تكرس الحوثية منذ ولدت نزعة التمييز العرقي والفرز الطائفي في المجتمع، واليوم ومن خلال إصدار وثيقة ما أسمتها ب(تقنين الخمس) لبني هاشم، ووضعها موضع التنفيذ بفرض 20% من دخل الشعب اليمني الرسمي وغير الرسمي لهذه الفئة دون غيرها من الشعب، تؤكد أنها ماضية في التأسيس لمشروع الفصل العنصري الذي ابتليت به جنوب افريقيا اربعون عاما. إن هذا الإجراء الحوثي الذي يكرس نزعة التفاوت العرقي والتمييز الطائفي في المجتمع، ويمزق النسيج الاجتماعي، ويقضي على مفهوم المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية، وسيادة القانون، يعد مخالفة صريحة للدستور والقانون اليمني القائم على المواطنة والمساواة، وانتهاك صارخ لكل القوانين والأعراف والمعاهدات الدولية المناهضة لنزعات العنصرية والتمييز العرقي. لقد أجمعت البشرية كلها على مكافحة التمييز العنصري واعتباره جريمة بحق الإنسانية، حيث ينص ميثاق الأممالمتحدة الخاص بالقضاء علي التمييز العنصري1965م، علي إن الجمعية العامة للأمم المتحدة ترى أن مبدأي الكرامة والتساوي الأصيلين في جميع البشر، وأن على الدول اتخاذ تدابير جماعية وفردية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان دون والحريات الأساسية للناس جميعاً، دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو اللغة أو الدين. تقنين الحوثية لنزعتها العنصرية لا سابق له في مجتمعاتنا المعاصرة، وهو اعتداء سافر على الأصل الإنساني والطبيعة البشرية، وتحديا لإرادة البشرية جمعاء، حيث تؤكد المادة الأولى من ميثاق الأممالمتحدة الصادر سنة 1973م أن" التمييز بين البشر بسبب العرق أو اللون أو الأصل الاثني إهانة للكرامة الإنسانية، ويجب أن يدان باعتباره انكاراً لمبادئ ميثاق الأممالمتحدة، وانتهاكاً لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المعلنة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وعقبةً دون قيام علاقات ودية وسليمة بين الأمم، وواقعاً من شأنه تعكير السلم بين الشعوب". هذا التصرف الأرعن الذيذهبت إليه مليشيا فاقدة للمشروعية والشرعية يجب أن يرفض ويقاوم بكل السبل، فهو اعتداء فضيع على أصل الكرامة الإنسانية، ومذهب يهدف لتمزيق الكيان اليمني والقضاء على النسيج الاجتماعي، وإرساء وتعزيز نزعة تمايز عنصرية من شأنها أن تقوض الأمن والسلم الوطني والدولي في اليمن وتنهي أسس العدالة والمساواة والمواطنة، وتؤسس لحروب وتصفيات عرقية في المجتمع اليمني، تستمر لأجيال قادمة، وقد تتجاوزه إلى غيره، فضلا عن تبعاته الخطيرة على المستوى المحلي الوطني والدولي، حاضراً ومستقبلاً. المليشيا الحوثية في الأساس مليشيا انقلابية لا أصل لها ولا مشروعية، وما صدر عن فاقد مشروعية وشرعية فهو باطل وعدم ولا أصل له، فضلا عن كون ما صدر عنها يقوض ويستهدف كل القوانين البشرية والأعراف والمعاهدات الدولية، وناقض لمبادئ حقوق الإنسان جملة. إن دعوة التمييز والطبقية العنصريه على أسس عرقية انتهاك صارخ للدستور والمواطنة ويجب أن يعاقب عليه طبقاً للقوانين اليمنية والدولية، كما أنها فرز طائفي يقوم على افتعال هويات مناقضة للهوية اليمنية التاريخية الجامعة، والمفاخرة بها على حساب هوية الشعب اليمني وتاريخه وحضارته ووجوده الاجتماعي، وهذه هي الخيانة الوطنية بعينها، وهي الجريمة التي لا تغتفر بحق الشعب والأجيال الحضارة والقادمة، كما أنها تعد تمزيق عملي ممنهج للمجتمع اليمني لصالح مطامع خارجية. ومن جهة ثالثة يعد ما أطلقت عليه مليشيا الحوثي ب ( قانون الخمس) انقلاباً صريحاً على النظام الجمهوري التعددي الذي ساوى بين جميع اليمنيين، وتأسيسا جديدا لمفهوم