اضطر الآلاف من اللبنانيين إلى مغادرة منطقة عرسال اليوم الاثنين مع استمرار الاشتباكات بين الجيش اللبناني والمسلحين لليوم الثالث على التوالي، والتي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى والمفقودين في صفوف الجيش. وفيما قالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية إن الاشتباكات مستمرة بين الجيش اللبناني والمسلحين في مرتفعات عرسال، مشيرةً إلى أن الجيش عزز مواقعه في مرتفعات الثكنة (التابعة للجيش) في عرسال بعد استردادها من المسلحين. ذكرت تقارير إخبارية أن السكان استغلوا تهدئة مؤقتة في أعمال القتال بين الجانبين ليحزموا أمتعتهم ويرحلوا عن المنطقة. كما هرب من المنطقة أيضا لاجئون سوريون. وأشارت التقارير إلى أن أعمدة الدخان تتصاعد من بلدة عرسال.. كما تسمع أصوات اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة جراء قصف دبابات الجيش اللبناني لمواقع المسلحين. وكانت الاشتباكات اندلعت السبت إثر توقيف السوري، عماد أحمد جمعة، وبعد توقيفه طوق مسلحون، مراكز للجيش في المنطقة قبل أن يطلقوا النار على عناصره ويهاجموا مركزا للشرطة في بلدة عرسال. وأدت الاشتباكات إلى سقوط 10 قتلى للجيش و25 جريحا بينهم ضباط وفقدان 13 جنديا. وأدت الاشتباكات الى سقوط 10 قتلى للجيش و25 جريحا بينهم ضباط وفقدان 13 جنديا. وطلب الجيش اللبناني في بلدة عرسال الحدودية مع سوريا تعزيزات لمواجهة أعداد كبيرة من المسلحين الذين يعتقد أنهم تدفقوا من سوريا إلى لبنان. وأكد الجيش أنه سوف يتصرف بحزم لمنع امتداد الصراع العسكري في سوريا إلى الأراضي اللبنانية. وأفادت وسائل اعلامية لبنانية بأن الاشتباكات بين وحدات الجيش والمسلحين استمرت حتى وقت متأخر من مساء السبت. وقتل عدد من عناصر الجيش اللبناني بالإضافة إلى أحد عشر مسلحا في الاشتباكات المستمرة مع المسلحين الذين قال الجيش إنهم يحملون جنسيات مختلفة. وأكد وزير الدفاع سمير مقبل أنّ الوضع الميداني في عرسال مسيطر عليه تماما وأن الجيش سيرد بحزم على أي اعتداء عليه. ويعد هذا التسلل من جانب المسلحين من سوريا هو أخطر توغل للمسلحين منذ بدأت الأزمة في سوريا قبل نحو ثلاث سنوات. ووصف تمام سلام رئيس وزراء لبنان هجوم المسلحين على عرسال بأنه اعتداء صارخ على الدولة اللبنانية. ويذكر أن بلدة عرسال يسكنها أغلبية سنية وتؤوي آلاف اللاجئين السوريين الفارين من الحرب في بلدهم. وذكر ضابط كبير في الجيش اللبناني أن المسلحين أسروا عددا من جنود وضباط الجيش. وأضاف أنهم اعتقلوا عددا من الضباط والجنود من منازلهم كما اعتقلوا جنديين كانا يقودان شاحنة. ولم يتضح ما اذا كان هؤلاء تم اقتيادهم عبر الحدود الى سوريا أم ما زالوا في بلدة عرسال داخل لبنان. وأكد الجيش اللبناني ان المسلحين عرضوا اطلاق سراح الجنود المحتجزين لديهم مقابل اطلاق سراح عدد ممن وصفهم بأخطر العناصر السجينة في البلاد. ومن جانبه أعلن قائد الجيش جان قهوجي أمس الأحد أن المعارك المستمرة منذ السبت أدت إلى مقتل عشرة عسكريين