الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    شاهد.. أول ظهور للفنان الكويتي عبد الله الرويشد في ألمانيا بعد تماثله للشفاء    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    علي ناصر محمد يفجر مفاجأة مدوية: الحوثيون وافقوا على تسليم السلاح وقطع علاقتهم بإيران وحماية حدود السعودية! (فيديو)    شاهد الصور الأولية من الانفجارات التي هزت مارب.. هجوم بصواريخ باليستية وطيران مسير    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    انهيار جنوني .. لريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى منذ سنوات وقفزة خيالية للدولار والريال السعودي    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا يقتل بعضُنا بعضاً ؟

" بقلم : أبي إبراهيم محمد بن صالح بابحر – خطيب جامع سميح بحي السحيل – سيؤن"
نداءٌ إلى جميع المسلمين والمؤمنين
من عسكريين ومدنيين ..ومدنيين وعسكريين
{بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}؟
بسم الله الرحمن الرحيم
نعم .. إنه سؤال محيّر ويتكرر خاصّة في هذه الأيام الحالكة المفجعة؛ لماذا يقتل بعضنا بعضاً؟ لماذا يريق بعضنا دم بعض؟ لماذا يستهين بعضنا بالنفس المحرّمة؟.
ألسنا جميعاً مؤمنين؟ وربنا عزوجل يقول في كتابه العزيز:{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }. ألسنا مسلمين ؟ ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول:( المسلم أخو المسلم ) متفق عليه. ألم ينهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل بعضنا بعضاً؟ فقال صلوات ربي وسلامه عليه:(لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ) متفق عليه.
لقد جاءت الشريعة الإسلامية لتقرر حُكْماً مبرماً لا هَوادة فيه؛ هو تحريم قتل النفس إلا بالحقِّ، فالإنسان أكرم مخلوق على الأرض كما قرر النص القرآني في قوله تعالى: {ولقد كَرَّمنا بَني آدم..}. وأوَّل مراتب التكريم صيانة حياته، فهي مُلكٌ لخالقها، وهو الَّذي بدأها ولا يجوز لأحد غيره أن ينهيها، ولا يحقُّ لأي إنسان مهما عظم سلطانه أو ارتفع شأنه أن يسلب إنساناً حياته إلا ضمن شروط حدَّدها الشارع الحكيم، تجعل الإنسان يعيش في ربوع الإسلام آمناً مطمئناً، مادام بعيداً عن الأمور الَّتي ترفع عنه هذه الحصانة الإلهية.
وشرع له من الأحكام ما يحفظ له حياته, ويجعلها له حياةَ أمن وأمان, وسعادة واطمئنان, بل شرع له ما يحفظ له ضرورياتِه الخمسَ كلَّها التي هي الدين والعقل والنفس والعرض والمال.
فمِن أجل ذلك كلِّه, كان إزهاقُ النفس المعصومة في الإسلام مِن أعظم الجرائم وأبشعها؛ إذ هو نقضٌ ومخالفةٌ للغاية الإلهية والإرادة الربّانية, فلا غَرْوَ أن اعتبر الإسلامُ قتلَ النفس من أكبر الكبائر, وقرنه مع الشرك بالله في عدة آيات, قال تعالى:{ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} إلى قوله:{ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام: 151] .
والناظر هذه الأيام وفي الآونة الأخيرة يروعه ويقلقه كثرة القتل والقتال بين المسلمين, وشدة التهاون بالنفس المحرّمة, وسرعة لجوء الكثير من الناس إلى السلاح وإزهاق النفوس, حتى أصبح أسهل ما يمرّ على الآذان من الأخبار اليومية عدد القتلى والضحايا!! وأهون ما يشاهده الإنسان من المناظر الأشلاء المتناثرة والأجساد المضرجة بالدماء!!.
فهل رخصت نفوسنا إلى هذا الحد؟؟ وهل هانت نفوس الغير عندنا إلى هذا المستوى؟؟ حتى بتنا نعيش في زمان لا يدري القاتل فيما قَتل, ولا المقتول فيما قُتل؟. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي يوم لا يدري القاتل فيم قَتل ؟ ولا المقتول فيم قُتل؟) فقيل : كيف يكون ذلك ؟ قال :( الهرج؛ القاتل والمقتول في النار ) رواه مسلم.
