بين متعة المشاهدة والبحث عما هو جديد ومشوق ويعالج قضايا مجتمعنا التقليدي تابع اليمنيون خلال الدورة البرامجية التي عرضت في رمضان العديد من المسلسلات والبرامج التي لقيت قبول ورفض وانتقاد لها. فخلال تلك الدورة امتلأت شاشات الفضائيات اليمنية بالعديد من تلك البرامج والمسلسلات وتنوعت ردود الفعل لدى المشاهدين. في استطلاع أجرته "السياسية" شمل 50 عينة متنوعة حول تقييمها لهذه البرامج والمسلسلات في الفضائيات اليمنية، ظهر أن نسبة الذين تابعوا القنوات الفضائيات اليمنية 90 %، فيما قال 10 % من المستطلعة آراؤهم أنهم لا يشاهدون برامج الفضائية. أخذنا نتائج استطلاع الرأي وعرضناها على مختصين في الإعلام، وعدد من المخرجين والمعدين للبرامج الرمضانية، فكانت الحصيلة التالية: مشاكل المجتمع تقول المخرجة التلفزيونية أم عمار الكهالي: "بالنسبة لمن لم يتابعوا برامج الفضائيات، يعود ذلك إلى عدم توفر الإبهار البصري في إخراج المواد الإعلامية وعدم توفر الرؤى الجديدة في إخراجها، أما بالنسبة للذين شاهدوا هذه الفضائيات وذلك يعود لرغبتهم في معرفة توجهات وانطباعات القائمين على القنوات وكذلك للاطلاع على مشاكل المجتمع وهمومهم من خلال ما يتم طرحه وعرضه في القنوات. أعمال مجتمعية فيما يرى جلال البداي منتج ومعد برامج، أن ارتفاع نسبه المشاهدة للقنوات اليمنية إنما هو تعطش لمشاهدة أعمال يمنية تناقش قضاياهم وتقترب من واقعهم فإن معظم المشاهدين لتلك القنوات يعتبرونها مرآة لمشاهدة أنفسهم، وهذا يعتبر بحد ذاته نوعا من تفريغ شحنات الكبت الثقافي والضياع الفني والتقني التي تشبعه تلك القنوات واقتناع المشاهد بهذه المشاكل. تدني نسبة المشاهدة ويوضح البداي أن انخفاض أو محدودية المشاهدين الرافضين أو من امتنعوا عن مشاهدة القنوات الفضائيات اليمنية يرجع إلى سببين أساسيين هما أولا؛ نوعية الجمهور الممتنع. ثانيا: ثقافة الجمهور الممتنع. ويضيف: "كذلك انتمائهم المذهبي ونوعية البرامج المطلوبة أو المصدق عليها في العقل الباطن التي تعتبر هي حقيقة يتمنى أن يشاهدها ويتعايش معها. من جانبه يرى الممثل والمخرج المسرحي احمد المعمري، أن معالجة المسلسلات لقضايا الشارع اليمني، هو ما دفع من قالوا إنهم يشاهدون الفضائيات اليمنية، كونهم ملوا من مشاهدة الأعمال العربية "المستنسخة"، أما الذين لم يتابعوا هذه القنوات البعض منهم لا يحب أن يشاهد التلفزيون أو مشاهدة الأعمال الدرامية اليمنية وهذه حرية شخصية. التقييم والأداء تنوعت ردود المشاهدين حول ما عرض على الشاشات اليمنية الفضائيات فقد بينت نتائج الاستطلاع عن مستوى البرامج المسلسلات فقد أجمع 90 بالمائة من المتابعين على أن مستوى تلك البرامج والمسلسلات كان متوسطا، فيما قال 9 بالمائة قالوا إنها ضعيفة فيما قال 1 بالمائة منهم إن مستواها كان جيدا. وفي هذا الصدد يرد المعمري قائلا: "الرد ليس غريبا ولكن يدلي كل برأيه كما يحب. أما عن نسبة المشاهدة المتوسطة، فهذا يعني أن برامج الفضائيات اليمنية، تطورت ونحن نطمح إلى أن نصل إلى مثل هذه المستويات، وكما يقولون بداية الغيث قطرة". أما البداي فيقول: "عندما نتحدث عن العينة التي أجابت أن أداء الفضائيات اليمنية كانت متوسطا، فهو مجرد مقارنة بين الأمس واليوم، ويعني ذلك بداية ظهور أعمال ربما تعدت طموح المشاهد في تعرية الواقع وتحديد المشاكل الاجتماعية. أما