حلم اللقب يتواصل: أنس جابر تُحجز مكانها في ربع نهائي رولان غاروس    قرارات البنك المركزي لإجبار الحوثي على السماح بتصدير النفط    تعرف على قائمة قادة منتخب المانيا في يورو 2024    7000 ريال فقط مهر العروس في قرية يمنية: خطوة نحو تيسير الزواج أم تحدي للتقاليد؟    "حرمان خمسين قرية من الماء: الحوثيون يوقفون مشروع مياه أهلي في إب"    انتقالي حضرموت يرفض استقدام قوات أخرى لا تخضع لسيطرة النخبة    فيديو صادم يهز اليمن.. تعذيب 7 شباب يمنيين من قبل الجيش العماني بطريقة وحشية ورميهم في الصحراء    فضيحة: شركات أمريكية وإسرائيلية تعمل بدعم حوثي في مناطق الصراع اليمنية!    أرواح بريئة تُزهق.. القتلة في قبضة الأمن بشبوة وتعز وعدن    مسلحو الحوثي يقتحمون مرفقًا حكوميًا في إب ويختطفون موظفًا    حرب وشيكة في الجوف..استنفار قبلي ينذر بانفجار الوضع عسكرياً ضد الحوثيين    المجلس الانتقالي يبذل جهود مكثفة لرفع المعاناة عن شعب الجنوب    الدبابات الغربية تتحول إلى "دمى حديدية" بحديقة النصر الروسية    عن ماهي الدولة وإستعادة الدولة الجنوبية    الوضع متوتر وتوقعات بثورة غضب ...مليشيا الحوثي تقتحم قرى في البيضاء وتختطف زعيم قبلي    إنجاز عالمي تاريخي يمني : شاب يفوز ببطولة في السويد    رفض فئة 200 ريال يمني في عدن: لعبة القط والفأر بين محلات الصرافة والمواطنين    صحفي يكشف المستور: كيف حول الحوثيون الاقتصاد اليمني إلى لعبة في أيديهم؟    حرب غزة.. المالديف تحظر دخول الإسرائيليين أراضيها    عن الشباب وأهمية النموذج الحسن    بحضور نائب الوزير افتتاح الدورة التدريبية لتدريب المدربين حول المخاطر والمشاركة المجتمعية ومرض الكوليرا    - الصحفي السقلدي يكشف عن قرارات التعيين والغائها لمناصب في عدن حسب المزاج واستغرب ان القرارات تصدر من جهة وتلغى من جهة اخرى    شرح كيف يتم افشال المخطط    بدء دورة تدريبية في مجال التربية الحيوانية بمنطقة بور    "أوبك+" تتفق على تمديد خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و439 منذ 7 أكتوبر    ولي العهد الكويتي الجديد يؤدي اليمين الدستورية    رصد تدين أوامر الإعدام الحوثية وتطالب الأمم المتحدة بالتدخل لإيقاف المحاكمات الجماعية    الملايين بالعملة الصعبة دخل القنصليات يلتهمها أحمد بن مبارك لأربع سنوات ماضية    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    أولى جلسة محاكمة قاتل ومغتصب الطفلة ''شمس'' بعدن    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا    بالصور: اهتمام دبلوماسي بمنتخب السيدات السعودي في إسبانيا    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    مصرف الراجحي يوقف تحويلاته عبر ستة بنوك تجارية يمنية بتوجيهات من البنك المركزي في عدن    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المساء برس تنشر رؤية المؤتمر الوطني لشعب الجنوب لجذور القضية الجنوبية
نشر في المساء يوم 01 - 05 - 2013

قدم المؤتمر الوطني لشعب الجنوب أمس الأول رؤيته لجذور القضية الجنوبية، وذلك أمام فريق القضية في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
الرؤية قدمتها رضية شمشير..
الملخص التنفيذي
فشلت الجمهورية اليمنية؛ لأنها حولت فكرة الوحدة من اتحاد بين دولتين يهدف إلى تنمية البلدين وتحقيق الاستقرار وتحسين حياة الناس كما نظر لها الكثيرون إلى كابوس مرعب فقد تحول هذا الحلم المثالي للوحدة بين الدولتين إلى مجرد ضم وإلحاق (عودة الفرع للأصل) دفع الجنوبيين للوقوف في وجه هذا المسعى الذي قادته مراكز القوى التقليدية في صنعاء ورجال دين، وبدلاً من أن يتم تعزيز الوحدة وجعلها جاذبة للجميع جرى إقصاء واستبعاد الجنوب شعباً ونظاماً وهوية وثقافة وأبقوا عليه أرضاً مستباحة، وهو ما دفع الشعب الجنوبي أن ينتفض ويرفض الاستكانة لهذا المصير الذي أرادته هذه القوى المتخلفة له وليخلع عنه وبصورة مستمرة لا لبس فيها يمننة قسرية لم يكن له أي رأي في اختيارها.
البعد التاريخي:
أقل من قرن من الزمان منذ ظهور أول فكرة لليمننة السياسية في منطقة جنوب الجزيرة العربية، وذلك بإعلان قيام المملكة اليمنية المتوكلية في عام 1918م. وفي هذا العام تحولت اليمن لأول مرة من جغرافيا إلى هوية، فاسم اليمن لم يكن قبل هذا التاريخ إلا دلالة على اتجاه جغرافي ولم يكن يمثل هوية أو دولة. ارتكزت هذه الهوية على التوسع وضم كافة المناطق التي تقع تحت مسمى اليمن أسموها الفروع وضمها إلى الأصل صنعاء.
وبعد انقلاب سبتمبر 1962م شعر الائتلاف القبلي بموجة التغيير القادمة فركب الموجة واخترقها وحرفها وهو ذاته الواقع الذي أعاد نفسه عند قيام مراكز القوى بركوب واختراق ثورة فبراير 2011م ومحاولة احتوائها وحرفها عن مسارها كما احتويت انقلاب سبتمبر وحرفته عن تحقيق أهدافه.
ومع تنصيب صالح رئيساً تم تقسيم السلطة بين ثلاثة مراكز قوى عسكرية وقبلية ودينية. وكان ذلك التقاسم يعني تقاسم الثروة والسلطة، إن كل واحد من الثلاثة له حصته سواء في التعيينات لكبار المسئولين أو لصغارهم أو في التجنيد في الجيش أو في الموازنة العامة للدولة أو القطاعات الاقتصادية أو في غير ذلك ، وبدأ عصر مراكز القوى في تسخير كل مقدرات الوطن لمصالحهم، وتم التعبئة للهوية اليمنية وبناء الدولة؛ بهدف الحفاظ على تماسك البلد خدمة لزيادة ثرواتهم، والجنوب كان أحد الأطماع الاستراتيجية لمراكز القوى التي تم التخطيط والتنفيذ لها بعناية ودهاء.
البعد القانوني:
إن الشعب في الجنوب المقيم على أرضه منذ آلاف السنين إنما قد دخل الوحدة على أساس اتفاقية شراكة مع شعب الجمهورية العربية اليمنية وهو في هذه الحالة لم يبع أرضه وثرواته ومؤسساته ولم يرهنها لأحد بل كان دافعه للوحدة هو الإخاء اليمني والعربي والإسلامي والقومي، ولكن هذه الوحدة ضربت في الصميم بإعلان الحرب في 1994م من قبل سلطات صنعاء.
