
ومع الإعتذار لأبي سراج ( عشرين مليون حارس , على بُن اليمن ، عشرين مليون حارس)
أقوى عناصر الثورة ... مغيّب في حكوماتها
مما هو مشهود ملموح أن الشباب والطلاب, كانوا في أربعينيات وخمسينيات, وستينيات, وسبعينيات, القرن الميلادي الماضي, أقوى عناصر الثورة (سبتمبر/ أكتوبر) , وأقوى توهج للحركات الوطنية وأحر نبضاتها في تلك الفترة المطبوعة بالتفجر الشعبي.
وعلى ما اجترحوه من مآثر وبطولات, وما قدموه من تضحيات في حركاتهم وانتفاضاتهم الإرهاصية للثورة, وأدوارهم في تبرج شمس صباحاتها والدفاع عنها, غير أن حكوماتها (الثورة) لما تشكَّلت, استكثرت أن تخص الشباب والطلاب بوزارة تُعنى بشئونهم وشجونهم, فكانوا في حال من يُدعى عند المغرم, ويُغيَّب عند المغنَّم, حيث إلفينا أول حكومة شكّلها الزعيم عبدالله السلال في 31 أكتوبر 1962م, وقد تكونت من أكثر من (25) وزارة ، بما فيها القبائل ،والبلديات، والقرويات, وليس فيها وزارة واحدة للشباب والطلاب, ولو حتى بوزير من العواجيز.
وهكذا كان حال أول حكومة شكّلها الرئيس قحطان محمد الشعبي في 30 نوفمبر 1967م , من نحو (13) وزيراً.
ولم يستجد جديد في تعديلات وزارية عديدة لاحقة, ولا في عدة حكومات شُكلت بعد ذلك.
من ملامح شباب السبعينات
ما كادت الستينات من القرن الميلادي الماضي، تطوي صفحتها ، حتى بزغت قوة شابة من مواليد آخر الأربعينيات, وبدء الخمسينات, فعززت هذه العناصر الجديدة ، مواقع القوى الثورية النقية, وشهدت أيام السبعينات أبناء المدارس يحملون البندقيات بدلا من الأقلام, ويكتبون صفحة جديدة في كتاب التحولات. في ذلك الحين تعززت القوى الثورية، بقوة جديدة ، نشأت لكي تتنامى كيفاً وكماً, إذ أصبح مواليد الخمسينات في العشرينات أو على أبوابها, وكان هذا الرعيل أول رائد للمواكب الشابة, والتي سوف تشب والوليدة, والتي سوف تولد, لهذا خاف تجار الحرب من تصاعد هذه القوى وتدفق أفواجها, وأرادوا أن يحرموها فرصة التجربة الحارة, فتعالت دعوة التصالح قبل أن تحقق الحرب أي هدف ، غير قيام الجمهورية العربية اليمنية, واحتمال تغير أسمها، في دعوات كانت قيد الطبخ, غير أن القوة الشابة واصلت تكاثرها, فحاولت المؤامرات عدة طبخات:
- التجهيل عن طريق التعليم
- الإلهاء بالمناصب
- حرية الاستيراد والتهريب
- الإتجار بالسلاح
- إفتتاح الأوكار السرية
وما أشبه الليلة بالبارحة. - من يروم الاستزادة فليعد لعبدالله البردوني , ص416, 417 وصفحات أخرى عديدة في كتابه (اليمن الجمهوري), ط6, 2008م
العقد الثاني من الألفية الثالثة
(2011)
الثورة الشبابية السلمية
خيركم في الجاهلية. خير في الاسلام "حديث نبوي"
ثمة من يذهب إلى تعريف التاريخ- في بساطة وايجاز شديدين- بأنه "يعني الحركة الدائمة المتجددة والمتطورة لحيز المجاميع البشرية- المؤرخ الأديب الاستاذ محمد عبد القادر بامطرف, حوار هاتفي أجراه الباحث معه بمناسبة العيد ال17 للاستقلال الوطني (1984) وبثته إذاعة المكلا في 28/ 11/ 1984م, كما نشرته صحيفة (الشرارة) بعد رحيل بامطرف في عددها الصادر في 6/ 8/ 1988م.
بعبارة أخرى "فالتاريخ ليس هو مجرد رصد للحياة الراكدة التي يحياها الانسان, وإنما السير لما فيه خير الشعب ورفاهيته فالتاريخ إذا, بعني, تسجيل التغيير إلى الأحسن.. وإلى الافضل باستمرار- بامطرف, المصدر السايق.
والتغيير الواعي فطرة الله التي فُطر البشر عليها دون سائر الكائنات, فهي مزية بشرية بامتياز.
لذا نجد الطبيعة البشرية, وبالأحرى النفس البشرية السوية, تعاني الرتابة والدعة, وتسأم الركود, باعتبارها مفطورة على حُب التجديد والتوق المستمر للتغيير, من منطلق إدراكها الواعي بأن المياه الراكدة تتعفن وتتأسن, وأن من سنن الحياة, ونواميس الكون, أن يعقب الليل النهار, والخريف يعقبه ربيع, وكما ان هناك حيوانات تُغير جلودها, كذلك الأشجار تُسقِط أوراقها لُتنبت غيرها أكثر نضارة وجدة.
ولعل حكمة الله, وتكريمه للكائن البشري, جعلت من الأخير, أداةً للتغيير وصنع التحولات, وفي الوقت ذاته جعلته هدف التغيير وحاصد ثمار نتائجه التي عمل هو على إنبات بذورها بنفسه, مصداقاً لقوله عزّ من قائل (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) صدق الله العظيم- (ماهو عندك (1). ومعنى هذا, فأن التغيير فعل بشري, لأناس تاقوا وتشوقوا لإحداثه, فنذروا أنفسهم للقيام به, ليصنعوا لأنفسهم به ومن خلال تاريخه, إذ أن هناك رجالا تصنعهم الأحداث التاريخية.. وهناك رجال يصنعون التاريخ بأنفسهم.- (ما هو عندك) (2) - المقولة ل(دزرائيلي) رئيس الحكومة وزعيم حزب المحافظين في بريطانيا في عهد الملكة فكتوريا وهو صاحب القول الذائع (ليس لبريطانيا اصدقاء دائمون, أو أعداء دائمون, بل لها مصالح دائمة)
كما يؤكد ذلك المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي لدى حديثه عن دور القائد في التاريخ, في كتابه "تاريخ الحضارات" وبالتالي (لا تصدقوا من يقول لكم: إن الظروف قد خلقت رجلا, بل صدقوا من يقول لكم: أن الرجال هم الذين يخلقون الظروف).
ذلك أن التغيير يقوم على فعل انساني, اختمر وتهيأ الظرف الزماني لإحداثه, فأحدث أثره في التحول وبالمناسبة فقد اقتصر البرامج الانتخابي للرئيس الامريكي, باراك اوباما, في ولايته الرئاسية الأولى, على شعار واحد, من لفظة واحدة لا غير, (التغيير).
وكأننا بثورات الربيع العربي بواكير العام 2011م قد تفجرت جوّابهة لشعار الحملة الانتخابية لأوباما, بعد نحو ثلاثة اعوام على انتخابه.
وكان الشباب, اقوى واهم عناصر هذه الثورات, بل واشرف وأنقى محركيها ومؤججي نارها "المقدسة". كما في حال الثورة الشبابية السلمية اليمنية في فبراير/ شباط من العام 2011م, والتي تفجرت لتمد نسغاً ربيعياً ما بينها, وبين ثورة (26 سبتمبر 62, 14 أكتوبر 1963).
