الحوثيون يعرضون مشاهد لإسقاط طائرة أمريكية في أجواء محافظة مأرب (فيديو)    مليشيا الحوثي تنظم رحلات لطلاب المراكز الصيفية إلى مواقع عسكرية    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وفاة طفلين ووالدتهما بتهدم منزل شعبي في إحدى قرى محافظة ذمار    رئيس الاتحاد العام للكونغ فو يؤكد ... واجب الشركات والمؤسسات الوطنية ضروري لدعم الشباب والرياضة    بعد أيام فقط من غرق أربع فتيات .. وفاة طفل غرقا بأحد الآبار اليدوية في مفرق حبيش بمحافظة إب    أمطار رعدية على عدد من المحافظات اليمنية.. وتحذيرات من الصواعق    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن بقوة السلاح.. ومواطنون يتصدون لحملة سطو مماثلة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب المخدرات في اليمن
نشر في سبأنت يوم 19 - 02 - 2009

المخدرات، أكبر الجرائم المنظمة في العالم عابرة للحدود. أطلق عليها "سلاح الدمار الشامل".
واليمن، كبقية الدول، ليس بمنأى عن عصابات ترويج وعبور المخدرات؛ لكن المخيف هنا أن الإحصائيات الرسمية تؤكد تصاعد معدلات هذه الجريمة التي يعدها المختصون "أم الجرائم"، ما دعا أحد المسؤولين إلى وصف ذلك بأنه "حرب تشن على اليمن".
لقد تمكنت الجهات الرسمية من ضبط ملايين الحبوب وأطنان الحشيش من مختلف أنواع المخدرات. لكن عصابات المخدرات ما زالت تعتبر اليمن منطقة مرور وعبور إلى دول أخرى وليست بؤرة مناسبة للترويج والبيع.
وبين هذا وذاك لم يغب الحديث عن ضبط يمنيين متعاطين للمخدرات. وتزايدت في الآونة الأخيرة ظاهرة ما يسمى "المحببين" (متعاطي الحبوب) وهم شباب يقبلون على أدوية تصنف تحت ما يعرف "المؤثرات العقلية" والتي يعتبرها القانون اليمني في حكم المخدرات. لكن الأهم من كل ذلك أنه لا يوجد حتى الآن مركز في اليمن لمعالجة المدمنين.
** مافيا المخدرات
لم يكن يعرف هذان الشخصان القادمان من باكستان أن الأجهزة الأمنية تترصدهما وقد خططت جيدا لمعرفة التجارة التي يديرانها بشكل سري.
في أكبر عملية تنسيق بين أجهزة الأمن اليمنية والسعودية تمكن رجال مكافحة المخدرات من مراقبة شحنة ممنوعات يصل وزنها إلى 1200 كيلوجرام من الحبوب المخدرة وصلت حضرموت ونقلت إلى إحدى مزارع دوعن.
بدأت المطاردة بعد توفر خيوط هامة في القضية من خلال مراقبة هواتف أشخاص متورطين داخل وخارج اليمن.
استقل الباكستانيان شاحنة كبيرة واتجها صوب المزرعة التي وصلتها شحنة المخدرات من البحر، ومن ثم صوب السعودية. لقد عرف رجال مكافحة المخدرات مكان الشحنة؛ إنها في أماكن خاصة معدة لها جيدا بجوانب الشاحنة. مرت الشاحنة من خمسين نقطة أمنية وعسكرية دون تفتيش، حتى دخلت الحدود السعودية، ومن ثم ضبطت هناك، وضبط معها شبكة كبيرة في البلدين.
وفي عملية أخرى، في أحد شوارع صنعاء كان يفترض أن يكون هناك تسليم لشحنة مخدرات بين شخصين. روقبت الهواتف وعُرفت التفاصيل، حُدد الوقت المناسب... لكن الشخصين لا يعرفان بعضهما. قدم أحد رجال مكافحة المخدرات نفسه منتحلا شخصية أحدهما. تم التأكد واعترف الآخر، وألقي القبض عليه ومعه كمية كبيرة من المخدرات.
** وسائل غريبة لنقل المخدرات
عصابات المخدرات لا تألو جهدا في اختيار أنسب الوسائل لنقل شحنات المخدرات، وبذلك فهي تستخدم وسائل غريبة لا ينتبه إليها أحد.
لقد تمكنت أجهزة الأمن من القبض على عصابة حاولت إدخال كمية كبيرة من المخدرات بداخل سخانات مياه نقلت جوا عبر طائرة قادمة من سورية.
أرسلت العصابة شخصا من سورية إلى اليمن ليستقبل الشحنة، ونظرا لأنه ليس تاجرا تمكن من استعارة "كرت" ضريبي من أحد اليمنيين مقابل مبلغ رمزي.
ساور أجهزة الأمن اليمنية الشك حين شعروا أن بعض السخانات أثقل من الأخرى، فاضطروا لفك بعضها باللحام، وهنا كانت المفاجأة؛ لقد وضعت العصابة المخدرات في التجويف الداخلي للسخانات. عقبها تم اكتشاف كمية أخرى وصلت ميناء الحديدة بالطريقة ذاتها، وضبط خلال هذه العملية 5 ملايين قرص مخدر.
في إحدى العمليات تم اكتشاف كمية كبيرة تقدر بما يقارب 1700 كيلوجرام مخبأة في غاطس سفينة. كما ضبطت أكثر من كمية داخل أجزاء وهياكل مستحدثة في سيارات وشاحنات لنقل البضائع بين اليمن ودول الجوار. وضبطت أيضا شاحنات تأتي من دول الجوار وتنقل أدوات مستعملة من الأثاث والملابس ومن ثم تعود فارغة يستخدمها أصحابها لتمرير شحنات من المخدرات.
وبحسب المحاضر الرسمية فإن أحد لأشخاص قام بتصميم مخبأ في سيارته يتسع ل200 كيلوجرام من المخدرات، وكان ينقلها بصحبة عائلته. كما ضبطت المخدرات في أبواب السيارات وداخل الإطارات وفي مخابئ بجانب الأطفال الذين يصطحبهم الأب لعدم إثارة الشكوك.
** مليارات الريالات صودرت من تجار المخدرات
تشير محاضر النيابة الجزائية إلى مليارات الريالات تحصلتها الدولة من عصابات ضبطت متلبسة بتجارة المخدرات خلال السنوات الأخيرة.
ومن بين المتحصلات سفن وقوارب وسيارات ذات موديلات حديثة لا تفتح أبواب البعض منها إلا بالبصمة، ومبالغ كبيرة بالعملة اليمنية والسعودية.
ويلاحظ المعنيون بالضبط أن تجار المخدرات يكثرون من التحويلات المالية عبر محلات صرافة وتتكرر سفرياتهم الداخلية والخارجية ويقومون بفتح مؤسسات وهمية للتغطية على الثراء من تجارة المخدرات.
*** رئيس النيابة الجزائية المتخصصة، القاضي سعيد العاقل: المخدرات أصبحت ظاهرة وما يتم ضبطه أقل من حجم المشكلة
• هل حجم مشكلة المخدرات تؤرقكم؟
- كثرت قضايا المخدرات إلى درجة أن المتابع لها يدرك أنها حرب تشن على اليمن وإن كانت اليمن ليست مقصودة بذاتها، وإنما كخط عبور أو ترانزيت.
في كل الأحوال هناك جهود طيبة تبذل من مأموري الضبط القضائي، ومن القائمين على عملية المراقبة والرصد من الأجهزة الأمنية، وقد ضُبط الكثير من القضايا وأحيلت للمحكمة وأصدرت أحكام بعقوبات مشددة ولأول مرة في تاريخ اليمن يتم تنفيذ حكم الإعدام في قضية مخدرات.
• ما هي العقوبات المشددة؟!
- قانون المخدرات رقم 3 لسنة 93 بشأن مكافحة الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية ووفقاً للماد 33 و34، وما بعدهما، أقر عقوبة الإعدام لمن قام بعملية جلب وتصدير المواد المخدرة، ولا تقل العقوبة في هذا الشأن عن السجن 25 سنة. ولا يحق للقاضي النزول عن ذلك.
• هل تطبيق القانون سيحد من المشكلة؟
- تطبيق القانون يفي بالغرض ويحقق النتيجة المرجوة، لكن يجب أن تسانده وسائل أخرى، كالإعلام والإرشاد والتثقيف والتوعية، وفي الأخير القانون هو الذي يواجه الجرائم.
• من يقف وراء جرائم المخدرات؟
- المخدرات توصف بأنها من الجرائم المنظمة، عابرة الحدود، وجريمة بهذا الشكل لا يمكن أن تتم من فرد بل من عصابات بحلقات متواصلة البعض منها موجود في اليمن والبعض في الخارج.
• هل استطعتم كشف شبكات كبيرة للمخدرات في اليمن؟
- من يتم القبض عليهم هم عصابات، كل واحد منهم يقوم بدور، البعض يقوم بعملية الاستقبال للمخدرات حين تصل إلى مكان محدد، والبعض يقوم بتحميلها بوسائل نقل إلى المروجين الآخرين؛ هذا إذا كان الهدف والغرض ترويجها داخل البلاد، أما إذا كان الهدف نقلها عبر الحدود إلى دول الجوار فتوزع الأدوار بين هؤلاء الأشخاص وهم عصابات منظمة.
• من خلال ضبطكم لأفراد العصابات، هل توصلتم لخيوط حول من يقودها؟
- هذه العصابات هي مافيا كبيرة ومن يتزعمونها لا يوجدون داخل اليمن إنما خارج اليمن، ولا تطالهم أيدينا ولا يحق لنا طلبهم إلا إذا كانوا يمنيين، وإذا كانوا أجانب يتم التواصل عبر ضباط الارتباط ونعطيهم ملفات ومعلومات عن هؤلاء الأشخاص ليتم ضبطهم.
• منذ أن صدر القانون ما أبرز القضايا التي نظرتم إليها؟
- لا تحضرني الآن الكميات التي ضبطت في هذه الوقائع ولكن ما ورد ألينا خلال عام 2008 في حدود 16 طنا من المخدرات، أكبر كمية كانت 12 طنا تقدر قيمتها بمليارات الدولارات وضبطها خفر السواحل في محافظة حضرموت.
• هل هناك تنسيق بين أجهزة الأمن في الضبط؟
- فيما يتعلق بالمنافذ البرية أيادي مأموري الضبط القضائي ومسؤولي النقاط الأمنية والعسكرية وفيما يتعلق بالأشخاص الذين يتم ضبطهم في المياه الإقليمية اليمنية فتضبطهم قوات خفر السواحل بالتعاون مع جميع الأجهزة.
• لكن الضبط لا يتم إلا بإذنكم؟
- الشخص الذي ضبط متلبساً بجريمته لا يحتاج ضبطه إلى إذن من النيابة وفقا للقانون، ويسمى الضبط في الجرائم المشهودة والمتلبس بها. وفيما يتعلق ببقية الجرائم الأخرى يتم موافاة النيابة بدلائل تشير إلى أن هؤلاء الأشخاص يقومون بالتعامل مع المواد المخدرة فنمكنهم من أوامر الضبط، وأوامر التفتيش.
