في ظل وجود الكثير من القنوات الفضائية في الوطن العربي اصبحت المشاهدة لبرامج هذه القنوات مجرد تسلية وتضييع وقت، ونادرا مايشّدنا برنامج معين يثير فينا المشاعر والعواطف الجياشة في احدى تلك القنوات.. الفضائية اليمنية احدى تلك القنوات التي لا يتابعها الا القليل، والقليل جدا، وذلك لضعف برامجها نتيجة قلة الامكانات والدعم المادي المصروف عليها نظرا لكونها قناه حكومية .. الا انها في الفتره الاخيرة اصبحت- في موعد معين- تستقطب الكثيرين لمتابعتها وذلك لوجود برنامج أصبح حديث الناس في اليمن وخارجها، وذلك لكون ذلك البرنامج لامس مشاعر الناس وهمومهم.. برنامج يشّدك اليه غصبا عنك، يلامس حنايا قلبك، تتساقط "دموعك" بدون ان تشعر.. كشف الكثير والكثير من المصائب التي تحيط بالعديد من العائلات داخل اليمن وخارجها، بمعنى اأصح معانات لجميع الامهات، اللواتي فقدنا فلذات اكبادهن، حيث خرجوا من الوطن للسعي الشريف وراء رزقهم دون رجعة.. يبدا البرنامج بتقسيمة موسيقية رائعة لأحد الفنانين اليمنيين الكبار"عمرآ وقدرآ" في نفوس اهل اليمن، يشدو بها على انغام العود ليعنّون البرنامج باسم اغنيتة المشهورة.. ويقول فيها : نوح الطيور اثار فيّا الاشجان ... لمن بقلبي حبهم تمكن وزادني فوق الهموم احزان ... فراق المحبوب وغربه الدار ابكي وانوح على فراق الاحباب ... واعيش في الغربه شقي معذب اسائل الناس من أتي ومن غاب ... عن من لهم في القلب نصب تذكار يفتتح البرنامج ليطل علينا مذيع بسيط في لبسه، متألق في طرحه، ومميز بكل ما تحمله الكلمة من معنى، غير متكلف في كلامه، صادق في ابتسامته الاستاذ والاعلامي اللامع/ محمد المحمدي.. يحدثنا وينتقل بنا بين فقرات ذلك البرنامج، الذي نتلهف بمشاهدته في شاشة التلفاز يبدأ برنامجه بالتحايا والسلام وينتقل بنا بين فقرات برنامجه المميز المتنوعه بكل يسر وسلاسة.. تبدأ الاثارة حين يبدأ باستقبال الجمهور وهم مرتصون بالدور للكلام معه، جمهور كبير باعمار مختلفة منهم الطفل ومنهم العجوز ومنهم من هو في عنفوان الشباب من الجنسين، وتبدأ الدموع في الهطول مع امساك احدهم للمايكرفون ليحكي ما اصابه من الفراق، ويناشد ذووي القلوب الرحيمة ممن يعلمون شيئا عن فقيده ان يكفونه هذا العذاب..!
وتضّج العيون بالدموع حين تمسك بزمام المايكرفون أم ثكلى قد اعمى البكاء عينيها لتناشد الناس ومن في قلبه رحمه وقبل ذلك تناشد ابنها ان يعود اليها فقد اصبحت لا تنام الليل حزنا على فراقه. وتكتمنا الحشرجه في الحلق حين تأتي الكاميرا على منظر اطفال الغائب وهم يكفكفون دموعهم بأيديهم ليطلبوا من ابيهم العودة فقد طال الغياب،.. مشاعر تخرج الى العراء بكل سهوله لمجرد رؤية دمعه طفل او نهدته أم او استجداء أب، ظننت مشاعري قد انتهت،وظننت نفسي لن ابكي مجدداً على اي أمر من الامور، فقد رأيت من الدنيا ما يكفي، وشاهدت من الصور ما لا يخطر على بالي، ومات بين يدي من اعزهم واغليهم، فلم يعد في بالي ابدا انني سوف ابكي مجدداً..! وكنت اشتكي كثيراً للاصدقاء عدم قدرتي على ذرف الدموع في الكثير من المواقف الا انني اكتشفت انه مازال في صدري قلب ينبض، وما زالت للدموع في عينيّ حكايا لم تنتهي بعد. استمر في متابعة البرنامج لتأتيني المفاجأت تباعاً، عجوز تناشد اخيها الغائب، تبكي بحرقهة، وتطلب منه ان يعود اليها اذا كان مازال حياً.. ترفع صورته ليشاهدها الجميع، تطلب ممن يعرفه او يدري عنه ان يبادر بالاتصال، تعود لنا صورة المذيع المبتسم وكأن عينيه غارقتان بالدمع من غير ان يشعر، مجرد مقطع، فمعاناة الامهات الثكالى والزوجة والابن والاب يؤثر على ابتسامته.. نستمع اليه يخبرنا المذيع ببسمه عذبة صادقة ان ما شاهدناه "مجرد مقطع مسجل من حلقة سابقة" ويطلب منا الصبر والانتقال معه لمشاهده المقطع التالي، تنتقل بنا الكاميرا الى منظر آخر، شارع من شوارع صنعاء-العاصمة اليمنية- نرى الزحام حول الكاميرا بجانب المذيع وكلُ يبتسم، تأتي لنا كلمات المذيع كالرصاص الذي يشق قلوبنا، بانه في احد المواقع في المدينه ليلتقي بالاخ الضائع ويوصله الى اخته.. حينها نعرف معنى تلك الابتسامه التي كانت على محياه ومحيا كل الموجودين .. تنتقل بنا الكاميرا الى ذلك العجوز ذو الملامح الرضًيه وذو الوجه البشوش ، ويسأله المذيع اين كنت وكيف تركت اهلك وهل كان في خاطرك رؤيه احد منهم؟ ليحكي لنا ذلك العجوز كيف تقلبت به امور الدنيا وكيف انتقل من منطقة الى اخرى، وكيف انه حاول البحث عن اهله ليكتشف انتقالهم هم ايضا الى منطقة غير معلومه له ، وكيف انه لم يفقد الامل في رؤيتهم وليعرفنا ايضا على ابنه الاصغر والذي يبلغ من العمر حوالي الخامسه والعشرين من العمر يصيبنا الذهول خمسة وعشرون عاما عمر ابنه الاصغر وهو عندما فارق اهله لم يكن قد تزوج بعد.. تنتقل بنا الكاميرا الى امام احد تلك البيوت القديمه في مدينه صنعاء نشاهد الزحام ونسمع التصفيق ونشاهد الفرحة على وجوه الكثيرين ممن هم امام الكاميرا. يدخل طاقم البرنامج الى ذلك البيت وهم يمسكون في يدهم ذلك العجوز الغائب ، ليطلبوا مقابله تلك العجوز التي ظهرت في المقطع الاول ويخبروها بأن هناك من يطلبها في غرفه الجلوس. تأتي العجوز متوشحه بالسواد لتتفاجأ به امامها ، وتصمت اللحظات وتسكن الحركات وتدمع العيون ، ترتمي تلك العجوز المسكينه في حضن اخوها لتقبل راسه وصدره ويديه ، غير مصدقه لما يجري ممسكهُ بيديه الاثنتين وكأنها خائفه ان يعود لدرب الضياع مره اخرى ..! يطلب منها المذيع ان تقول له كم كانت فتره غياب اخوها عنها تعالج عبراتها وتمسحها باكمامها السوداء لتقول له 54 عامآ ، نعم 54 عاما لم تمل ولم تهدأ وهي تبحث عن اخيها الضائع، لتجد ضالتها في هذا البرنامج وتجد اخيها، يطلب منها المذيع السلام على ابن اخيها وسط دموعها ودموعه ودموع الحاظرين ، دموع فرح مختلطه بدموع حزن على مافات تدخل عجوز اخرى اكبر عمراً منها الى غرفه الجلوس.. تطلب السلام على ابن اخيها الضائع ويستمر البكاء ، نشاهد تلك اللقطات ونحن نسمع تلك الموسيقى الحزينه.. الابتسامه ترتسم على شفاهنا بذلك التلاقي العجيب ،وتكبر ابتسامتنا ضحكه كبرى عندما تطلب عمه الغائب ان تمسك المايكرفون لتناشد الناس عن ابنها الغائب منذ 65 عامآعسى ان يعيده البرنامج ، مسكينه ، فقد شهدت لتوها شيء اقرب الى المعجزه في نظرها، كثيره هي التفاصيل في ذلك البرنامج كثيره هي القصص والحكايا واللقاءات بعد غياب طويل صادقة هي الدموع التي تذرف .. غاليه هي تلك المشاعر التي يعيدها لنا هذا البرنامج على بساطته، يعود بنا البرنامج الى الاستديو، لنجد امهات وابناء وبنات كلٌ منهم يحمل بين يديه صورة من غاب وغالي عنه وكلُ منهم يطلب امساك المايكرفون ليبدأ دورة المشاعر من جديد ، اصبحت انتظر وقت البرنامج الذي يقدمه المذيع المتألق الاستاذ / محمد المحمدي دائما لأشاهد الواقعية ، التي يعنياها كافة ابناء الشعب اليمني ،بعيدا عن عيون الاخرين حتى يتسنى لي افراغ مافي صدري بهدوءفقد اتاح لي البرنامج اعاده التعرف على رقة قلبي ، والتي ظننت انني فقدتها في زمن الركض وراء لقمة العيش الشريف والماديات.. ولمن اراد المتابعه والاكتشاف فالبرنامج يأتي على الفضائية اليمنية يوم الجمعة مساءً ويقدمة المذيع المتألق الرائع الاستاذ / محمد المحمدي، وقد يأتي يوم من الايام يكتشف فيه أحدنا أن بامكانه ارجاع البسمة لعيون ذبلت من كثر البكاء على غائب،.. فمن القلب اكتب كلمهة شكراً بحجم مشاعر البسطاء الصادقة، ومن القلب اكتب شكرا لتلك القناة وذلك البرنامج وذلك المذيع المتألق الرائع الاستاذ / محمد المحمدي، وتلك الابتسامه الصادقة،،،، اعيش غريب حيران جسد بلا روح ... اهيمُ وجدان والفؤاد مجروح وكم ابات مع السهاد للصبح ... ارسم لأحبابي صور واشعار اشتاقهم شوق الزهور للماء ... شوق العيون للنور بعد ظُلمه واحلم بساعه التلاقي كل ما ... ذكرت ماضي بالنعيم يزخر ليه يازمن فرًقت بيننا البين ... واحرمت من دنيا السعاده قلبين ليا سنين اشكي الفراق والبين ... واستجدي نفع من زمان قد جار مالي من الدنيا وكل مغري ... مالم يكن جمب الحبيب وكري قرب الحبيب جنه نهور تجري ... ومن فراقه العذاب والنار نوح الطيور اثار فيا الاشجان ... لمن بقلبي حبهم تمكن وزادني فوق الهموم احزان ... فراق المحبوب وغربة الدار