إذ لا يساورنا مثقال ذرة من شك في ان الثوار الشباب الشباطيين السلميين, هم إمتداد, للسبتمبريين و الاكتوبريين وأرتال سبقت هؤلاء لمعتركات النضال التحرري التائق إلى التغيير, فثمة حبل سري ما بين الشباب الذي افترش الساحات 2011, واولئك الذين كانوا شباباً قبل (50) عاماً واجترحوا مآثر البطولة واسترخصوا الارواح, على القمم الشماء في عيبان, وشمسان, ومران, والضالع, وصبر, ويافع, وصيرة...
ولم يرى شباب الثورة الشبابية السلمية اليمنية, انهم أقل عظمة وجسارة واقتداراً, ممن سبقهم آباءاً وأجداداً, فقدموا في سبيل تحقيق اهداف ثورتهم السلمية, ألوفاً من المختطفين, والفين من الشهداء الشباب والنساء والاطفال, إذ في جمعة الكرامة وحدها استشهد 58 شاباً, فضلاً عن (22) الف جريح- (ماهو عندك) (3)- تقرير لوزارة حقوق الانسان, صحيفة (المصدر), العدد 198, ص7,20, مارس 2012م.
و"الفضل في هذا الاقتحام يرجع إلى تربية الأمهات العظيمات اللواتي أرضعن أولادهن وبناتهن قداسة الوطن, وعشق التضحية لوجهه"
أما ما يُقال عن المنضوين تحت لواء الثورة, لقناعة بها, أو الاحتماء منها, فالكتاب يستدل عليه من عنوانه, والبحر يستدل على عمقه وضحالته, من شاطئه, وكما في الحديث النبوي "خيركم في الجاهلية, خيركم في الاسلام" فهذه أسطع إشارة إلى وجود الخير في الحاهلية من المنظور الاسلامي, الذي جاء نقيضاً للجاهلية منها, مؤسساً نهجه من خير ما فيها. لأن البشر الذين اعتنقوا الإسلام, والذين قاوموه, من نبت العصر الجاهلي, وإنما أغصنوا في ظل الإسلام, فمنهم من مال اليه, ومنهم من مال عنه, ومنهم من انتظر العقبى. وإذا لاحظنا وجوه ذلك الحين فسوف نجد أصول نقاوتها تنتسب إلى قبل الإسلام, لكي تُشمِس فيه- البردوني, الثورة والثقافة في اليمن, ص186
وعلى هذا يمكننا تحديد من التحقوا بركب الثورة الشبابية السلمية, عن قناعة بها, ومن هرولوا لركوب موجتها خشية منها والاحتماء بها.
ويبقى سؤال, لا يمتلك الإجابة عنه, سوى شباب الثورة المفترش الساحات:
هل ما تحقق لثورتكم بعد (22) شهراً من سطوع شمس صباحها, يرتقي لمستوى ما تقحمتموه من دواهي, وتجشمتموه من صعاب, وقدمتوه من تضحيات؟

(اتحاد الطلبة الحضارم)
بين رصاص (الرابطة) في سيئون.. وقنبلتها في المكلا
أخطر فترة في حياة اي كائنٍ سياسي, بل واي كائنٍ إنساني, هي اللحظة التي يقرر فيها مواجهة الواقع. لأنه بهذا القرار يدخل في امتحان المصائر, فعلاً, فإما النجاح, وإما السقوط. "أ. محمد حسنين هيكل"
على الرغم من انقضاء نحو (47) عاماً على الحدثين المفصليين اللذين سنأتي عليهما بعد قليل، غير أن جراحهما، لا تزال غائرة في النفوس لم تندمل, فالمجني عليه (الطُلاب وأهاليهم وزملائهم وابناء محافظتهم ووطنهم) تُذكرِهُ النفوس التي زُهقت، والأعضاء التي بُترت، بما اُرتكب في حقه, فيما المتهم أو الجاني (الرابطة) كل ما يملكه حتى الآن وعلى مدى السنين الماضية, هو الإدعاء بأنه بُراء من كل ما هو منسوب اليه, والقول بأنها (ستكشف الأيام من قام بذلك ثم اختفى لسنين طويلة في منحة دراسية خارج الوطن).
وإلى ان تأتي الأيام بما يدحض "الاتهام, ويبرئ ساحة "المتهم" سيظل المجني عليه منتظراً. والآن نأتي على الحدث المفصلي الأول وإن شئتم (رصاص الجابري الرابطي). وعند إحد المشاركين في الحدث وشهود عيانه بقية الحكاية:
(حدثت المظاهرة في 10 سبتمبر 1966م والمعروفة (بأحداث الرابطة) وباعثها هو ان أحد أفراد التنظيم (الجبهة القومية) في القطاع الطلابي, حدثه فيصل حسين الكثيري (ابن السلطان) بان والده السلطان قد استلم برقية من المستشار البريطاني يفيد بوصوله سيئون صباح اليوم (10/9/1966) لمناقشة المقترحات الدستورية, فما إن انتشر الخبر في أوساط المدرسين والطلبة حتى انطلقت المظاهرة الساعة التاسعة من صباح يوم 10 سبتمبر 1966 من المدرسة المتوسطة حتى وصلت إلى السكرتارية والقصر السلطاني, ووصل المستشار الساعة العاشرة والنصف فوجد المظاهرة تجوب الشوارع. وعند مرورها أمام مقر الحزب (رابطة ابناء الجنوب العربي)* وقفت تندد بالعملاء والانتهازيين وبسقوط حزب الرابطة, حينها فقد عبد الله الجابري, أعصابه وأطل من النافذة ببندقيته عيار سبعة ملم, واطلق عدة طلقات سقط على أثرها عدد من الجرحى من بينهم, عبد القادر جواس, و برك هبيص وهما من الطلبة, وأمام هذا الحدث انضمت أعداد أخرى من المواطنين أمام القصر تطالب بإلقاء القبض على عبد الله الجابري وأعضاء الرابطة, ووصلت قوة من الشرطة المسلحة الكثيرية على رأسها القائد صالح بن سلعان, ومعه مكيرفون يطلب من الشعب الهدوء, ويقول أنه سيتأكد من هم الذين أطلقوا النار على الطلبة وسيلقي القبض عليهم, واستمرت المظاهرة في الاعتصام, حتى أُلقي القبض على الجابري)– عبد القادر أحمد باكثير, مذكرات عن مراحل النضال والتحرير, 1960- 1969م حضرموت, ط1, ج1, 2008م, ص121-
*في النصف الأول من العام 1966م "اُفتتح رسمياً في سيئون مكتب رسمي لرابطة ابناء الجنوب العربي بالقرب من الناحية الجنوبية الغربية لحديقة البلدية بسيئون, بمباركة السلطات الكثيرية ورعايتها وجاء عبد الله الجابري من عدن, وهو محرر جريدة (الفاروق) التي تصدر في عدن, وشن حملة شعواء في مجلته تعرض فيها شخصياً للشباب الذين تصدروا مؤتمر الهيئات, ووصفهم بأقذع العبارات, وتوجد لدينا قصاصات من هذه الأعداد, وكان تعليقنا عليها, بقول المتنبي:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل
- عبد القادر أحمد باكثير, مذكرات عن مراحل النضال والتحرير, 1960- 1969م حضرموت, ط1, ج1, 2008م, ص103-

(الرابطة) وقنبلة مسيرة المكلا
ان احداً لا يستطيع ان يحرك جموعاً كبيرة من الناس, حتى لو كان متآمراً,
مالم يمس وتراً حساساً لديهم . "د. فؤاد زكريا"
صلاح بن هشان:***