إن الوحدة التي قامت بين الدولتين في الشمال والجنوب لم تكن قائمة على أسس وقواعد القانون الدولي والمواثيق الدولية، كما أن اتفاقية الوحدة المبرمة لم تكن بين دولتين ذات سيادة وأعضاء في العديد من الهيئات والمنظمات الدولية والعربية ولم تشرك أي من هذه الهيئات وتحديداً منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في التوقيع على هذه الاتفاقية ولو حتى كشهود، ولم تنشر تلك الاتفاقية أو تودع لدى الهيئات الدولية ولا يعلم الشعب في الجنوب والشمال عن هذه الاتفاقية شيئاً سوى ما تسرب بأنها من صفحة ونصف الصفحة، وهي مساحة لا تكفي حتى لعقد تأجير محل.
البعد السياسي:
باعتماد سلطة الحرب والأساليب العسكرية والأمنية المختلفة لإحكام مراكز القوى في صنعاء سيطرتها على جغرافيا الجنوب والفيد والنهب المستمر على مقدراته وثرواته، مستخدمة مختلف الأساليب والسبل لاستدعاء جراحات وخلافات الماضي بهدف تفكيك البنية الاجتماعية والسياسية، فاتبعت سياسة التعاقدات الانتقائية لضمان التمثيل الشكلي للجنوب وإفراغه من محتواه كمؤسسات دولة قامت على النظام والقانون.
حرب صيف 1994م أحدثت تصدعات عميقة في جدار الوحدة، ومما زاد الأمر سوءاً الممارسات التي أعقبت الحرب وانفراد السلطة في صنعاء بحكم دولة ما بعد 94م، كما أنها لم تقم لحل المشاكل الناجمة عن حرب، بل إنها استعذبت نتائجها المأساوية ووظفتها لتكريس سياسة النهب والإقصاء والاستبعاد والتسلط، في حين يردد مواطنون من الجنوب أن السلطة إلى جانب تسريح عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين عقب الحرب الأهلية في 1994م، قد أطلقت يد الفاسدين والنافذين لنهب أراضي الجنوب وبيع مؤسساته العامة إلى المقربين، إلا أن قرار تسريح آلاف العسكرين والمدنيين هم من أطلقوا شرارة (الحراك الجنوبي).
البعد الاقتصادي:
(أقسم الرئيس علي عبدالله صالح، بتحويل عدن إلى قرية) قد تكون من الأقاويل التي يرددها الناس، وقد لا يكون القسم حقيقياً، لكنه بالتأكيد ما جرى على أرض الواقع فبموجب اتفاق الوحدة أصبحت مدينة صنعاء عاصمة الكيان الجديد. وبسقوط صفة العاصمة السياسية عن عدن، وعدم مصداقية تحويلها إلى عاصمة اقتصادية وتجارية عانت مدينة عدن من تدهور لكل مقومات الحياة فيها وبشكل خاص في الجانب التجاري والاقتصادي.
وقد أسهمت هذه السياسة في الجنوب في تعطيل مصالح التجار وانتشار الفساد بصورة غير موجودة في مناطق أخرى في اليمن.
وأمرت الدولة مكاتب شركات النفط العاملة في اليمن والتي كانت قد اتخذت من مدينة عدن مقراً لها بالانتقال إلى صنعاء وإغلاق كافة مكاتبها في عدن، كما عملت الدولة بفرض تعريفات مختلفة للخدمات الأساسية أرخص في الشمال عن الجنوب فعلى سبيل المثال فإن مكالمة هاتفية داخل مدينة صنعاء أرخص ب40 % منها في عدن وب50 % عنها في المكلا، كما أن سعر الكيلو وات/ساعة من الكهرباء في الشمال للبيوت السكنية أو للأغراض التجارية والصناعية أرخص عنها في الجنوب بفروقات تتجاوز ال30 %.
البعد الثقافي والاجتماعي:
يشير الواقع إلى أن هناك ثقافة مدنية تأسست لعقود في الجنوب أحدثت تحولاً في سلوكيات الجنوبيين، فبات ترسيخ مبدأي النظام والقانون في الاحتكام إليه هما المؤشران الرئيسيان للدولة في الجنوب.
إن هذه النهضة الثقافية الاجتماعية في الجنوب والتي للأسف تم القضاء عليها بعد قيام الوحدة مباشرة في العام 1990م بفعل السياسات الخاطئة والممنهجة لسلطات صنعاء وبشكل سافر بعد حرب صيف 1994م، فبدلاً من تسخير قدرات البلد وثرواته في تطوير التعليم، باعتباره أحد أهم ركائز بناء الإنسان وأداة التنمية وهدفها والثروة الحقيقية لأي مجتمع، حدث تراجع كبير لما تم إنجازه في مرحلة ما قبل الوحدة، حيث عملت عقلية المنتصر بعد حرب صيف 1994م، على صياغة سياسة تعليمية تنسجم ومصالح الفئة الأقل والمسيطرة على مقدرات الجنوب ومستقبل أبنائه، بالإضافة إلى تدمير منظومة القوانين الاجتماعية، التي أسست لقيم إنسانية حضارية وعلاقات متكافئة بين جميع أفراد المجتمع في الجنوب.
لقد تحقق للمرأة الجنوبية المساواة وتكافؤ الفرص في مواقع صنع واتخاذ القرار من سبعينيات القرن الماضي فهي أول قاضية وأول نائب وزير وأول عميد كلية اقتصاد وأول مذيعة تلفزيون وأول مذيعة إذاعة وأول مالكة ورئيس تحرير لصحيفة على مستوى الجزيرة العربية.
إحياء النعرات والثأرات القبلية واستخدام الدين من قبل السلطات الشمالية كانت اللعبة الخطرة في السياسة اليمنية الداخلية؛ حيث بدأت السلطة في الشمال بالإعداد لحرب 1994 بالترويج لفكرة “إن الجنوبيين ما هم إلا شيوعيون كفرة” وان قتلهم ونهبهم وانتهاك أعراضهم حلال وجاءت فتوى الشيخ عبدالوهاب الديلمي عضو مجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح سيئة الصيت لتحفر جرحاً غائراً في قلوب الجنوبيين.
إن الحصيلة السوداوية لما أسمي بالوحدة كانت كافية لإسقاط مشروع يمننة الجنوب وتراجع المدافعين عنها وخروجها من وعي الجنوبيين وإلى الأبد.
المدخل:
القضية الجنوبية هي قضية شعب ودولة وهوية، تعبر عن حقوق تاريخية، قانونية، اقتصادية، ثقافية، واجتماعية لشعب الجنوب. لقد أعلنت الوحدة اليمنية في 22 مايو1990م بين كيانين مستقلين ذوي سيادة منفصلة؛ إذ تحقق للجنوب استقلاله في 30 نوفمبر1967م كدولة ذات سيادة وبشخصية اعتبارية في منظومة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها وكذا جامعة الدول العربية والمنظمات الدولية ذات الصلة، وينطبق نفس ما ورد أعلاه على الجمهورية العربية اليمنية التي تحققت ثورتها في 26 سبتمبر 1962م.
إن حل القضية الجنوبية يحظى اليوم باهتمام دولي بالغ؛ لما له من تأثير في استعادة الأمن والاستقرار والتوازن السياسي في اليمن والإقليم بشكل عام ولما يشكله عدم الحل من خطر داهم ليس على الإقليم فحسب ولكن على الاستقرار العالمي.