تحديد درجة الضعف فهو عدم رقي تلك القنوات لما يتطلع إليه من حدود وتلك درجة فهم في مستوى ثقافي معين، واطلاع يتعدى الظروف الداخلية إلى الخارجية، ودرجة جيدة هي التفاؤل الذي يحدده الإنسان على مضض". فيما أرجعت الكهالي اختيار الجمهور المستوى المتوسط لأداء الفضائيات اليمنية، فربما يعود إلى عدم توافر الإمكانيات المادية المناسبة للفضائيات، لتظهر بالشكل الأمثل كون العائد المادي يصرف في أشياء أخرى ولا تصرف على هذه القنوات. أفضل القنوات: وبحسب المتابعين للمسلسلات والبرامج في القنوات الفضائية اليمنية، فقد احتلت قناة "السعيدة" المركز الأول كأفضل قناة، فيما احتلت الفضائية اليمنية المرتبة الثانية، وتلتها قناة "سهيل" ثم "العقيق"، و"عدن" و"سبأ" و"الإيمان" على التوالي. وبهذا الخصوص تشير المخرجة أم عمار الكهالي إلى أن تميز قناة "السعيدة" يرجع لكونها لامست هموم المواطن بدرجة كبيرة جداً وهذا يتضح من خلال فرد اكبر مساحة في خارطتهم البرامجية للبرامج والدراما المحلية والتي عكست بشكل كبير هموم المجتمع وطموحاته وانطباعاته على مختلف الشرائح والطبقات لأنها في هذا العام ركزت على المحلية في الطرح وهذا ما يكن يفقده التلفزيون في السابق. أما قلة المشاهدة لباقي القنوات يرجع إلى تكرار نوعية البرامج والطرح التقليدي للغالبية العظمى منها، وعدم التجديد. ويوافقها في الرأي البداي والمعمري، موضحين أن الأفضلية التي أعطاها المستطلعة آراؤهم لقناة السعيدة، يرجع إلى إفراد مساحة للدراما المحلية، وبالأخص مسلسل "همي همك"، ويقول احمد المعمري: "تميزت السعيدة هذه السنة محلياً عن القنوات اليمنية، كونها أعطت المساحة للجميع بإظهار إبداعاتهم الجديدة وإظهار الوجوه الجديدة أيضاً كانت تعالج الشارع اليمني وقضايا في برامجها وأعمالها الدرامية". أفضل ما عرض وبحسب نتائج الاستطلاع فقد تربع مسلسل "همى همك" في جزئه الثاني على عرش الأفضلية كأفضل مسلسل عرض في رمضان تلاه برنامج "كوكتيل"، ثم "وقف أقلك"، و"ساعة سفر"، وبرنامج "آخر قرار"، واحتل و مسلسل "عيني عينك" ذيل القائمة. ويعتقد جلال البداي أن ما تم تحديده من نسبة تفاوت في مشاهدة وأفضلية المسلسلات هو بسبب القدرة الإنتاجية والاهتمام بالتنوع البرامجي من دراما ومسابقات وهما أهم ما يتطلع إليه المشاهد خلال رمضان. ويضيف أن "همي همك"، ناقش القضية الاجتماعية والبيئية الجديد على الشاشة، أما "وقف أقلك" لفكرته المبتكرة والشخصية المعروفة، مشيرا إلى أن برنامج "كوكتيل" غابت فيه الوحدة الموضوعية والرؤية المتكاملة، أما "ساعة سفر"، اعتبره عملا بديلا ل"فرسان الميدان" ووصفه بأنه "اجتهاد مبتذل". وتابع: "أما "آخر قرار" فهي مسابقة دغدغت الحاجة الماسة للجمهور اليمني لمثل هذه البرامج، وبالنسبة لمسلسل "عيني عينك" فلا يوجد فيه وحدة الموضوع ولوحظ توهان في مجموعة من القضايا بدون إيجاد حلول والهروب خلف الهوية الوطنية كحل". من جهتها قالت أم عمار الكهالي: "بالنسبة لاختيار الأغلبية العظمى من الناس لنوعية معينة من البرامج يعود إلى أن تلك البرامج ناقشت بشكل كبير هموم الناس الحالية وحاولت تجسيدها ونقلها من الواقع إلى الشاشة إيماناً منها بمحاولة الحلول و التخلص من تلك السلبيات الموجودة". فيما أشار احمد المعمري إلى أن مسلسل "همي همك"، كان أكثر جرأة، وقدم بطريقة إخراجية جيدة ورؤية