أتذكر أنني عادةً ما التقي بالرفيق ،عبد الرحيم عبد الصادق، عند مطعم صنعاء(المكلا) وفي إحدى الليالي وجدته في انتظاري وقال لي جاءنا خبر من سيئون أن حزب الرابطة أطلق النار على مظاهرة طلابية هناك فقلت له أنه لابد من أن يكون لنا موقف نرد به على هذه العملية الإجرامية وتوجهت مباشرة إلى مقر الاتحاد(اتحاد الطلبة الحضارم) وهناك كان برفقتي سعد سالم فرج وعبد الله علي بن زقر وعدد من الطلاب وبدأنا على إعداد خطة لتنفيذها في اليوم التالي اتفقنا على الإعداد لمظاهرة طلابية. وأتذكر الآن أننا في تلك الليلة توجهنا آخر الليل إلى منزل الأخ عبد الله صلاح الذيباني وكاناً يملك دكان لبيع القماش, وقدانزعج والده من زيارتنا في تلك الساعة المتاخرة من الليل ولكن كنا بحاجة إلى (طاقة قماش) فقال لوالده هؤلاء لديهم جنازة يوم غد ويطلبون قماشا وخرج معنا على هذا الأساس فاشترينا القماش وبقينا طوال الليل نعمل على إعداد اللافتات والشعارات وكانت الأمور مرتبة على مستوى التنظيم (الجبهة القومية) وفي الصباح الباكر توجهنا إلى الثانوية ومن الثانوية انطلقت المسيرة باتجاه المكلا حتى مقر (اتحاد الطلبة) وعند عودتنا وقفنا أمام مقر حزب الرابطة. وأتذكر انه يومذاك كان الرفيق فيصل علي العطاس يلقي خطبة حماسية من على سيارة، ويندد بالعمل الإجرامي للرابطة.وكان أعضاء الرابطة مسلحين و بإمكان أي مسلح منهم اصطياد ، فيصل العطاس بطلق ناري في تلك اللحظات وللأمانة كانت جرأة وشجاعة نادرة من الرفيق فيصل أن يندد ويسب ويشتم تحت مقر حزب الرابطة ويدين مثل ذلك العمل الإجرامي، إلى أن فوجئنا بدوي قنبلة وتحولت المكلا يومئذ إلى مأتم.ولكن كان لهذه العملية آثارها الايجابية علينا والسلبية على الرابطة، حيث كشفت هويتهم أمام الجماهير. ** اتكأت في شهادتيه ، هذه ، والمنبثة بالصفحة ( ) من الورقة البحثية، فضلاً عن شهادات رفاقه(عباس العيدروس،عبدالرحيم عبدالصادق ، خالد عبدالعزيز)، ورئيس حزب الرابطة في حضرموت (1966) سالم حسن باجوه،على نسخة من ملف وثائقي بلقاءات مع من عدد من مناضلي الثورة ، وثوار حرب التحرير ،مُهدى لي من الزميل والصديق الخلوق الأستاذ الإعلامي سالم بن غالب بن بريك، عند زيارته لصنعاء في العام 2009م، فلهُ جزيل شكري وعظيم إمتناني عبر المسافات الطوال. (الباحث)
عباس حسين العيدروس:
كانت الرابطة تعتبر الطلبة خطرا عليها وتحقد عليهم لأنه ماكانت تخرج مظاهرة الا وترى الطلاب في مقدمتها, ونحن في الجبهة القومية كنا نعتبر الطلبة أولادنا وفلذات أكبادنا وهم المستقبل لبلدهم . وفي يوم السبت الموافق 10 سبتمبر سنة 1966م وصلنا خبر من سيئون أن المندوب السامي البريطاني سوف يصل سيئون في زيارة للسلطنتين الكثيرية والقعيطية, فأعطت الجبهة القومية توجيهات للقيادة الطلابية في الداخل(الوادي) وقررت القيام بمسيرة طلابية احتجاجا على هذه الزيارة وتأكيدا على مطالب الجبهة القومية في لاعتراف بها وحق تقرير المصير والاعتراف بالقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن الجنوب العربي. وأثناء مرور المسيرة تحت مبنى فندق بسيئون كان يقيم فيه عبد الله الجابري احد قادة الرابطة لم يستطع الجابري أن يتمالك أعصابه وهو يرى هذه المظاهرة الحاشدة تهتف وهي تحمل لافتات الجبهة القومية فحمل بندقيته وأطلق النار على الطلبة وأصاب عدد منهم.. برك هبيص بُترت يده نتيجة للإصابة. وأحدثت العملية نوعا من الاستياء والاستنكار في أوساط الناس، وتفاصيل هذا الحادث وصلت في برقية مرسلة من سيئون إلى المكلا،إلا أن مسئول البرقيات في المكلا كان عضوا في الجبهة القومية فأخفى البرقية عن السلطات، واحضرها لنا، فقررنا تسيير مظاهرة كبرى، في المكلا، احتجاجاً على هذا الفعل الشنيع، ضد طلابنا في سيئون، وقررنا أن تتحرك المظاهرة صبيحة يوم الاثنين 12 سبتمبر عام 1966م.
وفي نفس هذا اليوم، تحركت المظاهرة، حوالي الساعة الثامنة صباحا وكنتُ وقتها، أقوم بالتدريس، في ثانوية المكلا، ومررنا على المدرسة الوسطى في الشرج (حي العمال)والتحق بنا طلاب هذه المدرسة، وكلما قطعنا خطوات، التحقت جموع من الناس بنا، وسارت المظاهرة حتى السكرتارية في (المبنى المطل على سكة يعقوب) وهناك قام الرفاق بإلقاء الكلمات المنددة بالفعل الذي قام به العضو ألرابطي. وبانتهاء القاء الكلمات المنددة تفرقت جموع المتظاهرين ،وفي طريق عودة الطلبة إلى مدارسهم لاستكمال اليوم الدراسي، مررنا تحت مقر حزب الرابطة، وكان كل أعضاء قيادته موجودين فيْ، فألقى احدهم قنبلة بين الطلبة فأوقعت شهيداً (خالد بن هامل) واحدا وخمسين جريحا، وكانت جراح البعض منهم خطيرة، مثلا جعفر باصالح بُترت ساقه. وكان معظم المصابين من الطلبة. وبهذا الفعل، ساد تنديد، وغضب ،وحاول البعض من المواطنين اقتحام مقر الرابطة، لكن الشرطة سارعت باعتقال الموجودين داخل المقر.
الجبهة القومية قامت بعملية ضغط كبيرة جدا، على السلطات، من اجل أن تكون حازمة مع المجرمين ،فأصدرنا بيانا، دعونا فيه، إلى إضراب شامل، وقد قامت السلطات باعتقال الرفيقين فيصل العطاس وخالد باراس لتخفيف حالة ألهجيان الجماهيري، ولخوف السلطة ، من حدوث صدام، بين الرابطة والجبهة القومية قامت بعملية الاعتقال، نوعاً من الوقاية، حتى لا يتأزم الموقف، من وجهة نظرها، ونتيجةً للغيظ الجماهيري ألقت السلطة القبض على قيادات الرابطة وقدمتهم للمحاكمة . بدورنا قمنا بتوزيع منشور وتنظيم لقاءات في أكثر من مكان، ودعونا لمؤتمر الهيئات، الذي عُقد في الشحر في 23 سبتمبر وشكَّلت الهيئات, لجنة للمتابعة، فأرسلنا الأخ فيصل العطاس إلى القاهرة، من اجل الاتصال باتحاد المحامين العرب، والحصول على مساندتهم بإرسال بعض المحامين ولكن السلطات البريطانية لم توافق على منح تأشيرة لهم، بالرغم من أن حزب الرابطة أثناء المحاكمة استقدم محامون. و بعد هذه الحادثة لم تقم للرابطة قائمة.