إن الوحدة اليمنية التي هرب نحوها النظامان الشموليان في الشمال والجنوب كمخرج لهما أصبحت في واقع الأمر مأزقاً دفع بشعب الجنوب نحو الهاوية جراء السياسات والمكائد للسلطات في صنعاء التي دفع الجنوب ثمنها باهظاً من مقدراته وثرواته وحقوق الإنسان التي شهدت تدهوراً في الجنوب لم يسبق له مثيل في تاريخه.
فنحن أمام بناء سياسي مدمر أبرز سماته حالة اللادولة من مايو 1990 حيث جرى إلغاء الشرعية السياسية للدولتين شمالاً وجنوباً تحت غطاء إعلان الوحدة، بينما فشل الإعلان الوحدوي ولم تقم شرعية سياسية بديلة، فبدأت الأزمة التي انتهت بحرب ابريل 1994م التي قضت على كل محاولات الإبقاء على مشروع الوحدة وتدرجت هذه الأزمة القائمة في تشكل حلقاتها عبر فترات زمنية مختلفة منذ ما بعد حرب صيف 1994م وظهور قضية الجنوب وطرفاها الجنوب والشمال، شمال أراد فرض الوحدة بالقوة وجنوب رافض لواقع فرضته القوة والحرب.
شهدت حرب 1994م تسخيراً وتعبئة دينية وقبلية تحت شعار المحافظة على مشروع الوحدة اليمنية، بينما الحقيقة لم تكن سوى بهدف نهب مراكز النفوذ لثروات الجنوب حتى وقتنا الحاضر. والصدام المسلح الذي حدث في عام 2011م بين علي عبدالله صالح وآل لحمر لم يكن بسبب موالاتهم للثورة بل لرفض آل الأحمر توجه علي صالح في توريثه الحكم لابنه والانحراف عن الاتفاق الذي أبرم عند تنصيبه رئيساً أن تكون المرجعية لمراكز القوى.. كانت حرباً للحفاظ على السلطة وتثبيت مرجعية مراكز القوى الثلاث على حساب مرجعية أسرة علي صالح.
إن آخر مشاهد القضية الجنوبية في تعبيراتها السياسية والشعبية تتبلور في المشاهد المليونية الضخمة، وهي تعبير صارخ على أن القضية الجنوبية تتجاوز الرؤى المعزولة والنظرات السياسية الضيقة والزعامات السياسية والوجاهية إلى تشكيل موقف الشعب في الجنوب، وليس هناك أكثر من هذا الدليل يستطيع أن يؤكد ويثبت القضية الجنوبية بكونها حقيقة حاضرة وماثلة أمام العيان ليست بحاجة لذاكرة ماضوية أو خيال مستقبلي إلا في سبيل العبرة من وفي سبيل وضع الحلول التي لم تعد تقبل المراوغة والتحايل؛ فالمسألة أكبر من تفاصيل مصلحة صغيرة، وهي اليوم كبيرة بمستوى الشعب الذي يخرج إلى الشارع بالمليونيات.
أولاً: البعد التاريخي:
ظهر اسم اليمن أولاً باسم يمنات كمنطقة في إطار كيان يشمل معظم جنوب الجزيرة العربية وليست كدولة. ولم يظهر اسم اليمن كمسمى دولة إلا في عهد المملكة اليمنية المتوكلية في عام 1918م التي أعلنها الإمام يحيى حميد الدين ،وعلى أراضي الدول القديمة سبأ ومعين وجزء من أراضي أوسان وقتبان وكذا أراضي ما كان يعرف بالدولة الإدريسية التي أصبح معظمها ضمن الأراضي السعودية بعد اتفاقية الطائف عام 1934م. ولم تكن عدن والمحميات الغربية من هذه الأراضي.
وفي هذا العام تحولت اليمن لأول مرة من جغرافيا إلى هوية، فاسم اليمن لم يكن قبل هذا التاريخ إلا دلالة على اتجاه جغرافي ولم يكن يمثل هوية أو دولة.
احتواء الهوية الجديدة :الاستغلال السياسي والديني والاقتصادي للهوية اليمنية لمراكز القوى للبسط على ثروات اليمن والجنوب.
قرن من الزمان أو يقل عن ذلك منذ ظهور أول فكرة لليمننة السياسية في منطقة جنوب الجزيرة العربية؛ وذلك بإعلان قيام المملكة اليمنية المتوكلية في عام 1918م. في محاولة للخروج بمشروع الدولة الوطنية بعد إدراك الإمام يحيى بن حميد الدين عمق المتغيرات التي طرأت على الساحة الدولية بعد الحرب العالمية الأولى، خصوصاً بعد أفول الامبراطورية العثمانية وتقاسم إرثها بين أطراف محلية وأخرى دولية.
الهوية اليمنية الجديدة شكلتها وغذتها مراكز القوى الثلاثة الرئيسية في صنعاء، وهي ارتكزت - هذه الهوية - على التوسع وضم كافة المناطق التي تقع تحت مسمى (اليمن) أسموها الفروع وضمها إلى الأصل صنعاء. هذا التماسك بين القوى الثلاث تعرض مع المتغيرات المحلية والإقليمية للضعف، شهدت فيها المراحل اللاحقة الضعف المستمر لإحدى تلك المراكز في مقابل زيادة نفوذ القبائل الأخرى وسلطة صنعاء.
ومع اندلاع ثورة سبتمبر 1962م شعر الائتلاف القبلي بموجة التغيير القادمة فركب الموجة واخترقها ومثلت فيها حاشد القوة الرئيسة المدافعة عن الثورة، حتى اعتقد الكثير من أبناء حاشد أن الثورة لم تقم إلا بسبب ما لحق بمشايخ حاشد من قبل الإمام أحمد، وكان الكثير من القبائل التي حاربت مع الملكيين تنظر إلى الثورة على أنها ثورة حاشد، وهو ذاته الواقع الذي أعاد نفسه عند قيام نفس القوى بركوب واختراق ثورة فبراير 2011م واحتوائها كما احتوت انقلاب سبتمبر.
ورغم التقاسم بين مراكز القوى الثلاث والذي تم الحفاظ عليه طيلة فترة حكم القاضي عبدالرحمن الإرياني مع تغيير في أسماء شاغلي المواقع، فقد كان واضحاً أن هناك هيمنة ومنافسة بين أطراف القبيلة. وفي هذا المنعطف التاريخي بالذات برز شيخ حاشد كصانع للرؤساء. وفي عهد صالح تم تقسيم السلطة بين المراكز الثلاثة. وكان ذلك التقاسم يعني تقاسم الثروة والسلطة، أن كل واحد من الثلاثة له حصته سواء في التعيينات لكبار المسئولين أو لصغارهم أو في التجنيد في الجيش أو في الموازنة العامة للدولة أو في غير ذلك، وبدأ عصر القبيلة في تسخير كل مقدرات الوطن لمصالحها، وتم التعبئة للهوية اليمنية وبناء الدولة بهدف الحفاظ على تماسك البلد خدمة لمصالحها وتوسيعها.
قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية
استفادت اليمن بعد ثورة سبتمبر من حالة المد القومي التي عمت المنطقة العربية والدعوة إلى توحد الأمة لكي تعيد إحياء مشروع الأئمة في إلحاق “اتحاد الجنوب العربي” بما يسمى اليمن، ولعبت العناصر اليمنية المهاجرة إلى الجنوب دوراً رئيساً في الترويج للفكر القومي وأن الوحدة اليمنية هي الخطوة الأولى لتحقيق هذا الحلم العربي العظيم. وفي إطار هذا التوجه القومي تم تسمية دولة الجنوب بعد الاستقلال جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، رغم أن هذه التسمية لم تكن من الخيارات الأولى المطروحة حينها.
قامت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بتحويل اسم الدولة المستقلة عن الاحتلال البريطاني وهي اتحاد الجنوب العربي في تاريخ 30 نوفمبر 1967 واعترفت 80 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالدولة الجديدة بتاريخ 5 ديسمبر 1967م وكان مقعد الأمم المتحدة يحمل اسم اتحاد الجنوب العربي كهوية تاريخية نهائية لها ولمواطنيها، ولم يطلق اسم اليمن بأي اشتقاق تاريخي على الجنوب سوى منذ 30 نوفمبر 1967.
لقد تم الترويج وبكثافة لمسمى يمنية الجنوب عبر الآلة الإعلامية السياسية في النظام السياسي والقبلي الشمالي بكثافة كمحاولة لطمس استقلالية الهوية الجنوبية حتى قام النظام بتمويل دراسات جامعية وكتب تروج لهذه التزييف للتاريخ.
إن محاولة التزييف المكثفة والمتكررة من قبل النظام في صنعاء كانت أحد الأسباب التي دفعت الجنوبيين إلى التمسك بشكل متعصب بهويتهم وانتمائهم، وبدأت تتجلى أطر هذا التمسك في الكتابات الصحفية التي أرسلت العديد من كتابها الجنوبيين إلى غياهب المحاكمات والسجون، وكانت الدولة تتمسك دوماً باتهام أولئك الكتاب بتهمة “تهديد الدولة ومحاولة قلب نظام الحكم” وهي اتهامات يعرفها العالم الحر جيداً بأنها التهمة المستخدمة من الأنظمة الدكتاتورية لقمع آراء معارضيها.
كما أن الحراك الجنوبي السلمي رفض منذ بدايته في 7/7/2007م الهوية اليمنية، ولم يعترف بها كهوية وطنية، وهي انعكاس لحالة الرفض المطلق في الشارع الجنوبي لمبدأ الضم والإلحاق التي اتبعها النظام بل تندر الجنوبيون ورفضوا بشدة شعار “عودة الفرع (الجنوب) إلى الأصل (الشمال)” التي أطلقها ساسة الشمال.
كما أن هذا الرفض الشعبي في الجنوب للهوية اليمنية كان أيضاً بسبب غياب مفهوم المواطنة المتساوية في الجمهورية اليمنية غياباً تاماً حل محله مفهوم التبعية والرعوية للأنظمة القبلية الحاكمة في الدولة.
وكانت التصريحات العلنية للسياسيين الشماليين أبلغ برهان في تأكيد النية المبيتة في إلغاء الجنوب هوية وشعباً عندما قال الرئيس السابق علي عبدالله صالح في يوم 27 ابريل 1994م من ميدان السبعين في صنعاء لدى إعلانه الحرب على الجنوب “حانت لحظة الانتقام” و«هذه الوحدة تعمدت بالدم»، وفي مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله قال:«نحن رفضنا الوحدة ولكن الرئيس وعدنا بأنه سيقضي على الجنوبيين ويبتلع الجنوب خلال ثلاث سنوات»... أما الدكتور عبدالكريم الإرياني فقال مباشرة بعد الحرب:«لقد ابتلعنا الجنوب ولم يبق إلا هضمه»، وقال الشيخ ناجي الشائف:«لم يعد هناك شيء اسمه الجنوب فقد أخذناه بالسيف»، أما محمد اليدومي، أمين عام حزب الإصلاح، فقد قال في حوار متلفز بينه وبين أمين عام الحزب الاشتراكي علي صالح عباد مقبل في العام 1997: «إن من حقهم (الشماليين) أن يزجوا بالملايين الى الجنوب لتغيير الخارطة الديمغرافية».
تسعة عشر عاماً من حرب 1994م عاشت اليمن أجواء التمجيد الرسمي اليومي للحرب ونتائجها .. وشعار “الوحدة فريضة دينية” واحد من الأمثلة التي يمكن التدليل بها على الانحراف .. فهذا الشعار لم يكن له وجود قبل حرب 1994م جرى صكه لتسويغ الهروب من المعالجة السياسية السليمة ... إن أبرز دلائل تسييس الدين لأغراض تخدم مصالح هذه القوى ما جاء في المسلسل التلفزيوني “همي همك” الذي قال فيه الممثل فهد القرني: إن أركان الإسلام ستة، والركن السادس هو الوحدة، وهذا يعيدنا إلى التاريخ الذي جرى فيه تحريف الدين الإسلامي عند ادعاء الأسود العنسي بالنبوة في الشمال.
وكما هو معروف أجهزت الحرب على شراكة الجنوب في اتفاقية مشروع الوحدة وفرضت علية واقعاً جديداً يسميه المنتصر “وحدة معمدة بالدم” بينما تسميه قوى الحراك الجنوبي جهاراً نهاراً بأنه احتلال..
لقد طالت الحرب كل شيء في الجنوب، وما ألفه واعتاد وتعلق به من تاريخ ورمزيات ومن حضور حقيقي للدولة والنظام والقانون.. تفسير ذلك أن النظام الذي أعلن الحرب نظام عصبيات مغتصبة للدولة.. مثلما فعل الإمام الهادي مع قبائل “يام” عندما قطع نخيلها وردم آبارها، ومثلما فعل الإمام أحمد عندما استباح مدينة صنعاء عام 1948م .
أما استباحة منازل قادة ومسئولي دولة الجنوب فتندرج في إطار الإمعان في الإهانة وممارسة الإذلال.
فرضت نخبة الحكم في صنعاء نموذجها على الوحدة وعممت نظام الجمهورية العربية اليمنية كله.. وبدلاً عن وحدة 22مايو الطوعية السلمية أقامت وحدة 7يوليو “المعمدة بالدم” معتقدة أن نظام الجمهورية العربية اليمنية هو النموذج الذي انتصر على صعيد عالمي في الحرب الباردة، ويجب أن ينتصر على صعيد محلي.
قام مركز دراسات مؤسسة الأهرام المصرية بإجراء بحث ميداني عن حرب صيف 1994 كان أبرز نتائجه “إن الوحدة لم تبن على أساس واقعي متين يقوم على التدرج والانتقال الطبيعي السليم... إن التسرع في إعلان الوحدة دون إعداد كافٍ ودون وضع خطة عملية تدريجية سوف يكون هو السبب في فشلها لتضاف بدورها إلى مشاريع الوحدة العربية السابقة التي سقطت في زوايا التاريخ”.
ثانيا: البعد القانوني:
إن الشعب في الجنوب المقيم على أرضه منذ آلاف السنين إنما قد دخل الوحدة على أساس اتفاقية شراكة مع شعب الجمهورية العربية اليمنية، وهو في هذه الحالة لم يبع أرضه وثرواته ومؤسساته ولم يرهنها لأحد بل كان دافعه للوحدة هو الإخاء اليمني والعربي والإسلامي والقومي، ولكن هذه الوحدة ضربت في الصميم بإعلان الحرب في 1994م من قبل نظام صنعاء.