• كيف هي آلية حجر الكميات الكبيرة من المخدرات ونقلها؟
- يتم إحصاؤها ووزنها، وفي الغالب هي محددة، بالكيس وبالكيلو. وفيما يتعلق بحبوب الكبتاجون أو الامفيتامين التي كثرت في الآونة الأخيرة تتم عملية العد بالحبة، وتسلم إلى النيابة والنيابة تقوم بعملية التحريز على ذمة القضية وتعرض على المتهمين أثناء التحقيق لمواجهتهم بها وعن مدى صلتهم بها وتسمع النيابة دفاعهم.
• ما هي المناطق التي تتدفق منها كميات المخدرات إلى اليمن؟
- ما تم ضبطه أخيرا مصدره الرئيسي إيران وأفغانستان وباكستان، ولا يعني أن كل ما يدخل اليمن من المخدرات يضبط، ربما تكون هناك كميات أخرى لم يتم ضبطها.
• هل تقصد أن ما يتم ضبطه لا يمثل حجم المشكلة؟
- حجم المشكلة أكبر وهذا ما جعل الجميع يتجه نحوها ويسلط الأضواء عليها بالمراقبة والرصد والتشديد والإحكام على المنافذ والتفتيش الدقيق فيها، وأعتقد أن كبر حجم الكميات التي ترد إلينا جعلت الجميع يبحث عن كيفية الضبط.
لا أعتقد أن بعض الجهات تقول إننا لم ندرك إلى الآن ولم نحس بالمشكلة، المشكلة موجودة وما وضعت التشريعات إلا لمواجهتها، ليست مشكلة بل إنها ظاهرة ونواجهها بكل ما أوتينا من قوة في كل المنافذ وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته في مكافحة المخدرات وإذا لم نعترف بالمشكلة فلن يتم معالجتها.
• هناك تسريبات عن أن كميات من المخدرات ضبطت في المنافذ وعند نقلها إلى العاصمة تناقصت؟
- الكميات التي يتم ضبطها في المداخل سواء البرية أم البحرية أم الجوية نأخذ عينة منها وتشكل لجنة لإتلاف الباقي.
يحرر محضر الضبط بالكمية المضبوطة كاملة من قبل مأموري الضبط القضائي وأحيانا باشتراك النيابة ويوقع المتهمون عليه وعندما يتم حصرها وضبطها في محضر رسمي ترى النيابة إذا كانت المواد قد جلبت من الخارج أم أنها طرية وخضراء ومنشأها اليمن والبعض يفهم أن المواد المخدرة كلها تأتي من الخارج لأن هناك الحشيش والخشخاش الذي يزرع في إب والحيمة وغيرها وتكون كميات كبيرة تشكل لجنة لعملية الإتلاف.
• هل حصل وأن داهمتم مزارع للحشيش؟
- لا نقوم بعملية المداهمة إلا بناء على ما يرفع إلينا من مأموري الضبط القضائي، وإذا اقتضى الحال مشاركة النيابة في عملية المداهمة والضبط فإنها تشترك.
• هل يصدر الحشيش المخدر من اليمن إلى الخارج؟
- هؤلاء الأشخاص يستقبلون هذه المواد ويصدرونها إلى دول الجوار ويعتبر هذا جلبا وتصديرا وعقوبة الجلب أشد.
• كيف يتعامل قانون جرائم المخدرات مع المتهم الأجنبي؟
- أحكام الجرائم المرتكبة في اليمن بحكم السيادة تسري على الأجانب أيا كانوا، مثلهم مثل اليمنيين، يتم اتخاذ الإجراءات القانونية وسماع دفاعهم وتنصيب محامين وإبلاغ سفاراتهم بأن هؤلاء الأشخاص محجوزون، ونسمح لهم بالتواصل مع أهاليهم وزيارتهم إلى السجن المركزي... كل هذه الإجراءات ضمان لحق الدفاع ونضمن حق المحاكمة، والعقوبة التي تصدر على اليمني تصدر على الأجنبي.
• ما هي أقصى العقوبات التي نالها تجار مخدرات أدانهم القضاء؟
- غالب الأحكام هي السجن 25 سنة وهناك تقريبا 62 في السجن المركزي أغلبهم باكستانيون وإيرانيون وسبق أن حكمنا بالإعدام على أحد الأجانب.
• هناك من يقول إن الدولة تعرف تجار مخدرات ولا تضبطهم؟
- ما يقال، عن أن هناك أشخاصا تسندهم وجاهات والنيابة غير قادرة على الوصول إليهم، غير صحيح، ثم نسأل: من هم هؤلاء الأشخاص؟ القانون أعطاني فيما يتعلق بالشخص الذي لم نعثر عليه أنه إذا توافرت الأدلة فإننا نقدمه للمحكمة كفارّ من وجه العدالة وهناك مواد في القانون تحدد ذلك.
ولأول مرة أسمع أن هناك تجار مخدرات بعلم ودراية النيابة لم نقم بضبطهم، فما يثار أحيانا قد يفتقر إلى المصداقية وإلى المعلومات الصحيحة، فمجرد أن تبلغ النيابة وتتوفر لديها الدلائل على تعامل مثل هذا الشخص أو ذاك بالمواد المخدرة لن نتردد للحظة لإحضاره والتحقيق معه واتخاذ الإجراءات القانونية في حقه بالتعاون مع الأجهزة الضبطية الأخرى.
• هل هناك أحكام على فارين من وجه العدالة في هذه القضايا؟
- هناك أحكام كثيرة، لأن في القضية الواحدة متهمين متواجدين ومتهمين فارين، فنصدر الأحكام وننفذها على الموجودين، وفيما يتعلق بالفارين تتم ملاحقتهم ومتابعتهم والتعميم على كافة المنافذ لمنعهم من الخروج من أراضي الجمهورية اليمنية.
• ما خطورة المخدرات على الأمن القومي اليمني؟
- المخدرات آفتها خطيرة وأثرها بالغ ولهذا سمتها بعض الدول بأسلحة الدمار الشامل نظرا لما تسببه من أضرار على مستوى الفرد والمجتمع والدولة التي تستنفد الكثير من الأموال في مكافحتها بدلا من استنفادها للتنمية.
• وما علاقتها ببقية الجرائم؟
- هي ترتبط بكثير من الجرائم، منها جريمة تزييف العملة وتزوير إثبات الهوية الشخصية على أساس استغلالها لتسهيل عملية الانتقال والابتعاد عن الملاحقة بأسماء غير أسمائهم الحقيقية، كما يقوم تجار المخدرات بغسيل الأموال المتحصلة في محلات لبيع وشراء السيارات، وشراء عقارات، وإيداعها في البنوك واستخراجها... وهناك آلية معقدة في كيفية التصرف في الأموال الخاصة بالمخدرات، ودائما الشخص المتورط في جرائم المخدرات يمارس جرائم أخرى بالتأكيد.
• كيف تتعرفون على ممتلكات مثل هؤلاء المتورطين الذين يقومون بعمليات غسيل للأموال؟
- نقوم بدراسة الظروف المحيطة بهذا الشخص وما لديه من أموال وعلى أساس أن كل الأموال المتحصلة من تجارة المخدرات تصادر أو يحجر عليها إلى حين صدور الحكم وهناك كثير من الجرائم التي قمنا بحجر الأموال فيها على هؤلاء وتصدر الأحكام فيها إما بالرد وإما بالمصادرة بحسب قناعة المحكمة.
• وإذا كانت الأموال بسم أقارب تاجر المخدرات كيف تتعاملون معها؟
- نتأكد من مصادر هؤلاء الأقارب الذين سميت الأموال بأسمائهم، وما هي مصادر الدخل لديهم، وعلى ضوئه يتم التصرف على بينة وعلى بصيرة، إن كان المال أساسه ومصدره هو المخدرات.
تعد تجارة المخدرات مربحة لهؤلاء، فعلى حد علمي وما اشتملت عليه تقديرات الأسعار لمثل هذه المواد فإن سعر الحبة من الكبتاجون أوالامفبتامين ما بين 750 و1500 ريال وهؤلاء الأشخاص يجلبون الملايين منها. أما الحشيش المضغوط المصنع خارجيا تصل قيمة الكيلو الواحد ما بين 5 آلاف إلى 10 آلاف ريال سعودي وهو مبلغ كبير مقابل ما يتم جلبه وتصديره، وفي اليمن لا تتوفر القيمة الشرائية لهذه المواد فيتم تصديرها إلى دول الجوار.
• هل معنى ذلك أن اليمن منطقة عبور لتجار المخدرات فقط؟
- الكميات التي ضبطت والمقصود منها الترويج والبيع والتداول داخل اليمن هي كميات قليلة لا تذكر في حدود 200 إلى 500 كيلوجرام وطريقة توزيعها وتقسيمها تثبت أن هذه الكمية معدة للترويج داخل اليمن وليس للتصدير ولكن الكميات التي تضبط هي كبيرة تدرك من خلال الكمية نفسها وكيفية إعدادها أنها معدة للتصدير إلى خارج اليمن، أي تكون محكمة الغلق ولو بقيت داخل اليمن فلن تحقق الغرض لعدم وجود مشتري.
• هل ضبط يمنيون متعاطون للمخدرات؟
- ضبط أشخاص متعاطون للمخدرات والمتعاطي أحيانا تضبط في حيازته كمية بسيطة، ويعترف أحيانا في التحقيقات أنه متعاط للمواد المخدرة والعقوبة فيها محددة لا تزيد على سجن خمس سنوات، هناك شريحة أو فئة من المتعاملين يقومون بعملية استقبال كميات المخدرات وتوزيعها إلى قطع صغيرة والقيام بعملية البيع، أي تسهيل التعاطي.
• هل تستخدم عصابات المخدرات الأطفال؟
- لم أضع يدي على قضية من هذا الشكل، فهؤلاء الأشخاص يتعاملون بسرية وخفية ويقومون بدراسة ظروف كل شخص يتعاملون معه ويجب أن يكون الشخص الذي يتعاملون معه شخصا بالغا في سن الرشد قادراً على التصرف والتحمل والكتمان. أما الطفل مجرد أن يتعرض للضغط سيعترف، وإذا كان هناك قضايا من هذا النوع فإنهم يحالون إلى نيابة أو محكمة الأحداث.
• نسمع في قضايا المخدرات عن رهن أشخاص لدى موردي المخدرات؟
- وصلت إلينا قضية أو قضيتان، يسافر شخص من اليمن إلى الدولة المستهدفة والمقصود جلب المادة المخدرة منها ويضع نفسه رهينة لدى تاجر المخدرات في الخارج حتى يقوم هذا التاجر بتصدير الكمية إلى التاجر المرسل منه هذا الشخص الرهينة، وقد رهن أحد اليمنيين لدى تاجر مخدرات في أفغانستان وأخذ إلى غوانتانامو من قبل الأميركان وسجن لمدة أربع سنوات ثم سلم إلى الأجهزة الأمنية في اليمن وقدمته إلى المحكمة.
وهناك واقعة أخرى مازالت منظورة أمام المحكمة الآن لشخص وضع نفسه رهينة في إيران مقابل إرسال التاجر الإيراني كمية 3 أطنان من المواد المخدرة وأرسل فعلاً طنين ونصف طن منها إلى اليمن.
ويعد رهن الأشخاص إحدى طرق التعامل بين تجار المخدرات، وبعد البيع إذا لم يرسل المبلغ مقابل المخدرات قد يتعرض الرهينة للقتل أو الأذى، وفي هذا الوسط الثقة منعدمة بين البائع والمشتري.
