ظهر عبدالمجيد الزنداني، ذات يوم، في ساحة التغيير.. صعد بلحيته الحمراء إلى المنصة ليخاطب الشباب قائلاً: لقد أحرجتمونا.. لقد فعلتم مالم يستطع أن يفعله آباؤكم وأجدادكم، إنكم تستحقون براءة اختراع. عاد هذا الرجل المسكون ببراءات الاختراع إلى منزله ليشاهد هؤلاء الشباب وهم يتساقطون تحت لواء توكل كرمان وهتافاتها، ولم يقل شيئاً تجاه كل تلك الجثث!! كان يحلم بإقامة دولة الخلافة، وقد صرَّح كثيراً بهذا الأمر وقال إن دولة الخلافة الإسلامية قادمة في الطريق، مستنداً في نبوءته هذه إلى تقارير قدمها مجلس الأمن إلى أوباما، بأنه في عام 2025م سوف يعلن المسلمون قيام دولة الخلافة، وأن نائب رئيس مجلس النواب الروسي له كتاب عن صراع الحضارات يقول فيه: في 2020م سنشهد قيام حضارة عالمية جديدة تمتد من الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً، واسم هذه الحضارة «الخلافة الإسلامية».. فيصيح رجل من خلفه: تكبيييير، فيهتفون: الله أكبر. ها هو الآن في الرياض.. ينتظر كل يوم وجباته الثلاث، وينتظر كل شهر كشوفات المرتزقة لاستلام مخصصه الشهري مقابل شرعنة عدوان آل سعود على اليمن، والدعاء لسلمان بالموفقية والنصر. منذ طفولتي وأنا أسمع عن مؤتمرات يحضرها الزنداني في بلاد الغرب.. ولأجل أن يظهر بطلاً خارقاً، فقد كانوا يروجون أن هذا المؤتمر العلمي أو ذاك انتهى بإسلام عالم فيزياء أو عالم فضاء على يد الزنداني!! دأب الزنداني- طوال عمره- على وضع القرآن الكريم في الموقف الأضعف دائماً.. فقد كنا نراه يكبِّر ويهلل كلما اكتشف العلم شيئاً جديداً، ويقول إن هذا مصداق لكلام الله، فقد أخبرنا القرآن الكريم بهذا قبل 1400 سنة.. وكأن القرآن بحاجة إلى هذه الاكتشافات لنتأكد من مصداقيته!! كسب الزنداني ثقة الكثير، وكان له أتباع ومريدون ينظرون إليه بعين العصمة، فاستغل ثقة الناس العمياء وأنشأ شركة الأحياء البحرية وباع ملايين الأسهم، حاصداً مليارات الريالات، ثم تبخرت تلك الشركة، وصمت الكثير من المساهمين عن حقوقهم، لأن نظرة القداسة لهذا الشخص جعلتهم يبتلعون ألسنتهم.. تماماً كما سكت القضاء والإعلام عن دم لينا عبدالخالق التي وجدوها مقتولة في بيت الشيخ الجليل عبدالمجيد الزنداني. أجمل ما في ثورة فبراير أنها خلعت ثوب القداسة عن الزنداني وصعتر والديلمي والمؤيد وقحطان واليدومي وغيرهم الكثير ممَّن لم يجدوا عملاً محترماً فلبسوا جلباب الدين لكي يتكسبوا من جيوب البسطاء، ولكي يصنعوا حولهم هالة تمنع كل شخص من الاقتراب منهم والإشارة إليهم بأصابع النقيصة والاتهام. ها هو الشيخ الجليل في السعودية يشارك في قتل أطفال اليمن بمباركته لسلمان وابنه، والدعاء لهم.. وكما يقول المثل اليمني: ما يعز الله هيِّن.