انهت لجنة من صياغة مشروع الدستور عام 1981 أعمالها لكن التوقيع عليه لم يتم إلا في 30 نوفمبر 1989.. وبين هذين العامين فاصل زمني كبير لم نجد تفسيراً موثقاً له إلا في حديث مطول أدلى به علي عبدالله صالح لنجيب رياض الريس ونشر في كتاب “رياح الجنوب” الصادر عام 1998 أي بعد حرب 1994 بأربع سنوات كان صالح خلالها مهووساً بنشوة النصر، معتقداً أنه الصقر السبئي الذي أوقع الجنوب في فخ الوحدة وحوله من شريك بإرادته إلى ملحق بغير إرادته.. قال صالح لرياض الريس ما معناه: إن قيادة الجنوب جاءت إلى الكويت(1982م) وهي منتشية بنصرها العسكري وتريد أن تحقق الوحدة معنا من موقع القوي، لكن الإخوة في القيادة نصحوني أن لا أتسرع في الذهاب إلى الوحدة حتى نرتب أوضاعنا.
كما نصت الاتفاقية على “أن يسود العمل بدستور دولة الوحدة والشرعية الدستورية وعدم اللجوء الى تجاوز الدستور أو تعديله” بينما تم تعديل الدستور مباشرة بعد انتهاء حرب 1994م.
إن الوحدة التي قامت بين الدولتين في الشمال والجنوب لم تكن قائمة على أسس وقواعد القانون الدولي والمواثيق الدولية كما أن اتفاقية الوحدة المبرمة كانت بين دولتين ذات سيادة وأعضاء في العديد من الهيئات والمنظمات الدولية والعربية ولم تشرك أياً من هذه الهيئات وتحديداً منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في التوقيع على هذه الاتفاقية ولو حتى كشهود ولم تنشر تلك الاتفاقية أو تودع لدى الهيئات الدولية، ولايعلم الشعب في الجنوب والشعب في الشمال عن هذه الاتفاقية شيئاً سوى ما تسرب بأنها من صفحة ونصف الصفحة، وهي مساحة لا تكفي حتى لعقد تأجير محل تجاري أو سكني.
والملاحظ في نص اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية وتنظيم الفترة الانتقالية الإشارة إلى الاتفاقية بأنها “اتفاق عدن التاريخي” ولم يتم الإشارة من قريب أو بعيد إلى أن اتفاقية الوحدة هي اتفاقية قانونية أو ذات بعد قانوني، ويلاحظ أن هذا الوصف استخدم بكثافة من قبل النظام في صنعاء مع تحاشي الإشارة إلى أي بعد قانوني في الاتفاق الموقع.
من وجهة نظر القانون الدولي كانت حرب 1994م حرباً داخلية ومن الناحية الفعلية جرت الحرب بين حقائق دولتين تعذر دمجها وقد انقسمت مؤسسات الدولة على أساس شطري ابتداء من مجلس الرئاسة والحكومة مروراً بالبرلمان وانتهاء بالجيش والإعلام، ففي كل المستويات كانت الحرب بين حقائق دولتين.
القتل خارج إطار القانون:
في الفترة الممتدة من العام 1994م الى 18 مارس 2013م تم قتل حوالى 1203 جنوبيين من قبل شماليين، ولم يتم معاقبة اي شمالي بتهمة قتل جنوبي سواء بالسجن أو الإعدام، بل إن معظم الجناة تم تهريبهم من السجون إلى الشمال أو خارج البلاد كي لا تطالهم يد العدالة.
بل إن الأمر تطور إلى التصريح لجنود قوات الأمن المركزي بالقتل العشوائي وسحل الجنوبيين خصوصاً في الأرياف والمناطق النائية وكانت أبشع الممارسات في منطقة ردفان في ابريل من العام 2009 ، وأغلقت وسائل إعلام جنوبية عدة وعلى رأسها صحيفة “الأيام” لتغطيتها المصورة لتلك الأحداث التي شارك فيها قوات الحرس الخاص والأمن المركزي وتورط ضباط من الأمن المركزي في اغتصاب صبيان قاصرين داخل سجون الدولة في لحج على خلفية هذه الأحداث.
ومنذ العام 1994 قامت القوات النظامية باستخدام القوة المفرطة في قمع الاحتجاجات في الجنوب وقتل ما يزيد عن 17 دهساً تحت مجنزرات الدبابات وعجلات المصفحات، بينما وعلى سبيل المقارنة قتل 4 فلسطينيين في اسرائيل دهساً من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي.
أما أحد أكثر المشاهد ترويعاً للجنوبيين فهو مذبحة قرية المعجلة وهي إحدى قرى مديرية المحفد بمحافظة أبين، يبلغ تعداد سكانها 374 نسمة حسب الإحصاء الذي أجري عام 2004. تبعد القرية عن عدن مسافة 230 كيلو متراً شرقاً .
قتل فيها 68 من السكان المدنيين بينهم 14 من النساء و21 طفلاً ، في قصف مزعوم لمعسكر تدريب لتنظيم القاعدة، حيث قامت بوارج أمريكية بقصفها بصواريخ كروز من نوع توماهوك كروز BGM - 109D أطلقت في الساعة السادسة من صباح يوم الخميس 17 ديسمبر 2009م بناء على معلومات استخبارية خاطئة من نظام صنعاء للجانب الأمريكي، ولم يقتل في الهجوم أي عنصر من القاعدة بل مدنيون أبرياء.
وقال فيليب لوثر نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية : “إن توجيه ضربة عسكرية من هذا النوع ضد مسلحين مزعومين من دون محاولة اعتقالهم هو على الأقل غير قانوني، كما أن حقيقة أن الكثير من الضحايا كانوا من النساء والأطفال يُعد مؤشراً على أن الهجوم كان في الحقيقة غير مسؤول بتاتاً ولاسيما على ضوء احتمال استخدام الذخائر العنقودية”.
وأشارت المنظمة إلى أن الصور التي حصلت عليها تظهر أجزاء من الصواريخ من نوع توماهوك كروز BGM - 109D، أمريكية الصنع. وأكد أن هذا النوع من الصواريخ أطلقت من سفينة حربية أو غواصات، وهي مصممة لنقل حمولة من القنابل العنقودية (166 قنبلة) وتنشطر الواحدة منها إلى ما يزيد عن 200 شظية حادة وصلبة، ويمكن أن تسبب إصابات على بعد 150متراً.
ثالثاً: البعد السياسي:
منذ إعلان مشروع الوحدة في العام 1990 مارس الشريك الشمالي عملية اغتيالات سياسية طالت شريكه في الحكم الحزب الاشتراكي على وجه الخصوص؛ حيث قتل 153 قيادياً من الحزب الاشتراكي قبل حرب 1994م.
استخدم الشريك الشمالي علاقاته المتوطدة أصلاً بالأطراف الدولية لتشكيل موقف معادي للشريك الجنوبي من المجتمع الدولي بني على معلومات مضللة.
