في الكتابة عنه تخذلنا الكلمات وتظل عاجزة عن التعبير بما يختلج في دواخلنا حول كلماته أو ألحانه الرائعة أو حتى كشخصه الذي يمتدحه الكثيرون.. فحين يدندن بالكلمة يرسم على رخام الإبداع لحناً يطرب السامعين زيزفون ينتفض بصوته وشغف يلهب عشاق كلماته التواقين لسماع أغانيه الجميلة.. عشرون عاماً على رحيله لا يسع فيها إلا أن يتوقف القلم وتتكلم الروح ويشتعل الاحساس (عدن) عشق وحلم وحياة وثغر اليمن الباسم تغنى كبار الفنانين وتخرج منها عمالقة من الفن والشعر واللحن ومن بينهم الموسيقار والملحن الكبير أحمد بن أحمد قاسم أحد أبرز الفنانين في تاريخ الأغنية اليمنية. العازف على وتر القلب والمالك لإحساس الكلمة وصاحب التوليفة الرائعة (من كل قلبي أحبك يا بلادي يا يمن إلى صدفة التقينا بلا ميعاد وكلما تخطر ببالي ومن غصب عني ويا حلو طال البعاد إلى في جفونك تهجر وتناساني ومن اجيت الليل تسألني واللي نسانا وياحبيبي طال غيابك إلى الأطلال وياعيباه).. عشق الموسيقى وأحبها وتعلم العزف على آلة العود على يد أستاذه الموسيقار يحيى مكي ويحكى عنه من الذين كانوا يعرفونه جيداً بأنه كان فناناً جميلاً (رحمه الله) يعشق البحر والجلوس على شواطئ عدن ويحب الأطفال كثيراً وبأنه إنساناً محبوبً، إجتماعي العشرة يحب السلى وجلسات الطرب. كما يعتبر فناننا القدير رائد التحديث الموسيقي للأغنية اليمنية المعاصرة وهو أول من أدخل الآلات الموسيقية الحديثة على الأغاني فكان واحداً ممن أسهموا وبشكل كبير في تشكيل ما يسمى بندوة الموسيقى العدنية مع أصدقائه من رواد الأغنيه العدنية وهم خليل محمد خليل وسالم أحمد بامدهف ومحمد سعد عبدالله وأبو بكر فارع وياسين فارع والشاعر الراحل الدكتور محمد عبده غانم وحسين بخش وغيرهم من الرواد. وصنف حينها ضمن الدرجة الممتازة للموسيقيين والملحنين اليمنيين لجمعه بين الكلمات والغناء والعزف وتأليف أعذب الألحان وحرصه على التوزيع الفني السليم. سجل بعضاً من اغانيه للإذاعة والتلفزيون في صنعاءوعدن و أخرى في القاهرة والكويت. وسجلت بصوته العديد من الأغنيات لكبار عمالقة الغناء المصري والعربي منهم (فريد الأطرش، أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب). و يعتبر أيضاً مطرباً أكاديمياً تأثر كثيراً بالفن المصري ودرس الموسيقى في مصر وعازفاً محترفاً على آلة العود وله الكثير من الأعمال الخالدة وصدر عن دار جامعة عدن للطباعة والنشر كتاب عن فقيد الحركة الفنية اليمنية بعنوان «مشوار عطاء». وتحدث الكتاب عن مشواره الفني والغنائي والأعمال التي أبدعها وتغنى بها وتضمن صوراً وشهادات تقديرية حصل عليها خلال مشوار حياته الفنية أسهمت في إثراء الواقع الفني اليمني إضافة إلى كتابات الأصدقاء والمحبين. مجموعة من أجمل أغانيه:- (أنا والعذاب) أنا من بداية عمري أنا والعذاب دائماً حبايب إيش جرالك إيش يا دنيا ليش تورينا العجايب إيش أنا سويته لما أستحق منك عذابي ذنبي إيش يادنيا قولي ياللي ضيعتي شبابي ( ياعيباه) انا بنساك وبنسى هواك ولا بنسى الذي سواك تنكر لي وجافاني وذا اللي كنت أنا أخشاه يقول للناس لا شفته ولا أدري به ولا أهواه عجب ينكر ولا يذكر زمان الحب.. ياعيباه **** ومن أشهر أغنيات أحمد قاسم من كلمات الشاعر الكبير لطفي جعفر أمان أغنية (على ساحل أبين) المعروفة أيضاً (بصدفة التقينا) ومنها: صدفة التقينا على الساحل ولا في حد صدفة بلا ميعاد جمع الهوى قلبين سمعت أبين