أن تفتح عينيك من حلم جميل دافئ فترى خيوط الحلم الملونة تقدم بين يديك وعيناك تريان حسناء تقدم بلهفة وعلى وجهها الصبوح بسمة لؤلؤية وعينان تتماوج فيها أمواج الدلال فتقبل كل موجة من شط العينين الواقفات عليه حارسات رشيقات متراصات بأجسادهن الفاتنة. تلك الحسناء لها نسيم الصباح مطيع وعاشق يتلاعب بخصلات شعرها المنثور فتنثر عطره على أنوف الحالمين . تفتح نافذة صباحك الحالم فيغزوك وقع قدميها ليصل إلى أذنيك أمواج تتابع بلهفه حتى تصل، ولأنك حالم يتراءى لك قربها بعداً ، فسيتعجل الحالم وصولها ولا يعلم أهو أغلق غرفته في فندق الدوحتين أم لا ؟. ما يهمه أن يقطع خطى البعد ليلتقي الحسناء وأمواجها على ساحل أبين، ويترك للعناق براءته، وللروح وصلها. وموسيقى البحر تعزف مقطوعة اللقاء ، وحينها غارت الشمس فبصت بناظرها، وزمت شفتيها غيظاً فزادت اللقاء فتنة على فتنة؛ فأحمر خد البحر خجلاً لقبلات توالت بهدوء، وسال لعاب الثغر الباسم رضابا في شفاه العاشقين وازدانت الفتنة مع توافد العاشقين للثغر الباسم، وتلاهفت القبلات، وما زال النسيم يوحي. انتشى صبح اليوم الأول ليوقظ الحالمين الكسالى على مقربة من زوال الضحى وقد أروى الثغر الباسم ظمأ العاطشين، غيض من فيض سحر الفاتنة سيدة الثغر الباسم ( عدن ) ، وقد جمعنا فيها الملتقى الرابع للمبدعين الشباب . التقينا من ربوع الوطن الحبيب إلى شفتي البحر الدافئتين ، وثغر اليمن الباسم (عدن ) أكثر من ستمائة شاب وشابة، كان الهيام هو العنوان واللقاء هو المرام أقدام حافية تطبع آثارها على رمل الساحل الحنون، وجلسات على أكف حلم زاهٍ ، وسماع لدندنات السحر يرتل منازل الثمل، ففي مرحلة توسط الثمل تتعالى دندنات محمد مرشد ناجي: (( يا مرحباً بش وباهلش ... ) وعلى حافة الثمالة يغزل محمد سعد عبد الله ألوان الجمال : (( عدن .. عدن .. حيث الهوى ملون ...)) أما وقد أطبق ثمل اللقاء فدفوف ترافقها أوتار عود مجنون فيفزعها فيصل علوي : ( يا ورد يا كاذي ويا ..... ) والقمر يشهد منازل اللقاء، ومراحل الوصل والثمل. كان ذلك المساء الثمل بوصل العاشقين على ساحل أبين بعد انتهاء اليوم الأول للملتقى الرابع وقد أتخمنا شعراً في صباحية مملة وغير منظمة، حبسنا أنفاسنا وهي تعد أكثر من أربعين قصيدة، أو مقطوعة نثرية ونصية قرأت ذلك الصباح، عدنا ولم ترق لنا وجبة الغداء فمازلنا نتجشأ شعراً و أسماء تتقدم وتتأخر، لقد أنقذتنا بعض سمراوات عدن وكن خلفنا وهن يعبرن عن ضيقهن بسخرية وقهقهة فساعدننا في أن لا نتقيأ فشكراً لهن . بعد ثمل المساء نام الحالمون في حضن العاشقة وعلى مقربة من شفاه ثغرها الباسم تدفئهم أنسام ثغرها الدافئة، مر اليوم الثاني وبدأت أشعر بضياع أجزاء حلم الالتقاء بالمبدعين الشباب وزملاء السرد خاصة، فالقائمون لا يهمهم سوى إنهاء مهمة مدتها ثلاثة أيام أو أربعة، وأنا على علم أن غيري كثير نتشارك الهم ، فقد عبرنا عن رفضنا منذ اليوم الأول، حين