• في اعتقادك لماذا أصبح اليمن ممرا لتجار المخدرات؟
- في فترة من الفترات ضيقت الدول المجاورة حدودها وقامت بعملية التحصين لشريطها الحدودي ولم يجدوا منفذا إلا عبر حدودنا، وقد ضبطت قوارب وسفن تحمل جنسيات إيرانية وباكستانية وإلى الآن صودرت خمس سفن منها وتم بيعها في حضرموت بالمزاد العلني.
• كيف يخفي تجار المخدرات بضاعتهم؟
- تجار المخدرات يقومون بكل الوسائل من أجل الإخفاء، البعض يخفيها في غاطس السفينة وهذا ما وجدناه حيث تم تفتيش السفينة ولم يجد خفر السواحل فيها شيئا وفي الأخير أخرجوها إلى الشاطئ فوجدوا في غاطس السفينة 1655 كيلوجراما، وفيما يتعلق بالإخفاء في الوسائل البرية يقوم أحيانا تجار المخدرات بتغيير هياكل وأجزاء داخل السيارات، كما ضبطت أكثر من كمية واردة من سورية عن طريق الجو جاءت في سخانات المياه.
• هل تراقبون هواتف المشبوهين في تجارة المخدرات؟
- القانون يسمح بذلك وتقريبا حصلت عملية تسجيل مكالمات واحدة بين التجار المرسلين والمستقبلين وكانت عملية تسليم مراقب ولكن المكالمات والتسجيل المراقب لا ترقى إلى مرتبة الدليل القوي والقطعي، إلا أنها قرائن نستدل بها كخيوط يتم متابعتها، ومراقبة الهواتف للمشتبهين تتم من خلال الرفع إلى النيابة من قبل مأموري الضبط القضائي أو الجهات التي تضبط مثل هذا الإجراء على هؤلاء الأشخاص الذين حولهم شكوك بالمتاجرة في المخدرات ونسمح لهم بمراقبة الاتصالات في مدة لا تزيد على 30 يوما محددة بحسب القانون وأما من يقوم بالإذن بالمراقبة هو رئيس النيابة والسماح مرتبط به شخصيا، ومن ثم تتم عملية التسجيل وإفراغها في محاضر وموافاة النيابة بها وأحيانا يتم القبض مباشرة على هؤلاء وأحيانا تكون القضية في النيابة موجودة أصلا.
• ما العقبات التي تواجهكم بالذات مع تجار المخدرات الفارين ومن يحميهم؟
- أمامنا الكثير من المشاكل، ولكن نستطيع التغلب عليها وكل يقوم بدوره. أما ما يتعلق بتدخل وجاهات لتغيير بعض المسؤولين فليس لدي دليل قطعي، والقضايا المحالة للنيابة الجزائية قضايا خطرة وخطورتها تتمثل في جسامتها وفي مرتكبيها ولهذا قليل جدا الأشخاص المتدخلين كوسطاء. وفي اليمن لا تستطيع أن تقول انه لا توجد وساطات ولا تستطيع أن تضع حدا لوساطاتهم ولكنها عائدة إليك: هل أنت مستعد أن تتجاوب مع الوساطة أم لا؟
• هل تخافون من عواقب القيام بمهامكم ضد عصابات المخدرات؟
- صحيح هؤلاء الأشخاص لا يتورعون عن القيام بأي عمل إجرامي فهم يقومون بدراسة المسؤولين الذين ينظرون في قضاياهم دراسة اجتماعية ويبحثون عن المداخل وإن لم تُجدِ معك لغة المجاراة يعرضوك للتهديد والوعد والوعيد ولكن الشخص الذي يعمل بإيمان خالص ويتمتع برقابة داخلية وعنده ضمير فإنه لا يهتم بكل ذلك.
• هل وصلكم عن مسؤولين ارتشوا من قبل هؤلاء؟
- سمعت أن أحد القضاة عزل بسبب قبوله رشوة. وآخر مرة عرضوا على قاض خمسين مليون ريال ليس لإعفاء التاجر من العقاب ولكن للتخفيف فقط، ومع ذلك كان القاضي نزيها يخاف الله ورفض الرشوة وتمنينا عليه لو أنه ضبط المبلغ وحرر به محضرا من أجل إدخال الراشي في جريمة أخرى.
• هل تعرضت للتهديد؟
- بين حين وآخر، وسبق أن تعرض منزلي للتفجير، ولكننا لا ننصاع لمثل ذلك وإذا خفنا فلن نعمل.
** مخدرات "المحببين".. رخيصة من الصيدليات
لم تعد المخدرات المعروف بأثمانها الباهظة وحدها مهوى المدمنين، فهناك بعض الفقراء في اليمن يقبلون على أدوية تصنف ضمن "المؤثرات العقلية".
ينظم قانون المخدرات لعام 93م استيراد المؤثرات العقلية. ولم يفصل المشرع اليمني بين الهروين أو الحشيش أو الكبتاجون الذي يعد ضمن أبرز أسماء المخدرات في العالم، وبين الديزبام والريستيل والبلتن والفاليوم التي تباع في الصيدليات كمخدر وعلاج.
• "المحببين"
تستخدم المؤثرات العقلية، المراقبة دوليا وذات التأثير النفسي، في الأغراض الطبية كمهدءات ومنومات لتخفيف التوتر العصبي. وهي مواد مدرجة في اتفاقية المؤثرات العقلية للأمم المتحدة لسنة1971 وعددها 12 نوعا.
من هذه الأنواع: الديزبام، وهو نوع ينتشر بين أوساط بعض الشباب المدمنين عليه يتناولونه مع القات. كما أن هناك أنواعا أخرى مثل الريستيل والبلتن يتم تداولها داخل السجون.
"ع. ج" يخضع للعلاج عند أحد الأطباء النفسيين في صنعاء، يقول: "كنت موظفا بسيطا في مرفق حكومي وبعد سنوات حظيت بمنصب لا بأس به درّ عليّ دخلا كبيرا. تعرفت على مجموعة من الشبان والشابات. ومع ضغط العمل دلوني على الحبوب المخدر من الديزبام. ومع مرور الأيام أفرطت في التناول ولم يعد ينفع الديزبام، وصرت أعاني من حالة اكتئاب شديدة فلجأت إلى طبيب نفسي. إلا أنه نصحني بالسفر إلى الخارج".
يقول آخر (صاحب صالون حلاقة): "أحد أقاربي من محافظة إب كان يمتلك بقالة في أحد الأحياء السكنية في مدينة عدن وكانت مصدر رزقه، وفي مرحلة لاحقة تعرف على مجموعة من الشباب يسمونهم: المحببين، وتعني المدمنين، وشكا عليهم أنه لا يستطيع النوم، فأعطوه الحبوب المخدر ليتناولها مع القات. وبعد أيام أصبح أشبه بالمجنون وهو يبحث عن أصحابه؛ كان يغلق البقالة معظم الوقت، ولم يعد يهتم بحياة أسرته، حتى باع كل ما يملك وترك أهله متجها ليغترب في السعودية لكنه مات في الطريق".
** محببين قتلة
"م. ع" صاحب صيدلية وسط العاصمة صنعاء جعله الخوف من أن يلاقي مصير زميله الذي قتلته عصابة إدمان يتكلف كثيرا في الحصول على ما يطلبه شخص يأتيه أسبوعيا برفقة آخرين ويهدده إن لم يحصل عليه.
يقول هذا الصيدلاني: "هناك شاب كان يأتي إليّ لتعاطي حقنة من المهدءات تعطى للمصابين بأمراض نفسية، وفي الأخير أصبح يأتي برفقة آخرين وأحصل على مبالغ مالية كبيرة. وحين رفضت في إحدى المرات إعطاءهم الحقنة هددوني بالقتل وحاولوا الاعتداء علي".
يضيف: "هناك أيضا أحد الأجانب العاملين في محافظة بعيدة كان يترك العمل ويأتي إلى صنعاء كل أسبوع ليتناول الحقنة، وقد قتل زميلي بالرصاص داخل صيدليته من قبل أشخاص تعودوا على شراء حبوب (ديزبام) عندما رفض إعطائهم".
يأمل هذا الصيدلاني أن تكون أجهزة الضبط اليمنية قوية ليبلغ عنهم عنها. لكنه يقول: "خوفي أني أبلغ عنهم وأقتل بعدها".
يقول بعض الصيادلة الذين يمتنعون عن بيع الحبوب المخدر لزبائنهم إنهم يتعرضون للتهديدات باستمرار وأن بعض المدمنين يصطحبون معهم مرضى نفسيين إلى الصيدلية ويسعون بكل الوسائل للحصول على الحبوب المخدر.
ورغم أن وزارة الصحة تقول إن هذا النوع من الأدوية مراقب، إلا أنني تمكنت أثناء النزول الميداني من شراء بعض أنواعها (الديزبام والريستيل والفاليوم). وهناك 15 صيدلانيا من بين 20 مررت بهم رفضوا رفضا قاطعا صرفها إلا بوصفة طبية من طبيب.
كان هناك من يتطوع بالقول لي إنها ممنوعة، وآخر يكتفي بنظرة احتقار وازدراء، لكن الكثير منهم يدلني على صيدليات معينة يقولون: "صاحبها معروف ومعه ظهر يحميه تبيع المواد المخدر بعلم الوزارة".
يتهم بعض الصيادلة أطباء بكتابة وصفات طبية لمدمنين وليسوا مرضى. ويشير البعض إلى أن الكثير من الحبوب المخدر تباع في مناطق ريفية وتستخدم مع القات.
** استغلال وإساءة استخدام
وزارة الصحة العامة والسكان لم ترفع سوى مخالفة، حين تم استيراد كمية من المؤثرات العقلية لمستشفى جبلة. يقول المسؤولون في الوزارة: "تم التواطؤ وقت التسليم للمستشفى وبعد مراجعة تقرير المستشفى تم معرفة بيع كمية من المواد خارج المستشفى وأحلنا القضية إلى النيابة".
الدكتور طاهر المقالح، من الهيئة العليا للأدوية بوزارة الصحة، يقول: "الدور الرقابي على المؤثرات العقلية كان غائبا في السابق، نتيجة عدم إدراك خطورة الاستخدام العشوائي ولأن الاستيراد كان محصورا لم يلتفت المعنيون إلى الأمر بجدية، فالمستشفيات كثرت اليوم والصيدليات كذلك وأصبحت الضوابط ضرورية خصوصا وأن فئة من الشباب صاروا مدمنين على المواد المخدرة للمرضى النفسيين وصاروا يتعاطونها مع القات، وهناك شريحة واسعة من طلبة المدارس والجامعات يتناولونها".
ويضيف: "من خلال المسح الميداني لعملية الاستيراد اتضح أن كميات من المؤثرات العقلية قد أسيء استخدامها وصرفت لأشخاص أصبحوا مدمنين عليها وكانت مشتقات البرازولا قد وصلت إلى أوساط الشباب والديزبام أو الريستل وهما عبارة عن مهدءات ومنومات لا تصرف إلا للمرضى النفسيين قد استفحلتا في أوساط المجتمع فسارعنا إلى تحجيم الاستيراد لهذه المواد، ومن عام 2006 ونحن نقوم بسلسلة من الإجراءات الرقابية لضبط عملية التوزيع بعد دخول الكميات إلى اليمن".
ويؤكد المقالح أن تجار الجملة في الماضي أساءوا التوزيع للمواد المخدرة، "ولذا أصدرنا تعميماتنا بمنع بيع الأدوية لتجار الجملة بحيث يصل العلاج مباشرة من المستورد أو المصنع المحلي إلى المستشفيات والصيدليات دون أي وسيط، لأن تجار الجملة غير ملزمين بوصفة طبية ولا تستطيع أن تضبط عملية الصرف ومن خلالهم توزع كميات للمدمنين".