كما شُكلت لجنة للتبرعات لصالح المصابين ، و تم إرسال جعفر باصالح إلى لندن وعملت له ساق صناعية كذلك برك هبيص عُملت له، ذراع صناعية. وجمعنا التبرعات، ووزعناها على أهالي المصابين، كما نظمنا زيارات للجرحى في المستشفى وكنا على اتصال دائم بهم.

عبدالرحيم عبدالصادق باوزير:
قامت الرابطة, بالتصدي لمظاهرة طلابية, واستخدمت الرصاص, في سيئون, ضد الطلاب, ووصلنا الخبر عن طريق شبابنا, قبل أن يصل إلى السلطة, فعقدنا اجتماعا للشعبة التنظيمية, وقررنا القيام بتعبئة جماهيرية واسعة (لحرق) الرابطة, شعبيا ووُزعت الأدوار بيننا, وبعد خروجي من هذا الاجتماع, توجهت لصلاح بن هشان وسعد سالم فرج وبلّغتهم بالقرارات, وكلفتهم بالتحرك إلى المدرسة الثانوية, للقيام بالترتيبات لتنظيم مظاهرة وأعطيتهم الشعارات, والهتافات, وخط سير المسيرة بحيث تتوقف أمام مقر الرابطة في المكلا, ومحاصرة المقر, بتجميع اكبر عدد من الناس, لأن الهدف النهائي هو (إحراق) حزب الرابطة جماهيريا وقد استشهد في هذه المظاهرة الطالب خالد بن هامل وسقطت الرابطة.
فحزب الرابطة بعد هذه الأحداث تعرض لضربة قوية, شلت نشاطه وجعلته ينشط بمحدودية

خالد عبدالعزيز:
الرابطة, كان لها بعض الوجود الشعبي, ولكن بعد أحداث القنبلة, انتهت في حضرموت, ولكنها لم تنته في عدن, ولحج, و أحداث الرابطة بدأت في سيئون, بخروج مسيرة طلابية, أطلق عليها عبد الله الجابري الرصاص, و لما وصل الخبر إلى المكلا, تحرك القطاع الطلابي, تضامنا مع فرعه في سيئون, وقام بمسيرة كبيرة ندد فيها بإطلاق الرصاص على الطلاب, وسارت المسيرة في الشارع الرئيسي بالمكلا, وعند عودتها من سكة يعقوب, وأثناء مرورها تحت مقر الرابطة, وقد كانت به مجموعة من أعضاء الرابطة متواجدين وكأنهم استفزوا الطلبة, فقام الطلاب, يهتفون ضد الرابطة.. وتصاعدت الأحداث مما أدى بأحد أعضاء الرابطة المتواجدين في المقر, بأن يرمي بقنبلة, استشهد على إثرها, الطالب خالد بن هامل. كما أصيب عدد كبير من الطلبة من بينهم جعفر باصالح, بعد ذلك تمت محاكمة قيادة الرابطة على هذه الأحداث المؤسفة.
الرابطة بعد هذه الأحداث, فروا من حضرموت, إلى دولة مجاورة, وسقط حزب الرابطة في حضرموت.
سالم حسن باجوه.. رئيس حزب الرابطة بحضرموت عام 66م.
• انضممت لحزب الرابطة, أواخر عام 61م أو 62م, بواسطة الصديق الحميم, سالمين عمران باصرة, حتى إن وصولي لرئاسة الحزب, كان له الفضل فيه. وللحقيقة فالذي أسس فرع الحزب في حضرموت هو ولست أنا, فأنا لا اعرف شيئا عن التأسيس, ولكن الحماس, والاندفاع, والتوق للحرية, والجرأة, والنشاط, كل هذه الصفات كُنت أتحلى بها. وهذه الصفات كانت مطلوبة ومرغوبة. واذكر أنه أثناء تأسيس فرع المكلا, بعد اطلاق قانون الحريات, عُقد اجتماع, ضمَّ عدد كبير, من الأعضاء, وحضر هذا الاجتماع, عدد من الكوادر كمرشحين لرئاسة الحزب وهم:
- مبارك يسلم بن عمر.
- سالمين عمران باصرة.
- محمد عمر الحيد.
- سالم حسن باجوه.
فكان لسالمين عمران باصرة, دور في تزكيتي للرئاسة مع انه كان ضمن قائمة المرشحين.
• نحن تقدمنا بعد إصدار قانون اطلاق الحريات 64-65م بهذه المبادرة, حيث كان حزبنا يعمل سرا, قبل إصدار هذا القانون, ولكن أنتقل نشاطنا إلى العلن بعد إصدار القانون, وهو لا يمنع أي حزب من أن يمتد نشاطه خارج حدود السلطنة, فتقدمنا بهذه المبادرة, وحاولنا تأسيس هذا الحزب, أما عن الاسم الذي ذكرته (الحزب الاشتراكي العربي) مش نحن الذين تقدمنا بهذا الاسم.
• هذه الأحداث التي وقعت في سيئون يقال إنها في 9 أو 10 سبتمبر, حقيقة ليس لدي علم بها حتى 12 سبتمبر.
في صبيحة هذا اليوم, 12 سبتمبر, علمت أن الطلبة في المكلا, يعتزمون الخروج في مظاهرة احتجاجية, استنكارا لهذا الحادث, الذي وقع في سيئون لزملائهم, وأنهم يتجمعون في ثانوية المكلا.. وقد كشفت الأيام فيما بعد أن أيادي خفية خلف هذه الأحداث.
• قنبلة الرابطة, كما قيل, أنا بريء منها, وكذلك حزب الرابطة, قادةً وقواعد, فهذه كلها اتهامات باطلة مختلقة, فالقنبلة هي قنبلة صلاح بن مهنأ, صحيح أنا كنت في مقر حزب الرابطة أثناء سير المظاهرة بجانب المقر, وأيضا لحظة إلقاء القنبلة, من مقر حزب الرابطة, باتجاه الطلبة, والكل يعرف أن كثير من الاعترافات تأتي تحت الضغوط نفسية, أو التعذيب بالضرب, وهذا لا يعني أن الاعترافات لا تأتي إلا تحت التهديد, بل ان هناك كثير من الاعترافات تأتي طوعية, لصحوة في الضمير, مثلاً, بعد ارتكاب جُرم أو ذنب, غير أن هذه الاعترافات, التي هي منسوبة إليَّ انتزعت منا بقوة التعذيب, الضرب في مختلف أنحاء الجسم, نزع الأظافر, التعليق في الهواء مع الضرب, كما هُدد بعضنا بإدخالهم, في براميل بها مياه باردة وأخرى ساخنة.
• ممن حققوا معنا أنا اعرف الرائد محمد عبود ألكثيري, وهو نفس الشخص الذي كان المدعي العام عند محاكمتنا, وكنت اعرف عنه, انه صهر للمشير, صالح يسلم بن صميدع القائد العام للقوات المسلحة القعيطية
- وجهت لكم اتهامات عديدة في صحيفة الاتهام, منها المساهمة في نقل أسلحة, من لحج في سيارة لاندروفر, عبر المشهد, وأحضرتها إلى منزل ..... بن مرضاح العضو ألرابطي, وإنكم ترأستم اجتماعا في بيته قبل وقوع حادث القنبلة بيوم واحد في 11 سبتمبر في منطقة (ديس المكلا) ونتج عن هذا الاجتماع, كما ورد أثناء المحاكمة, في صحيفة الاتهام, تشكيل مكتب عسكري, برئاسة العضو ألرابطي عبدان, وتم أيضا توزيع المهام بينكم, وإنكم اتخذتم لأنفسكم أسماء مستعارة (بغرض التمويه) منها على سبيل المثال حسام العرش, (لك)؟
• من حق كل حزب, في تلك الفترة الكفاحية, إختيار, وإتخاذ, أساليب معينة للعمل, كاتخاذ الأسماء المستعارة ضماناً للسرية, وكذلك من حق كل حزب, أو تنظيم, في تلك الفترة, أن تكون له قيادات عسكرية.
