الحمد لله والصلاة والسلام على خير الأنام، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: إن من أفضل أيام العشر يوم عرفة؛ فيستحب صيامه كما قال صلى الله عليه وسلم: ( صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ على اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ التي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ التي بَعْدَهُ ) رواه مسلم، فهو ليس يوم أكل وشرب وذبح كما يفعله بعض الناس، إلا للحاج فإنه يفطر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم: ومن فجر يوم عرفة يبدأ التكبير المقيد عقب الصلوات، و ينتهي إلى عصر اليوم الثالث من أيام التشريق – أي رابع العيد – ولفظه هو اللفظ المعروف الشائع عند المسلمين وهو: الله أكبر…..إلخ. وقد أشار إلى استحباب هذا التكبير الشافعي – رحمه الله – في كتاب الأم( 1/241) والنووي في الأذكار ( 288 ). و الحافظ ابن حجر في الفتح ( 2/ 462 ) وقال: (و قد أحدث في هذا الزمان زيادة في ذلك لا أًصل لها) وقد قال الإمام الصنعاني في سبل السلام ( 2/72): (وفي الشرح صفات كثيرة استحسانات عن عدة من الأئمة – أي التكبير – وهو يدل على التوسعة في الأمر وإطلاق الآية يقتضي ذلك.. أما الوقوف بعرفة: فهو ركن الحج الأعظم لقول النبي صلى الله عليه و سلم: (الحج عرفة) رواه ابن خزيمة وأحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني . و يجدر بنا أن نقف عند هذا الركن وقفات: الأولى : أنه ركن الحج الأعظم. الثانية : عظمة هذا اليوم و عظمة أعماله. لهذا اليوم فضائل و مزايا عظيمة: - منها أنه الشفع الذي أقسم الله به حين قال عز ذكره: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} و أنه الشاهد الذي أقسم به حين قال جل وعلا: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}. - ومنها أنه اليوم الذي أكمل الله فيه الدين و أتم النعمة و نزل فيه قوله تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} كما في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( أَنَّ رَجُلًا من الْيَهُودِ قال له يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ في كِتَابِكُمْ تقرؤونها لو عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذلك الْيَوْمَ عِيدًا قال: أَيُّ آيَةٍ قال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا قال عُمَرُ: قد عَرَفْنَا ذلك الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الذي نَزَلَتْ فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يوم جُمُعَةٍ ) . - ومنها ما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من يَوْمٍ أَكْثَرَ من أَنْ يُعْتِقَ الله فيه عَبْدًا من النَّارِ من يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فيقول ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ ) رواه مسلم . - ومنها أن دعائه أفضل الدعاء و خيره قال صلى الله عليه وسلم: ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا و النبيون من قبلي: لا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك و له الحمد وهو على كل شيء قدير ).رواه أحمد والبيهقي والترمذي وصححه الألباني. وبالجملة فيوم عرفة مفخرة من مفاخر الإسلام؛ لذا يجب أن يشتغل الحاج فيه بالعمل الصالح وكذا ، غيره ممن هو في بيته من المسلمين.، يشتغل بالعمل الصالح وأهمه الصيام، وكذا كثير من الأعمال الصالحة؛ لأن يوم عرفة أفضل أيام عشر ذي الحجة التي نوه النبي صلى الله عليه وسلم بالعمل الصالح فيها. ثم لا ننسى يوم العيد فهو أفضل أيام العشر بل أعظم أيام الدنيا بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: ( أَعْظَمُ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ يَوْمُ النَّحْرِ ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ ) رواه أحمد وابن خزيمة والحاكم وأبو داود وغيرهما وصححه الألباني، والناس يغفلون فيه عن العمل الصالح، فينبغي أن تنتهي هذه الغفلة ويحرص المسلم في يوم العيد على ما تيسر من الأعمال الصالحة ولو بما يناسب العيد من ذبح الأضحية وإهداء الهدايا وإخراج ما تيسر من الصدقة وبر الوالدين وصلة الأرحام والتوسعة على العيال؛ فكل ذلك من العمل الصالح إذا اقترن بالنية الصالحة والله الموفق.