في ظل وطن تتصارعه تدخلات إقليمية ودولية وتتجاذبه حروب عدة لاتكاد تنتهي حتى تبدا غيرها وعلى انغام طبول معركة مستمرة وبرعاية حكومية تجرها اليمنيون على مدى الاعوام العشرة الفائتة بسياسة سعرية يعتقد الكثيرون انها فاشلة ظل اليمنيونواقع ينحت له مكانا في بيوت العامة من هذا الشعب حتى ارتسمت الدمعة في عيون الكثيرين كلما رنت على مسامعهم دخول مناسبة دينية عظيمة كالعيد. اليمني قبل أعوام كان يستقبل العيد بفرحة تختلف كلية عن فرحة الشعوب الاخرى غالباص ماينتقل اهل المدينة على اريافهم ليلتقوا بالأعل والأحباب والاصدقاء محملين معهم أغلى الهدايا والعيديات للأب والام والجد والجدة والاخوات والارحام والأقرباء ولاتجد كل سيارة قادمة من المدينة إلا وفوقها كبش العيد والبعض كبشين . أما اهل المدينة الذين لايستطيعون مغادرة المدينة لاسباب فإنك لاتجد إلا وكل بيت قد جهز اضحية العيد قبل ذي الحجة بيوم او يومين ونادراً ماتجد بيتاً لايذبح فيه اضحية العيد أضف إلى ان الحدائق والمتنزهات تكمتليء عن بكرة ابيها بالزائرين والمبتهجين بهذه الفرجة السعيدة ويقوم رب الأسرة بشراء بدلتين لكل طفل في عيد الفطر المبارك وبدلتين في عيد الأضحى المبارك وعلى اقل تقدير بدلة واحدة في كل عيد . وتتلون فرحة الاطفال في العيد بما يجمهونه من جعالة العيد التي تختلف من منطقة إلى منطقة ولعل اغلب مناطق اليمن كان الاطفال بعد ان يسلموا على ابيهم وامهم وياخذوا منهم جعالة العيد " عيدية " وهي عبارة عن مبلغ محترم من المال ومجموعة من الحلوبيات الفاخرة المصنوعة محلياً يقومون بعمل جولة على جيران الحي وكل يمسك بيده كيس يجمع فيه الحلوى والاموال ولاتنتهي هذه الجولة إلا وكل طفل قد تحصل على مبلغ يكفيه فترة العيد كاملة بل ويزداد المبلغ احيانا ليغطي مابعد العيد لكن للاسف اصبح كل ماتم ذكره من مظاهر للعيد في اليمن خكايات يرويها الاباء للأبناء وأصبح اليمني يعيش واقعه وهو يتجرع مرارته في هذه السنوات العشر الاخيرة ومما زاد الطين بله ماتمارسه الحكومة اليوم من جرعات متتالية انهكت الموظف قبل العامل وماتمارسه اليوم كذلك من سياسة العقاب الجماعي في قطع الوسائل الخدمية الاساية على الشعب كالهرباء التي تغيب عن المواطن مدة 22 ساعة في اليوم متفرقة وكالماء الذي يأتي في الاسبوع يوم او يومين في أحسن الاحوال ولمدة خمس ساعات فقط في كل يوم وكالديزل الذي اصبحت الطوابير الطويلة جدا منظراً مالفواً لدى الناسحتى كادت كثيرا من المزارع ان تهلك وكثيرا من الماشية ان تنفق في العيد نادراً ماتجد طفلاً يطرق بابك ليأخذ جعالة العيد كما كنا اطفالا في العيد اصبح من النادر ان تجد من يسافر من المدينة على القرية ليعاود اهله واقربائه في العيد اصبح نادراً ماتجد رب المنزل بيده سكين ليذيح خروف العيد وتبدل هذا المنطر بمنظر رب الاسرة وهو يترقب من سيطرق بابه ليعطيه لحمة العيد او بمنظر رب الاسرة الذي يمسك جواله يتصل بغصدقائه ممن بتوسم فيهم انهم سيذبحون او لهم علاقثات مع جمعيات خيرية تقوم بتوزيع اللحكم ليوصيه الا ينسيه من توزيع لحمة العيد . في العيد تجد الإزدحام على ابواب اصحاب محلات غسل الملابس وكيها ليقوم كل واحد بغسل وكي يدبة عيد الفطر المبارك ليلبسها في عيد الاضحى هذا إن كان موظفاً واشترى بدلة في عيد الفطر المبارك كل ذلك بسبب عدم توفر الإمكانات اللازمة لشراء إحتياجات العيد التي كانت من قبل ضروريات وأصبحت اليوم كماليات يمكن الإستغناء عنها بسهولة جدا أمام ضغط سياسة الامر الواقع بل أصبحت تلك الضروريات اموراً منبوذة يحرم الحديث حولها ولكن مع كل هذه السوداوية المرسومة في هذا المشهد فإن كثيراً من اصحاب النظرات المتفائلة يحاولوا ان يعيشوا هذا العيد بوجه آخر وبرؤية اخرى وهم اغلبية اليمنيين الذين رفضوا الظلم والجور ولسان حالهم يقول: ان العيد الحقيقي لهم ولكل اليمنيين هو اليوم الذي تزول فيه منظزمة القهر والغستعباد المنظزمة اراديكالية العفنة التي جثمت على قلوبهم طوال هذه العقود الفائتة العيد الحقيقي هو اليوم الذي يكتمل فيه التغيير المنشود للبلاد وحول هذا الموضوع الذي يعتبر موضوع الساعة التقينا مع عدد من المواطنين لنستطلع اراءهم حول هذه المناسبة القادمة والإستعدادات التي يقومون بها لإستقبال عيد الأضحى المبارك في البداية التقينا بالأخ/ محمد