باعتماد سلطة الحرب الأساليب العسكرية والأمنية المختلفة لإحكام سيطرتها على جغرافيا الجنوب والفيد والنهب المستمر على مقدراته وثرواته، فعملت بمختلف الأساليب والسبل لاستدعاء جراحات وخلافات الماضي بهدف تفكيك بنيته الاجتماعية والسياسية، فاتبعت سياسة التعاقدات الانتقائية لضمان التمثيل الشكلي للجنوب وإفراغه من محتواه كمؤسسات دولة قامت على النظام والقانون.
“وبهذا انقسم اليمنيون جغرافياً بين كاره للوحدة جنوباً وخائف عليها شمالاً، ومن أن سبب الكراهية في الحالتين واحد وهو حرب 1994، التي دمرت الوحدة كمشروع سياسي، تتهرب النخب السياسية في الجهتين من الاعتراف بهذه الحقيقة”.
وكان واقع الضم والإلحاق القسري هو المشهد الذي قوبل بالمقاومة والرفض، ليتحول إلى حراك سياسي اجتماعي سلمي أعلن عنه في 7/7 /2007م.
لقد قام مشروع الوحدة اليمنية على أساس افتراض الحفاظ أو الإبقاء على البنية السابقة لكلتا الدولتين خلال الفترة الانتقالية، فهذه الإستراتيجية لم تحدث التكامل المأمول، لذلك واجهت دولة الوحدة، الإخفاق الأول الذي يتمثل في نقل مبدأ التوازن السياسي من المستوى المجتمعي العام إلى قمته وأجهزته التنفيذية الوسيطة والعليا، حيث تعثر استكمال دمج العديد من المؤسسات الحيوية، وبصفة خاصة مؤسستي الجيش والأمن. الإخفاق الثاني يتمثل في هامشية الأحزاب السياسية. والإخفاق الثالث وهو خاص بفشل تطبيق أحد أهم المبادئ التي قامت عليها الوحدة وهو مبدأ الأخذ بأفضل ما في تجربة الشطرين في نهج الدولة والمؤسسات والقانون والإدارة والعملة وتعميمه، وبالتالي لقد مس هذا الإخفاق عدم التوازن في الآثار الناتجة من الوحدة بين مناطق الشمال والجنوب، الأمر الذي أثر على نمو الشعور في أوساط الفئات الاجتماعية في المناطق الجنوبية بأنها قدمت تضحيات أكبر في سبيل الوحدة دون عائد مناسب، وأنه لم يكن هناك توازن بين الأعباء والعوائد بين سكان كل شطر سابقاً.
حرب صيف 1994م أحدثت تصدعات عميقة في مشروع الوحدة، ومما زاد الأمر سوءاً الممارسات التي أعقبت الحرب وانفراد السلطة في صنعاء بحكم دولة ما بعد 94م، كما أنها لم تقم بحل المشاكل الناجمة عن حرب، بل إنها استعذبت نتائجها المأساوية ووظفتها لتكريس سياسة النهب والإقصاء والاستبعاد والتسلط أن السلطة إلى جانب تسريح عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين عقب الحرب الأهلية في 1994م، وأطلقت يد الفاسدين والنافدين لنهب أراضي الجنوب وبيع مؤسساته العامة إلى المقربين، إلا أن قرار تسريح آلاف العسكرين والمدنيين نتج عنه أن أطلقوا شرارة ما يعرف ب(الحراك الجنوبي) فضلاً عن توزيع أراض شاسعة لقادة عسكريين ونافدين من أبناء الشمال والجنوب.
بدأ شعب الجنوب بعد نهاية حرب 1994م يطالب بالمواطنة المتساوية وبالمشاركة في اقتسام السلطة والثروة. كذلك رفضهم قبول العناصر الإدارية المحسوبة على النظام السياسي حيث يرون أن هؤلاء العناصر معظمهم من الشمال وأتوا للإحلال في أماكنهم الوظيفية، كما أدى الضعف الاقتصادي والفشل الإداري وعدم قدرة النظام على تحقيق العدالة والمساواة، إلى ظهور ذلك الانقسام الاجتماعي.
النظام الإداري ما يزال حتى اللحظة يعتبر أهم نقطة ضعف في بناء الدولة في اليمن، وما تم من إنجاز، لم يكن الفضل فيه لكفاءة الجهاز الإداري وفعاليته، وإنما يعود الفضل إلى المشاركة الشعبية المتمثلة في الهيئات التعاونية، وبعض رجال الأعمال وإلى المساعدات والخبرات الخارجية، المبادرات الذاتية للأفراد وليس للعمل المؤسسي من سلطة الدولة، مازال يعاني الجهاز الإداري من التسيب والفساد والضعف نتيجة نظرة الأنظمة السياسية المتتابعة للإدارة كأداة للإرضاء وتوزيع المغانم، وليس إدارة للإنتاج، إضافة إلى ذلك ضعف المستوى الاقتصادي، الذي يجعل من الموظف يتلاعب بالأنظمة والقوانين مقابل مبلغ من المال، أو لدعم مركزه ولم يقتصر الضعف على الجهاز الإداري، وإنما طال المؤسسة القضائية ونالها ما نالها من فساد، لذلك فقد تأثر وضع البناء الإداري في اليمن بنمط السلطة السياسية، فارتكزت الإدارة على المناطقية والطائفية والقروية والارتجالية والعشوائية، والأمزجة الشخصية، ولم يتحقق للإدارة أي بناء منهجي يرتكز على الخطط العملية والعلمية.
لقد بلغ حجم الإقصاء والتهميش السياسي، لأبناء الجنوب، في عام 2006م، مقارنة بعام 1990م، حداً كبيراً وما هو موضح أدناه هو عينه لما سيتم نقاشه باستفاضة في الأشهر القادمة:
انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في رئاسة الجمهورية من 1990م إلى 2011م من 40 % إلى 0 %.
انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس النواب من 46 %، إلى 19 % فتم تقليص عدد مقاعد المحافظات الجنوبية بعد حرب صيف 1994م في البرلمان إلى 56 مقعداً من أصل 301 مقعد، وبالمقارنة فإن محافظة صنعاء وأمانة العاصمة وحدها لديها 54 مقعداً في البرلمان.
انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس الشورى من 47 %، إلى 29 %.
انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس الوزراء من 54 %، إلى 25 %.
انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس القضاء الأعلى من 46 %، إلى 25 %.
تعيين جميع محافظي المحافظات الجنوبية، من الشمال.
تعيين 57 مديراً عاماً للدوائر الأكثر أهميه من الشمال في عدن وإحلال كافة الموظفين الحكوميين في المهرة بنسبة 98 % من الشمال والنسب تختلف بحسب المحافظة.
انخفاض نسبة أبناء الجنوب بين أفراد القوات المسلحة والأمن، إلى 12.3 %.
انخفاض نسبة أبناء الجنوب بين قيادات المناطق العسكرية إلى 20 %.
إقصاء جميع المشاركين في ترتيبات الوحدة اليمنية في الفترة من 24 - 27 رمضان، الموافق 19 - 22 أبريل 1990م، الواردة أسماؤهم في الجريدة الرسمية العدد رقم1.
