تستعيد أفكار كارل ماركس جاذبيتها في أوقات الأزمة الاقتصادية. في هولندا مثلاً دفع الاهتمام المتزايد حاليا بالماركسية مكتبة أثينيوم، أكبر المكتبات في العاصمة، إلى تخصيص رف واسع لعرض كتب الفيلسوف الألماني. ولوحظ أيضاً تزايد أعداد الذين يحضرون ندوات وحاضرات حول ماركس والماركسية في البلاد، وخصوصاً من فئة الشباب. وهذا الشهر صدرت ترجمة جديدة لأشهر كتب ماركس "رأس المال". لكن السؤال يظل قائماً حول مدى صلاحية نظريات ماركس (1818-1883) لفهم ومعالجة المشاكل المالية الحالية. أتباع الماركسية مقتنعون تماماً بأن أفكار ماركس حول المجتمع اللاطبقي، يجعلنا قريبين من الوضع الاجتماعي المثالي، لكن هؤلاء ليسوا سوى أقلية ضئيلة. ويقول الباحث في الفكر الماركسي في جامعة لايدن، ادريان فان فيلدهاوزن: "لا أعتقد أن "رأس المال" هو ذلك الكتاب الذي يجب أن يقرأه الجميع."
كتاب معقد حسب فان فيلدهاوزن فإن الكتاب يتضمن فصولاً صعبة القراءة، وصعبة الفهم أيضاً. مع ذلك فإنه هو الآخر منتبه للعودة المتكررة لدى كثيرين للاهتمام بذلك الكتاب المعقد: "كثير من الناس ينسب أفكاراً وحلولاً إلى الكتاب، لا وجود لها على صفحاته أبداً. لكن تلك الأفكار يتم الاستشهاد بها في كل مرة. الجميع يكررون المحاولة نفسها عند كل أزمة."
لا يعارض فان فيلدهاوزن إطلاقاً استعادة كتب ماركس وقراءتها مجدداً. بل إنه يرى فيها أمراً مفيداً، لكنه يدعو إلى الحذر من الإسراع إلى تطبيق أفكار ماركس على المشاكل الراهنة، أو البحث فيها عن حلول معاصرة، فقد عاش كارل ماركس في عصر مختلف تماماً عن عصرنا هذا. المشاكل التي عالجها ماركس تختلف عن مشاكل هذا العصر، ولم يكن الاقتصاد آنذاك معولماً وعابراً للحدود، كما هو الآن.
يقول فان فيلدهاوزن: "القيمة الراهنة لكتب من هذا النوع أنها تعطي فكرة عن التواصل التاريخي. أي أن الأمور لا تتكرر ولا تتطابق عبر التاريخ، ولكن هناك بعض الجوانب المتشابهة فيها. هذه الجوانب هي بعض المسارات الأساسية، والأنماط المتجذرة، وهي التي وصفها كارل ماركس، والتي نستطيع الآن أيضاً الحديث حولها، مثل أنماط معينة من الاستغلال، أو النشاط الاقتصادي غير المسؤول. في هذا الخصوص يمكن أن تكون قراءة كتاب كهذا مصدراً للإلهام."
ماركس للمبتدئين ينصح أدريان فان فيلدهاوزن القراء الذين يريدون أن يتعرفوا على ماركس ألا يبدأوا بقراءة "رأس المال". ويعتقد أن المدخل الأنسب هو ما يعرف ب "مخطوطات باريس" التي دونها ماركس عام 1844. والتي تتضمن نصوصاً سهلة القراءة نسبياً يوضح فيها ماركس نظرياته بأسلوب مبسط. ويقول فيلدهاوزن إن قادة الاتحاد السوفيتي السابق قد حاولوا دائماً التعتيم على هذه المخطوطات وجعلها بعيدة عن عيون القراء العاديين، وذلك أنها لا تتوافق مع السياسات التي اتبعوها، ومع الفهم السوفيتي الرسمي للماركسية.