عبدالعليم القدسي : (مدرس) كثير من الناس يمني نفسه عندما لايجد عوامل الفرحة التي يدخلها على اولاده في يوم العيد فيقول إنما العيد سمي عيداً لعادته السنوية بالمجيء في وقت معروف فهو عيد وليس لأجل المعطيات الملموسة في الواقع التي يجب ان تتوافر حتى يكون عيداً فنقلد أباءنا واجدادنا في هذا اليوم بالذات ونحاول ان نرسم الفرحة على شفاهنا ولو كنا لانجدها…… انتهى حديثه ونحن بدورنا نعقب ونقول صحيحان ماقاله الاستاذ محمد عبدالعليم القدسي فيه نوع من التكلف التبريري المصطنع إلا اننا نقول ان هذا هو الواقع الذي يجب ان نقنع انفسنا فيه إضافة إلى ان العيد إنما هو سنة وليست فرضاً في الشريعة الإسلامية والعبرة بأداء الفروض هو قيمة ربانية ايمانية روحية وليست مادية متكلفة قد تؤدي إلى تشكيل اعباء إضافية على ميزانية الأسرة المزحومةاصلاً بالتكاليف والأعباء أما الأخ/ عبدالسلام الفقيهي من بيت الفقيه إبتدأنا بالقول: ماأجمل المقولة التي رددها الأضرعي قبل سنوات " العيد عيدالعافية عيد الجيوب الدافية فليس من الضروري أن ياتي العيد ونقوم بصرف المبالغ الحيالية على حاجيات تعتبر من الكماليات وليس الضروريات ولابد ان نحمد الله عزوجل على العافية التي نعيشها بعيداً عن أية نكسات اخرى نعانيها فكم من مريض دخل عليه العيد وهو مقعد في فراشه لايستطيع حتى ان يتبرز وكم من أسرة دخل عليها العيد وقد فقدت عائلها فينبغي علينا ان ننظر للعيد بزوايا مختلفة خاصة ونحن نعيش هذا الوضع المتردي من التدمير الإقتصادي الذي يعصف باليمن من كل النواحي الحاج عباس عبده علي الوليدي" بائع متجول " فاجانا بقوله : إي عيد وأي طلي ونحن نعيش في ظلام دامس وممارسة لاسلوب العقاب الجماعي والتجويع من قبل الحكومة يا ابني العيد عيد العافية والله يستر عبدالكريم القباطي " عامل " : بالنسبة لي هذا العيد لايختلف عن بقية الاعياد لأن الوضع الغقتصادي الذي يصيح ويبكي منه الناس هو موجود عند فئة كبيرة من الناس عانت منه لمدة سنوات وما الوضع الحالي إلا قطرة في بحر من المعاناة التي كنا نتجرعها ولازلنا منذ سنوات لاتوجد ملابس عيد مخصوصة لعيد الاصحى إلا ماتم شراءه من عيد الفطر بقيمة رهيصة وبالتالي جودة ضعيفة للمابس يعني الطفل يلبس بدلة عيد الفطر في اليوم الاول والثاني وبعدها تصادر من قبل العائلة ليتم تغسيلها والاختفاظ بها إلى عيد الأضحى المبارك . ثم تنقلنا إلى الأسواق لنراقب عن كثب الحركة الشرائية للمواطنين في ظل الازمة الإقتصادية التي تعانيها البلاد : واول مالاحظناه خفة الحركة وعدم الإزدحام المعهود من قبل المواطنين في الشارع خلافاً للاعوام الماضية حيث لاتكاد تجد طريقاص تسير فيه من شدة الزحام. محمد الحمادي " بائع ملابس " : طبعاً الحركة هذا العام وخاصة في عيد الاضحى تختلف كثيراص عن عيد الفطر وعن الاعوام السابقة حيث لم تشكل الحركة الشرائية أية إزدحام ملحوظ وكاننا لسنا في موسم مثل السنوات الماضية وهذا يدل على ضعف البيع والشراء من ناحية ومن ناحية اخرى يدل على عدم توافر المادة لدى المواطنين حتى يتمكنوا من شراء مايحتاجونه من ملابس مهدي قاسم الريمي " صاحب بسطة " : أصبح الزبون هذه الأيام يمر على البسطة فيقلب البضاعة ويسال عن الاسعار ثم يمشي ولايشتري وأصبحنا نعرض بضاعتنا فقط للرؤية والإستمتاع ومعرفة الاسعار والمقارنة مع بضائع ومحلات اخرى وبدون فائدة يعني نشتغل مجاناً . عادل " بائع في محل مجوهرات " : الملاحظ أن النساء بصورة أكبر صرن يترددن على محلات بيع الذهب لبيع بعض المصوغات الذهبية ليواجهن متطلبات العيد من ملابس وغيرها وأصبح في حكم النادر من تاتي لشراء الذهب بل في حكم المعدوم " وفي اثناء لقاءنا مع بعض المسؤلين في الجمعيات الخيرية التي قمنا بزيارتها اكد الكثير أن الجمعيات الخيرية في الاعوام السابقة كانت تقوم بدور إيجابي في إدخال الفرحة على وجوه الفقراء والايتام إلا ان هذا العام بدأت المخصصات المعهودة للفقراء والايتام تخف بشكل ملحوظ بسبب سياسة الدولة الإقتصادية التي انهكت المواطنين وانهكت رجال الاعمال الميسورين ممن كانوا يقدمون دعمهم للجمعيات الخيرية . وعلى أي طريق وباي وجه سيأتي العيد فإنه سيستقبله اليمنيون باختلاف توجهاتهم ومشاربهم وحالاتهم الإقتصادية وسيمر اليومان والأربعة وينتهي الموسم وتعود الحياة على طبيعتها