احباط تهريب 213 شخصًا من اليمن ومداهمة أوكار المهربين.. ومفاجأة بشأن هوياتهم    بصعوبة إتحاد النويدرة يتغلب على نجوم القرن و يتأهل إلى نصف النهائي    دورة الانعاش القلبي الأساسي للطاقم الطبي والتمريضي بمديرية شبام تقيمها مؤسسة دار الشفاء الطبية    الدوري الايطالي ... سقوط كالياري امام فيورنتينا    الروس يذّكرون علي ناصر محمد بجرائم 13 يناير 1986م    الشراكة مع الشرعية هرولت بالإنتقالي لتحمل جزء من فاتورة الفساد!!    محاولات التركيع وافتعال حرب الخدمات "يجب أن تتوقف"    المهندس "حامد مجور"أبرز كفاءات الجنوب العربي تبحث عنه أرقى جامعات العالم    تصحيح التراث الشرعي (32) أين الأشهر الحرم!!؟    السعودية تقدم المزيد من الترضيات للحوثي    رونالدو يفاجئ جماهير النصر السعودي بخطوة غير مسبوقة والجميع ينتظر اللحظة التاريخية    إعلان سعودي رسمي للحجاج اليمنيين القادمين عبر منفذ الوديعة    المشروع السعودي "مسام": 84 مدرسة في تعزز تضررت من الألغام الحوثية    نجل القاضي قطران: والدي معتقل وارضنا تتعرض للاعتداء    احتجاز نجم نادي التلال العدني وثلاثة صيادين في معاشيق: نداء عاجل لإطلاق سراح أبناء صيرة المقاومين    هل لا زالت تصرفات فردية؟.. عبدالملك الحوثي يبرر اعتقال الناشطين وتكميم الأفواه ويحذر: مواقع التواصل عالم مفخخ وملغوم    الحوثيون يسرقون براءة الأطفال: من أيتام إلى مقاتلين    شاهد: "المشاط يزعم أن اليمن خالٍ من طبقة الأوزون والاحتباس الحراري ويثير سخرية واسعة    منارة أمل: إنجازات تضيء سماء الساحل الغربي بقيادة طارق صالح.    مأساة في عدن: فتاة تنهي حياتها قفزًا بعد تراجع معدلاتها الدراسية    "دموع العروس تروي حكاية ظلم": ضابط حوثي يقتل شاباً قبل زفافه!    ذئب مفترس يهجم على شبان سعوديين داخل استراحة.. وهكذا تمكنوا من هزيمته "فيديو"    العطس... فُرصة للتخلص من السموم... واحذروا كتمه!    بنك اليمن الدولي يرد على شائعات افلاسه ويبرر وقف السحب بالتنسيق مع المركزي .. مالذي يحصل في صنعاء..؟    بنك مركزي يوقف اكثر من 7شركات صرافة اقرا لماذا؟    الحكومة تطالب دول العالم أن تحذو حذو أستراليا بإدراج الحوثيين على قائمة الإرهاب    الهلال الأحمر اليمني يُساهم في توفير المياه الصالحة للشرب لمنطقة عبر لسلوم بتبن بدعم من اللجنة الدولية ICRC    - بالصور لقاء حماس وحزب الله وانصارالله في ايران كمحور مقاومة فمن يمثلهم وماذا دار؟    إقالة تشافي والتعاقد مع فليك.. كواليس غضب لابورتا من قائد برشلونة السابق    مصادر: مليشيات الحوثي تتلاعب بنتائج طلاب جامعة إب وتمنح الدرجات العالية للعناصر التابعة لها    "القسام" تواصل عملياتها برفح وجباليا وجيش الاحتلال يعترف بخسائر جديدة    بسبب مطالبته بدفع الأجرة.. قيادي حوثي يقتل سائق "باص" بدم بارد في ذمار    سنتكوم تعلن تدمير أربع مسيّرات في مناطق سيطرة الحوثيين مميز    نايف البكري يدشن صرف البطاقة الشخصية الذكية لموظفي وزارة الشباب والرياضة    المحكمة حسمت أمرها.. حكم بتنفيذ عقوبة ''القذف'' ضد فنانة مصرية شهيرة    ماذا قال السامعي و الكبوس والكميم ووزير الشباب    رسميا.. برشلونة يتواجد بالتصنيف الأول في قرعة دوري أبطال أوروبا    ليفاندوفسكي يفشل في إنعاش خزائن بايرن ميونيخ    وزير الأوقاف يحذر ميليشيا الحوثي الارهابية من تسييس الحج والسطو على أموال الحجاج    الحوثيون يقيلوا موظفي المنافذ ويجرونهم للسجون بعد رفضهم السماح بدخول المبيدات المحظورة    الهلال يُشارك جمهوره فرحة التتويج بلقب الدوري في احتفالية استثنائية!    