ويقول: "إذا عدنا إلى كيفية الاستيراد والتوزيع في السابق سنجد التشعب الآتي: من المستوردين والمصنعين المحليين للمؤثرات العقلية، إلى تجار الجملة، إلى المستشفيات والمستوصفات والصيدليات ومخازن الأدوية والمراكز الصحية والجمعيات الطبية الخيرية وعملاء مختلفين ومروجين. وتجار الجملة كانوا يوزعون بعد الحصول عليها من المورد أو المصنع المحلي إلى مستشفيات ومستوصفات وصيدليات ومخازن أدوية وتجار جملة أصغر ومراكز صحية وجمعيات خيرية وعيادات الأطباء الخاصة وعيادات الإبر والمجارحة وأشخاص مدمنين وعملاء مختلفين ومروجين وممارسي الطب الشعبي". ويضيف: "المشكلة الأخرى أن الأطباء والصيادلة والمساعدين لا يتقيدون بالوصفة الطبية، كما أن المروجين وممارسي الطب الشعبي قد زادوا الطين بلة، ومن هنا تفاقمت المشكلة".
ولتلافي المشكلة يقول الدكتور طاهر المقالح: "عممنا على المستوردين والمصنعين المحليين عام 2006 بالتعامل مباشرة مع الصيدليات والمستشفيات فقط وعدم التعامل مع تجار الجملة، وقيود أخرى، ومن ثم على الأطباء والصيادلة قيود أيضا أهمها تحرير الوصفة الطبية للمرضى الحقيقيين وليس المدمنين وبموجب التعميمات المنظمة، كما اتخذت الهيئة إجراءات ألزمت الوكيل الذي يبيع المؤثرات العقلية أن يكتب عبارات تحذيرية على هذه العبوات (دواء مراقب ولا يصرف إلا بوصفة طبية ويعاقب من يخالف ذلك) ومن 2006 بدأنا بدأ حصر المواد التي يساء استخدامها حتى نصل إلى المرحلة المرجوة وهي ألاّ يحصل أي مدمن على أي من هذه المخدرات المحظورة".
ويدلل على أن هذه الإجراءات قد حدت من المشكلة: "كانت كمية الواصل من مادة البرازولا (مادة خام خطرة) في عام 2006 9000 جرام وتناقصت الكمية في 2007 إلى النصف، واستوردنا البديل الأخف الذي لم يستورد من قبل 2006، ولو أخذت الديزبام ستجد أن الواصل منه عام 2006 حوالي 54000 جرام تناقصت الكمية في 2008 إلى 8584 جراما".
ويضيف الدكتور المقالح: "قانون المخدرات والمؤثرات العقلية لعام 93 هو الذي ينظم استيراد المؤثرات العقلية وتدخل إلى اليمن سنويا كميات من المخدرات بتصريح يوقع عليه وزير الصحة وهذه المواد تستخدم طبيعيا وصناعيا وفي الأبحاث العلمية والمشكلة تكمن فيما بعد دخول الكميات المستوردة، أي من الذي يحق له استخدام هذه المواد المخدرة، ومن يوزعها ويبيعها، وكيف...".
ويقول: "نقيم المخالفات التي يقوم بها الوكلاء وفي هذا العام سيتم سحب التقارير من الجهات المستوردة وسنحدد المشكلة ونحدد كم الكمية التي وزعت، ولمن، ولكننا نعترف بأن جزءا من الأدوية التي تدخل بطريقة رسمية يساء استخدامه أيضا، فضلا عما يدخل عن طريق التهريب، ونحن الآن نحاول مع المستوردين والأطباء والصيادلة أن نحد من ظاهرة إساءة استخدام هذه الأدوية في غير محلها لأنها في الأخير دواء ولكن لا يصرف إلا تحت إشراف طبي، بعكس الحشيش أو الهروين وغيرهما، لأن ليس لهما أي استخدام طبي".
ويؤكد أنه حتى اليوم الإشكال هو مع المستوردين، "فهناك كميات من المواد المخدرة بيعت من المستوردين لصيدليات، إلا أننا لم نصل إلى حكم على هذه الكميات أين صرفتها، ونعكف حاليا على تفريغ البيانات لمعرفة ذلك".
ويقول: "من خلال تجميع التقارير من المستوردين فالمؤشرات تقول إن هناك سوء استخدام لهذه الأدوية، لكن في عام 2009 ستكون الإحصائيات من الوكلاء مثبتة مباشرة وسنضع حدا لمن خالف منهم وسننتقل إلى الطبيب والصيدلي، وقد أوضحنا لهم ألاّ يصرف العلاج المخدر إلا بوصفة ولا يصرف مع خليط من الأدوية ولا بد من ختم الصيدلية واسم الصيدلي والمدينة ورقم الهاتف على الوصفة".
يشير المقالح إلى أن هناك جمعا لتقارير عن الصيدليات، "وسنوزع تعميما للمستوردين بأن يتعاملوا مع الصيدليات الملتزمة فقط ونمنع التعامل مع الصيدليات المخالفة".
ويقول: "إذا ما عدنا إلى قانون المخدرات سنجد أن عقوبة من يتاجر بالمؤثرات العقلية بصورة غير شرعية هي الإعدام أو السجن 25 سنة وهي نفس عقوبة المتاجرة بالحشيش مثلا، ولكن لا يمكن أن تساوى المخدرات بالمؤثرات العقلية فالارتهان للمؤثرات أخف من إدمان المخدرات, والمدمن يصبح عاطلا لا يعد إنسانا ايجابيا في المجتمع ولا يهتم بنفسه ولا بأسرته والمفترض أن توجد في اليمن مراكز متخصصة للعلاج يتم فيها سحب الجرعة".
ويرى أن قانون المخدرات "بحاجة إلى أن يعاد بشكل تفصيلي وألاّ تبقى المؤثرات والمخدرات في قانون واحد كما هو اليوم ولكن يجب أن يفصل قانون لكل حالة، كما هو الحاصل في الدول الأخرى، والاتفاقيات الدولية تعتبر أن هناك 61 نوعا في قائمة المخدرات و78 ضمن المؤثرات العقلية و88 كيمائية".
ويتطرق هنا لمشكلة عدم إنشاء مراكز علاج للمدمنين ويقول: "على الأطباء النفسيين أن يبحثوا هذا الموضوع لأن الدولة عندما تغيب تصبح المشكلة كبيرة ومن يسجنون في السجون بسبب الإدمان فإن المخدرات تدخل لهم إلى السجون والأفضل أن تواجه المشكلة فللإدمان علاقة مباشرة بالجرائم التي بدأ المجتمع اليمني يشهدها مثل القتل والسرقة وغيرها".
ويقول المقالح: "لم نضبط صيدليا يبيع حشيش أو كبتاجون، ولم نشترك في عملية إتلاف مخدرات إلا مرة واحدة دعينا من قبل النيابة ودورنا الرفع بالناس المخالفين إلى إدارة المخدرات والنيابة".
** المخدرات.. أرقام مخيفة
ما يقارب ألف شخص -تقول تقارير الأجهزة المعنية في اليمن- تورطوا في جريمة المخدرات خلال الثماني سنوات الماضية. وخلال الأربع السنوات الأخيرة فقط تم ضبط أكثر من 800 شخص منهم 150 أجنبيا ينتمون لدول متعددة أهمها باكستان وإيران وسورية والكويت والسعودية.
** تصاعد الأرقام
وبحسب إحصائيات الإدارة العامة لمكافحة المخدرات فإن جرائم المخدرات تتصاعد بشكل مخيف. ففي عام 2004 كان عدد القضايا المضبوطة التي تتعلق بالمخدرات 42 قضية وقفزت في عام 2008 إلى 113 قضية، أما عدد المتهمين فكان 75 متهما في 2004 بينهم 3 من جنسيات أخرى، وقفز في العام 2008 إلى 252 متهما بينهم 72 من جنسيات أخرى. ما يعني أن القضايا المتعلقة بالمخدرات وعدد المرتبطين بها ارتفعت خلال الأربعة الأعوام الأخيرة بنسبة تصل إلى 30 بالمائة.
لكن هذا المعدل لا نستطيع مقارنته بالمضبوطات من المخدرات، فقد ضبطت أجهزة الأمن اليمنية في العام 2008 وحده 13 مليونا ونصف المليون حبة من المخدرات بما يقارب مليون حبة مخدر بين عامي 2006 و2007.
أما بالنسبة للحشيش ففي عام 2006 بلغت الكمية المضبوط 6 أطنان، وشهد عام 2004 إتلاف 1500 غرسه حشيش. في حين كانت الكمية المضبوطة من الحشيش المخدر في عام 2008 ما يقارب 27 طنا، وضبط 3 غرسات فقط. وهذا يثبت ارتفاعا في كميات المخدرات من الحبوب والحشيش المستورد.
الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في اليمن وبإمكانيات متواضعة جدا تقوم بمهمات خطرة في ضبط عمليات كبيرة بين تجار المخدرات.
لا يتعدى قوام هذه الإدارة 50 ضابطا وفردا، وفروعها في المحافظات ما زالت تعمل بإمكانيات بسيطة، ويتوقع التحاق 100 جندي بها قريبا، حسب ما يقول المعنيون.
** مدير عام مكافحة المخدرات العميد خالد الرضي: معظم الكميات التي ضبطت كانت متجهة إلى دول الجوار واليمن منطقة عبور
* إدارتكم هي المعنية بمكافحة المخدرات، ما حجم المشكلة؟ وكيف تدخل المخدرات إلى اليمن؟
- الإدارة العامة لمكافحة المخدرات وفروعها بالمحافظات هي الجهة التنفيذية المخولة قانوناً بالقيام بعمليات المكافحة على مستوى الجمهورية، وهناك جهات أخرى معنية بذلك بحكم طبيعة عملها سواء كانت مدنية مثل مصلحة الجمارك أم أمنية مثل خفر السواحل وحرس الحدود وغيرها. بل إن مسؤولية مكافحة هذه الآفة هي مسؤولية جماعية يجب أن تشارك فيها كافة الجهات والهيئات الحكومية والشعبية، وهو ما نؤكد عليه باستمرار من ضرورة تعاون وتكاتف الجميع في التصدي لهذه الظاهرة حماية لأبنائنا وشباب مجتمعنا من هذه السموم القاتلة.
إن معظم الكميات التي تم ضبطها في اليمن تأتي من دول جنوب شرق وغرب آسيا باعتبارها من المناطق المشهورة بزراعة وتصنيع المخدرات، كما قد تأتي من بعض الدول عبر البحر أو الجو داخل البضائع والمهربون يستخدمون وسائل وأساليب إخفاء متعددة.
• هل اليمن منطقة عبور فقط، أم أن هناك تجارة للمخدرات في الداخل؟
- يتضح من خلال محاضر جمع الاستدلال أن الكميات التي تم ضبطها كانت متجهة إلى دول الجوار وهذا ما يؤكد تصنيف اليمن بأنه منطقة عبور أو ترانزيت لهذه المواد إلى بلدان الجوار، ولكن مما لا شك فيه أن عبور المخدرات يزيد الوضع تفاقماً وخطورة سواء على المستوى المحلي أم الإقليمي والدولي، لأن عبور المخدرات يتم من خلال عصابات تضم جنسيات متعددة وتعمل في إطار الجريمة المنظمة وهذا يزيد من المشكلات الأمنية داخل أي بلد، كما أن دخول أي مخدرات أو عبورها من أي بلد لا يحول دون تسريب كميات للتعاطي في هذا البلد أو خلق سوق تجارية فيه.