وجرح 25 آخرين، إضافة إلى فقدان الاتصال مع 13 آخرين "قد يكونوا أسرى" لدى المجموعات المسلحة. وأكد قهوجي أن "الهجمة الإرهابية" التي حصلت كانت "محضرة سلفا وعلى ما يبدو منذ وقت طويل (...) وهذا ما ظهر من خلال سرعة تحرك الإرهابيين لتطويق المراكز والانقضاض على المواقع واحتلالها وخطف العسكريين . وقام مسلحون يعتقد أنهم من تنظيمي مايسمى ب "داعش" وجبهة النصرة، بمحاصرة حواجز للجيش والهجوم عليها في محيط عرسال. وقالت الوكالة الوطنية اللبنانية أن "الصليب الأحمر اللبناني استحدث مركز إسعاف في بلدة اللبوة، يضم عشر سيارات إسعاف، وخمسين مسعفا", مشيرةً إلى أن "المسعفين يشكون من صعوبات تواجههم في الدخول إلى عرسال لاجلاء الجرحى والمصابين المدنيين في البلدة". وفي سياق متصل، أعلن حزب الله اللبناني عن "أقصى درجات التقدير للمؤسسة العسكرية، وعن تأييده لكل الخطوات التي تتخذها من أجل الحفاظ على هيبة هذه المؤسسة، وتعزيز حصانتها وقدرتها في وجه الاعتداءات الإرهابية"، مشددا على "وقوفه صفا واحدا مع هذه المؤسسة في مواجهة المخاطر المحدقة ببلدنا، التي تتهدد وحدته وسيادته واستقراره". وادان المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان بالإنابة روس ماونتن بشدة الاعتداءات على مواقع للقوات المسلحة اللبنانية والعنف داخل بلدة عرسال البقاعية اللبنانية الذي أدى الى سقوط قتلى وجرحى بين عسكريين ومدنيين وإلى اختطاف جنود وأفراد من القوى الأمنية . ولفت في بيان له اليوم إلى "أن الأممالمتحدة ملتزمة بدعم الاستقرار والأمن في لبنان"، مجدداً الدعم القوي للجيش اللبناني والقوى الأمنية في لبنان لجهودهم في تحقيق هذا الهدف". واعتبر حزب الله أن "استمرار هذه الجرائم التي ترتكبها جماعات إرهابية منظمة، مدعومة بغطاء خارجي وبتبرير داخلي، دليل على الخطر المحدق بلبنان وكل أهله". وسبق أن أفادت مصادر سورية معارضة، أن "قصفا بأسلحة ثقيلة طال مخيمات للاجئين سوريين في عرسال"، لافتين إلى أن "القصف مصدره الجيش اللبناني وقوات تابعة لحزب الله اللبناني". وتتشارك عرسال حدودا طويلة مع جرود منطقة القلمون التي يتحصن فيها مسلحون لجأوا من قرى وبلدات القلمون التي سيطرت على معظمها القوات السورية النظامية وحزب الله اللبناني في أبريل الماضي. ولا تزال معارك عنيفة تدور بين الطرفين في الجرود والمغاور الطبيعية المنتشرة فيها. واقتربت مساعي الوساطة بين الجيش اللبناني والمسلحين في بلدة عرسال الحدودية مع سوريا من التوصل إلى هدنة. ونقلت وسائل الاعلام اللبنانية عن مصادر من هيئة علماء المسلمين التي تتوسط بين الجانبين، قولها إن اتفاق الهدنة المقترح يقضي بالسماح بنقل الجرحى الى المستشفيات لتلقي العلاج. وتشير المصادر إلى أن الجيش اللبناني اشترط تسليم العسكريين المفقودين كافة الذين يعتقد بأن المسلحين خطفوهم. وأفادت مصادر مطلعة على سير المفاوضات بأن هناك "توجها حقيقيا عند الجميع للسير بالهدنة كخطوة أولى لبناء الثقة على أن تبحث القضايا الأخرى في مرحلة لاحقة".