واليوم يُقتل المسلم المدني بالرصاص الحي جهاراً نهاراً, ويغتال الجندي العسكري بتفجير أو غيره, وكلاهما يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, ويقيم الصلاة.
وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم:( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث :
النفس بالنفس والثيب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة ) متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم:(إني نُهيتُ عن قتل المصلين) صحيح رواه أبو داود. ثم إن إقامة الحدود راجعة إلى الحاكم الشرعي, وليس لكل أحد وإلا عمت الفوضى.
فعلامَ _ أيها المسلمون – نتقاتل ؟ ولمصلحة مَن نتناحر ؟ ولحساب مَن نتعادى ونتطاعن ؟.
ألعصبيّة جاهليّة قبليّة؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من قُتل تحت راية عُمِّيَّة يدعو عصبيّة أو ينصر عصبيّة فقتلته جاهليّة) أخرجه مسلم . وقال صلى الله عليه وسلم :( ليس منا من دعا إلى عصبيّة , وليس منا من قاتل عصبيّة وليس منا من مات على عصبيّة) أخرجه أبو داود بإسناد حسن .
أم لعصبيّة حزبيّة سياسيّة؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي تردَّى فهو ينزع بذنبه) صحيح رواه أبو داود.
أم انتصاراً للأشخاص والرجال أياً كانوا؟ ونصرة لمنافساتهم السياسية والحزبية والقبلية؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( يجيء المقتول آخذاً قاتله وأوداجه تشخب دماً عند ذي العزَّة فيقول: يا رب سل هذا فيمَ قتلني ؟ فيقول ( فيم قتلته؟) قال: قتلته لتكون العزّة لفلان , قيل هي لله ).[صحيح الترغيب والترهيب (2448)].
أم تأييداً لملك الملوك وحكم الرؤساء وتوطيداً لظلمهم على الشعوب؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده، وأوداجه تشخب دماً فيقول: يا ربِّ! سل هذا فيما قتلني حتى يدنيه من العرش، فيقول الله:( فيم قتلت هذا؟) فيقول: قتلته في ملك فلان, فيبوء بإثمه) – أي من أجل تثبيت ملك فلان من الرؤساء والحكّام –. صحيح سنن النسائي.
أم إيغالاً في الفتنة وتعطشاً للدماء المحرّمة من دون خوف من الله ولا رادع من الدين؟ عن الأحنف بن قيس قال ذهبت لأنصر هذا الرجل – أي : علي بن أبي طالب رضي الله عنه – فلقيني أبو بكرة فقال أين تريد ؟ قلت أنصر هذا الرجل. قال : ارجع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول:( إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار ). فقلت يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال:( إنه كان حريصاً على قتل صاحبه ). رواه البخاري ومسلم . وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ). رواه أبو داود .و قوله ( فاغتبط بقتله ) قال الراوي: الذين يقاتلون في الفتنة فيقتل أحدهم , فيرى أحدهم أنه على هدى لا يستغفر الله . [صحيح الترغيب والترهيب (2450)].
أم إرضاءً للشيطان وأعوانه في الداخل والخارج؟ قال صلى الله عَلَيْهِ وسلم:( إذا أصبح إبلَيْسُ بث جنوده ، فَيَقُولُ : من أضل اليوم مسلمًا ألبسته التاج . قال : فيجيء هَذَا فَيَقُولُ : لم أزل به حتى طلّق امرأته فَيَقُولُ : يوشك أن يتزوج ، ويجيء هَذَا فَيَقُولُ : لم أزل به حتى عقّ والديه ، فَيَقُولُ : يوشك أن يبرهما ، ويجيء هَذَا فَيَقُولُ : لم أزل به حتى أشرك فَيَقُولُ : أَنْتَ أَنْتَ ، ويجيء ، فَيَقُولُ : لم أزل به حتى قتل فَيَقُولُ : أَنْتَ أَنْتَ ، ويلبسه التاج) رواه ابن حبان في صحيحه .