أما قولي عن الاتهام الأول كما ذكرت, أنا اليوم وفي 2 يونيو 2000م صدقنا, منذ أن خلقت وحتى هذا التاريخ, لقد حوكمنا بذنب لم نرتكبه, كما أنني ومنذ أن خلقت, وحتى هذه اللحظة, اقسم بالله العظيم ثلاثاً, وأنا في هذا السن 70 عاما لا اعرف لحج, ولم أزرها حتى اليوم إطلاقا.
- حزبكم كان من أنصار الخيار السلمي سبيلاً لإنجاز الاستقلال.. ما الذي دعاكم في هذا الاجتماع ب(منزل بن مرضاح) إلى تشكيل مكتب عسكري وتشكيل فرق ردع كما ورد في محاضر التحقيق؟
• أنا قلت لك, من حق كل حزب, أن يكون له فكر, وخيار, وأنت تعرف, أن هناك كلام عن المال, ويصبح هذا الكلام مجرد ثرثرة فقط. كلام للنقاش فيه. عمل ينفذ, وفيه عمل لا ينفذ. واستطيع أن أؤكد لك أننا لم نقم بأي اعتداء لا بقنبلة ولا برصاصة ولا بعصا ولا حتى بحجر.
- وما الأسلحة المضبوطة في مقر حزبكم بعد حادث القنبلة ومن هذه الأسلحة قنابل ورشاشات ومسدسات؟
• المسدسات اعتقد إنها خاصة ببعض الأعضاء, فالبعض منهم يحملون تراخيص.
- والقنبلة التي ألقيت على الطلبة من مقر حزبكم؟
• أولاً.. لعلمك, المظاهرة جاءت من الشرج, ومرت تحت مقر حزب الرابطة, ولكن عند عودتها, دخل علينا رجل, يدعى صلاح سالم بن مهنأ, وحقيقة أنا لا اعرفه, ولكن هو الذي ابلغني باسمه, كما إنني لم التقي به قبل ذلك اليوم. جلس إلى جانبي وقال لي ( أنا جئت مدافع عن الحزب وعندي قنبلة دخانية اهديها للحزب للدفاع عن نفسه).
فقلت له (نحن لا نعرف لا قنبلة دخانية, ولا غيرها, ولا نقبل قنبلتك). فخرج من عندي وبعد لحظات سمعت دوي الانفجار.
والمقر, كان عبارة, عن أربع غرف, كنت لوحدي في غرفة الأمانة العامة, والآخرين كانوا يتنقلون من غرفة إلى أخرى, منهم بركات باوزير.
- كيف لم تلتقي, بصلاح سالم بن مهنأ قبل ذلك اليوم, وفي محضر التحقيق, ذكرت انه حضر, وشارك في الاجتماع الذي تم في منزل بن مرضاح؟
• أبدا اقسم بالله العظيم وبسمائه وأرضه لا اعرف صلاح بن مهنأ ولم التقي به, إلا في تلك الساعة, وباعتقادي, أنها اقل من ربُع ساعة إلي قلت له فيها لا اقبل القنبلة.
• نحن فرع من حزب رئيسي, ولدينا في حضرموت هيكل هرمي خاص, وشُعب, ثم فرق, ثم حلقات, وهي موزعة على كافة القطاعات المدنية والعسكرية.
• وفي السلطنة الكثيرية, الرابطة يقودها عبد الله الجابري, رحمه الله, وربما هناك تشكيلات في وثائق قيادة الحزب بسيئون أنا لا اعرف عنها أي شيء.
- إحدى مراسلات فرع دوعن في تلك الفترة كانت تشكو من الإهمال وانعدام التنسيق لنشاطكم؟
• أولا.. ينبغي أن تعرف, أن أنا, وسالمين عمران باصرة, من كونا هذا الفرع (الحزب). وبصراحة, أعضاء هذا الفرع, انحازوا في الأخير إلى جانب الجبهة القومية, ولذلك أصبح نشاط فرع دوعن شبه مجمد.
• شيخان الحبشي, هو أستاذ, وصديق, ووجدت فيه الأخ الرحيم, والصديق الحميم, والأستاذ الحكيم, والقائد العظيم, وسأظل احمل له كل تقدير واحترام, وشيخان الحبشي ليست له أي صلة بأحداث القنبلة, فالرابطة, قيادات, وقواعد, تعرضت لمؤامرة, وأثناء ما كنت في السجن سلمني الرائد محمد عبود ألكثيري برقية قبل أن يرسلها للأستاذ شيخان الحبشي واذكر جيدا ما جاء فيها:
تقول, باجوه هل تستطيعوا الدفاع عن أنفسكم, هل تريدوا محامين للدفاع عنكم وكنت أنا الوحيد في سجن المنورة أما زملائي الآخرين موزعين في سجون أخرى كالشحر وبروم ومناطق أخرى, وطلب مني الرائد ألكثيري الرد وبعد لحظات من التفكير قلت لا نريد محامين, نحن نستطيع الدفاع عن أنفسنا.
فرد ألكثيري عليّ, قل أنا..
قلت البرقية لسالم باجوه, وزملائه, وليست لي وحدي..
والحقيقة, كنت اعتقد أني قادر على الدفاع عن نفسي, وان غيري قد لا يستطيع, والحقيقة انه حضر محامي لبناني كما اعتقد للدفاع عنا.
• المحكمة كانت برئاسة بدر ألكسادي نائب لواء المكلا (أمين العاصمة) حينها وعضوية كل من:
- اللواء صالح يسلم بن صميدع.. القائد العام للقوات المسلحة القعيطية.
- احمد عبد الله اليزيدي.. قائد جيش النظام.
- ناصر عوض البطاطي.. قائد الشرطة المسلحة.
- الرائد محمد عبود ألكثيري.. المدعي العام للمحكمة.
وقيل إنهم كانوا يريدوا أن يرأس هذه المحكمة السيد عبد الله محفوظ الحداد, فرفض, أو هم رفضوا, والله اعلم..
من مكونات الحركة الطلابية اليمنية
اتحاد الطلبة الحضارم / نموذجاً
الحركات الطلابية في بلادنا, أعمدة ضوئية لِعَلَمِ الثورة..
وانهار نارية على طول الخط التحركي. "أ. عبد الله البردوني"
كما في كل عمل, أو مشروع يحقق نجاحاً, يكون بمثابة المولود الجميل المكتمل النمو, الكُل يدعي أبوته, وانتسابه اليه, فيما العمل أو المشروع النقيض, اشبه ما يكون بالمولود الخديج اللقيط الكُل يتبرأ, وينفض يده منه, و(اتحاد الطلبة الحضارم) من مكونات الحركة, الوطنية, اليمنية, التي يمكننا إدراجها ضمن الأعمال, أو المشروعات الناجحة, وبالتالي المتنازع عليها من حيث فترة التأسيس, والمبادرة للتبكير بتأسيسه, فضلاً عن مؤسسيه, واللافت, أن المؤسسين, المختلفين, في رواياتهم, حوله هُم من نبعٍ واحد (الجبهة القومية) وهاكم شهادة كل منهم بنصها الحرفي, للأمانة التاريخية.
