يبدو أن معدي مشروع الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الذي ناقشته حكومة الإنقاذ الأسبوع الفائت انشغلوا في زحمة تصميم المخططات الشجرية الملونة و انتقاء الاصطلاحات الطنانة و نسوا وضع شيء يمكن تسميته رؤية وطنية لبناء الدولة فكان الناتج خطبة إنشائية مبوبة و مفقرة في ثلاثين صفحة تقريبا فتاهت المعاني وتكررت المصطلحات بشكل رديء و لم ندر في النهاية ما هي الرؤية التي تضمنتها الرؤية .. لا مانع ان يكون لنا تصور عن الدولة المستقبلية التي نسعى لإقامتها و آليات بناء الوطن الحديث الذي يلبي طموحاتنا بالعيش فيه و رعاية مستقبل أبنائنا في كنفه لكن دولتنا اليوم في ظل العدوان تخوض معركة وجود لا معركة تحديث و أولوية المرحلة هي الدفاع عما بقي منها و استعادة ما تم احتلاله منها و هذه هي الأولوية التي يجب أن تكون بيت القصيد و منطلق أية رؤية مستقبلية و محورها. الدولة حديثة او نامية هي ارض و شعب و نظام سياسي والدولة اليمنية مسلوبة السيادة بعض أرضها محتل و بقيتها تتعرض للغزو و الحصار و الشعب اليمني فصائل نزاع مسلح أما النظام السياسي فحكومة مرتزقة في الفنادق بلا ارض و لا شعب تحظى بالاعتراف الدولي و أخرى لديها شعب و ارض و لا تحظى بمشروعية دولية تتعرض للحصار و لا تملك من صلاحيات السلطة السياسية و مقدرات الدولة أكثر من توظيف المقدرات الفردية في إدارة الحياة اليومية في نطاق سيطرتها تحت القصف و الحصار و تفويج كتائب المتطوعين إلى الجبهات للتصدي للغزو و العدوان بأسلحة شخصية و متوسطة .. نحن في مرحلة استعادة الدولة اليمنية أما بناؤها و تحديثها فإن ركائزه تعليم و تنمية واستقرار سياسي ولن يكون هناك استقرار سياسيي بغير المساواة و تكافؤ الفرص و سيادة القانون, وجوهر الحكم الرشيد هو اقتران السلطة بالمساءلة .. الدولة الحديثة دستور و منظومة تشريعية عادلة و سلطة كفاءات تنفذها و سلطة شعبية تشرع و تراقب و سلطة قضائية تعاقب و تؤدب .. و الرؤية الوطنية للتحديث هي استقراء موضوعي للواقع و آليات مزمنة قابلة للتطبيق و ليست خطبة إنشائية تغص بالمصطلحات ومخططات شجرية ملونة على ثلاثين ورقة سماوية ..