على الأمواج تتنهد كما حواك الفؤاد والعين تناجي العين والبحر والرمل والبدر الحبيب يشهد على الهوى والوداد ما بيننا الاثنين (قلبه سأل قلبي) قلبه سأل قلبي *** وعيونه تلعب بي من علمك تهوى *** وتكثر الشكوى علشان يزيد حبي! بعيونه يسألنا *** يزيد في أشجاني والنظرة تقلنا *** وتحيينا من ثاني وعاده يسألنا من علمك تهوى *** وتكثر الشكوى علشان يزيد حبي **** (من كل قلبي أحبك) من كل قلبي أحبك يا بلادي يا يمن وأفديك بروحي ودمي وأولادي يا يمن يا بلادي.. يا بلادي.. يا بلادي مهما أسافر وأغيب عن عيونك بقلبي أحبك بروحي أصونك وأعيش كل وقتي أداعب ظنوني (عذبيني) عذبيني.. فعذابي فيك خير من مماتي أنا حيّ ليس بالحس ولا بالحركات أنا حيّ ليس بالضحك ولا بالعبرات إنما الحي فؤادي..وفؤادي هو ذاتي فيه آمالي وما أهواه من دنيا حياتي.. فيه أنتِ ويختم الكلمات بقوله: كلما حدثت نفسي حدّثتني عنك نفسي ويمر الوقت في همس وفي ترديد همسِ أي حديث النفس ما أقساك إذ تبعث يأسي ليس باليائس من يصبح بالقرب ويمسي.. منكِ أنتِ كانت هذه الأغنية هي التي اختتم بها الفنان أحمد قاسم فيلمه (حبي في القاهرة). - وقبل أن نختم حديثنا عن الموسيقار الرائع يجب ألا ننسى أنه كانت هناك روائع تغنى بها طوال مراحل حياته الفنية وأثناء فترة عيد الإستقلال (30) من نوفمبر التي غرد بصوته الرائع في أعياد وأمجاد الإستقلال ولحن بعض الأغاني الثورية لبعض الفنانين منها: قصيدة (مزهري الحزين) رائعة من روائع الشاعر لطفي جعفر أمان لحنها وغناها الموسيقار احمد قاسم وتقول الكلمات: يا مزهري الحزين من يرعش الحنين؟ إلى ملاعب الصبا.. وحبنا الدفين؟ هناك.. حيث رفرفت على جناح لهونا أعذب ساعات السنين.. يا مزهري الحزين الذكريات.. الذكريات تعيدني في موكب الأحلام للحياة لنشوة الضياء في مواسم الزهور يستل من شفاهها الرحيق والعطور وبعد هذا كله.. في صحوة الحقيقة ينتفض الواقع في دقيقة يهزني.. يشد أوتاري إلى آباري العميقة يشدها.. يجذب منها ثورتي العريقة ويغرق الأوهام من مشاعري الرقيقة ويخلق الإنسان مني وثبة وقدرة عواصفاً.. وثورة هنا.. هنا إذ زمجرت رياحنا الحمراء تقتلع القصور من منابت الثراء وتزرع الضياء وتغدق الغذاء.. والكساء.. والدواء على الذين آمنوا بأنهم أحياء وخيرة الأحياء في الحقل.. في المصنع.. في كل بناء.. - ومن ألحانه الرائعة أيضاً أغنية الأستقلال (بلادي حرة) من كلمات الشاعر الرائع لطفي جعفر أمان التي تقول كلماتها: على أرضنا بعد طول الكفاح تجلى الصباح لأول مرة وطار الفضاء طليقاً رحيباً بأجنحة النور ينساب ثرة وقبلت الشمس سمر الجباه وقد عقدوا النصر من بعد ثورة وغنى لنا مهرجان الزمان بأعياد وحدتنا المستقرة وأقبل يزهو ربيع الخلود وموكب ثورتنا الضخم إثرة تزين إكليله ألف زهرة وينشر من دمنا الحر عطرة ويرسم فوق اللواء الحقوق حروفاً تضيء لأول مرة.. بلادي حرة ولا يمكن أن ننسى بأن الفنانة فتحية الصغيرة أنشدت من ألحان الفنان أحمد قاسم أغنية (شعبنا حقق مناه) التي تقول كلماتها: بعد طول الليل.. والآهة الحزينة بعدما كانت أمانينا دفينة شعبنا حقق مناه من قمم ردفان مات المستحيل هلت الفرحة على الدرب الطويل شعبنا حقق مناه شعبنا عانق هناه.. ميلاده كان في الحادي عشر من مارس عام 1938م ورحل عن سماء عدن في الأول من إبريل عام 1993م ولكن أنغامه لا زالت تلوح بأعذب وأجمل الأغاني والألحان ولها نكهة خاصة لدى عشاقه ومحبيه.