عام مضى على وفاته وما زال الغائب الحاضر في قلوب جميع من يحبه ويحب كلماته وألحانه وأغانيه، يعد من أبرز الفنانين الذين أعطوا للأغنية الوطنية حقها ومكانتها التي تستحقها ويمتلك رصيداً كبيراً من الأغاني واللحن الجميلين وله صوت وخامة مميزان. كما أنه تغنى بكلمات أهداها لأصحاب الجنوب وهي بعنوان «يا ابن الجنوب» التي كتب كلماتها الشاعر الراحل محمد سعيد جرادة ولحنها وغناها الفنان الكبير المرشدي وتقول: «ابن الجنوب.. أيها الحامل أثقال القيود/ يا أخي في الأسى يا ابن الجنوب يا عديم الذكر في هذا الوجود/ يا حزيناً يوم أفراح الشعوب».. ومن أغانيه الثورية الشهيرة: أخي كبلوني/ وغل لساني واتهموني.. باني تعاليت في عفتي/ ووزعت روحي على تربتي.. فتخنق أنفاسهم قبضتي/ لأني أقدس حريتي.. ودائماً كلماته كانت وما زالت معزوفة ألحان تتراقص لها الأبدان فرحاً وطرباً عند سماعها.. التمس فيها هموم الكثير من الناس التي لامست الواقع الاجتماعي الذي يعاني منه المواطن اليمني ودائماً ما كان يمتاز بالروح القتالية للتخلص من المستبدين ودافع عن الثورة بسلاح الكلمة إلى جانب امتلاكه للروح الفنية الراقية. ويعلم الكثيرون أنه عانى الكثير من الصعوبات والضغوطات حتى وصل إلى ما وصل إليه من مكانة عظيمة في وسطه الفني والعام الماضي ومثل هذه الأيام في شهر فبراير خطفه الموت بعد صراع مع المرض وكانت قد شهدت اليمن ومحافظة عدن خاصة دموعاً وأحزاناً على رحيله وفقدانها فناناً يعتبر واحداً من أهم الفنانين الموجودين على الساحة اليمنية، ولا أحد يستطيع أن ينكر أن الفنان المرشدي كان له دور بارز في إحياء التراث اليمني الغنائي ونشره ليس فقط على مستوى اليمن بل على مستوى الجزيرة العربية والخليج خاصة بعد أن ساهمت إذاعة عدن التي تأسست عام 1954م في تقديمه للجمهور، ومع منتصف الستينات تجاوز انتشاره اليمن من خلال مشاركاته الفنية في عدد من دول الخليج العربية.. ومن ألحانه الجميلة والناجحة التي لم ينسها ولن ينساها أحد فينا كانت في أغنية علم سيري التي تغنى فيها وقال: علم سيري علم سيري ألا بسم الله الرحمن علم سيري علم سيري ولا موذي ولا شيطان الا يا مرحبا بش .. و باهلش.. وبالجمل لي رحل بش.. **** كان أول من غنى الأغنية التهامية وساهم في إخراج الأغنية الصنعانية وتغنى بألوان ولهجات غنائية متنوعة منها اللهجة العدنية والحضرمية واللحجية واليافعية. غير أنه يجيد العزف على آلة العود ولطالما أطربنا بسيمفونياته الرائعة من خلال فرضه نفسه عبر أغانيه وعطائه المتميز في عالم الأغنية اليمنية فقد كان شديد الحرص على انتقاء واختيار الكلمات واللحن المناسبين لصوته ويعتبر صاحب الاختيار الأول للكلمة واللحن معاً. ومن أغانيه الرائعة أغنية إلى متى: إلى متى.. احتار في حبك كذا.. واسأل ظنوني عن هواك وأخاف يضيع عمري سدى قلي بصراحة ايش نهاية حبنا من بعد ذا؟ هي كلمة منك كلمة وحدة.. يا كذا ولا كذا ولا كذا. * إضافة إلى أغنية عليك سمسموني التي يقول فيها فناننا الرائع: عليك سموني وسمسموني وبالملامة فيك عذبوني وجروا المصحف وحلفوني وقصدهم بالنار يحرقوني حلفت ما أحبك فكذبوني وقبل ذا كانوا يصدقوني هم يحسبوني أضمرت في يميني فقلت الله بينهم وبيني ***** ومن كلماته الرائعة أغنية أجمل هوى والتي تقول: كان اللقاء بينك وبيني يسعد القلب الكسير كان اللقاء أجمل هوى عشته معاك أجمل مصير ما زلت أحلم به وأتمناه عايش على ذكراه ما بنساه ايش با يضر عمر الهوى لو طال قليل ايش با يضير ياريت يالمحبوب إلى عندك أطير بأعيش بأعيش بالأمل يمكن يرجع الحب الكبير **** وفيما ما مضى أرتبط بالحركة الوطنية اليمنية مكافحاً ضد المستعمرين والمستغلين والسماسرة وانتشر صدى أغانيه بين صفوف