سموم الحوثيين تقتل براءة الطفولة: 200 طفل ضحايا تشوه خلقي    شاب سعودي طلب من عامل يمني تقليد محمد عبده وكاظم.. وحينما سمع صوته وأداءه كانت الصدمة! (فيديو)    تغاريد حرة .. الفساد لا يمزح    للوحدويين.. صنعاء صارت كهنوتية    ورحل نجم آخر من أسرة شيخنا العمراني    مفاتيح الجنان: أسرار استجابة الدعاء من هدي النبي الكريم    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بعد سقوط خرافة الإخوان المسلمين
نشر في شبوه برس يوم 22 - 01 - 2019

منذ 1996، بدأ أفق ما بعد الإسلاموية يطرح كمقاربة مهمّة لفهم التحوّلات الحثيثة التي بدأت الحركات الإسلامويّة تشهدها في تسعينات القرن الماضي. ورغم أنّ هذا الأفق كان واضحا للمختصّين في الألفيّة، إلاّ أنّ تبلوره الأهمّ كان في الربيع العربي، بسبب الانتقال في هذه الحركات من خطاب الواجبات إلى خطاب الحقوق، ومن خطاب الأسلمة بالدولة إلى خطاب إعفاء الدولة من الأسلمة.
فإذا كان العدول إلى أمر الله معرّفا أساسا للحركات الإسلاموية، وبالتأكيد حركة الإخوان المسلمين، التي كان من أسباب تأسيسها إعادة تنظيم المسلمين في نظام الخلاقة الذي أُسقط في 1924 (وكان حسن البنا نفسه يقود عمليات حصب ورشق الملاهي والمراقص التي اعتبرت غير إسلاميّة)، فإنّ خطاب التنمية والاعتدال سرعان ما صار المعرّف الأساس لهذه الحركات في ظلّ تحوّلاتها السياسيّة، بعبارة أخرى إنّ ما بعد الإسلاموية هي تقليد الانتقال من إصلاح المسلمين على منوال الكتاب والسنّة إلى تقديم البرنامج التنموي الأفضل بالنسبة لهم في السياق الدّيمقراطي والحقوقي.
إن جزءا أساسيا من التحوّلات إلى ما بعد الإسلامويّة تعلق بالتحوّلات الجيليّة للإسلامويين وبالأخص ظهور اتجاه أجيال جديدة ورعة فيهم من الطلاب والشباب والنساء والمفكّرين، الذين شكّلوا بالوعي الحداثي والحقوقي العلماني. إلا أن جزءا آخر تعلق بخطابات ورعة ليست بالضرورة منضوية في صفوف الإخوان المسلمين، ويتعلق الأمر مثلا بالتقاليد الخطابية للوعاظ في التلفزيون والخطباء والمنظرين والممارسين الورعين، الظاهرة المؤثرة في سياق الرّبيع العربي. وكانت مساهمة هؤلاء هي إقناع الطبقة الوسطى بإمكانية أن تعيش الحياة الحداثيّة بطبيعية، مع تقديم تنازلات طقوسيّة طفيفة.
ويُعدّ عادة من بين هؤلاء، الذين يوصفون بالتساهل بعض الإخوان، إلا أن الإشارة عادة ما تكون إلى الفتاوى المتصالحة مع أنماط الحياة الحديثة التي أتاحها بعض علماء الإخوان ك”زواج فريند” لعبدالمجيد الزنداني، الذي أجاز نمطا من المواعدة بمنافعها الجنسية كانت تهدف لاستقطاب ما يمكن من مجاميع الشباب تحت مضمون (عصرنة) الفتاوى. هوجمت أطروحة ما بعد الإسلاموية من عدّة زوايا، ما سمح لطارحيها بأن يُرمموها ويحصنوها من بعض الفهوم الابتدائية، وبالأخص من ناحية النظر إليها على أنها إطار تأريخي يقدم قصة متقادمة لنمو الإسلاموية. إن ما بعد الإسلاموية ليست شرطا ختاميا للإسلاموية؛ بل يحدث أن تسبق الأولى الأخيرة، كما حدث في التجربة المهديّة في السودان. إن ما يبدو من التاريخ السوداني هو أن الحركة الإسلاموية السودانية قامت على أنقاض آراء ما بعد إسلاموية.