علي سالم البيض: (اكتوبر 1988) (بدأت العمل السياسي في اتحاد الطلبة الحضارم, في نهاية الخمسينات (58- 59م), وكُوِنَّ هذا الاتحاد في عدن, عندما كنا ندرس في المعهد الفني, ونسكن في داخلية كلية عدن, وشكّلناه من الطلبة الحضارمة, المبعوثين للدراسة من حضرموت, إلى عدن, فعدن بالنسبة لنا في ذلك الوقت كانت مهجراً),..
عبد الرحيم عبد الصادق باوزير: (التحق بكلية عدن في العام 1960م وكان صديقاً لحركة القوميين العرب ثم عضواً فيها في العام 1962م بعد اقناع محمود سعيد مدحي, علوي السقاف, عبد الله صالح البار, له بالانضمام اليها) لا نحسب روايته ببعيدة عن سابقتها, وان اختلفت في بعض التفاصيل, والاستفاضة فيها, ولنطالع النص الحرفي لرواية / شهادة الباوزير: (اتحاد الطلبة الحضارم أُسس في عام 1960م, و كانت هناك تحضيرات سبقت التأسيس الفعلي في عام 60م. وجرت هذه التحضيرات بين أوساط الطلبة الذين كانوا يدرسون في عدن, حيث شكّلوا من بينهم لجنة تحضيرية, قامت بإعداد مسودة الدستور, ووضع الأسس والهياكل, لإنشاء الاتحاد, ومن ثم النزول الى المدارس المتوسطة في حضرموت. وفي تلك الفترة التي تشكَّلت فيها اللجنة التحضيرية هذه كنت ادرس في المدرسة المتوسطة في الغيل (غيل باوزير) في السنة النهائية, واتذكر ان الرفيق علي البيض قد اجتمع مع مجموعة من طلبة هذه المدرسة, وكنت احدهم, واتفق معنا على ان استلم قيادة الاتحاد في الداخل (يقصد وادي حضرموت أو نطاق السلطنة الكثيرية), ومتابعة التحضيرات لإنشاء الاتحاد, ومفاتحة السلطات بإعطاء الشرعية لنشاطه. بعد هذا الاجتماع وانتهاء العام الدراسي غادرنا المكلا إلى عدن في العام الدراسي الجديد. وفي أكتوبر, عام 1960م, عُقد اجتماع موسع للطلبة الحضارمة, الدارسين في كلية عدن, وتم تشكيل لجنة تحضيرية لأعمال المتابعة, كنت انا أحد اعضاءها ، وعبد الله البار ، وأحمد سعيد باصالح, واستطيع القول ان قيادات المرحلة الأولى هم ، علي سالم البيض, وحيدر أبو بكر العطاس, وأحمد مبارك بلعفير, وعباس حسين العيدروس فهؤلاء قاموا بإبراز الفكرة, ولكن تبلورها, ودخولها حيز التنفيذ, كان في العام 60/ 61م. لأنهم كانوا قد تخرجوا في كلية عدن ونحن استلمنا العمل القيادي مكانهم, وتابعنا الاجراءات مع السلطات, واستصدرنا الترخيص بنشاطه, وشُكِلت لجان الاتحاد على النحو التالي:
اللجنة العليا (في عدن وهي القيادة المركزية لنشاط الاتحاد) ومكونة من: عبد الله البار, عبد الرحيم عبد الصادق باوزير, أحمد سعيد باصالح, فيصل الكسادي, وخامس لا تسعفني الذاكرة بإسمه الآن.
لجنة فرعية بالمكلا مكونة من: صلاح علي بن هشان, وسعد سالم فرج, إلى جانب اخرين لا اتذكر اسمائهم الآن
لجنة فرعية في سيئون (لم يأتي على ذكر أحد منهم) ويستطرد:
الاتحاد قام بدور سياسي نشط, رغم الحظر على نشاطه في الجانب السياسي من قبل السلطة, ولكن دخلنا في صراع مع السلطة في حضرموت, في ذلك الحين, لإقرار كثير من بنود دستور الاتحاد, وكان للسلطة تحفظات على كثير من بنود الدستور, حيث تم شطب كل الجوانب المرتبطة بالنشاط السياسي والنقابي, وحاولت ان تجعل من الاتحاد إطاراً, يوحد نشاطات الطلاب المدرسية, بدون اقحامهم في النشاطات الاخرى, الاجتماعية, والسياسية, والنقابية, وتم تصديق السلطة على الدستور بعد اجراء عمليات الشطب والحذف, وبدورنا كنا بحاجة أولاً إلى استصدار ترخيص يسمح لنا بالنشاط, ومن ثم استقطاب الطلبة إلى هذا الإطار, ولهذا قبلنا بالحد الأدنى, بأن نعمل في الظاهر حسب البنود المُعلنة, وفي نفس الوقت ظلينا نمارس من خلال الاتحاد كثير من النشاطات المحظورة. وفي تلك الفترة كان اتحاد الطلبة الحضارمة هو الذي يقود الحركة السياسية في حضرموت, ولعب دوراً بارزا, في تحريض الجماهير, وتحديد مواقف فاعلة في, ومن الاحداث المحلية, والعربية, والدولية. لكن التحول الهام في نشاطه بدأ في العام 64م لأن بعد 64م استخدم الاتحاد, أداة, أو وسيلة, لتوسيع قاعدة التنظيم (الجبهة القومية) في اوساط الطلبة, وهذا يعني, انه تحول بدرجة رئيسية, إلى النشاط السياسي التنظيمي السري, إلى جانب العلنية في استقطاب اوسع عدد من الطلبة لعضوية الاتحاد لتمكينه من ممارسة نشاطاته الجماهيرية والسياسية وهذا يعني أن قيادة الاتحاد كانت تقوم بدور مزدوج.
ويخلُص باوزير للقول: القطاع الطلابي, كُنت انا المسئول المباشر عنه, وحلقة الاتصال الوحيدة للرابطة الطلابية, بالقيادة. وكانت القيادة الطلابية في هذه الفترة مكونة من اثنين فقط, صلاح علي بن هشان وسعد سالم فرج, وكانت موزعة على مجموعتين: صلاح بن هشان يترأس الخلية القيادية الأولى وسعد سالم فرج يترأس الخلية القيادية الثانية وفي البداية لم يكن (سعد) يعرف اعضاء الخلية القيادية الأولى, وكذلك صلاح بن هشان لا يعرف اعضاء الخلية الثانية, ولكن بعد أن تعززت الثقة بدأت عملية التعاون من خلال النشاطات المتكاملة في اطار هذا القطاع.