• هناك من يقول إن بعض تجار المخدرات في اليمن لم يضبطوا لأن لهم نفوذا؟
- هذا غير صحيح ولا يوجد أحد فوق القانون مهما كان وإنما قضايا المخدرات ذات طبيعة خاصة تختلف عن غيرها من الجرائم كونها تتطلب حالة التلبس عند ضبط مثل تلك القضايا.
• إذاً، ما تفسيركم لاتساع نطاق المشكلة؟ وما دور حرس الحدود في الحد منها؟
- من الواضح أن اليمن في موقع جغرافي متميز جعله بين دول الإنتاج من دول جنوب شرق وغرب آسيا وبين دول الاستهلاك من مختلف بلدان العالم، بالإضافة إلى امتداده الساحلي الواسع وارتباطه بصحراء مترامية الأطراف وسلسلة جبلية وعرة المسالك. كل هذه العوامل وغيرها مكنت تجار ومهربي المخدرات من أن يتخذوه مجالا خصباً لجلب بضاعتهم إليه وترويجها فيه أو تهريبها عبره إلى بلدان أخرى.
وهنا نستطيع القول إن الكميات المضبوطة تشير إلى نسبة قريبة من حجم الظاهرة الحقيقي. أما بالنسبة لحرس الحدود فيجب عليهم تأدية مهامهم الموكلة إليهم على أكمل وجه والتسلح باليقظة التامة لحماية هذا الوطن.
• كيف تنسقون مع النيابات في عمليات الضبط؟
- هناك اهتمام كبير من قبل النائب العام بقضايا المخدرات ولم يتوان عن إصدار توجيهاته للنيابة بالاهتمام بقضايا المخدرات باعتبارها قضايا هامة وجسيمة، كما أصدر توجيهاته بإحالة مثل هذه القضايا إلى النيابة الجزائية المتخصصة التي تربطنا بها علاقة متميزة والتي غالباً ما تنظر في مثل تلك القضايا الجسيمة، وهناك أيضاً تعاون وتنسيق مشترك عند القيام بعملية الضبط وفقاً للقانون وهي من المتطلبات الأساسية لهذه الجرائم حتى تكون الإجراءات سليمة وقانونية. ويأتي ذلك التعاون لإدراك الجميع بخطورة هذه الظاهرة وآثارها السلبية على الفرد والمجتمع.
• نسمع عن عمليات التسليم المراقب، هل نجحتم في عمليات من هذا النوع؟
- بخصوص عمليات التسليم المراقب هي من العمليات الهامة التي تهدف إلى ضبط جميع أفراد التنظيم أو العصابة في آن واحد بحيث تكون شحنة المخدرات تحت المراقبة، وتتم بين الأجهزة المعنية في الدول. ونحن قد قمنا بخلق جسر للتواصل مع عدة أجهزة معنية في عدد من الدول وقد يتم تنفيذها داخلياً أو بين دولة وأخرى، وحدث أن تم التنسيق في مثل تلك العمليات مع بعض الأجهزة في بعض الدول وكللت تلك العمليات بالنجاح، وهي من القضايا التي يصعب تنفيذها بسهولة حيث تحتاج إلى سرية تامة حتى لا تضيع الجهود المبذولة فيها.
• هناك قصص لأشخاص رهنوا في عملية الاتجار بالمخدرات، كيف يتم ذلك؟
- لا شك أن جرائم المخدرات تديرها عصابات دولية منظمة يقومون بتوزيع الأدوار فيما بينهم ويضعون شروطاً وضمانات لعمليات الاستلام والتسليم، فمثلاً يقوم تاجر المخدرات بطلب رهينة من الشخص الذي سوف يستلم الكمية وبدوره يقوم المستلم بإرسال الرهينة إلى بلد التاجر الذي سوف يرسل الكمية ويبقى الشخص الرهينة لدى تاجر المخدرات حتى يضمن حقه بعد استلام الشحنة وبيعها، ثم بعد ذلك وبعد أن تتم عملية البيع وإرسال الثمن للتاجر في بلد المنشأ أو التصدير يقوم ذلك التاجر بدوره بإطلاق الرهينة المحجوز لديه على ذمة تلك الشحنة.
• ماذا عن عمليات غسيل الأموال؟
- تعتبر قضية غسيل الأموال الناتجة من تجارة المخدرات من أهم القضايا التي تشكل تحدياً أمام المجتمع الدولي من خلال دعمها لأنشطة إجرامية أخرى مثل الإرهاب وتجارة الأسلحة وغيرها.
لقد نص قانون مكافحة المخدرات في بلادنا على مصادرة الأموال المتحصلة من هذه الجرائم أيا كان نوعها، كما نص على مصادرة الوسائل والمعدات التي تكون قد استخدمت في هذه الجريمة، وتتكشف هذه العمليات من خلال مراقبة التحركات للأموال المشبوهة وخصوصاً المتورطين في مثل هذه القضايا أو عند عمليات ضبط أحد تجار المخدرات.
• كيف تتعاملون مع المدمنين؟ وما العقبات التي تواجه نشاطكم الأمني؟
- القانون واضح بخصوص المدمن الذي يتقدم بنفسه للعلاج حيث لا تقام عليه الدعوى الجنائية ويعتبر مريضا يجب علاجه بالرغم أنه مذنب ومريض في نفس الوقت إلا أن القانون قد أعفاه من العقوبة عندما يتقدم للعلاج بمحض إرادته.
صحيح أنه لا توجد مراكز علاج للمدمنين سواء في مصلحة السجون أم في جهات أخرى، ونحن نطالب بإنشاء مثل هذه المراكز لعلاج حالات الإدمان وإعادة التأهيل لهم اجتماعياً حتى يعودوا إلى المجتمع أفرادا صالحين.
لا شك أنه لا يخلو أي عمل من عقبات وما زالت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في طور الإنشاء وقد تقدمنا برؤية إلى قيادة الوزارة موضحين فيها العديد من المتطلبات ولمسنا من قيادة وزارة الداخلية ممثلة بمعالي الأخ اللواء الركن مطهر رشاد المصري وزير الداخلية تفهما كبيرا وتجاوبا لتذليل كافة الصعوبات والعقبات التي نواجهها.
إن مشكلة المخدرات هي مشكلة المجتمع، الأمر الذي يحتم على المجتمع بأكمله مواجهة هذه المشكلة سواء على مستوى الأجهزة الرسمية ومنظمات المجتمع المدني أم حتى على مستوى الأسرة، ولذلك أنا أدعو كافة الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين لمكافحة هذه الآفة كلاً في مجاله ودوره.
** المدمنون.. فقراء وأغنياء
لم يعرف الكثير ممن يتناولون دواء المؤثرات العقلية أنهم أصبحوا مدمنين، وهناك من يتناوله بطريقة غير مباشرة مع مشروبات يصنعها البعض أمام أسواق القات بعد أن يضيف إليها بعض الأدوية التي تصنف ضمن "المؤثرات العقلية".
هذا ما تؤكده مدير البرنامج الوطني للصحة النفسية بوزارة الصحة، الدكتورة ضياء فضل. وهي تشير إلى أن ضحايا المخدرات من الفقراء والأغنياء.
تضيف: "المخدرات يتعاطاها الفقراء والأغنياء على حد سواء، ولكن هناك من لديه القدرة على الحصول على الهروين والحشيش والكبتاجون وهناك من لا يحصل إلا على مشروب يخلط معه الحبوب وتصبح مادة مخدرة، كما في أحد أسواق القات الذي تباع فيه هذه الخلطة المخدرة".
• مغتربون حملوا الإدمان معهم
وتؤكد الطبيبة النفسية أن حالات الإدمان التي تعرفت عليها بين أوساط اليمنيين كانت لمغتربين خارج اليمن يأتون على أساس أنهم مرضى نفسيين. تضيف: "من خلال العلاج نعرف هل الشخص مدمن أم لا؟ فمثلا البعض أخذ الديزبام وصار بعد فترة مدمنا لا يستطيع أن ينام إلا به. والمدمن في الغالب لا يعترف للأطباء بأنه مدمن لأنه يخاف ولكن الأسرة تلحظ الأعراض عليه".
وتشير إلى أن من بين أعراض الإدمان: "العزلة وقلة الكلام مع الآخرين والغياب عن البيت باستمرار".
وتقول الدكتورة ضياء فضل: "المتعاطي لا يريد أن يراه أحد فينطوي ولا يرتاح ولا يفضفض بالحديث إلا لأصحابه، ويبدأ بطلب مصاريف أكثر ويمكن أن يسرق ذهب أمه أو أخته أو يبيع أي شيء. فالمدمن لم يعد شخصا طبيعيا ويقدم على ارتكاب الجرائم. وإذا زرت السجن المركزي بصنعاء ستجد أن الكثير هناك ممن ارتكب جريمة زنا المحارم".
وتعتقد أن "التدخين بوابة الإدمان في أوساط الشباب". وتقول: "على الأسرة أن تتحمل مسؤوليتها تجاه أبنائها قبل فوات الأوان واليوم على الجميع أن يعي خطورة الإدمان على المخدرات".
وتشير إلى أن "الديزبام وغيره من المؤثرات العقلية في الأساس عبارة عن مهدءات ومنومات للمرضى النفسيين وعندما يساء الاستخدام تسبب الإدمان". وتقول: "رغم أن الهيئة العليا للأدوية تكافح سوء الاستخدام لهذه العلاجات الاعتمادية وقد عممت على الصيدليات منع صرف أي علاجات إلا من قبل الطبيب لكن هناك مخاوف من صرف هذه العلاجات من قبل الصيادلة وهناك مخالفات تحصل".
وتستدل حول المراجعات القائمة لمنع هذه الأدوية بالقول: "الكودايين مثلا هو علاج السعلة عند الأطفال منع تداوله بعد أن اكتشفت وزارة الصحة إدمان بعض الأشخاص عليه، حيث كان المدمن يشرب القارورة في البداية ثم لا يشعر بالكيف إلا بشرب خمس قوارير منه". وتضيف: "هناك المدمنون على السبرت".
** 3 ملايين ريال لعلاج المدمن
وتؤكد مدير البرنامج الوطني للصحة النفسية بوزارة الصحة ضرورة "إنشاء مراكز متخصصة لمعالجة المدمنين الحاليين. وأعتقد أن مصر نجحت في هذه المراكز العلاجية".
وتضيف: "في دبي أنشأت الدولة مركزا لعلاج المدمنين وأغلق لأن المدمنين يخافون من الذهاب إليه، فيتعالجوا في مراكز أو مستشفيات خاصة أو يسافروا إلى الخارج ولذا فإننا نعتقد أن قانون المخدرات الحالي غير واضح".
وتقول إن علاج الإدمان يكلف أكثر من 15 ألف دولار، 3 ملايين ريال. والأدوية غالية جدا والمدمن يخضع للعلاج 6 أشهر. وإذا لم يخضع للفترة كاملة فإن الإدمان يعود من جديد".
وترى أن المواد المخدرة يزداد تهريبها أثناء الحروب، "كما حصل في حرب صعدة، لأن التجار يستغلون انشغال الدولة، ومن ناحية أخرى فإن البعض من أطراف الحرب يستخدمها للتخفيف".
