المهمشون شرائح متعددة في اليمن تعاني الإقصاء والتهميش والحرمان , طبقية تعالت على تعاليم الدين وقيم الإنسانية النبيلة , موروث عفن يرفض الإمتثال لأحكام الدين وتعاليم السماء التي جاءت لتوحيد البشرية وتعميق روابط الأخوة الدينية . شرائح اندمجت وتجاوزت الموروث بعض الشيء , وأخرى لا تزال تعاني صنوف القهر والإذلال من بني جلدها ودينها على حدٍّ سواء . سنتجاوز كافة الشرائح في هذه العجالة لنتناولها في وقفات قادمة , بينما نضع الرحال مع شريحة واحدة تعيش في عمق الإقصاء وتتلقى جميع المعاناة دون الإلتفات لها سوى بأقل القليل مما يجب . أعترف بالتقصير وأقدم الإعتذار لها من طول المدة التي غفلت – كما غيري – عن تسليط الضوء عليها كواجب ديني وأخلاقي علَّ ذلك يشفع لي عند الله وخلقه . المهمشون الأخدام هذه الشريحة الواسعة في المجتمع اليمني التي ربما كانت في يوم من الأيام قنبلة تنفجر لتُلفت الإنتباه نحوها , وتثبت وجودها . حين نتحدث عن هذه الشريحة – ولا شك أنها تتحمل جزءً من سبب المعاناة والواقع الذي تعيشه – لم تنتفظ لتطالب بحقها فلا زالت تعيش غيبوبة الموروث مستسلمة لواقعها وكأنه قَدَرٌ عليها أن تظل حبيسته , بينما هي على العكس من ذلك , لقد تركت أمرها لمنظمات وجمعيات تأكل باسمها وتتنعم بأوجاعها . ترك المجتمع بكل شرائحه واجبه مكتفياً بالتندر على عيشتها وسكنها وأنسها وتعليم أبنائها وأين تدفن موتاها ؟ وهل تأكلهم كما يقال ؟ ولماذا لا نراهم يُصلُّون ؟ ويومُ الخادم عيده ... وهلُمَّ جراً , قائمة طويلة من الأقاويل والأقاصيص والأساطير , لم يكلف المجتمع نفسه مقابل التندر بالبحث عن الكيفية التي بها يمن إخراج هذه الشريحة من واقعها , والأساليب والوسائل التي يمكن أن تدفع بهذه الشريحة نحو إنقاذها من النفق المظلم الذي حشروا نفوسهم فيه وتركناهم نحن حبيسي جدرانه . الأخدام بَيْنَ بَيْن : تتحمل الدولة بغض طرفها وعدم القيام بواجبها نحو رعاياها المسئولية الكبرى في كل ذلك , ويتحمل المجتمع المتباهي المسئولية بدرجة ثانية . الدولة حين تتذكرهم فلمجرد الصوت الإنتخابي أو لممارسة الأعمال الدنيئة التي لا يقوم بها سواهم ويأبى أحدنا القيام بها لو أكله الفقر أكلاً , ولا يتوقف الحدُّ هنا فأمام قيامهم بهذه الأعمال مرتبات زهيدة بالأجر اليومي والمحظوظ منهم متعاقد لا تامين ولا إجازة , وهم مع كل هذا الهضم والقهر يتعرضون لابتزاز قذر من قبل المشرفين عليهم , والمجتمع لا يتذكرهم إلا حين يرى أكوام القمائم والأوساخ وقد ملأت الشوارع والحارات فيتساءل : ما بال الأخدام – التساؤل مصحوب بألفاظ الشتم واللعن - لا يقومون برفعها ؟ الأخدام يعيشون في مجتمع لا يرحم , مجتمع لن يكون بمنأى عن المساءلة أمام حاكم عدل جعل عباده على السواء " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " . صحوة الأخدام : هذه الأيام صحى الأخدام بعض الشيء صحوة متأخرة فأضربوا عن العمل أملاً في تثبيتهم ورفع أجورهم أسوة ببقية موظفي الدولة . من حقهم أن يقولوا كلمتهم ولا يتراجعوا عنها بوعود ومهدئات , وإن لم ينتزعوا حقهم ويثبتوا وجودهم في هذه المرحلة فلن يكون لصوتهم وجود مستقبلاً , ومن واجب المعنيين وعلى رأسهم حكومة الوفاق أن يُلبُّوا مطالبهم ويلتفتوا لأنينهم فأنينهم جزء من معالجة الوضع وتصحيح الإعوجاج , ولا يتوقف الأمر هنا فقط بل عليهم تقديم الإعتذار عن سنوات الحرمان والإذلال إن كانوا شجعان يحملون راية التغيير المنشود . ونحن لم نكتشف حجم هذه الشريحة وجهودها وما تعنيه إلا حين وجدنا صنعاء تعيش في عَفَنِ قمائمنا وأوساخنا التي ضاقت بها الشوارع والحارات وعفنها الذي أزكم الأنوف . الواجب يُحتِّم على الجميع التضامن معها لنيل حقوقها : · الشباب الثائر في الساحات . · منظمات المجتمع المدني . · العلماء والخطباء والمرشدون . · وسائل الإعلام ورجالها . · المواطنون جميعاً . ولا يُعفى من التضامن معهم أحد , وصوت المظلومية الذي ارتفع أخيراً يجب أن يصل كل المسامع . آمل أن تتحقق مطالبهم وألا يوقفوا انتفاضتهم حتى يحصلوا على كافة حقوقهم وسط تضامن رسمي وشعبي . تحية إجلال لتلك الجباه السمراء التي لا نعرف قدرها وحقها إلا حين نكتوي بعفن القمائم .