ينزعج العدوان ومرتزقته وكل من دار في فلكهم من قصارى النظر وأصحاب الأفكار المشوهة من مظاهر الاحتفاء بالشهداء وتخصيص أسبوع سنوي بهذا الخصوص أطلق عليه " الذكرى السنوية للشهيد". فهو الاحتفاء والإحياء الذي يتجاوز تعليق الصور وسرد الأسماء في كشوف معينة ربما لحسابات مستقبلية ضيقة أو أهداف آنية بغية تعاطف أكثر لمصالح أضيق كما دأبت الأنظمة من قبل في التعامل مع ضحايا الحروب المختلفة ، حتى في القضايا العادلة إن وجدت لا اعتبار لهم . إنها النظرة الأسمى والموقف الأرشد النابع من وجدان أصيل وعمق عظيم بأصالة القضية وعدالتها ، فهو الاحتفاء الذي يعني الاعلاء من شأن المبادئ التي استشهدوا في سبيلها والدعوة للتربية عليها والاهتمام اللامحدود بأسرهم في مختلف المجالات، رعاية تتجاوز الجانب الجسدي إلى البعد الاجتماعي بزرع محبتهم في النفوس ، وإلى جانبهم التقدير والعناية المستمرة بمن خلفهم من أهل وأسر وهو أقل واجب لأن شهداءهم شهداء وطن والمسؤولية تجاههم مسؤولية وطن ، وأمام هذا وذاك يبقى " بل أحياء عند ربهم يرزقون" هو أشرف توصيف وأكرم عطاء يناله الشهداء .. ينزعجون : لأن هذا الاحتفاء التكاملي – سلطة وشعب – يعني وهو الأهم وعليهم أشد هو وجود توجه يمني وطني سياسته " صناعة أفعال لا ردود فعل طائشة أو تأملات لحظية " مشروع بمثل هذا المظهر وغيره من المظاهر المشابهة يعيد الأمور إلى نصابها ، فالشعوب هي صاحبة الحق الأكبر ونتيجة حتمية لهذه النظرية أن لها حقوقها الكاملة ويجب أن يعاد لها الحق المسلوب منها. الشعوب في قاموس العظماء وحدها صانعة التغيير وعليها يكون التعويل في تحقيق النهوض بمحظ إرادتها وفق منهج قويم ومنهجية صحيحة ، والحكام عليها بإيمانهم هم مجرد خدام لها لا سادة عليها ومتى استقاموا فلهم بلاشك حقوقهم ومكانتهم والجزاء من جنس العمل . علاوة على أن الجيش والأمن في ظل مثل هكذا حكام سيدور معها حيث دارت ، فقد أوجد لها لا عليها. إن الاعتزاز بالشهداء والشهادة يعني في نظر العقلاء وأصحاب الفطر السليمة في مختلف التوجهات السياسية والفكرية أن من يحرص على تكريم الإنسان اليمني ميتا لاغرابة أن مشروعه في الأصل مشروع حياة وإعمار يقوم على أساس تحقيق الرفاه والتنمية المستدامة له في أحلك الظروف، كيف لو أتيح له المجال ورفع عن بلاده العدوان والحصار. إن كل الشائعات الممنهجة والتهم الداكنة عنه قد تحطمت على جدران وعي اليمنيين وسيتحطم ماتبقى ومايخطط له الآن ، ولهذا هم يخافون ينزعحون ..!! إن هذا المشهد النوعي والاستثنائي الذي يعيشه اليمنيون اليوم في ذكرى الشهيد – واختتم فعالياتها اليوم الاختتام الشكلي الوقتي – يعري أولئك الذين استغلوا الإنسان اليمني حيا وميتا من مرتزقة العدوان ويفضحهم ، فاليمني في واقعهم لاقيمة له ، وإلا ماذا يعني الدفع به إلى القتال إلى جانب المحتل للدفاع عن بلد المحتل ذاته كما في جبهة الحدود مع السعودية ، فهو يقاتل ضد شعبه ووطنه اليمن وفي هذا السبيل يقتل ، فضلا عن الزج به في جبهات الداخل ولا حظ له من الرعاية سواء عند سقوطه ميتا أو تعرضه للجراح ، وكم تعالت الأصوات في مختلف المستشفيات في الداخل والخارج شاكيا أصحابها من معاناة الجرحى والإهمال الممنهج لهم ، مالذي يمكن إطلاقه على مثل هكذا سلوك سيئ تجاه من قدم حياته ونفسه في سبيل يقولون عنه سبيل وطن، ثم هل هؤلاء اللصوص أصحاب مشروع بالفعل ! .. نعم فإن فاقد الشيء لن يعطيه.، وفي ظل غياب وعي اتباعهم ستستمر الحكاية وهذا هو الأسوأ.!! في اليمن ياسادة : مشروع يؤمن بالله ويستمد قوته من الله ، يعتز به ويخشاه، ومن مقتضيات ذاك ولوازمه العمل بالأسباب المختلفة ومنها تكريم الإنسان الذي يريد الله منه أن يكون في هذه البسيطة خليفة . في اليمن شاء من شاء وأبى من أبى مشروع يحترم الإنسان ويعلي من شأنه مهما كان حجم التشويه به وحصل من أخطاء ، فالتشويه إلى زوال ما كان الصدق مع الله وخلقه ، والأخطاء بتعاون الجميع ستصحح ، وأمام هذا ندعو بصوت عال إلى جبر الأكسار ومعاقبة المخطئ ، وكما هو معلوم فمقتضى التوبة النصوح إصلاح ما تم إفساده . كما أن من يريد البقاء فالينتصر لغيره قبل أن ينتصر لذاته وكل ذلك بالحق، والحق أحق أن يتبع . ___________ * قيادي في حزب السلم والتنمية السلفي.