الشعب يرددونها ويستمدون منها روحاً معنوية عالية تنسيهم ما عانوا منه في الحقبة السابقة.. وفي مقدمتها قصيدة: (أنا الشعب زلزلة عاتية/ ستخمد نيرانَهم غضبتي/ ستخرس أصواتهم صيحتي/ أنا الشعبُ عاصفة طاغية).. وفي أغنيته الشهيرة (نشوان) التي لمس فيها معاناة الشارع اليمني والتي أثارت ضجة واسعة في ذاك الوقت مازال الناس إلى يومنا هذا يدندنون بكلماتها وألحانها فقد عبرت الكلمات التي تغنى بها واللحن الذي تفرد به عما يعانيه المواطن اليمني وتقول كلمات الشاعر سلطان الصريمي التي كتبها وغناها فناننا، «نشوان كم في جعبتي نصائح/ وكم ورم قلبي من الفضائح/ وكم شسامح لو أنا شاسامح/ أوصيك لا تهرب ولا تمازح.. لا تفتجع من كثرة المرازح/ شق الطريق وظهر الملامح/ حتى تعارك صبحنا تصافح/ وينتهي الإرهاب والمذابح». كما غنى له مجموعة من الفنانين والفنانات ومن بينهم فنان العرب محمد عبده الذي غنى بعضاً من ألحان فناننا المحبوب محمد مرشد ناجي منها أغنية ضناني الشوق وازدادت شجوني وكثر الدمع قد حرق جفوني.. من اللي حبهم قلبي نسوني.. ولا حتى بكلمه يذكروني. وتعتبر أغنية بين الفل والورد رائعة غنائية جسدها بعمل فني رائع وأداء متميز وصوت راقٍ يدخل إلى القلوب سريعاً من خلال الكلمات.. قال أبو ناصر المضنى فتش ورد نيسان في خدود الغواني.. انس الفل يوم الورد في الزهر.. سلطان حاز كل المعاني. ولا ننسى أن سجل الفنان المرشدي الفني مثلما كان حافلاً بالإنجازات والإسهامات الفنية والوطنية فإن له أيضاً سجلاً سياسياً حافلاً كسجله الفني حيث إنه شغل عدة مواقع في السابق منها عضوية مجلس الشعب طوال فترة الثمانينات وأنتخب لرئاسة اتحاد الفنانين اليمنيين وبعد قيام الوحدة اليمنية عام 1990م أصبح مستشاراً لوزير الثقافة وأنتخب عام 1997م عضواً بمجلس النواب. ومن إسهاماته الوطنية خاصة بعد قيام ثورة يوليو عام 1952م وثورة المليون شهيد في الجزائر وغيرها من الثورات العربية التي أخذت تتوالى تباعاً ليردد فناننا هذه الكلمات الوطنية التي تبعث روح الحماسة إلى كل من يسمعها ويقول: يا بلادي يا نداءً هادراً يعصف بي يا بلادي يا ثرى ابني وجدي وأبي يا كنوزاً لا تساويها كنوز الذهب اقفزي من قمة الطود لأعلى الشهب يا بلادي كلما أبصرت شمسان الأبي شاهقاً في كبرياء حرة لم تغلب صحت يا للمجد في اسمى معاني الرتب يا لصنعاء انتفاضات صدى في يثرب يا لبغداد التي تهفو لنجوى حلب يا لاوراس لظى في ليبيا والمغرب يا لأرض القدس يحمي قدسها ألف نبي يا لنهر النيل يروي كل قلب عربي فاملئي كأسك من فيض دمائي واشربي يا بلادي يا بلاد العرب ***** الفنان القدير محمد مرشد ناجي (رحمه الله) أستاذ الأغنية اليمنية الأصيلة وهاوي الأغنية العدنية كما أحببت أن أطلقه عليه ولد في محافظة عدن الشيخ عثمان في السادس من ديسمبر عام 1929م وتوفي في السابع من فبراير من العام 2013م وتعتبر هذه هي الذكرى السنوية الأولى على رحيله الذي سيظل حتى بعد انطفائه عن عالمنا شعلة تنير قلوب ومحبي الفن اليمني وستظل أعماله الجميلة تطرب مسامع عشاق ومحبي الفن الأصيل وسيظل من عمالقة الزمن القديم ومن الفنانين الذين تركوا بصمة واضحة خلال مشوارهم الفني والمهني لن تتكرر. وبين مشاعر الحنين والأنين تنحني الكلمات له ونختم معكم بكلمات الأغنية الجميلة أراك طروباً التي تقول كلماتها: أراك طروباً والهاً كالمتيم تطوف بأكناف السجاف المخيم أصابك سهم أم بليت بنظرة وما هذه إلا سجية مغرم على شاطئ الوادي نظرت حمامة أطالت علي حسرتي والتندم فإن كنت مشتاقاً إلى أيمن الحمى وتهوى بسكان الخيام فأنعم ويختم فيها: ألا فاسقني كاسات خمر وغن لي بذكر سليمى والرباب وزمزم وآخر قولي مثل ما قلت أولاً أراك طروباً والهاً كالمتيم