عباس حسين العيدروس (رئيس نقابة المعلمين في حضرموت 1966م, ومدير التربية والتعليم فيها بعد الاستقلال) : التحقت بحركة القوميين العرب سنة 1959م, من بين طلبة كلية عدن في ذلك الوقت, وكنت وزميلاً لي اسمه منصور عوض بن زيمة, يعمل الآن محاسباً في سفارتنا بموسكو, أول اثنين من حضرموت التحقا بحركة القوميين العرب. وفي تلك الفترة أول عمل بدأنا به, هو أن نقيم اتحاد لطلبة حضرموت, ومن خلال علاقتنا بزملائنا في القسم الداخلي في كلية عدن بدأنا العمل, ومحاولة استقطاب عناصر من بين طلبة الداخلية, في محاولة للم شمل الطلبة, من ابناء حضرموت, بهدف تكوين هذا الاتحاد, خصوصاً, وانه في تلك الفترة كانت السلطات الاستعمارية في عدن, تعارض قيام أي اتحاد طلابي بعد اضرابات 56م, والغاء الاتحاد الطلابي في عدن, ولذلك كانت الفكرة من خلال المناقشات في اطار حركة القوميين العرب, قيام اتحادات طلابية في مناطق مختلفة من البلاد, تمهيداً لإنشاء الاتحاد الطلابي الشامل لكل ابناء الجنوب, مع مراعاة الظروف القائمة في ذلك الوقت. ونجحنا في عملنا بتشكيل لجنة تحضيرية لتكوين الاتحاد بحضرموت بسلطنتيها القعيطية والكثيرية وانشاءنا اسم الاتحاد واطلقنا عليه (اتحاد الطلبة الحضارم) وانتخبتُ رئيساً للجنة التحضيرية ومن ضمن اعضاء اللجنة, علي سالم البيض, حيدر أبو بكر العطاس, منصور عوض بن زيمة, أحمد مبارك بلعفير وأحمد بن سلمان. وأصدرنا بيان التشكيل ونشرناه ومن بين المجلات التي نشرته مجلة (الفجر). كما ارسلنا هذا البيان إلى رفاقنا واصدقائنا في البلاد العربية.
ونخلص من الشهادات/ الروايات الثلاث التي اثبتناها بنصها الحرفي ل(البيض, باوزير والعيدروس) إلى انه ثمة اجماع أو شبه اجماع بين المتحدثين على أن (اتحاد الطلبة الحضارم):
- تعود فكرة تأسيسه لحركة القوميين العرب.
- انباته, وتخلقه, وترعرعه كان في عدن (كلية بلقيس, المعهد الفني).
- كان له قيادة مركزية (لجنة عليا) في عدن, ولجنة فرعية في المكلا, واخرى في سيئون.
- عمل وفق دستور, وأسس, وهياكل انزلت للنقاش, في أوساط الطلاب بمدارس حضرموت قبل اقرارها والعمل بها.
- أن السلطة الحاكمة في حضرموت (السلطنة القعيطية) تحفظت "على كثير من بنود الدستور" وعمدت لأن تجعل من الاتحاد "اطاراً يوحد نشاطات الطلاب المدرسية دون اقحامهم في النشاطات الأخرى الاجتماعية والسياسية والنقابية" وبالتالي لم تمنحه ترخيصاً بمزاولة النشاط إلا بعد "شطب كل الجوانب المرتبطة بالنشاط النقابي والسياسي" من الدستور.
- اطلاعه بقيادة الحركة السياسية في حضرموت ولعب دور بارز في تحريض الجماهير, وتحديد المواقف المتفاعلة مع الاحداث المحلية والعربية والدولية.
- استخدم بعد العام 1964م اداة أو وسيلة لتوسيع قاعدة التنظيم (الجبهة القومية) في أوساط الطلبة, فكان يقوم بدور مزدوج, النشاطات السياسية التنظيمية (سراً) والجماهيرية المستهدفة توسيع قاعدة العضوية في الاتحاد, علناً.
- قياداته المؤسسة ولجانه الفرعية والاختصاصية ابرزها وأهمها البيض, العطاس, بن زيمة, بلعفير, بن سلمان, العيدروس وسعد سالم, بن هشان, باوزير, البار, باصالح, الكسادي
عبدالقادر احمد باكثير (عضو القيادة المحلية للجبهة القومية, حضرموت)
قام مركز سيؤون بفتح فروع له في كل من :تريم, وشبام, والحوطة, وساه, والقطن, وبور, ومدودة, حيث يوجد عدد كافٍ من الطلبة لسير العمل, حسب المادة من دستور الإتحاد الخاصة بذلك, وقد صُرفت لهم بعض النقود لشراء اللوازم الأولية.
لم يستطيع مركز المكلا –في بداية الأمر- فتح فروع له في المدن, والقرى المجاورة والتي تتوفر فيها نسبة الشروط المطلوبة, لعدم موافقة النواب (المحافظين) والقُوام (جامع قائم وهو بمقام المأمور أو مدير المديرية, اليوم) في تلك المناطق , وإصرارهم على طلب موافقة رسمية من الحكومة, بالرغم من صدور الترخيص, ولكنه تمكن أخيرا من فتح فروع له في الغيل (غيل باوزير) والشحر والحامي, والديس الشرقية, بعد أن سمحت الحكومة بذلك, وقد مُولت هذه الفروع بالأدوات الأولية من مالية الإتحاد العامة.( انظر بعد انتهاء شهادته مالية الاتحاد بين عامي 1959/ 1962بصفحة 29 من الورقة البحثية هذه)
وتم توزيع بطاقات العضوية على الطلبة الراغبين في الانضمام إلى (إتحاد الطُلاب الحضارم) واستمرت اللجنة العليا تقوم بتوزيع البطاقات على الطلبة, فكان على كل طالب راغب في العضوية وامتلاك بطاقة, إشعار المسئولين في الأماكن القريبة منه, بعد إحضار صورته ورسوم الدخول (العضوية).
- باكثير, عن مراحل النضال والتحرير, 1960-1969م, حضرموت, ط1, ج1, 2008م, ص49
- مالية اتحاد الطلبة الحضارم ما بين عامي 1959/ 1962*
المبلغ الوارد بيان الواردات المبلغ المنصرف بيان المصروفات
س شلن س شلن
00 492 اشتراكات وتبرعات الاعضاء 00 ثمن 12 كيرم لمركزي وفروع اتحاد الطلاب الحضارم
00 290 تبرعات من السودان 00 400 ثمن 12 كورة
00 1060 تبرعات من الكويت 00 785 العاب أخرى (ضمنة, لعبة السهم, لعبة الثعابين)
00 1000 تبرعات من دبي 00 650 إعانة لمركزي المكلا
00 656 تبرعات من السعودية 00 323 ثمن كراسات / ملفات/ طبع بطاقات العضوية/ طبع دستور اتحاد الطلاب الحضارم/ طوابع للرسائل إلى الكويت, القاهرة, للسودان, المكلا, سيئون)
00 200 تبرعات من فاعل خير 00 841 ثمن كتب لمركزي وفروع اتحاد الطلاب الحضارم
00 365 تبرعات من فاعل خير 00 111 تكاليف إرسال الأدوات بالطائرة
00 416 دخل مباريات نظمت في الشحر 50 3342 الرصيد المتبقي عام 1962م
00 234 تبرعات من الكويت
6819 اجمالي الوارد
- *المصدر, عبد القادر أحمد باكثير, مذكرات عن مراحل النضال والتحرير, 1960- 1969م حضرموت, ط1, ج1, 2008م, ص50, ص51, فيما الجدولة للباحث

وللشهادات/ الروايات.. نقايض واضداد
ولابأس, من أن نقف الآن, على شهادات نقائض, لسابقاتها لاستيفاء الرؤية كاملة, من جميع أوجهها ومختلف زواياها, ومن خلال المشاركين في تأسيس, هذا الإطار ومعاصريه.