خطاب ادعاء الملكية:
اتباعاً للمبدأ القبلي المعروف في الشمال “ادعي بالشيء وبعدين شارع” فإن الطبقة السياسية الشمالية أغرقت الجنوبيين بادعاءات مثل:
إعادة توحيد اليمن:
قام الطرف الشمالي عبر وسائل الإعلام الحكومية والحزبية ببث فكرة أن وحدة 1990م ما هي إلا إعادة لتوحيد اليمن الذي فرقه الاستعمار والإمامة، بينما لا يعدو هذا الخطاب سوى وهم في فكر من ابتدعه.
عودة الفرع إلى الأصل:
إن هذه الفكرة تحمل في مضمونها رسالتين الأولى هي الحط من مستوى الجنوبيين، وكأنهم اتباع أو مواطنون من درجة ثالثة أو أسوأ والرسالة الثانية هي التبعية المطلقة للشمال.
اليمن واحد منذ الأزل:
لايوجد أي دليل تاريخي أو إنساني أو قانوني يدعم هذه الفكرة واستخدم الساسة الشماليون هذه الفكرة بكثافة في وسائل الإعلام لتثبيط وتيئيس أي حركة تطالب بفصل اليمنيين من جديد، فلم يكن اليمن واحداً سوى من العام 1990م.
الجنوبيون بقايا هنود وصومال:
إحدى أسوأ الرسائل الموجهة من نظام صنعاء حيث قام الرئيس السابق شخصياً ببثها في لقاءاته الخاصة والعامة وحملتها العديد من وسائل إعلام حزب المؤتمر الشعبي العام.
الوحدة عمدناها بالدم:
التهيئة لأي حرب أهلية قادمة، وكانت أخطر الأطروحات هي التي بثتها صحيفة الديار في نهاية يونيو 2009 في مقال للصحفي الشمالي عادل الأحمدي، رئيس تحرير نشوان نيوز، يدعو لإبادة نصف مليون من الجنوبيين الأوغاد حد وصفه لكي يعيش العشرون المليون الشمالي الآخرون بسلام.
الوحدة أو الموت
شعار صرخة الحرب ضد الجنوبيين من ميدان السبعين في 27 أبريل 1994. وكلما زاد ضغط الجنوب على الشمال رأينا هذا الشعار في ملصقات على الشوارع كتهيئة نفسية مسبقة لحرب جديدة.
رابعاً: بُعد المؤسسة العسكرية والأمنية الجنوبية:
امتلك الجنوب مؤسسة عسكرية وأمنية مؤهلة تأهيلاً عالياً وتدريباً احترافياً بشهادة المراكز الإستراتيجية العسكرية العالمية، وكان من أفضل جيوش المنطقة حينها حيث كان الاتحاد السوفيتي سابقاً وبلدان حلف وارسو وفي إطار بروتوكولات التعاون العسكري يجري تدريب وتأهيل كل مكونات جيش الجنوب في بلدانها.
هذه المؤسسة التي ساهمت في ميزان معادلة الأمن القومي والدولي في المنطقة كانت الهدف الرئيس والأساسي لنظام مراكز القوى الثلاث حيث تم تصفيتها أثناء وبعد حرب 1994م.
القائمة التالية توضح بعضاً من قوام المؤسسة العسكرية والأمنية في الجنوب:
تتكون القوات المسلحة بأنواعها وصفوفها من 80,000 - 100,000 ضابط وجندي، بالإضافة إلى 60,000 من القوات الشعبية والاحتياط العام.
40 لواء نظامي مشاه وميكانيكي ودبابات ومدفعية صواريخ وقوى جوية ودفاع جوي وبحرية وغيرها.
18 دائرة تابعة لرئاسة الأركان العامة بمختلف أنواعها وتخصصاتها.
كليتين عسكريتين.
كلية شرطة.
كلية طيران.
مدرسة بحرية وكل الكليات كانت مجهزة تجهيزاً علمياً.
12 مدرسة تخصصية بمختلف صنوف القوات.
قوات برية:
16 لواء مشاه.
4 ألوية مشاه ميكانيكا.
3 ألوية دبابات + أربع كتائب مستقلة.
3 ألوية مدفعية وصواريخ.
قوات جوية:
8 ألوية قوى جوية ودفاع جوي.
قوات بحرية:
6 ألوية بحرية وصواريخ ومدفعية وإنزال وحراسات.
وزارة الداخلية: يتكون القوام البشري لوزارة الداخلية من 20,000 ضابط وصف ضابط وجندي وموظفين مدنيين تقريباً.
وزارة أمن الدولة:
القوام البشري لوزارة أمن الدولة تتكون من 8 آلاف موظف تقريباً.
كما امتلكت القوات البحرية الجنوبية أضخم سفينة إنزال في المنطقة لا يوجد مثيل لها سوى 3 أخريات مع القوات البحرية التابعة للاتحاد السوفيتي سابقاً، وتم تفكيك معداتها بعد حرب 1994م، وتستخدم حالياً من قبل نافذين في أعمال التهريب.
كما امتلك الجيش قاعدة صيانة للصواريخ كانت الوحيدة في المنطقة وموقعها في بير النعامة تقوم بصيانة الصواريخ بكافة أنواعها لصالح حلف وارسو، وتم نهب هذه القاعدة من قبل متنفذين، وحولت معداتها المدنية لشيوخ قبليين بعد اقتحام عدن في 1994م.
وفي 27 أبريل 1994م تم تدمير اللواء الثالث مدرع جنوبي في معركة دارت مع لواء من الفرقة الأولى مدرع، وقد سبق هذ الموقف أن تم في 22 أبريل 1994م تدمير اللواء الخامس مدرع الجنوبي في حرف سفيان منطقة عمران.. كما تم مساء 4 مايو 1994م تفجير الموقف في منطقة ذمار، حيث يعسكر لواء باصهيب المدرع الجنوبي الذي تم تطويقه بقوات شمالية تفوقه عدة وعتاد، وهذه فقط أمثلة من واقع ما تعرض له الجيش الجنوبي من إبادة متعمدة.
الأسلحة نهبت.. الجنود والضباط سرحوا من العمل.
خامساً: البعد الاقتصادي:
((أقسم الرئيس علي عبدالله صالح، بتحويل عدن إلى قرية)) قد تكون من الأقاويل التي يرددها الناس، وقد لا يكون القسم حقيقياً لكنه بالتأكيد ما جرى على أرض الواقع فبموجب اتفاق مشروع الوحدة أصبحت مدينة صنعاء عاصمة الكيان الجديد. وبسقوط صفة العاصمة السياسية عن عدن، وعدم مصداقية تحويلها إلى عاصمة اقتصادية وتجارية عانت مدينة عدن من تدهور لكل مقومات الحياة فيها وبشكل خاص في الجانب التجاري والاقتصادي.
فقد أغلقت دواوين الوزارات فيها، أما مكاتب فروع الوزارات فلا تستطيع شراء القلم الرصاص بدون العودة إلى المركز في صنعاء.. وقد أسهمت هذه السياسات التمييزية الشديدة في تعطيل مصالح التجار وانتشار الفساد بصورة غير موجودة في مناطق أخرى في اليمن.
وقامت الدولة وبشكل حثيث وباستخدام الوزارات ومكتب رئيس الوزراء بتغيير الوكلاء الجنوبيين للعديد من الشركات إلى وكلاء شماليين مباشرة بعد حرب 1994م حتى وكلاء توزيع الصحف والمجلات الدولية تم إرسال خطابات رسمية بتحويل وكالاتهم إلى الناشرين.