علمنا أن الفنادق التي نسكنها نحن الشباب قد فرق شملها عن مسكن الشابات وهم يحمون الأثر : ( وفرقوا بينهم بالمضاجع ) ولم يعلموا أن كل غرفة لها أربعة جدران، بل لم يجعلونا في فنادق متجاورة، لقد جعلوا بين مساكننا قرابة كيلو مترين، كلفنا كل لقاءين ألف ريال من بضع فتات هي بدل الملتقى . - ألو ليلى... هائل .. فرحان، لن نسمح لسوء أدارة الملتقى أن تقتل جمعنا. اتفقنا أن نلتقي، وتزاحمت الأصوات تعويضاً عن قتل اللقاء تحت مظلة الملتقى، وجمع الساحل أرواحاً جميلة كثغر عدن الباسم ، كان الزمان ليلاً، والمكان الحمراء فهل نسميها: (( ليلة حمراء )) ؟!. عفواً لا يفهم القصد غلط ويساء الظن، فاللقاء كان السابعة "مساء" والمكان هو : " مطاعم الحمراء " بعدن. اخترنا الدور العلوي للمطعم، وأكلنا بضع لقيمات، وابتدأ السمر الساعة التاسعة ليلاً . نخبة من الشباب المؤتلفين روحاً، المتنوعين إبداعاً، فمن ليلى إلهان ومليحة الأسعدي شعراً إلى فيزان فرج وأنوار غلام غناءً وموسيقى، وهدى المهتدي وغادة حداد بريشة روحيهما وقد لونتا لوحة السمر جمالاً ، إلى فرحان الشرعبي وعمر الشعيبي في العلوم التطبيقية، إلى بلقيس الكبسي وكاتب هذه السطور في السرد ( القصة القصيرة ) والجميل نائف بلعلاء في المسرح ومرافقين لبعض الزميلات، تلونا شعراً لحن البحر كلماته وسردنا سحر اللقاء فموسقت الأمواج على تقطعات وصلات السرد بموسيقى درامية حسب المشهد ، وتهدج مزاج السهرة مع أنغام الفنان الساحر غلام وهو يذكر بأغاني الزمن الجميل تماماً كروح عبد الحليم والأطرش وللخصوصية أجاد الدان الحضرمي، ولطفت نوبات الثمل الساهر الجميلة إلهان وهي تشارك غلام مقطوعة صنعانية، وأخرى من مقطوعة غنائية يهودية ، ومازال صوت عود غلام، وموسيقى فيزان على أطراف الطاولة المستطيلة التي جمعتنا ترن في شعاب روحي المشتاقة، وكلما رغبت فتحت ( الكمبيوتر ) واعدت السهرة ، وسجلنا في مذكراتنا ملاحظات الدكتور فرحان والشعيبي عن صحتنا وحول بحوث فرحان عن ((اكتشاف السرطان المبكر )). هاهو قد انتصف المساء ونحن على الباص عائدون من الليلة الحمراء بدف البراءة، ختمنا ليلتنا بنكات متعددة قهقهت لها أرواحنا، وتبادلنا عناوين الصفحات على الفيسبوك وأرقام التواصل وكنا سعداء حتى لو سافرنا غداً وهو اليوم الثالث من عمر الملتقى الشبابي إسماً. وهكذا يفعل الإبداع والعشق والحلم في حضن عدن الدافئ يسترخي على وقع قبلات ثغرها الباسم، فطباع المبدعين بأرواحهم الدافئة هو الحب، العطف، التواصل والأمل ومزيداً من الحياة والجنون، فماذا لو فُعل دورهم اليوم في ظل الأزمة التي تمر بها البلد؛ لتعود الحياة والأمل. فطباع صانعو الأزمات هو القبح والحقد والجبن وحسابات خبيثة . وختاماً كل الشكر والمحبة لزملاء ذلك المساء الجميل، وكان ذاك المساء ينادي بقية الزملاء : هائل المذابي، فاطمة رشاد، ماجد عاطف، نجاح الشامي، وكويران وغيرهم من أرباب الإبداع . *5 /4 /2011م