عندما يتجه الإسلامويون إلى الديمقراطية بصفتها استراتيجية ديمقراطية ناجعة للتعامل مع خصومهم وذلك بدعوة الجماهير بالوسائل الشرعية وبالتعددية باعتبار أسس النفاذ إلى الشرائح الاجتماعية المختلفة والعمل معها دون استهداف اختلافها، فإنّهم يصابون بذلك إلى ما بعد الإسلاموية. وبهذا المعنى فإن ما بعد الإسلاموية ليست “أطروحة مناقضة” للإسلاموية ولا هي “إسلاموية متنكرة”، وإنما هي بالأحرى إسلاموية مفعمة بالديمقراطية والتعددية، إنها تمثل إمكانيّة الإسلاموية أن تُنمي لغة واستراتيجية سياسية جديدة وأن تولّد فاعلين جددا.
ضاقت هوامش المناورة على الإخوان المسلمين حتى بعد أن أعلنت حركات تابعة للتنظيم المراجعات التاريخية
فبعد أربع تجارب سياسيّة للأحزاب الإسلاموية متمثلة في تقليد الرؤية الوطنية الذي قاده نجم الدين أربكان منذ السبعينات، وبالأخص منذ ما سمي ب”الانقلاب ما بعد الحداثي” في 1997 انقلب الإسلامويون في حزب الفضيلة فجأة من رافضين للحداثة العلمانيّة إلى قابلين لها، ومن رافضين للأوربة إلى منافجين عنها.
وإضافة إلى عامل التأطير العلماني، ولو بالقسر السياسي، فإنّ عوامل أخرى غير سلبيّة ساهمت في بلورة هذا التحول كظهور طبقة وسطى إسلاموية واسعة في تركيا لم تعد متناقضة مع الممارسات الحداثيّة (بما فيها المنافع الربوية) كما لم تعد مخاطرة بمكانتها وحظوتها في صراعات سياسية أيديولوجيّة مع العلمانية؛ وإنّما وجدت نفسها في إطارات هذه العلمانيّة.
وفي كل هذه التحولات كانت الحركة الإسلامية مقادة بتنظير فكري جديد أو بتحولات جماهيرية غير مألوفة. ولعل هذه التحولات، التي لم تشهد ثورة وطنية إلاّ في مصر، ساهمت في إحقاق قطيعة ما بين تيارات الإسلام السياسي بالمغرب العربي، وبالأخص تونس والمغرب والجزائر (وليس بالضرورة ليبيا) وتياراته بالمشرق، وبالأخص بمصر وسوريا واليمن وفلسطين. ضاقت هوامش المناورة على الإخوان المسلمين حتى بعد أن أعلنت حركة النهضة في تونس وكذلك المركز الأصيل للتنظيم في مصر المراجعات التاريخية لم يستطع التنظيم تمرير نتائج المراجعات على قياداته، مما أفشل تمريرها بالتالي على قطاعاته ودوائره وضيق الخناق على أن يستعيد الإخوان دورهم السياسي وبالتالي فقدوا فرصهم في مجتمعاتهم التي بدأت فعليا في إنتاج أنماط سياسية مدنية باتت تتبلور بشكل أوضح في مصر وتونس، على اعتبار أن الأنظمة السياسية التي أخمدت الإخوان نجحت في تحقيق استقرار أمني وتحاول إيجاد مقاربات اقتصادية تعالج من خلالها أزماتها الاقتصادية والمجتمعية.
الرهان اليوم يبدو معلقا على دور السعودية والإمارات في استمرار البلدين على منهجية سد المنافذ لجماعات الإسلام السياسي، فالجهود التي أدت لانحسار هذه الجماعات كانت كبيرة ونتج عنها أن الشعوب العربية باتت أكثر وعيا بما تمثله هذه الجماعات، وتظل مسألة تقديم نماذج الاعتدال السياسية تحتاج لمزيد من الإثراء السياسي والاستفادة من التجارب السياسية الناجحة لتقديمها لشعوب عربية باتت تدرك أن حصولها على كرامتها لن يأتي عبر شعارات الإخوان، بل عبر تنمية اقتصادية وحوكمة تضمن تجفيف الفساد في المؤسسات الوطنية العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.