فيصل علي العطاس, الشهير ب(النعيري- نسبة إلى قريته النعير في مديرية عمد): كانت البداية, عندما كنت طالباً في كلية عدن, حيث شاركت في النشاطات السياسية, من خلال العلاقة مع بعض الاحزاب السياسية, من بينها حزب رابطة ابناء الجنوب, وكان كثير من اعضاء حركة القوميين العرب, أعضاء في هذا الحزب, وفي هذه الفترة لم اكن عضواً فيه, وانما كنت احد مناصريه, احضر الاجتماعات, والاحتفالات, التي كان يقيمها, وكثير من الطلاب كانوا مناصرين له, وكنا معروفين للسلطات, وحدث اننا تزعمنا اضراباً عاماً في كلية عدن وتوسع ليشمل كل مدارسها, وعلى أثر هذا الاضراب فُصلتُ من الكلية انا وسعيد عبد الخير النوبان وسالم محمدعبدالعزيز وآخرين. وفي هذه الفترة كانت بدايات الوعي السياسي لدي, ومن ضمن الأشياء التي عُوقبت عليها, حضوري اجتماعا لحزب الرابطة مع بعض الزملاء وصدرت بحقنا عقوبة الجلد وقد رفضت هذه العقوبة.
ويأتي كما يُقال إلى بيت القصيد, ومربط الفرس, (اتحاد الطلبة الحضارم) ففاجأنا بالنقيض لما تقدم من إفادات/ شهادات بقوله: قانون اطلاق الحريات العامة (صدر في السلطنة القعيطية منتصف العام 1965م) ساعدنا كثيراً, إذ استطعنا أن نُكوِن اتحاد الطلبة الحضارمة, وأقول ان هذا الاتحاد, جاء بعد اصدار هذا القانون, وليس كما اشار البعض. فإن من يرى ان هذا الاتحاد شُكِل في عدن, فهذا في رأيي اتحاد وهمي, لم نسمع, ولا نعرف عنه شيء, ولا أثر له على صعيد الواقع. واذكر ان الأخ حيدر ابو بكر العطاس, هو الذي صاغ لنا, القانون الأساسي, لاتحاد الطلبة الحضارم واستطعنا من هذه الصيغة صياغة القوانين الاساسية للنقابات العمالية التي انشأناها فيما بعد.
ومن شهادة (العطاس) يمكننا استشفاف نفيه القاطع لوجود (اتحاد الطلبة الحضارم) في عدن البتة, وبرأيه أنه مجرد "اتحاد وهمي وبالتالي فكل ما قيل عنه من منظوره وارتبط به مجرد وهم ليس إلا, وكل ما يؤكده في حديثه, أن ذلك الكيان لم يؤسس, إلا في حضرموت (المكلا), بالاستفادة من الهامش الديمقراطي المتاح في قانون اطلاق الحريات العامة الذي اصدرته السلطنة القعيطية منتصف العام 1965م والذي استثمرته الجبهة القومية في تأسيس وانشاء مؤسسات أو تشكيلات شعبية كما يسميها عضو القيادة العامة للجبهة, خالد عبد العزيز, وقد حرصنا على اثبات شهادته هنا لما لها من أهمية في تدعيم ما ذهب اليه رفيقه العطاس.
خالد عبدالعزيز: طبعاً إلى جانب التنظيم (الجبهة القومية) هناك واجهات علنية أُستخدمت غطاءً, مارس التنظيم نشاطه من خلالها, ومنها القطاع الطلابي. وهذه تشكيلات انشئت بعد اطلاق قانون الحريات في يونيو 1965م من قبل وزير الدولة (سكرتير السلطنة القعيطية) أحمد محمد العطاس, وكنت حينها مسؤول السكرتارية بوظيفة مسئول القطاع القانوني واوكلت لي مسئولية الاشراف على تنفيذ مشروع الحريات العامة, فانتهزنا الفرصة بأن انشأنا المؤسسات الشعبية التي كانت بمثابة الغطاء الذي ينشط من خلاله تنظيم الجبهة القومية)
ويقف بنا تطوافنا التمحيصي في شهادات موثقة لمعاصرين ومشاركين في التأسيس والقيادة ل(اتحاد الطلبة الحضارم), عند شهادة أحد قُطبي رُحى قيادة الاتحاد, وكما هو مشهود وملموح لكم من الشهادات التي كنا قد سُقناها على السطور السالفة فقد اجمع المتحدثون على اضطلاع المناضلين سعد سالم فرج وصلاح علي بن هشان بقيادة الاتحاد أو مشاركة احد أو آحاد لهما في ذلك-
عند المناضل بن هشان, بقية الحكاية:
(بداية ارتباطي بالعمل التنظيمي الجماهيري كان منذ عام 1962م عندما انضممت إلى حركة القوميين العرب وقتئذ كنت في المرحلة النهائية من المدرسة المتوسطة وقد ضمني إلى صفوف الحركة الأخ أحمد مبارك بلعفير والحركة وكما هو معروف تبنت أسلوب الكفاح المسلح لطرد المستعمر والسلاطين وباعتباري عضواً في حركة القوميين العرب انضممت واحداً من افراد أعضاء الحركة إلى تنظيم الجبهة القومية في عام 1963م وكان برفقتي سعيد سالم فرج, وعبد الله علي بن زقر وكنا الثلاثة نقود العمل الطلابي في المدرسة الثانوية من خلال النشاط التنظيمي السري ضمن اطار الجبهة القومية.
واتحاد الطلبة الحضارمة كان منظمة جماهيرية تقود جموع الطلاب في السلطنتين القعيطية والكثيرية حينذاك وكانت هي المنظمة الطلابية التي ترعى مصالح الطلاب وحقوقهم من خلال تبنيها لآراء الطلاب في مسألة المناهج والحقوق النقابية لهم والاتحاد كان يضم مجموعة كبيرة من الطلاب وتقوده عناصر من تنظيم الجبهة القومية وبشكل سري وكان هذا الاطار النقابي الجماهيري يتخذ واجهة علنية لتحقيق سياسة الجبهة القومية وقد كان للمدرسة الثانوية دوركبير جداً من خلال كسبها العديد من الطلاب إلى صفوف التنظيم وكانت بمثابة مركز رئيسي للنشاط الجماهيري حيث كانت المسيرات تنطلق منها وتكاد تكون المدرسة الثانوية مغلقة على مختلف التنظيمات الموجودة في الساحة حينذاك, عدا تنظيم (الجبهة القومية).
ويمضي المناضل بن هشان مستطرداً (يمكن أن اقول ان الاتحاد في حضرموت لعب دوراً كبيراً وحقيقية أن كثيراً من الرفاق لم يشيروا في لقاءاتهم الصحفية إلى دور الطلاب ودور المدرسة الثانوية بشكل رئيسي, وكما سبق أن أشرت فان اتحادنا اتحاد الطلبة الحضارم كان منظمة ترعى مصالح الطلاب وتجمع صفوفهم وضمن اللائحة المصرح لنا فيها بالنشاط كان يمنع علينا ممارسة العمل السياسي ولكن فرضنا أنفسنا من خلال متابعتنا لنشاط الطلاب وقضية المناهج, والعلاقة مع الادارات المدرسية وتحولنا في الأخير ضمن الاطار السري للجبهة القومية إلى منادين لأفكار ومبادئ الميثاق الوطني للجبهة القومية وأصبح الاتحاد في النهاية من المنادين بكل الأفكار والمبادئ التي يطرحها تنظيم الجبهة القومية).
ويخلص إلى القول بأن (الرابطة الطلابية تناوب عليها لجهة الاشراف على نشاطها وتوجيهه, مجموعة من الرفاق ففي البداية كان أحمد بلعفير ثم عباس العيدروس وخالدعبد العزيز وعبد الرحيم عبد الصادق وعبد الله البار وهؤلاء كانوا أعضاء شعبة تنظيمية وكانوا يتناوبون الاشراف والتوجيه بين فترة وأخرى بوصفهم مسئولين عنا في القطاع الطلابي) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.