كلنا يعرف الحجاج بن يوسف الثقفي الذي عرف ببطشه وقسوته، لكن كثيرين لا يعرفون أنه حين توفاه الله، حمد كثير من الناس الله في سرهم على موته، فلما حان وقت جنازته أمر ابن الحجاج أن يهدم أي بيت يقف عائقاً أمام مرور الجنازة، فما كان من الناس إلا أن صاحوا: (رحم الله الحجاج). لم أكن أتخيل في يوم من الأيام أن يأتي اليوم الذي أترحم فيه على أيام (المعلمي) في الاتصالات، ولا أقول هذا هباء، أو ألقي الكلام على عواهنه، ولكنني هنا سأورد بعض القصص التي سأترك لكم الحكم في نهايتها هل نترحم جميعاً على ما مضى أم نستبشر خيراً بما هو قادم. بادئ ذي بدء فالقيادة الجديدة للاتصالات لم تفعل شيئاً تجاه التركة الثقيلة التي خلفتها لهم القيادة السابقة رغم مرور وقت أكثر من كافٍ إن لم يكن لعمل شيء فعلى الأقل لقول شيء! ونستطيع أن نستثني من هذا التعميم موضوع تخفيض أسعار الإنترنت التي بادر الوزير بشأنها –مشكوراً- بالتصريح أن التخفيض سيتم بحلول شهر أغسطس، الذي لا تفصلنا عنه إلا أيام قليلة ونتمنى أن يصدق الوزير وعده إلا أن لي في هذا الموضوع ملاحظات ثلاثة، وهي: 1- كنت أتمنى من الأخ الوزير لو أنه خص –أو حتى شمل- نبأ نيوز بتصريحه الخاص بتخفيض أسعار الإنترنت، فهذا المنبر الرائع يستحق منه هذه اللفتة التي هي في الحقيقة أقرب إلى الواجب، بعد أن تصدى هذا المنبر لواحدة من أنبل المطالب التقنية التي يفترض بوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات أن تكون أكثر من يهتم بها، إلا إذا كان السيد الوزير (مغتاظاً) من فتح هذا الملف فهذا شأنه، ولا شك أن ظني فيه لم يكن في محله. 2- عزا السيد الوزير أسباب التخفيض إلى إنشاء عقد جديدة، مما سيؤدي إلى تخفيض التكلفة على الوزارة وبالتالي على المواطن، وأهمس في أذن الوزير أن يتذكر أن إحدى الشركات قدمت في دراسة لها أن يكون سعر الإنترنت المفتوح 24 ساعة لا يتجاوز 50$، وبالتالي فإن أي سنت أكثرمن هذا المبلغ هي زيادة لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بتكلفة الربط وكل هذا الهراء! وأن أي تخفيض لا يبلغ هذا المستوى لا يعتبر تخفيضاً. 3- أن أخطر ما في موضوع أسعار الإنترنت في اليمن هو التمييز الغريب بين (المنزلي) و(التجاري)، فقد جرت العادة في دول العالم قاطبة أن يكون هناك اشتراك بسرعة عالية جداً وعرض حزمة كبير ويكون هذا الاشتراك أغلى سعراً وأعلى أداءاً، وهذا الاشتراك –عادة- هو إشتراك تجاري خاص بالشركات الكبيرة، وأن يكون هناك اشتراك أقل سرعة وأقل أداءاً وهذا –عادة- خاص بالشركات الصغيرة والمنازل، إلا أن (مافيا) الاتصالات اخترعت أسلوباً جديداً، فقسمت اشتراكات الإنترنت –أسوة بغيرها في العالم- إلى (تجاري) و(منزلي)، إلا أنها أغفلت نقطتين، الأولى: أن فارق السرعة بين الاشتراكين لا يكاد يذكر، والثاني: أنها منعت أصحاب المكاتب من استخدام الاشتراك المنزلي (120 ساعة ب6000 ريال بسرعة 256ك.ب.) وأجبرتهم على استخدام الاشتراك التجاري (مفتوح 24 ساعة ب42000 ريال بسرعة 256 ك.ب.) أي أن السعر مضاعف 7 مرات، تخيلوا معي أيها السادة!! إلا أن ما لا يعلمه السيد الوزير –إن شاء الله- أن (مافيا) قد تشكلت في إدارة الإنترنت للسماح للشركات الصغيرة باستخدام الاشتراك (المنزلي) مقابل (أتاوة) يفرضونها عليهم، ولذلك (اخترعوا) مسألة منع المكاتب الصغيرة من استخدام الاشتراك (المنزلي) وإلا فهل يستطيع عاقل أن يفسر لي لماذا يدفع صاحب مكتب يحتاج الإنترنت ساعة في اليوم لا أكثر لقراءة البريد أكثر من 42000 ريال؟!! وأهمس ثانية في أذن الوزير أن بقاء (التمييز الفاسد) بين (المنزلي) و(التجاري) سيجعل الكثيرين يتساءلون: لمصلحة من يبقى هذا (التمييز)؟؟!! هذا كان في ما يتعلق بتخفيض الإنترنت، أما الكارثة القادمة فهي (سوء خدمات الهاتف الثابت)، وعلى الرغم من أن الوزير الحالي كان رئيس المؤسسة العامة للاتصالات، إلا