منطقية، أما بقية البرامج التي تم تحديدها من قبل المستطلعة آراؤهم فهي نسبة ما جيدة رغم وجود فيها بعض السلبيات و القصور. أخطاء وسلبيات: لا يخلو أي عمل من وجود سلبيات، لكن ذلك لا يعني فشل هذا العمل، وبحسب نتائج الاستطلاع فقد أكد عدد من الذين شملهم الاستطلاع أن توقيت بث البرامج كان غير مناسب، كما أن معظم الأعمال سادها عدم وضوح الأفكار، وعدم وجود الجدية في معالجة القضايا، واستنساخ القضايا في كل البرامج والمسلسلات، كما أن هناك ضعفا في السيناريو، وضعف الكادر من ممثلين ومقدمين، ولا يوجد ابتكار أو جديد في تلك القنوات. كما أشار المستطلعة آراؤهم، إلى أن مضمون البرامج سطحي وقليل الفائدة، ولوحظ ضعف الأداء والإخراج وعدم الاستفادة من الأخطاء السابقة ، كما أن الموسيقى التصويرية لا تتناسب مع كلام الممثلين، والاحترافية ليست موجودة في تلك البرامج، والديكورات وملابس الممثلين غير مناسبة وعدم ثبات الكاميرا في التصوير وعدم التجديد وفقدان عنصر التشويق. فيما يرى عدد قليل منهم عدد منهم عدم وجود سلبيات في هذه المسلسلات والبرامج. وفي هذا الجانب تقول المخرجة أم عمار الكهالي: "إن السلبيات كثيرة في القنوات الفضائية اليمنية وهو يعود أولا وأخيرا وبدرجة أساسية لقلة أو انعدام التكلفة المالية الحقيقية المعتمدة لهكذا برامج". فيما أشار جلال البداي إلى أن اختلاف الأعمال التقنية المستخدمة والجهود المنتجة والممثلين تجعل من الأعمال المقدمة نوعاً ما جيدة في الطرق الصحيحة للوصول إلى أعمال متميزة، والسلبيات المطروحة على بعض الأعمال لا تعتبر سلبيات عند معرفة الإمكانيات الموجودة، أما بالنسبة للوقت فهو يتم بحسب طلب المعلنين وغلبة الجانب التجاري على العمل الفني، لاستهداف اكبر عدد من الجمهور. من جانبه طالب احمد المعمري بضرورة عمل دورات تدريبية مكثفة بمعاهد متخصصة لكاتب السيناريو والممثل والمخرج، كل في مجاله لاستكمال ما تم دراسته في الجامعة، مشيرا إلى أن ما يتعلمونه في الجامعات هو نظري بشكل كبير، والعملي نسبته بسيطة جدا. وقال: "كل واحد منا يعتمد على مجهوده الشخصي ليطور قدراته في مجاله". الإيجابيات يقول عدد من الذين شملهم الاستطلاع إن أهم الايجابيات التي برزت في تلك البرامج والمسلسلات الالتزام بعادات والتقاليد اليمنية، مناقشة القضايا الاجتماعية بأسلوب فكاهي، إمكانية عمل دراما يمنية خالصة، لا توجد ايجابيات في هذه البرامج ، أفكار سيناريوهات جديدة عرضت بعض قضايا المجتمع تحسن وسط في الأداء ، واجمع عدد منهم أنها ركزت على أن الايجابيات في مسلسل "همي همك"، فيما يري البعض أن العائد المادي للبرامج والمسلسلات استفادة منها المؤسسات والشركات. قبل الختام: وقبل أن نختم رحلة البحث عن الأفضلية وجودة المواد المقدمة جمعتنا الصدفة للحظات مع مخرج مسلسل "همي همك" الذي حاز على إعجاب كثير من المشاهدين، فقال لنا فلاح الجبورى مخرج المسلسل: "كانت فكرة مسلسل "همي همك" جميلة وتعالج قضايا مجتمعية مسكوتا عنها وبذل مجهود كبير عليها حتى توجت بالأفضلية والدليل على ذلك انه تم تكريمها على قناة "العربية" التي أشادت بالمسلسل". وكانت فكرت المسلسل والإنتاج والسيناريو خليط من ثلاثة أشخاص وهم فهد القرنى وصلاح الوافي ومحمد الحجورى، وتابع فلاح قائلا: "وإن وجدت سلبيات أو أخطاء فالايجابيات غطت تلك السلبيات". صحيفة السياسية