هبط الجنيه المصري لمستوى قياسي أمام الدولار يوم الأحد إذ عمد مصريون قلقون لتحويل أموالهم من العملة المحلية بعدما استحدث البنك المركزي آلية جديدة للمحافظة على احتياطيات النقد الأجنبي. وأعلن البنك الآلية الجديدة يوم السبت وتتضمن عطاءات دورية لبيع وشراء الدولار ويبدو أنها تشكل تحولا محكوما للتعويم الحر للجنيه بعدما أنفق البنك المركزي ما يزيد عن 20 مليار دولار من الاحتياطيات لدعمه بحسب مصرفيين. وتظهر أزمة العملة حجم التحديات الاقتصادية التي تواجه الرئيس محمد مرسي حيث تعاني حكومته من تداعيات الأزمة السياسية التي تفجرت جراء طرحه لدستور وضعه حلفاؤه من الإسلاميين. وأثار التحول صوب التعويم الحر مخاوف من أن يسجل الجنيه مزيدا من الهبوط أو قد تفرض الحكومة قيودا أكثر على الأموال مما دفع المصريين إلى الإقبال على شراء الدولارات حينما فتحت السوق اليوم. وقال رئيس الوزراء المصري هشام قنديل في مؤتمر صحفي إن اقتصاد البلاد هش ويمر بموقف بالغ الصعوبة متوقعا استئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار في يناير كانون الثاني. وحصلت مصر على موافقة الصندوق المبدئية على القرض في نوفمبر تشرين الثاني لكنها أرجأت الموافقة النهائية حتى يناير بعدما جمدت تنفيذ سلسلة من الزيادات الضريبية لمنح الحكومة مزيدا من الوقت لتوضيح حزمة إجراءات اقتصادية تقشفية تواجه انتقادات حادة للمواطنين. وانفق البنك المركزي الذي أتاح للجنيه التحرك في نطاق ضيق أمام الدولار أكثر من 20 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي لدعم العملة المحلية منذ الانتفاضة التي أطاحت بحسني مبارك في أوائل 2011 وأدت لاحجام السائحين والمستثمرين الأجانب. وفي عطاء يوم الاحد باع البنك المركزي بالفعل الكمية التي عرضها كلها وبلغت 75 مليون دولار مع أقل سعر صرف للجنيه عند 6.2425 جنيه مقابل الدولار انخفاضا من 6.185 جنيه أمام الدولار في وقت سابق من يوم الاحد. وتراجع الجنيه لاحقا في التعاملات بين البنوك ليصل إلى 6.30 جنيه أمام الدولار منخفضا 1.8 في المئة منذ الصباح ومسجلا مستوى متدنيا مماثلا لانخفاض سابق في أكتوبر تشرين الأول 2004. وقال مصرفيون إن نظام العطاءات يعني أن الجنيه سيعكس العرض والطلب على العملة المصرية بشكل أدق. ومن المتوقع أن يطرح البنك المركزي عطاءات يوميا. وقال مصرفي "ستغيب أذرع البنك المركزي التي كانت موجودة في السوق ستكون سوقا حرة لأول مرة." وأطلق قنديل مبادرة اقتصادية وطنية في مؤتمره الصحفي يوم الاحد وصفها بأنها بذل جهود لحشد التأييد لبرنامج الحكومة الاقتصادي. وقال إن الحكومة ستسعى للتواصل مع المجتمع حتى تكون خطتها الاقتصادية خطة وطنية حقيقية مضيفا أن برنامج الحكومة يمكن تعديله ليعكس وجهات نظر أخرى. وأعرب قنديل عن أمله في عدم حدوث تغيرات تتعلق بالعوامل الأساسية في خطة الحكومة مع صندوق النقد الدولي حيث سيتم دعوة فريق الصندوق في يناير لاستئناف المحادثات والمضي قدما في صفقة القرض. وقال محللون إنه لم يتضح بعد ما إذا كانت الآلية الجديدة ستوقف التدافع لبيع الجنيه من أجل شراء الدولار وحجم الاحتياطيات من النقد الأجنبي التي يستعد البنك المركزي لإنفاقها لمواصلة دعم الجنيه. وقال مصرفيون إن البنك المركزي فرض سلسلة من الاجراءات لخفض الطلب على العملات الصعبة على المدى القصير على الأقل من بينها تحديد المبلغ الذي يحق للعملاء من الشركات سحبه عند 30 ألف دولار يوميا في حين سيدفع الأفراد رسوما إدارية بين واحد واثنين بالمئة على مشترياتهم من العملات الأجنبية. وأضاف المصرفيون أنه لن يسمح للبنوك بحيازة مراكز دائنة بالدولار الأمريكي تتجاوز واحدا بالمئة من رأسمالها انخفاضا من عشرة بالمئة. وفي مذكرة توقعت فاروس للأوراق المالية تعويما حرا لينزل الجنيه المصري إلى 6.5 جنيه مقابل الدولار من 6.185 جنيه حاليا. وفي ظل النظام الجديد سيظل الحد الاقصى المسموح به لسحوبات الافراد عند عشرة الاف دولار يوميا. وقال مصرفيون إن البنك سيواصل مراقبة جميع التعاملات لضمان أن تلبي احتياجات "مشروعة" وليس من أجل المضاربة. وستواصل سوق التعاملات بين البنوك عملها بجانب الآلية الجديدة مع السماح للبنوك بإضافة هامش بسيط.