أهمية وعظمة يوم ال17 من يوليو 1978م تكمن ليس فقط بتلك الأوضاع والظروف الناجمة عن أحداث متسارعة وعاصفة كادت أن تؤدي باليمن وثورته وأمنه واستقراره، بل وفي كونها اليوم الذي تحمل فيه الزعامة الوطنية التاريخية لليمن المعاصر الرئيس علي عبدالله صالح مسؤولية قيادة الوطن في وقت عصيب لم تكن السلطة ولا كرسي الحكم مغرياً لأكثر السياسيين طموحاً وتطلعاً إليه، واعتبروه مغرماً وليس مغنماً وخطراً قد يؤدي بهم الى التهلكة، لذا تراجع الجميع إلى الخلف خصوصاً بعد ان فقدت اليمن ثلاثة رؤساء في زمن قياسي، ولم يكن أمام الأخ الرئيس في تلك المرحلة الحرجة إلا تلبية نداء الوطن والشعب المعبر عنه في ذلك الإجماع الوطني على شخصه الذي لم يكن كافياً بالنسبة له للقبول بتحمل المسؤولية في تلك الفترة الدقيقة والحساسة مالم تأخذ مساراً دستورياً ديمقراطياً عبر مجلس الشعب التأسيسي.. مرسياً بذلك لبنة الديمقراطية الأولى.. منهياً عهد القفز إلى السلطة من خلال المؤامرات والانقلابات.. مدشناً مرحلة جديدة في مسيرة اليمن السياسية ..معيداً للثورة اليمنية سياقها التاريخي الصحيح وللمبادئ وأهدافها توهجها والقها من جديد. في فترة وجيزة نقل اليمن من الصراع والاحتراب والمواجهات الى الأمن والاستقرار والتنمية والبناء والنهوض الحضاري الشامل.. مستوعباً بحكمته وتسامحه ونظرته الثاقبة متطلبات التطور والتقدم من خلال تعبئة توحيد طاقات الشعب وفي الصدارة القوى السياسية في الساحة الوطنية على اختلاف تياراتها واتجاهاتها وتوجهاتها.. كاسراً بالحوار طوق الشمولية.. منتقلاً بها من العمل الحزبي السري تحت الأرض إلى العمل السياسي العلني في إطار منظم يتمكن فيه الجميع من الإسهام في التحولات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية، وهو ما هيأ المناخ الملائم لتحقق الانجازات الكبرى على صعيد الواقع العملي في كافة المجالات التنموية والخدمية والاستثمارية ومنها على سبيل المثال لا الحصر استخراج النفط وإعادة تشييد سد مأرب.. الخ، وشهدت قطاعات التعليم والصحة والطرقات والاتصالات والكهرباء والزراعة والمياه وغيرها من المجالات المختلفة نماءً كمياً ونوعياً غير مسبوق، وفي نفس الاتجاه شهدت مؤسسة الوطن الدفاعية والأمنية عملية إعادة بناء نوعية تسليحاً وتأهيلاً وتدريباً وجاهزية لتصبح مؤسسة دفاعية وأمنية عصرية قادرة على تأدية مهامها وواجباتها الوطنية بكفاءة عالية وبنجاح متكامل كترجمة عملية لمضامين الهدف الثاني من أهداف الثورة اليمنية. وكان هذا كله يسير بالتوازي مع رؤية فخامة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح الاستراتيجية لإعادة تحقيق وحدة الوطن وفقاً لمنهجية الحوار الذي أرسى أسسه ورسخ مداميكه منذ اليوم الأول لقيادته سفينة اليمن في بحر متلاطم الامواج تتقاذفها عواصف الاحداث فكان الربان الماهر الذي تمكن بحنكته وشجاعته وحكمته قيادتها الى شاطئ الأمان وبراري الامن والاستقرار والوحدة والديمقراطية التي كان شعبنا على موعدٍ معها في ال22 من مايو الاغر عام 1990م.. محولاً حلم شعبنا في اعادة وحدته إرضاً وإنساناً، والذي ناضل من اجله طويلاً مقدماً التضحيات الجسام وقوافل الشهداء لبلوغ هذه الغاية العظيمة والنبيلة.. منهياً حقبة طويلة من الفرقة والتمزق والصراعات والحروب التي عاشها شعبنا في ظل الامامة والاستعمار والتشطير المقيت.. مدركاً ان مخلفات تلك العهود البائدة ستفرض تحديات وأخطار جديدة بما أثارته وتثيره من فتن وبما اشعلته وتشعله من حرائق، وبما تفتعله من ازمات بهدف اعاقة المسيرة التنموية وهي تمضي صوب آفاق تشييد صروح بناء اليمن الموحد والديمقراطي الجديد.. هذا كله تصدى له شعبنا، ويتصدى له اليوم بزعامة قائده ومحقق نهضته وباني دولته الموحدة الديمقراطية المؤسسية الحديثة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، وهذا ما يتجسد في مشهد الوفاء والحب الذي يبادله الشعب زعيمه الذي طالما تجلّى حبه ووفاؤه لشعبه حقيقة فيما صنعه له خلال هذه المسيرة الوطنية الظافرة المنتصرة الحافلة بالخير والعطاء الذي لا ينضب، وبهذا المعنى فإن 17يوليو 1978م كان وسيبقى يوماً للوفاء والعرفان محفوراً بحروف من نور في سفر تاريخ اليمن المعاصر وفي ذاكرة الاجيال لأنه مثل البداية الحقيقية لانطلاقة العهد المشرق لليمن وثورته الخالدة.