صوتت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في قرار تاريخي، ستكون له تداعيات على الاتحاد نفسه وعلى السياسة البريطانية الداخلية، وذلك بعد 43 عاماً من العضوية. وصوت 51.9% من الناخبين البريطانيين مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد، مقابل 48.1% عبروا عن تأييدهم للبقاء فيه، وفق النتائج النهائية التي أعلنتها اللجنة الانتخابية الجمعة. وكان للنتائج الأولية انعكاس سلبي على الجنيه الإسترليني الذي تراجع إلى أدنى مستوياته أمام الدولار منذ العام 1985، فيما هوى الجنيه أكثر من 14% أمام العملة اليابانية. من ناحية أخرى، طالب زعيم حزب الاستقلال البريطاني (يوكيب)، نايجل فاراج، الجمعة، بتشكيل "حكومة خروج من الاتحاد الأوروبي" أو "حكومة بريكسيت" بعد تأييد البريطانيين لهذه الخطوة. وصرح فاراج، الذي قاد حملة معادية بشدة لأوروبا في مواجهة رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، المؤيد للبقاء: "نحن بحاجة الآن إلى حكومة خروج"، فيما قالت رئيسة وزراء اسكتلندا إن بلادها ترى مستقبلها داخل الاتحاد. من جهته، دعا الزعيم الهولندي المعارض للهجرة، خيرت فيلدرز، إلى استفتاء على عضوية هولندا في الاتحاد الأوروبي بعد أن صوتت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد المؤلف من 28 دولة. وقال فيلدرز في بيان: "نريد أن نتولى مسؤولية إدارة شؤون بلدنا وأموالنا وحدودنا وسياستنا للهجرة". وصرح وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك آيرولت، في تغريدة على موقع تويتر الجمعة أن فرنسا تشعر بالأسف لتصويت البريطانيين مع خروج بلدهم من الاتحاد الأوروبي، داعياً أوروبا إلى "التحرك" من أجل "استعادة ثقة الشعوب". وقال آيرولت في أول رد فعل فرنسي على الاستفتاء البريطاني إن "أوروبا مستمرة لكن عليها التحرك واستعادة ثقة الشعوب. إنه أمر ملح"، مضيفاً أنه "حزين من أجل المملكة المتحدة". كذلك دعا حزب الجبهة الوطنية اليميني في فرنسا اليوم الجمعة إلى إجراء استفتاء على عضوية فرنسا في الاتحاد الأوروبي بعدما صوتت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد. وقال فلوريان فيليبو نائب رئيس الحزب في تغريدة على تويتر "حرية الشعوب تفوز دوما في النهاية!، "برافو للمملكة المتحدة.. الدور علينا الآن". ودأب حزب الجبهة الوطنية على الدعوة لخروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، وحقق نتائج جيدة في انتخابات أجريت أخيراً. من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، أن تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد يمثل يوماً حزيناً لأوروبا. ونقلت وزارة الخارجية الألمانية عن شتاينماير عن قوله في حسابه الرسمي على تويتر: "الأنباء الواردة من بريطانيا صادمة.. يبدو أنه يوم حزين لأوروبا وبريطانيا". بدوره، قال مسؤول بالبيت الأبيض إن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أحيط علماً بنتيجة الاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد والتي جاءت لصالح "الخروج" ويعتزم أن يتحدث إلى رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، خلال الساعات ال24 القادمة. من جانبه، اعتبر رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، أن تأييد البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي يظهر أن على بروكسل أن تستمع لصوت الشعوب وتقدم حلولاً ملائمة للقضايا المهمة مثل قضية الهجرة. وتابع قائلاً إن الشعب البريطاني لم يكن راضياً عن سياسات الاتحاد الأوروبي إزاء أزمة الهجرة. ودعا رئيس الوزراء البلجيكي، شارل ميشيل، إلى اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي لإعادة تأكيد التزامهم حيال الاتحاد، بينما اعتبرت رئيسة وزراء النرويج أن التكتل يجب أن يقر أن كثيراً من المواطنين في بريطانيا والاتحاد غير راضين عن الاتجاه الذي تسلكه القارة. وقال ميشيل في تغريدة على تويتر "أدعو إلى اجتماع في يوليو لإعادة تأكيد التزامنا. علينا أن نحدد أولوياتنا ونرسم مستقبلا جديدا لأوروبا". بدوره، أعلن وزير الخارجية الإيطالي، باولو جنتيلوني، أن تأييد البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي لا بد وأن يدفع أوروبا سريعاً لإجراء تغييرات لتعزيز مستقبل التكتل. وقال جنتيلوني للصحفيين: "على المستوى السياسي إنها لحظة لا يسعنا فيها أن نقف مكتوفي الأيدي. قرار الناخبين البريطانيين لا بد وأن يكون دعوة إلى الصحوة، مضيفاً أنه "من واجبنا أن نكون صرحاء مع المواطنين الأوروبيين والأسواق. إنها لحظة عصيبة للغاية على الاتحاد الأوروبي". من ناحيته، استبعد المستشار النمساوي، كريستيان كيرن، أن يكون لتصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي "أثر الدومينو" على باقي الدول الأعضاء، مؤكداً أن بلاده لن تقدم على مثل هذه الخطوة. وقال كيرن في تصريح للصحفيين: "لا أخشى أثر الدومينو"، مشيراً إلى أن "أوروبا ستخسر مكانتها وأهميتها في العالم بسبب خطوة بريطانيا. كما أننا سنشعر بالآثار الاقتصادية طويلة المدى لبعض الوقت". من جانبه، رأى رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، اليوم الجمعة، أنه يتعين إصلاح الاتحاد الأوروبي بعد تأييد البريطانيين لخروج بلدهم منه على أن ينصب التركيز على النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل والاندماج بشكل أكبر، في حين وصف نظيره السويدي، ستيفان لوفين، نتيجة الاستفتاء بأنها "نداء للاستيقاظ".