لاشكَّ في أن أحكام فقه الصيام من أكثر الأحكام التي يُدشن الحديث عنها في الموسم الرمضاني وتأخذ نصيباً موفوراً من الوقت المخصص للبرامج التي تسمى بالرمضانية،، ولكن من النادر جداً أن يتحدث أحدهم عن بعضٍ من أحكام الصيام بموجب اجتهاداتٍ متعددة الأوجه للعلماء وبمختلف اتجاهاتهم المذهبية.. معظم الناس يعرف عن الصيام أنه فرض من فروض الله وركن من أركان الإسلام الخمسة، وأن معناه الإمساك عن الأكل والشرب والجماع من طلوع الفجر إلى غياب الشمس.. وذلك أمر جيد، ولكن ثمة بعض الأمور التي من الجيد جداً معرفتها لا لأجل الزندقة كما قد تذهب بالبعض ظنون السوء، ولكن لأجل التوقف عند مفارقات الفتوى وطرائق التفكير وأشكال الاجتهاد بين أمتين أو طائفتين من علماء الإسلام.. نعرض في هذه المقالة لمقتطفاتٍ من نوادر فتاوى كتاب الصيام في تصانيف الفقة الإسلامي.. هاكم بعض تلكم المقتطفات من متون وحواشٍ فقهية متنوعة: عند الحسن بن صالح أن البرد لا يفطر، فليس بالطعام وليس بالشراب!!.. وعند بعضهم أن قول الزور والعمل به والجهل من مفطرات الصيام وعلى من أتى شيئاً من الجهل أو الزور أو الغيبة أو النميمة القضاء!.. مع أن جمهور أهل العلم أن القضاء لا يلزم وإلا كيف تقضي أمة من ملايين البشر ذلك، فقلَّما يسلمون؟!! عند الحنفية وغيرهم أنه لو ضعف عن الصوم إنسان لا شتغاله بالمعيشة فله أن يفطر ويقضي،، إن أدرك عدة من أيام أخر، وإلا أطعم عن كل يوم نصف صاع، وأنه لاشك في الحصاد ونحوه إذا لم يقدر عليه مع الصوم، ويهلك الزرع بالتأخر مثلاً جاز له الفطر وعليه القضاء!! عند الحنابلة الكحل يفسد الصوم بتحقق الوصول إلى الحلق، ذكره في (الإنصاف) ولا بد من العلم بذلك، وإلا فلا لعدم تحقق ما ينافي الصوم. وقال أبو حنيفة والشافعي: لايفطر. ومذهب الأحناف والشافعية في الإثمد أنه لا يفطر إذا كان يسيراً. واختلف الفقهاء في الحجامة أهي من المفطرات أم لا؟ وروي في ذلك حديثان مختلفان: الأول قوله صلى الله عليه وسلم: "أفطر الحاجم والمحجوم" رواه أحمد والترمذي. والثاني: في صحيح البخاري: أنه احتجم صلى الله عليه وآله وسلم وهو صائم محرم!! ومن عجيب اختلافاتهم ذلك الاختلاف الذي ورد عن بعضهم وعلق عليه صاحب (حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع) قائلاً: "ومن أكل أو شرب أو جامع شاكّاً في طلوع الفجر ولم يتبين له طلوعه صح صومه ولا قضاء عليه ولو تردد؛ لأن الأصل بقاء الليل". وأعجب منه تلك الشاردة الواردة في بعض كتب الفقه والأصول عن الجماع في نهار رمضان، والتي تقول: "من غيب حشفة ذكره الأصلي في قبل أصلي ولو ناسياً أو مكرهاً أو جاهلاً فعليه القضاء والكفارة" ثم يجيء بعضهم ليقول: لا كفارة عليه مع الجهل والنسيان والإكراه ولو تلذذ!! واختلفوا في النخامة وبلع الريق ومعجون الأسنان -حديثاً- وغيرها. وخلاصة الكلام: أن ثمة اختلافات في بعض مفاهيم الإمساك والصيام وبعض متعلقات أحكامها يترتب عليها النظر في اعتباراتٍ متعددة حسية ومعنوية من أجل منهجية فقهية إسلامية مقاصدية.. خواتم مباركة.. وكل عام والجميع بخير؟