صفقة السلاح الشهيرة التي عقدها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر زمن الإتحاد السوفياتي كانت جزءاً من الحرب الباردة بين المعسكر الغربي وموسكو، لكنها سمحت لمصر الناصرية بصدارة حركة التحرر العربي ودول عدم الانحياز. موسكو تسعى اليوم إلى التوازن في المنظومة الدولية كما يؤكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فيما تأمل مصر بالتنوع في علاقاتها بحسب المؤسسة العسكرية. لكن تراجع القدرة الأميركية عن التدخل العسكري ضد إيرانوسوريا يفسح المجال أمام عودة روسيا بقوة إلى الشرق الأوسط كما يشرح مستشار وزارة الخارجية الفرنسية دوني بوشار. في هذا السياق تلتقي مصر بعد عزل الرئيس محمد مرسي مع روسيا في أن الغرب لا يقدر مخاطر سقوط البلدان العربية في أيدي الحركات الإسلامية التي حذر منها بوتين في مؤتمر ميونيخ. على هذا الأساس تتفق موسكو والقاهرة في حلّ الأزمة السورية على ما جاء في البيان الختامي للزيارة. وهو اتفاق يتيح لمصر أن تستعيد بعضاً من تأثيرها التقليدي في المشرق العربي. وفي هذه الحال تستند موسكو إلى أكبر بلد عربي في الحل السياسي وإعادة الاستقرار إلى سوريا. بموازاة هذا الاتفاق تقلق مصر من نفوذ تركيا في العالم العربي، كما تقلق موسكو أيضاً ولا سيما إذا فاضت أطلسية تركيا نحو العراقوسوريا أو نحو القوقاز وبحر قزوين. في هذا الصدد عرضت موسكو على أنقرة الانضمام إلى التجمع الأوراسي من دون جدوى. إنما لا ريب أن بوتين سيطرح أمام ضيفه ما بات معتقده الأوراسي "للتعاون المتكافئ بين الدول في مواجهة الأطلسية".