وأهملت الغرفة التجارية في عدن وهي أول غرفة تجارية في الجزيرة العربية أنشئت قبل أكثر من 100 سنة، وأصبحت اليوم أثراً بعد عين.
كما تم إهمال أحواض السفن في ميناء عدن بشكل متعمد أفضى إلى تدميرها، وهي أول أحواض سفن جافة في الجزيرة أنشئت في العام 1983م.
وأمرت الدولة مكاتب شركات النفط العاملة في اليمن والتي كانت قد اتخذت من مدينة عدن مقراً لها بالانتقال إلى صنعاء وإغلاق كافة مكاتبها في عدن، كما عملت الدولة على التمييز بشكل عنصري في تقديم خدماتها بفرض تعريفات مختلفة للخدمات الأساسية أرخص في الشمال عن الجنوب، فعلى سبيل المثال مكالمة هاتفية داخل مدينة صنعاء أرخص ب40 % منها في عدن وب50 % عنها في المكلا، كما أن سعر الكيلو وات/ساعة من الكهرباء في الشمال للبيوت السكنية أو للأغراض التجارية والصناعية أرخص عنها في الجنوب بفروقات تتجاوز ال30 %.
إن ارتفاع نسبة البطالة، والإحالة إلى العمالة الفائضة والتقاعد المبكر في محافظات الجنوب. كانت بسبب فقدان عدن لعاصميتها، والغاء دواوين الوزارات فيها وإقصاء العمالة الحرة الوافدة من الشمال لنظيرتها من أبناء الجنوب بالمنافسة الاقتصادية والتمييز العنصري ضد الجنوبيين في التوظيف الحكومي الجديد لأبناء محافظات الجنوب، إلى أقل من عدد الموظفين الجنوبيين المتوفين وإلى أقل من ثلث عدد المتقاعدين قانونياً الحديث هنا عن المتقاعدين رسمياً وليس المتقاعدين قسراً.
الملاحظ أن العوامل السياسية، والفساد، واختلاف ثقافة العمل، كانت أهم الأسباب الرئيسة للإقصاء والتهميش الاقتصادي لتجار الجملة والتجزئة، والمقاولين، والمستثمرين الجنوبيين. فحجم الإقصاء والتهميش الاقتصادي والتجاري لأبناء الجنوب من أصحاب الوكالات التجارية وتجار جملة وتجزئة، ومقاولين، وشباب عاطلين عن العمل، ومستثمرين، وعمالة حرة، وموظفين، وقياديين، ومتقاعدين، وسلاطين وشيوخ وعقال، وغيرهم بلغ كما يلي:
إقصاء 367,974 عاملاً وموظفاً حكومياً وقيادياً جنوبياً، من أعمالهم.
ارتفاع نسبة البطالة بين الذكور في المحافظات الجنوبية والشرقية إلى 22 %، بالمقارنة مع 10 % في المحافظات الشمالية (وفقاً للأرقام الرسمية).
تربع محافظة عدن في المرتبة الأعلى في نسبة البطالة بين الذكور ب 31 % تليها محافظة لحج ب 27 % تليها محافظتا شبوة والمهرة ب 26 % تليهما محافظة حضرموت ب 18 %، أي أن الخمس المراتب الأعلى للبطالة بين الذكور هي في المحافظات الجنوبية أما أبين فلاتوجد أية بيانات بسبب الدمار الحاصل فيها.
حرمان التجار في الجنوب من معظم الوكالات التجارية وجميع الوكالات الملاحية.
انخفاض نسبة التجار الجنوبيين في تجارة الجملة إلى 14 %.
انخفاض نسبة المقاولين الجنوبيين إلى 14 %. وتركزهم في الفئات دون الثانية.
تعرض تجار التجزئة في الجنوب إلى منافسة غير عادلة من قبل أصحاب الفرشات والباعة المتجولين وجميعهم من الشمال ويقومون بتصريف بضائع الموردين الشماليين في الجنوب مع تمتعهم بميزة عدم دفعهم الضرائب والواجبات، والإيجارات وتكاليف الكهرباء والماء والصرف الصحي.
تعرض المستثمرين من أبناء الجنوب؛ للنهب والاستيلاء غير المشروع على الأراضي التي تم صرفها لهم قبل حرب صيف 1994م؛ وتعرضهم للتمييز السلبي في المعاملات الإدارية.
وتعرضت منشآت القطاع العام والتعاوني إلى النهب والتخريب حيث تم:
نهب وتخريب 255 مرفقاً حكومياً، كان يعمل فيها 25341 موظفاً.
نهب وتخريب 333 مؤسسة قطاع عام لها 859 فرعاًِ، تمتلك 1,192 منشأة منها 1,088 منشأة كانت عاملة في ديسمبر 1994م، وكان يعمل فيها 37,279 عاملاً.
نهب وتخريب 266 تعاونية لها 501 فرع، تمتلك 767 منشأة. كان عدد المنشآت العاملة منها في ديسمبر 1994م، 709 منشآت، يعمل فيها 3,839 عاملاً.
كما تعرضت الأراضي الخاصة بأبناء الجنوب للبسط والاستيلاء عليها من قبل المتنفذين وشيوخ القبائل وكبار المسئولين في السلطة، وذلك على نطاق واسع. ويقدر العدد الإجمالي للمتضررين بحوالي 221 ألف أسرة من سكان الجنوب كما لعبت مصلحة أراضي وعقارات الدولة دوراً في التغيير لوثائق الملكية للأراضي والسجلات في الجنوب، ومثالاً على ذلك فإن المصلحة قامت في محافظة لحج بالتزوير لغرض النهب والتلاعب بوثائق ملكيات هذه الأراضي التابعة لأبناء محافظة لحج.. كما أن حفر الآبار الارتوازية في الأراضي الزراعية وتحويل البعض منها إلى معامل للطابوق (البردين) وكسارات كما حدث في بستان الحسيني الأثري، كل ذلك لهدف تدمير الأراضي الزراعية والتي تظهر عمليات التدمير المنظمة لها قيام الدولة بالتعمد في الضرر للمزارعين.
تم الاستيلاء على 4.5 مليون متر مربع من الأراضي المصروفة للمستثمرين، وإعادة صرفها لشيوخ قبائل، ولتجار متنفذين، ولوزراء، ولكبار القادة العسكريين.
استولت الهيئة العامة للمنطقة الحرة على 232 مليون متر مربع، صرفت نسبة عالية منها لمستثمرين وهميين ومتنفذين لم ينفذوا المشاريع التي تقدموا بها بل عملوا على الاتجار بالأراضي.
استولت المؤسسة الاقتصادية العسكرية على 10.3 مليون متر مربع من الأراضي الخاصة بالمرافق الحكومية وتوزيعها على متنفذين شماليين.
منع المحاكم من قبول أي قضايا حقوقية تخص الأرض، وعدم تنفيذ الأحكام الباتة فيها، منذ عام 1994م وحتى الآن.
منع السجل العقاري من تثبيت أي حقوق للجنوبيين تخص الأرض حتى وإن كان صدر فيها حكم قضائي نهائي، منذ عام 1996م.
تعطيل تنفيذ الحلول التي أقرتها اللجان الحكومية المتعاقبة لحل مشكلات الأراضي.
استخدام القوات المسلحة والأمن للاستيلاء ع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.