العبودية، من خلال فرز المجتمع إلى نبلاء هاشميين لا يعملون، ويأخذون خمس ثروات العمال، وعبيد وعمال وأقنان الأرض، هم جموع اليمنيين الذين يعملون لإسعاد سلالة عرقية تدعي التفوق الجيني، لها الحق في خمس ثرواتهم وما يملكون، وليس لهم الحق في شيء سوى العبودية، وهذا السلوك إعادة انتاج لسياسة الكنسية الأوربية في عصور الظلام الوسطى، الذي تجاوزه العالم منذ القرن السادس عشر. ومن جهة رابعة إن الإجراءات الحوثية العنصرية تذهب للانقلاب على الديمقراطية، وإعادة إنتاج نموذج الثيوقراطية التي نبذها العالم المعاصر، من خلال ترسيخ مفهوم الولاية الدينية والسياسية في العائلة الحوثية، ليعود بذلك عصر الإمامة الكهنوتية ونظام الفصل العنصري البغيض، كبديل عن النظام الجمهوري والمواطنة المتساوية. ومن جهة خامسة تعد السياسات العنصرية الحوثية دعوة للإحتراب الأهلي، وتقويض للسلم والأمن الوطني والدولي، وهذه التبعات التي ستترتب على سياسات الفصل العنصري والسلوك التمييزي، سوف تكلف اليمن جيلا أخر من القتل والدمار والخراب وفساد العلاقات الخارجية، ناهيك عن مئات الآلاف من الخسائر البشرية ومئات المليارات من الدخل القومي ستأكلها الصراعات والحروب العنصرية. لهذا كله فإننا نجد أن من مقتضيات الواجب الوطني أن تقف القوى السياسية والنخب اليمنية والشعب اليمني بأسره بوجه هذه السياسات العنصرية التمييزية التي تسعى لتمزيق الشعب اليمني والقضاء على وجوده التاريخي ونسيجه الاجتماعي، ونظامه الجمهوري، بغية استعادة نظام الإمامة الثيوقراطية، وسياسات الفصل العنصري بين اليمنيين. وأمام هذه الجريمة الإنسانية سيكون المجتمع الدولي والأممي أمام مسؤلية انسانية كبرى في الدفاع عن قوانينه ومعاهداته الرامية لحماية كرامة الإنسان وحقوقه من هذه الانتهاكات الحوثية الصارخة للمعاهدات والقوانين الدولية، فسكوت المجتمع الدولي والأممي عن مليشيا تسن قوانين عنصرية وتمييزية بالمخالفة لمواثيق الأممالمتحدة، وتحدياتها الصريحة للإنسانية كلها، سيفقد المواثيق الدولية صلاحيتها العالمية، وسيعيد العالم إلى عصور الظلام الوسطى. يتسائل اليمنيون اليوم بحق لماذا لا تحمي الأممالمتحدة قوانينها الإنسانية أمام انتهاكات الحوثيين وتصميمهم على تشريع العنصرية والتمييز واعادة نظام الفصل العنصري؟ لماذا لا تقف بمسؤلية للدفاع عن الإنسان في اليمن وتوقف إجراءات الحوثيين التمييزية، وتحيل مرتكبي هذه الجريمة العنصرية بحق الإنسانية لمحكمة الجنايات الدولية طبقاً لقانون روما الأساسي الذي ينص بالحظر والمعاقبة للدول والكيانات والأفراد الذين يقدمون على إجراءات تمييزية تخل بمبادئ حقوق الإنسان الإنسانية. ثمة مسؤلية أخرى على المستوى الوطني والمحلي تقع على عاتق النخب اليمنية، وخاصة الحقوقيين والقضاة والمحامين لإطلاق أنسانيتهم ووطنيتهم للدفاع عن كرامة الإنسان في اليمن، واخراجه من عبودية عصرية مقننة، والتحرك السريع لرفع دعاوى أمام المحاكم المحلية والدولية، وخاصة محكمة الجنايات الدولية، ضد سياسات الفصل العنصري للمليشيا الحوثية، وضد جرائم هذهىالمليشيا بحق الإنسانية. ومن منطلق المسؤلية الوطنية نعترف لكل اليمنيين أن هذا الوباء سبظل يطارد اليمنيين مدى الحياة، ما لم تجرم الهاشمية السياسية والعنصرية والتمييز العرقي بنص دستوري وقانوني واضح، كون فكرة التمييز والعنصرية لا تزال وستظل فاعلة في معتقدات وثقافة سلالة مستعلية اعتادت على ادعاء التميز والآرية والعرق المقدس، ومعاملة الناس كأغيار خلقوا للخدمة، يجوز قتلهم ونهب أموالهم، فيما خلقت السلالة للسلطة والنبالة الأبدية، وهو ما يقوض للمساواة والعدالة والمواطنة وسيادة القانون.