أن شيئاً غريباً حدث في أداء المؤسسة، فهل هو لانشغال الوزير بوزارته عن مؤسسته، أم أن هنالك (حرساً قديماً) يمارس بعض الأعمال المؤذية. فزميلنا الذي صمم ونفذ هذا المنبر الحر (نبأ نيوز) يعاني من مشكلة في خط هاتفه –صدق أو لا تصدق- منذ 14 يوماً بالتمام والكمال، وللعلم، فإن المشكلة لم تحل بعد، وهذا يعني أن الرقم مرشح للزيادة إلى 15 يوماً أو 16 يوماً والله أعلم. وصديق آخر، انتقل إلى شقة جديدة –وليته لم يفعل- إذ قال القدماء (إسأل عن الجار قبل الدار) أما الآن فأقول لكل من ينتقل إلى بيت جديد (إسأل عن المقسم، وخطوط التلفون، وهل السنترال يعمل عليه الADSL أم لا)!! فصديقنا بعد انتقاله إلى البيت، ذهب بكل ثقة إلى السنترال لإدخال خط إلى بيته، مصدقاً لكل (الكلام الفاضي) عن سرعة إدخال الخطوط إلى البيوت، لكنه فوجئ أنه لا توجد أي خطوط في المنطقة، وعليه كما قال المهندسون في السنترال أن (ينتظر التوسعة)، وهمس له أحدهم أنه قد ينتظر أكثر من سنتين!! وعلم صديقنا أن سبب (انعدام) الخطوط هو أن بعض المسؤولين قد حجزوا عدداً كبيراً من الخطوط بعضها لبيوت لم تبنَ بعد، وصبراً يا مواطن. وللعلم فقط فصديقنا لم يسكن ضواحي صنعاء، أو منطقة نائية فيها، بل إن صديقنا يسكن (حدة). وأخيراً وليس آخراً، فكلي ثقة أن السيد الوزير يستطيع بسهولة أن يدخل إلى الانترنت ويحجز دومين في أمريكا، أو الصين، أو حتى جزر الواق الواق، لكنه لو حاول أن يحجز اسماً يمنياً (أي ينتهي بالامتداد .ye) فهو سيواجه المشاكل التالية: 1- لن يستطيع أن يتم عملية الحجز عبر الإنترنت، بل عليه أن يتمتع بالطلعة البهية لموظفي يمن نت حتى يكمل المعاملة، وأرى أنه من المعيب أن تعمل في الإنترنت وتضطر إلى إكمال المعاملة ورقياً، لكن المسألة تهون إذا علمت أنك عندما تسدد فاتورة الإنترنت في البريد فإن الموظف يقوم بإرسال إشعار السداد إلى إدارة يمن نت (بالفاكس) حتى يعيدوا الخط المقطوع!! 2- لا يمكنك أن تحجز اسم موقع يمني (.ye) إلا بمجموعة من الطلبات المفزعة مثل: البطاقة الشخصية، ومذكرة رسمية من الجهة التي تريد حجز الموقع لها!! 3- لا يمكنك أن تحجز اسم موقع يمني (.ye) وتستضيف موقعك في الخارج، بل يجب عليك –شئت أم أبيت- أن تستضيف موقعك لدى يمن نت، وما كنا لنكره ذلك لو أن الاستضافة (مريحة) لكنها استضافة ثقيلة جداً، وهي تبلغ أكثر بكثير من 25 ضعفاً (بل قد تبلغ 100 ضعفاً) مثيلاتها في الخارج وسأفرد لهذا موضوعاً مستقلاً، وإن كنت شخصياً لا أؤمن بمقارنة الأسعار، فإذا كانت جهة تستطيع أن تقدم خدمات جيدة بأسعار رخيصة فهذا شأنها، لكن المرعب في الأمر أن يمن نت ترغم من يشتري منها اسم الموقع أن يستضيفه لديها بسعر خيالي، وهذه هي (البلطجة) المرعبة! واللطيف في الأمر، أنك عندما تناقش المسؤولين في إدارة الإنترنت، أنك تريد فقط الاسم، وستستضيف الموقع بنفسك، يرددون كلاماً فارغاً عن (سيادة اليمن) وأنتهز هذه الفرصة لأهنئ رئيس الجمهورية لترأسه بلداً يمس سيادته اسم موقع على شبكة الإنترنت!! وختاماً أقول صادقاً، أنني أعوّل كثيراً على السيد الوزير م. كمال الجبري أن يفعل الكثير في وزارته، ولا أقول هذا نفاقاً ولا رياءاً، لكنني أقوله إيماناً‘ إلا أنه سيفشل فشلاً ذريعا إذا لم يتخلص من أمرين: الأول: الكبر و(القِمر) كما يقال في لهجتنا اليمنية، فلا يوجد ما يمنع أن يأخذ معالي الوزير برأي متواضع كرأيي أو رأي زميلي عوض العسلي، أو أي رأي من أي كان، فالله خلق للإنسان عقلاً ليزن به الأمور، فزن بعقلك أي كلام تسمعه وأنا واثق من حسن تقييمك للأمور، أما الأمر الثاني فهو: (تقنية المعلومات) فوزارتكم هي وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، لكنكم تتعاملون معها كأنها وزارة (الاتصالات) فقط، ولن أستغرب أن تضمحل (تقنية المعلومات) إلى أن تلغى بشكل رسمي في الحكومة القادمة. والله المستعان.