أم يقتل أحدنا أخاه غدراً وخيانة وانتقاماً؟ وقد جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال:( لكل غادر لواءٌ يوم القيامة – ينصب وقيل يرى يوم القيامة – يعرف به). رواه البخاري ومسلم وله:( إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء فقيل هذه غدرة فلان بن فلان ). وعنه صلى الله عليه و سلم أنه قال:( من أمّن رجلاً على نفسه فقتله أعطى لواء الغدر يوم القيامة ). رواه أحمد وإسناده صحيح . وإن من الغدر أن تؤمِّن الدولة مواطنيها ورعاياها, وتسمح لهم بالتجمع والتجمهر وتزعم حمايتهم ثم تغدر بهم, ومن الغدر أن يؤمِّن المسلم أخاه المسلم فإذا تمكّن منه قتله .
حريصون على فتنتنا:
إن هناك أطرافاً وجهات وأشخاصاً في الداخل والخارج يحرصون على زرع الفتنة في المجتمع, وعلى إثارة النعرات والثأرات والأحقاد والضغائن بين الأفراد والجماعات والحركات المختلفة, ويبذلون الغالي والنفيس في سبيل إشاعة الفوضى والمعارك المفتعلة بين الإخوة والمتحابين, تارة باسم القبليّة وأخرى باسم الحزبيّة وثالثة باسم المناطقيّة وهكذا .. لا يهمهم غير مصالحهم ولا يعنيهم سوى مكانتهم وسلطتهم, ولو اقتتل الناس وبادوا , وهؤلاء لن يفلتوا من العقوبة في الآخرة وإن أمنوا منها في الدنيا وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن أي قتل حرام وقع في الأرض يصيب منه ابن آدم الذي سن القتل نصيبه من الإثم، فقال:(ليس من نفس تقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفلٌ من دمها، لأنه سن القتل أولاً) متفق عليه. فكيف بمن أعان على قتل مسلم ظلماً وعدواناً أو دعا إلى ذلك أو حرّض عليه أو دفع من يقتله؟؟.
وقفة محاسبة:
أخي المسلم – أياً كنت عسكرياً أم مدنياً, آمراً أم مأموراً – هل وقفت مع نفسك لحظة قبل أن تقدم على جريمة القتل وتعتدي على النفس المحرمة, وسألتها: بأي ذنب وبأي حق أقتل أو آمر بقتل مسلم وأنت تعلم أنك مسؤول وحدك أمام الله عزوجل عنها:{بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}؟ فبماذا تجيب؟؟.
هل وقفت مع نفسك تسألها: كيف حالك إذا جئت يوم القيامة وأنت تحمل وزر قتل النفس التي قال الله فيها:{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً }إلى قوله{ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93] .
فأي وعيد أعظم من هذا الوعيد؟! إنه لوعيد تقشعر منه جلود المؤمنين ، وتنخلع من هوله قلوبهم ، ويوجد في نفوسهم رادعًا قويا ، ووازعًا ذاتيًا ، يمنعهم من التعدي على غيرهم ، وإزهاق نفوسهم ظلمًا وعدوانًا .
هل فكرت في حالك وأنت تريد قتل أخيك المسلم: أنك ماشٍ إلى غضب الله وسخطه ولعنته, قال صلى الله عليه وسلم:( أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحدٍ في الحرم, ومبتغٍ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلبٍ دم امرئٍ بغير حق ليهريق دمه ) رواه البخاري. وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(يوشك إن طالت بك مدة أن ترى أقواما في أيديهم مثل أذناب البقر يغدون في غضب الله ويروحون في سخط الله) . وفي رواية :(ويروحون في لعنة الله). رواه مسلم.
وهؤلاء هم رجال الشرطة والجيش والعسكر الذين تتخذهم الأنظمة لقمع الشعوب وإذلالهم, فكيف بمن أطاع منهم رئيسه على قتل مسلم بغير حق ؟.
هل تعلم أنك بقتل أخيك المسلم تغلق على نفسك باب التوبة وتحرمها المغفرة؟: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(كل ذنب عسى أن يغفره الله، إلا من مات مشركاً، أو من قتل مؤمناً متعمداً) رواه أبو داود وإسناده صحيح. وقال صلى الله عليه وسلم:( أبى الله أن يجعل لقاتل المؤمن توبة ) الصحيحة 689.