• استهلاك بالجملة
أما الدكتورة يمنى الاسودي، عضو مؤسسة صناع الحياة، والتي ذهبت إلى مصر واشتركت مع دكاترة في معالجة المدمنين، فتجزم أن المخدرات انتشرت في أوساط الشباب اليمنيين.
وتقول: "هناك استهلاك للمخدرات في اليمن وهناك خوف من تجاهل المجتمع للمشكلة".
وتضيف: "وصلتني عشر حالات وتطلب المساعدة لكن أعتقد أن عدم اعتراف المدمن اليمني بأنه مدمن يعود لعدة عوامل اجتماعية وأخرى متعلقة بالعقوبات التي قد تطاله بحسب القانون وهنا تصعب المشكلة أكثر".
• المدمن مريض يحتاج للعلاج
تقول الأسودي: "بحسب ما هو متعارف عليه هو أن المدمن أصلا مريض ولكن يستحيل أن يأتي ليقول للطبيب أنه مدمن إلا في حالات متأخرة من الإدمان، وحتى العلاج النفسي للمدمن يبدأ من الاعتراف بأنه مدمن والاعتراف نصف العلاج".
وتضيف: "في الستينيات كان الهروين دواء مسكنا للآلام وعندما اكتشف الأطباء أن له جوانب سلبية منعوه وبحثوا عن مواد أقل أثرا. والكبتاجون المنتشر حاليا بكثرة في دول الخليج وخاصة في السعودية عبارة عن منشط. وفي اليمن بدأ ينتشر مثلا بين سائقي الباصات والشاحنات الذين يسافرون في الخطوط الطويلة وكذا الخياطين أيضا".
وتشير إلى أن بعض اليمنيين مع اغترابهم في السعودية كانوا مدمنين على الكبتاجون، وأنه في اليمن الآن أصبح يتناوله طلبة المدارس والجامعات.
وتضيف: "هناك قصص كثيرة لشباب من تعز والمخاء مدمنين. ففي البدء يكون التعاطي، ولا يأتي الإدمان إلا في المرحلة الأخيرة. كما أن هناك عوامل داخلية وخارجية ونفسية وبيئية إذا اجتمعت لدى الفرد يمكن أن يدمن، وإذا أدمن فإن المخدر يستعبده ويفقده السيطرة، وهناك من يأخذ المخدر وهو قادر على أن يسيطر فما زالت عنده موانع اجتماعية وعلاقات تساعده على السيطرة".
وتؤكد أن الشخص الذي لم يعد لديه قدرة على تحمل واقعه يلجأ إلى المخدرات، "إذا استطاع أن ينام بجرعة 5 جرامات من المخدر في الأسبوع الأول فإنه لن ينام الأسبوع الثاني إلا بعشرة جرامات وسيستمر بمضاعفة الجرعة دون عودة للطبيب حتى يصبح معتمدا عليه، ويحس بأن المخدرات تريحه وتنسيه مشاكله".
وتقول: "هناك أنواع تسبب إدمانا نفسيا وأخرى تسبب إدمانا نفسيا وجسديا. وبعض حالات الإدمان التي شاهدتها أن يحك المدمن جسمه حتى يخرج الدم وبعضهم يخبط رأسه عرض الجدار ولكنه يستمر في تناول المخدر وهذا يسمى الاستخدام رغم العواقب المؤذية".
وتضيف الأسودي: "أعرف شابا تطرده أمه من البيت مرارا بسبب تناول المخدرات ومع ذلك يستمر يتناولها ولا يخاف العاقبة فالمدمن في الغالب يكون في إطار شلة فاسدة، وسلوك المدمن غالبا منحرف، يضيع وقته في البحث عن المخدرات من مكان إلى آخر ومن صيدلية إلى أخرى أو يبحث عنها من أصحابه وتأخذه المخدرات من حياته الاجتماعية، لا يحضر مثلا حفلة أخيه أو وفاة أمه... وسريعا ما ينخرط في العصابات ويرتكب أبشع الجرائم".
وتؤكد أن معظم المدمنين للمخدرات الذين التقتهم قاموا بجريمة زنا المحارم والسرقات، "لأن المخدرات تذهب العقل وأعراضها الانسحابية أشد من الأعراض الانسحابية للخمر، فمدمن المخدرات يكتشف بسرعة وفي خمس سنوات تظهر الأعراض".
وتشير إلى أن يمنيا من صعدة أدمن المخدرات بعد أن كان يهربها فقط. وتقول: "في البداية كان يهرب المخدرات إلى السعودية وبدأ يتعاطى المخدرات وأصبح الآن مدمنا عليها وقد تسبب له الإدمان في تغيير واقعه. وإذا كان مثل هذا مدمنا فإن العلاج في مصر مكلف جدا ففي الشهر الواحد يكلف العلاج 3 آلاف جنيه ويستمر حتى يشفى 6 أشهر وسيحتاج 18 ألف جنيه أي بما يعادل 16 ألف دولار فضلا عن بدل السفر ولذلك فإننا مع إنشاء مركز لعلاج هؤلاء المدمنين في اليمن".
وتلاحظ الأسودي دائما أن أغلب المدمنين "عندهم مشاكل أسرية واجتماعية". وتقول: "الإدمان يأتي عن طريق المعاناة الأسرية أو الثراء، فالحشيش مثلا ينتشر بين طلبة المدارس المصرية وهناك الهروين يسمى ملك المخدرات وفي لبنان تنتشر حبوب الكودايين وشلل شباب المخدرات هناك مرتبطون بفساد أخلاقي وأغلبهم مصاب بالايدز والكبد البائي، كون حقنة الهروين تنتقل بين مجموعة مدمنين".
وتشير إلى أنواع من الإدمان تنتشر بين أطفال الشوارع، "هناك من يستخدم مواد مخدرة مثل البترول والتينار والصمغ يضعه داخل قطعة أسفنج ويظل يشمها بين حين وآخر وهذه المواد الطيارة تسبب تلفا في الدماغ وهذا الأمر بدأ ينتشرا بين أطفال الشوارع".
وتقول: "بشكل عام فإن المخدرات تتسبب في أضرار للشخص المدمن وغالبا ما يصاب بالأورام السرطانية ويكون عرضة للعقم والايدز والكبد البائي وأي مدمن يعاني من الاكتئاب الذي يؤدي أحيانا إلى الانتحار لأن الدماغ يتأثر بفعل المخدرات، والجرعة الزائدة تسبب الوفاة".
** سجناء المخدرات.. ضحايا وخطرون
يعتقد الخبراء أن من يتم ضبطهم في قضايا المخدرات لا يصل نسبتهم إلى 20 بالمائة من الذين يعملون في ترويج وبيع واستخدام المخدرات.
• صفقات داخل السجن
يورد هنا رئيس مصلحة السجون اليمنية، العميد علي ناصر لخشع، حادثة تدلل على خطورة السجناء الموقوفين في تهم ذات ارتباط بالمخدرات. يقول: "دخل أحد الضباط إلى حجرة فيها سجناء المخدرات وإذا بأحد السجناء يصرخ ويبكي ويطلب من الضابط أن يعطيه هاتفه ليتواصل مع أمه المريضة ويطمئن عليها. وقد رتب هذا السجين مع زملائه الآخرين وعندما بدأ بالاتصال أدخلوه في حديث جانبي. وتمكن هذا السجين خلال الاتصال من عقد صفقة بيع وشراء بهاتف الضابط. وعند معرفة الحادثة من خلال مراقبة هاتف الطرف الآخر في إحدى الدول وأبلغتنا عن تلقيه اتصال من رقم معين قمنا بالبحث عن صاحب الرقم وإذا به رقم أحد ضباط السجن".
وحسب معلومات من السجن الذي كان يعمل فيه هذا الضابط فإنه تم تجريده من رتبته وتسريحه ومعاقبته.
ولا يمل تجار المخدرات في السجن من البحث عن وسيلة اتصال مع عصاباتهم. فقد تمكن أحدهم من إدخال 5 تلفونات إلى داخل أحد السجون وسط أحذية. كما أنه ورغم التفتيش الدقيق إلا أنهم يحصلون على الحبوب المخدرة، وبالذات ما تسمى "المؤثرات العقلية" بأسعار مضاعفة. ويتفاخر السجناء بطرق مبتكرة تدخل خلالها تلك الحبوب فالبعض يدخلها في المواد الغذائية كالعصيرات المغلفة أو وسط كيك وخبز أو بين الفرش والبطانيات والملابس. وقد تم مصادرة الكثير منها.
• مجرمون وضحايا.. تجمعهم المصاهرة
ومن الظواهر المعروفة أن المتعاطين للحبوب المخدرة يتحولون داخل السجن إلى سرق "نشالين".
ومن أهم المعوقات أن السجناء اليمنيين يجلسون مع السجناء الأجانب من تجار المخدرات. وهناك سجين يمني ظل مرتبطا ومصادقا لتاجر المخدرات الباكستاني "ب. خ. ف" والذي صدر في حقه حكم الإعدام.
في السجن يحدثونك عن علاقات مصاهرة بين يمنيين وباكستانيين ربطتهم قبل المصاهرة تجارة المخدرات، ويحدثونك عن السوريين والسعوديين والإيرانيين كأنهم أبناء قرية واحدة.
في السجن أيضا تجد من يحكي رحلته مع المخدرات بحزن وأسى. "ع. ع. ح" يقضي السنة الرابعة في السجن المركزي بصنعاء لتعاطيه الحشيش. دخل السجن مخلفا 15 فردا هم زوجته وأطفاله. هو في الخمسينات من عمره يعاني من مرض في القلب، اغترب في السعودية وهو في العشرينات وهناك كانت البداية مع الحشيش. يقول: "قبل سنوات وجد رجال البحث الجنائي بصنعاء كمية من الحشيش البلدي (الأخضر) على سيارتي الأجرة وصدر علي حكم قضائي بالسجن خمس سنوات".
ويتحدث السجناء عن تقديم تجار المخدرات بلاغات ضد البعض، ومن ثم يستغل انشغال الجهات بمتابعة السيارة المبلغ بها فيمرر كمية أخرى كبيرة.
"ع. ع" شاب ثلاثيني من محافظة صعدة يمتاز بوسامة وطلاقة في اللسان، يقول: "أحد تجار المخدرات من صعدة طلب مني إيصال السيارة إلى حرض مقابل 2000 ريال سعودي ووافقت ولم أكن على علم بأن كمية من المخدرات قد خبئت في مكان ما. اصطحبت وزوجتي لإيصال ما حملت به وبعدها أذهب الحديدة لأقضي مع عائلتي بعض الأيام. لكن ما حصل هو أن السيارة عليها بلاغ وما إن وصلت مدخل حرض إلا وأوقفني عساكر النقطة وأخرجوا المخدرات وأودعوني وزوجتي السجن.
"م. ح" محكوم عليه بالسجن 25 سنة لم يقض منها إلا القليل. عمره الآن 30 عاما من مواليد السعودية التي عاد منها قبل سنوات قليلة ليتزوج ويستقر في اليمن. لم يمض على الزواج سوى سنة ونصف وكان مصيره السجن.
يقول: "كنت في شارع مأرب بصنعاء ومعي كيس به كيلو من الحشيش المضغوط وفوجئت برجال الأمن وهم يعتقلونني وحكمت المحكمة بالسجن 25 سنة وهذا عمر بحاله، وأعترف أني كنت أتعاطى الحشيش في السعودية منذ أن كان عمري 15 سنة".
"ع. ت" من مواليد الكويت وعمره يتجاوز الأربعين أتى اليمن قبل سنوات ووضعه المادي ميسور ليتعرف على أصدقاء محششين فتعلم منهم. يقول: "أول مرة لف لي أحدهم الحشيش كالسيجارة وأعجبني وصرت أتعاطاه".
في السجن تبدو حالة المدمنين على المخدرات مأساوية، وتظهر أجسادهم مخدشة فمنهم من يتشنج وإذا وجد آلة حادة فإنه يخدش جسمه ويقطع أوردته ويسيل الدم ويصرخ ويتقلب ولا يهدأ. وقد أقدم أحدهم مؤخرا على تكسير المصباح ليستخرج منه الأمواس الحادة ويقطع جسمه. كما أن أحدهم يقول إن زميله "ع. ع" أعدم قبل فترة لقتله ممرضة رفضت إعطاءه حقنة مخدرة فهشم رأسها.
• سجناء بالجملة في سجن مختلط
تشير إحصائيات الإدارة العامة للسجون إلى أن الموقوفين حاليا على ذمة حيازة أو استخدام المخدرات أو الحشيش يصل عددهم إلى 350 شخصا، منهم 305 سجناء في تهمة حيازة مخدرات وحشيش بينهم 100 أجنبي، وهناك 41 سجينا منهم 3 أجانب لتعاطيهم مخدرات أو حشيش.
ويأتي السجن المركزي بصنعاء في مقدمة السجون المستضيفة لهؤلاء النوع من المساجين حيث يصل عددهم إلى 140 سجينا بينهم 61 تاجرا يمنيا و67 تاجرا أجنبيا و12 فقط متعاطيا.
وفي سجن حجة يصل عددهم إلى 41 سجينا كلهم يمنيون، وفي سجن المهرة 36 سجينا منهم 26 تاجرا يمنيا و10 من التجار الأجانب، وفي سجن الحديدة 34 سجينا منهم 22 تاجرا يمنيا وواحد أجنبي و11متعاطيا، وفي سجن صعدة 27 تاجرا يمنيا وواحد أجنبي، وفي سجن عدن 17 تاجرا يمنيا و3 أجانب و6 متعاطين، وفي سجن المكلا 14 تاجرا يمنيا و11 متعاطيا، وفي سجن شبوة 5 سجناء، وفي سجن إب 4 سجناء، وفي سجن سيئون بحضرموت 3 سجناء، ومثلهم في مأرب، وواحد في رداع بالبيضاء. ويعد السجناء في تهم المخدرات أخطر أنواع السجناء.
• مجرمون جريئون
العقيد مطهر علي ناجي، مدير السجن المركزي بصنعاء، الذي يوجد فيه أكبر عدد من سجناء المخدرات، يقول: "تعاني إدارة السجن المركزي أكثر من السجناء السعوديين والكويتيين لأنهم خطرون جدا فقد حاولوا إدخال خمسة تلفونات إلى داخل السجن للتواصل مع بعض من لم يضبطوا في قضاياهم أو مع بعض مروجي المخدرات في العالم وضبطت تلك الأجهزة ورغم الحذر منهم والتفتيش الدقيق لما يدخل إليهم إلا أنهم أكثر جرأة وتحدٍّ".
ويؤكد تفاقم مشكلة المخدرات في اليمن: "عندما عينت مديرا للسجن المركزي بصنعاء كان عدد السجناء في قضايا الاتجار في المخدرات وتعاطيها لا يزيدون عن 6 أشخاص واليوم يزيد عددهم عن 200 شخص وفيهم مجموعة كبيرة من باكستان وإيران والسعودية والكويت".
ويضيف: "للأسف هناك تساهل في مواجهة المشكلة ونحن في السجن المركزي نحس بخطر المخدرات لأننا نحتك بالسجناء في قضاياها ونعاني من عدم وجود زنازن خاصة بالأجانب الذين يمتلكون خبرات كبيرة في مجال المخدرات، لأن اليمنيين سيستفيدون من خبراتهم ويساعدهم الاختلاط في السجون على التعرف على بعض وقد يشكلون عصابات أخرى بعد خروجهم من السجون".
ويقول: "أيضا المتعاطون للمخدرات داخل السجن يحاولون الحصول على المخدرات بكل الوسائل لتعاطيها في السجن وقد ضبطنا الكثير من المخدرات مثل الديزبام والبلتن والفاليوم وأخرى والتي حاول بعض الزوار إدخالها ويفترض على وزارة الصحة وهي عضو اللجنة العليا للسجون أن تعمل على إنشاء مركز لعلاج المدمنين مجهز بأحدث الأجهزة ومزود بأطباء نفسيين متخصصين ومختصين اجتماعيين وعلى أن يكون المركز شبه سجن مزود بحراسات أمنية مشددة".
• سجون تحتاج لكادر مؤهل
رئيس مصلحة السجون اليمنية، العميد علي ناصر لخشع، يرى أن التعامل مع سجناء المخدرات تحتاج إلى كادر مدرب ومؤهل. ويضيف: "بحكم أن المخدرات جديدة على اليمن فنحن بحاجة إلى سياسات جديدة مناسبة لمواجهتها ونحتاج إلى تدريب وتأهيل القوى التي تعمل على مكافحتها وتحتك بعناصرها".
ويشير إلى أن الخطر هو "العدوى التي تنتقل إلى أجهزة الدولة من تجار المخدرات ومتعاطوها". ويقول: "علينا حماية الجنود والضباط والأفراد الذين يحتكون بتجار المخدرات داخل السجن، والذين يملكون الفلوس ويستطيعون فعل الكثير".
ويؤكد أن هذه الفئة من التجار "لا تعرف اليأس، ونحن نعتبرهم أخطر فئة داخل السجون وقد ضبط زوار لتجار المخدرات أو لمدمنين وهم يحاولون التواصل والتنسيق لإدخال المخدرات إلى السجون أو عقد صفقات بأغرب طرق التخفي".
ويقول العميد لخشع إن "أهم المشاكل التي تواجهنا في السجون انه لا توجد سجون خاصة لهؤلاء الأشخاص المتعاطين والمتاجرين في المخدرات، فإذا اجتمع التاجر والمتعاطي في السجن ستبدأ المتاجرة والترويج".
ويضيف: "عدم القدرة على التصنيف والعزل في السجون مشكلة في بعض الدول، فتجد تاجر المخدرات في الغرفة رقم 10 والمتعاطي في الغرفة رقم 12 وبالتالي يتم اللقاء بينهما ويسهل التعاطي داخل السجون وعقد بعض صفقات البيع أيضا خارج السجن".
ويشير إلى أنه في اليمن "لا يوجد مركز أو سجن خاص بتلك الفئات. نحن نعاني في مصلحة السجون من عدم وجود مراكز ونطالب بجهد جماعي من وزارات الصحة والداخلية والشؤون الاجتماعية في تأسيس مركز خاص يعالج المدمنين ويحبس المدمنين وهو شبه سجن لأنك لا تستطيع أن تضع المدمنين في مركز مفتوح، ستدخل لهم المواد المخدرة ".
ويضيف: "أعتقد أن وزارة الصحة معنية بإنشاء ولو مركز واحد لمعالجة المدمنين في العاصمة ويعد له الأعداد الجيد ويقوم عليه أطباء نفسيون متخصصون ومن ثم يستقطب حالات الإدمان".
• سجون تجمع المخدرات والايدز
كما أن هذا المسؤول الأمني يكشف عن عدم وجود "حلول للسجناء المصابين بالايدز. فالايدز وليد المخدرات".
ويشير أيضا إلى أن "العادات والتقاليد المجتمعية اليمنية تحول دون اعتراف المدمن بأنه مدمن".
ويقول رئيس مصلحة السجون: "نحن حاليا نقوم بتوعية السجناء المدمنين من أخطار الإدمان وتقدم السجون برامج تربوية وتوعوية وإرشادية وتقييمهم نفسيا وأخلاقيا ويعطيهم المرشدون الحيز الكبير من بين السجناء الآخرين وقد ألحق الكثير منهم بدراسة وتحفيظ القرآن الكريم وبالنسبة لصغار السن منهم يتم الدفع بهم لإكمال دراستهم، وحتى الآن لا يوجد لدينا مؤشر على أن أحد المتعاطين للمخدرات قد سجن لدينا وعاد مرة أخرى".
ويؤكد العميد لخشع أن المدمن داخل السجن يعتدي على كل من هم حوله. ويقول: "أغلب السجناء المدمنين هم في سجون حجة وصعدة، لأن هاتين المحافظتين حدوديتان ويتأثر السكان فيهما بمرور المخدرات من مناطقهم، منهم من ينقل المخدرات عبر وسائل النقل إلى دول الجوار والبعض منهم يتساءل ما هي هذه المادة التي تباع بالملايين؟ ومن هنا يبدأ التعاطي".
ويضيف: "المخدرات المصنعة مثل الهروين أو الكودايين يصعب الاستغناء عنها إذا بدأ التعاطي لها ولو لمرة واحدة إلا عن طريق طبيب متخصص".
ويشير إلى أن هناك "من يستخدم المواد المخدرة المستخدمة في الطب مثل الديزبام، وبسبب الوعي المتدني فإن البعض يتعاطى هذه الأدوية المخدرة دون الحاجة لها، يأخذ الحبة الأولى من الديزبام فتهدئه ويأخذ الثانية فيبدأ التفاعل ويأخذ الثالثة فيفقد الوعي وقد يرتكب أي جريمة وهو لا يدري، ويصبح مثل هؤلاء مرضى ولا نجد نحن في السجون إلا إحالتهم إلى المصحات المتواضعة داخل السجون بسبب عدم وجود مصحات لمعالجتهم خارج السجون".
ويعتقد أن قانون المخدرات لعام 93 "تضمن عقوبات رادعة وقد صدرت أحكام إعدام وسجن لكثيرين تصل إلى 25 سنة". لكنه يقول مستدركا: "يجب أن تتبعه آليات أخرى فمن يتم ضبطهم في نظرنا ونظرة المتخصصين في علم الضبط الجنائي لا يمثلون نسبة 20 بالمائة".
ويؤكد أن التعاطي بحد ذاته جريمة جسيمة. "أغلب المتعاطين للمخدرات يأتون إلى السجون بجريمتين مع بعض، جريمة التعاطي وجريمة الاعتداء على الآخرين لأن المتعاطي للمخدرات يفقد السيطرة على النفس وأكثر من 80 بالمائة ممن يضبطوا في حالة عدم توازن يضبطوا في جريمتين وحينها يقضي منهم البعض 5 سنوات سجن والبعض 10 سنوات والبعض يعدم خاصة إذا ارتكب جريمة التعاطي والقتل".
• تجار المخدرات يتجنبون التعاطي
وفيما يتعلق بالتعاطي مقارنة بالعبور يقول: "تعاطي المخدرات في اليمن ما زال قليلا ولكنه ذو أثر بالغ وخطير جدا، فالمشكلة تكمن في أن المخدرات جديدة ولم نعد لها العدة حيث لم تكن السياسات السابقة قد اتخذت إجراءات للتعامل معها، ومن خلال تجارب دول الخليج وبلاد المغرب العربي فهناك مخاوف من أن تتحول السجون إذا لم تكن معدة الإعداد الجيد إلى مكان لتكاثر هذه المشكلة".