هل تدرك أنك بقتل أخيك المسلم: توقع نفسك في الضيق والحرج بعد أن كنت في سعة من الأمر, فولي الدم يطلبك والقضاء يطاردك, وربك يحصي عليك ويحاسبك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ، ما لم يصب دما حراما). وعن عبد الله بن عمر قال:" إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها ، سفك الدم الحرام بغير حله" رواهما البخاري.
هل تعلم أنك بقتل نفس واحدة تجازى على قتل الأنفس كلها وتحاسب عليها, فكيف لو اعتديت على أكثر من نفس؟
قال الله تعالى: {من أجْلِ ذلك كتبنا على بني إسرائِيلَ أنَّه من قتلَ نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنَّما قتلَ النَّاس جميعاً}.أي: قتل هذا الإنسان وقتل ذريته ، فالناس كلهم ولد آدم ، ولد رجل واحد ، ولو قتل آدم لقتلت البشرية !! ، فشبَّه الله قتل النفس بهذا تبشيعا لصورة القتل ، وتبيانا لحكمة التحريم .. فذلك ادعى لعدم الإقدام على القتل.
هل تعلم أنك بقتل أخيك المسلم بغير حق تأتي يوم القيامة وأنت مفلس من الأجور والحسنات مثقل بالأوزار والسيئات حتى يلقى بك إلى جهنم: فقد قال صلى الله عليه وسلم: (أتدرون من المفلس؟)، قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: (إنَّ المفلس من أمتي من يأتي بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ, ويأتي قد شتم هذا, وقذف هذا, وأكل مال هذا, وسفك دم هذا, فيُعْطى هذا من حسناته, وهذا من حسناته, فإنْ فنيت حسناته قبل أنْ يقضي ما عليه, أُخِذَ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار) رواه مسلم.
لا تبع آخرتك بدنياك:
اعلم يا مسلم- أياً كنت عسكرياً أم مدنياً – أنه لا يحل لك قتل أخيك المسلم تحت أي ذريعة أومبرر أوعذر، إلا بالحق الذي بيّنه الله في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وقد أجمع المسلمون على حرمة سفك دم المسلم ولو أُكره القاتل وهُدِّد بالقتل على أن يقتل فلا يحل له ذلك ..
فأين ذلك كله مما يفعله البعض من قتل النفس طواعية بحجة طاعة الرئيس أو الوزير أو المدير أو شيخ القبيلة أو رئيس الحزب !! والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) صحيح رواه أحمد. فهذا المسكين الذي ظلم نفسه وأوردها المهالك وباع دينه وآخرته بدنيا غيره من السّاسة والمسئولين, وسفك من أجلهم الدَّم الحرام, قد باع دنياه بآخرته .
أين ذلك مما يفعله البعض من قتل النفس من أجل أن يتقاضى بعض الريالات أو يفوز ببعض الرتب ويعلق النياشين !! وقد قال صلى الله عليه وسلم:(تعس عبد الدينار و عبد الدرهم و عبد الخميصة إن أُعطي رضي و إن لم يُعط سخط تعس و انتكس و إذا شيك فلا انتقش ) رواه البخاري.
أين ذلك مما يفعله البعض من قتل النفس انتصاراً لزعيمه أو حزبه أو جماعته أو حركته !! وعن أبي موسى قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه فمن في سبيل الله ؟ قال :(من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) متفق عليه. وقد سئل أحد الأئمة: من هم سفلة السَّفلة؟ قال:"الذين يبيعون دينهم بدنيا غيرهم"!.
أين ذلك ممن يقتل المسلم من أجل حياة فلان! أو بقاء حكم وسلطان وكرسي فلان!! وهو يعلم قول الرسول صلى الله عليه وسلم:(قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا) صحيح رواه النسائي.وقوله:(لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم) صحيح رواه الترمذي والنسائي . ونظر ابن عمر – رضي الله عنهما – يوماً إلى الكعبة فقال :"ما أعظمك وأعظم حرمتك, والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك". فهل يا ترى كراسي الحكام وشعارات الأحزاب وجاه المشايخ وأموال الزعامات أعظم حرمة من البيت الحرام ؟؟. حتى تكون أعظم وأولى من دم المسلم ؟؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.