ويشير المسؤول الأمني إلى شيء غريب لدى تجار المخدرات فهو يقول: "هؤلاء نادرا ما يتعاطون المخدرات لأنهم حريصون على الأموال والمدمن عادة لا يعي ماذا يعمل، وكيف سيضبط عملياته الحسابية والمالية".
ويضيف: "يسلك تجار المخدرات سلوكا آخر حيث تظهر عليه علامات البذخ، فيرتادون الفنادق الكبيرة ويحضرون السهرات، وهؤلاء التجار جاذبون للشباب بمظاهرهم، ولذا يسعى البعض من الشباب إلى الدخول معهم خصوصا وأن الثراء يكون سريعا، وبلادنا مهددة من المخدرات لأنها في موقع بين الهلال الذهبي الذي ينتج المخدرات وبجوار بلدان النفط الغنية التي تستهلك إضافة السواحل اليمنية الكبيرة والمفتوحة".
** جرائم المخدرات.. تزوير وقتل ودعارة
الدكتور مصعب الصوفي، نائب مدير عام مكافحة المخدرات
انتشار المخدرات في أي مجتمع إنساني يكون له من غير أدنى شك مترتبات سلبية تنعكس على مختلف مناحي الحياة في المجتمع وبشكل خاص الجانب الأمني، وأبرز صوره ارتباط انتشار المخدرات بالجريمة، وأصبح هناك مصطلح كثيراً ما يتداول وهو مصطلح "جرائم المخدرات"، ويستوجب القول أن تعاطي المخدرات قد يشجع على الجريمة وقد يكون العكس أي أن ارتكاب الجريمة قد يكون دافعا لتعاطي المخدرات.
جرائم المخدرات في معناها المباشر تعني جملة الأفعال التي جرمها القانون المتصلة بالمخدرات ورتب عليها عقوبات.
ولكن يوجد معنى لجرائم المخدرات أكثر شمولية ويتجاوز هذا المعنى المفهوم القانوني ليشمل كل الجرائم التي ترتكب ويكون العامل المشترك لها هي المخدرات وهذه الجرائم لها أشكال وأنماط مختلفة إضافة إلى المفهوم القانوني لجرائم المخدرات.
ولبيان ذلك سأتناول أربعة أنواع من جرائم المخدرات على النحو التالي:
أولاً: المفهوم القانوني لجريمة المخدرات:
نظراً لعدم تحديد قانون المخدرات اليمنية رقم 3 لعام 1993 مفهوم لجريمة المخدرات فإنني سأجتهد لإيجاد مفهوم تقريبي لجرائم المخدرات.
تأسيسا على المبدأ القانوني العام القائل: "لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون"، فإن جريمة المخدرات هي ارتكاب فعل من الأفعال المتصلة بالمخدرات المجرمة قانوناً بقصد إلحاق الضرر بالإنسان والمجتمع ويرتب عليها عقوبة.
والتهريب للمخدرات والزراعة والإنتاج والصناعة والنقل والبيع والشراء للمواد المخدرة وتعاطيها وترويجها والمتاجرة بها والاستعمال الشخصي لها... إلى آخره. لمزيد من الإطلاع على هذه الجرائم يمكن العودة للقانون رقم 3 لعام 1993 بشأن مكافحة الاتجار والاستعمال غير المشروعين للمخدرات والمؤثرات العقلية.
ثانياً: الجرائم المرتكبة تحت تأثير تعاطي المخدرات:
تعاطي المخدرات بكل أنواعها يترك أثرا سلبية على عقل متعاطيها ونفسيته مما ينعكس على سلوكه وتصرفاته مع نفسه ومع الآخرين.
هذه التصرفات السيئة تدل على أن هذا الشخص فاقد للسيطرة على نفسه ولا يدرك في أحيان كثيرة تبعات هذا السلوك.
ومن هنا فإن متعاطي المخدرات يكون إما مصدراً لارتكاب جريمة أي فاعل وإما ضحية لجرائم الآخرين عليه.
ومن أمثلة ذلك: متعاطي المخدرات الذي يكون مصدرا للخطورة، أي مرتكبا للجريمة، نتيجة للتفاعل بين المخدرات التي تم تعاطيها والحالة النفسية للمتعاطي فإنه ينشأ سلوك عدواني قد يكون بحق نفسه أو أسرته أو أشخاص آخرين قد لا يعرفونه وبسب تواجدهم في المكان والزمان الخطأ يكونون عرضة للاعتداء من قبل متعاطي المخدرات كالاعتداء بالضرب أو الاغتصاب أو حتى القتل.
أما من جهة كون متعاطي المخدرات قد يكون ضحية لجرائم الآخرين المرتكبة ضده مثل أن يُعتدى عليه بأي طريقة أو وسيلة والأكثر شيوعاً الاعتداء الجنسي سواء للرجال أم للنساء ممن يتعاطون المخدرات وغيرها من الجرائم وحتى القتل منها.
ثالثاً: الجرائم المرتكبة ذات الصلة بالمخدرات:
هذا النوع من الجرائم عادة لا يرتكب من قبل أشخاص وهم تحت تأثير تعاطي المخدرات مباشرة ولكنه يرتكب من قبل أشخاص متعاطين للمخدرات وبالأخص من المدمنين عليها. بمعنى آخر: مرتكبو هذه الجرائم يكونون تحت التأثير الانسحابي للمخدرات وهذا التأثير الانسحابي يكون له الأثر المباشر على سلوكيات متعاطي المخدرات بشكل سلبي وبالتالي وتحت الحاجة للحصول على مبلغ من المال لشراء جرعة المخدرات تلغى من تفكيره كل حواجز القيم والأخلاق ناهيك عن الخوف من ارتكاب جريمة قد يدفع ثمنها سنوات من عمره في السجن وفقدان حياته سواء بحكم القانون من خلال إنزال عقوبة الإعدام في حالة ارتكاب جريمة قتل أم بحكم الانتقام من وقع عليهم الاعتداء.
من أبرز السلوكيات الإجرامية على سبيل المثال وليس الحصر التي يمكن رصدها:
السرقة:
السرقة هنا قد تكون من داخل بيته (أي في إطار الأسرة) لبعض الأشياء التي يمكن أخذها باليد وبشكل قد لا يلاحظه أفراد الأسرة ويقوم ببيعها بسعر زهيد وهذا النوع من السرقات عادة لا تبلغ عنها الأسرة خوفاً من الفضيحة.
وقد تكون السرقة من الشوارع وخاصة الأماكن المزدحمة أو دخول بيوت الغير لسرقتها وهنا تكون نهايته السجن مهما نجح في الهروب في أكثر من مرة.
ترويج المخدرات:
في هذه الحالة يتحول الشخص المتعاطي للمخدرات تحت وطأة الحاجة للمخدرات إلى مروج عند تاجر المخدرات مقابل الحصول على جرعة من المخدرات وهذا الفعل عقوبته مشددة في القانون اليمني لمكافحة المخدرات.
العمل في الدعارة:
وهنا الفئة الأكثر عرضة لمثل هذا الفعل المشين هن الفتيات التي تم جذبهن إلى تعاطي المخدرات ونتيجة لذلك يتم إرغامهن على بيع أجسادهن لمن يمدهن بالمخدرات أو يتحولن إلى بضاعة يتم بيعها للآخرين من قبل تجار المخدرات.
الديوث:
وهو الشخص الذي يقبل على أهله الرذيلة فيقوم بعرض أخته أو زوجته لمن يمكن له أن يدفع المال أو لمن لديه المخدرات لأن همه الأساسي هو الحصول على المخدرات.
القتل:
قد يظن البعض أني قد بالغت بعض الشيء في ذلك ولكنني سأكتفي هنا بحادثة حصلت بالفعل. صديقان تربيا مع بعضهما، أحدهما تورط في تعاطي المخدرات وتمادى فيها وفي أحد الأيام لم يحصل على مال لشراء جرعة المخدرات فذهب إلى منزل صديقه فوجد أمه لوحدها في البيت وهو في حالة مزرية فطلب من أم صديقه المال لشراء جرعة من المخدرات فرفضت الأم إعطاءه المال فقام بالاعتداء عليها وضربها حتى الموت وبعدها أخذ المال وهو لا يدرك خطورة فعله وذهب لشراء الجريمة.
قد يكون هذا النوع من الجرائم نادرا، ولكننا لا يمكن لنا تجاهله وسبب ذلك يعود إلى صعوبة التنبؤ بسلوكيات هذه الفئة.
رابعاً: الجرائم المرتكبة على ارضية المخدرات:
هذا النوع من الجرائم يعتبر الأخطر مقارنة مع ما سبق استعراضه، وذلك لكون حجم الضرر يكون أوسع وهي شديدة الخطر على المجتمع من حيث كون قدر مجموعة من الناس ليس لها علاقة بالمتاجرة بالمخدرات أو تعاطيها أن تعيش وسط الخوف ممن لهم علاقة بالمخدرات وخاصة في المناطق التي يكثر فيها الاتجار بالمخدرات وتعاطيها.
لتوضيح الصورة أكثر في هذا الجانب، يستوجب القول إن النشاط الإجرامي المتصل بالمخدرات هو نشاط منظم وتقوم به جماعات اختارت لنفسها هذا النوع من النشاط غير القانوني للكسب السريع غير مبالين بما قد يترتب عليهم أنفسهم وعلى أسرهم ومجتمعهم ومن أبرز الصور لهذا النوع من الجرائم:
 الصراع على مناطق النفوذ ونتيجة لخطورة النشاط الإجرامي المتصل بالمخدرات من ناحية ومن ناحية ثانية للمحافظة على سريته فإن أغلب هذه الجماعات يكون تأسيسها قائما على أساس أثني (اسري أو عرقي) وهذه الجماعة تكون لنفسها منطقة نفوذ تحظر على الآخرين مزاولة أنشطتهم الإجرامية المتصلة بالمخدرات فيها وإذا حصل مثل هذا التجاوز من قبل آخرين فإنه تنشب معارك وقتال أو بشكل أقل تتم عملية التصفية الجسدية للمنافسين أو إلحاق أضرار بالغة بالممتلكات وهي الأفعال التي تصنف ضمن الجرائم المعاقب عليها قانوناً، الأمر الذي يتطلب في الأخير تنسيق هذه الأنشطة الإجرامية بين هذه العصابات.
 استغلال الآخرين في المتاجرة بالمخدرات فتجار المخدرات مثلهم مثل أي تاجر آخر مع الفرق في كون الثاني يزاول نشاطه بشكل قانوني وبضاعته مفيدة للمجتمع بينما الأول نشاطه إجرامي يلحق الضرر بالمجتمع.
فتاجر المخدرات يحتاج لمن يقوم بعملية توزيع لبضاعته وأكثر الفئات استهدافاً من قبل تجار المخدرات هم الشباب والأحداث.
ففي دراسة نشرت تفيد بأن الأطفال الذين يتم جلبهم إلى هذا النشاط يعملون كباعة أو مروجين للمخدرات وفي أحيان غير نادرة يستخدمون كمهربين للمخدرات وأنهم بالتالي يكونون عرضة للاستغلال من قبل هؤلاء التجار وقد يصل الأمر حد القتل إذا اتضح أنهم عرفوا أو أصبحوا يعرفون أشياء لا يجب عليهم أن يعرفوها لأنهم بذلك أصبحوا يشكلون خطرا على من يعملون لديهم.
[email protected]
صحيفة السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.