الفرصة التي اهدرها الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، تلوح من جديد امام الرئيس الحالي الدكتور رشاد محمد العليمي، وبصورة قد تكون افضل واثمن. كل ما هو موجود اليوم من شراكة في السلطة بين الجنوب والشمال، وكل ما هو معلن ومتاح من دعم التحالف والمجتمع الدولي، وكل ما هو موجود من التفاف حزبي وسياسي خلف فخامة الرئيس، وكل ما هو موجود من ترحيب وتفاؤل وامال عريضة لدى الشعب اليمني، كل هذا وغيره هو بمثابة فرص واوراق مهمة، وعوامل مساعدة على النجاح، تحتاج لاستغلال ذكي وحقيقي، وتوظيف قادر على تحويل الفرص الي قصص نجاح ملهمة ومفيدة، والعبرة في النتائج.
الكل يتابع تحركات المجلس الرئاسي بما فيهم الشعب بكل فئاته وتوجهاته، والكل يريد ان يقيس مدى نجاحه من عدمه خلال مدة معينة قد تصل الي ستة اشهر او اكثر او اقل من خلالها يمكن قياس مدى النجاح والانجاز، وهذا النجاح سياتي من خلال اولويات المجلس واهتماماته ..ما هي الاولويات المهمة التي سيشتغل عليها ..ما نوع القرارات التي سيصدرها ما اهميتها ومضمونها وجدواها وفائدتها ..كيف سيتعامل مع الازمات والمشكلات الكثيرة والتركة الثقيلة.. امور عدة بامكانها ان تكشف عن هوية المجلس واهتماماته واولوياته ومدى نجاحه من عدمه مع مرور الايام.
سيتحمل التحالف العربي جزء كبير من المسؤولية عن نجاح المجلس الرئاسي كونه المخرج الذي اراد للمجلس ان يخرج بهذا الشكل والصورة، والذي اراد له ان يلعب الدور السياسي المأمول الذي يؤدي الي تحقيق السلام في اليمن وانهاء الحرب اما بالحوار او بمواصلة المعركة.
وهناك ايضا مسؤوليات اخرى تتعلق بالملف الاقتصادي، فالتحالف مسؤول عن ايجاد حلول للازمة الاقتصادية التي تعيشها المناطق المحررة، بالاضافة الي تنفيذ ما تبقى من اتفاق الرياض الرامي الي توحيد الاجهزة الامنية والعسكرية، وتحقيق الامن والاستقرار، وتوحيد هدف المعركة ضد الارهاب والمليشيات.
ويمكن القول انه ليس من اللائق ان يظل المجلس الرئاسي مكتوف الايدي غير قادر على تحريك المياة الراكدة، بل عليه العمل وفق الفرص المتاحة التي توفرها مؤسسات الدولة، ووفق الايرادات والموارد التي تصل للبنك المركزي، وذلك لتوسيع رقعة نشاطه للحصول على نتائج ايجابية تساعد على توفير قدر اكبر من الموارد المهدرة، وتوريد كافة الايرادات المالية من المحافظات والضرائب والنفط والغاز والجمارك وغيرها للبنك المركزي، حتى لا يظل ينتظر ما ياتي من الخارج دون حراك، كما فعلت القيادة السابقة للدولة، والحكومة، التي استسلمت وعبثت فادخلت البلد مأزق خطير.
ان القرارات التي سيصدرها المجلس الرئاسي ستكون مصدر تقييم ومتابعة كافة المراقبين والمهتمين، ومن خلالها سيفهم توجه المجلس وماذا يريد ان يفعل.. لقد كان قرار تعيين الدكتور يحي الشعيبي مديرا لمكتب رئاسة الجمهورية اكثر من موفق، وعلى المجلس الرئاسي ان ينقب عن رجال الدولة، والطاقات الشبابية المبدعة، ومنحها الفرصة لخدمة بلدها دون تحيز سياسي او حزبي او مناطقي، بل وفق شروط ومعايير، وقدرات وامكانات ذاتية ومنفتحة.
لقد لعبت المملكة دورا كبيرا في مساعدة اليمن، وصبرت كثيرا على القيادة السابقة التي اهدرت كافة الفرص المتاحة، والذهبية، لاخراج اليمن من ازماته المركبة، حتى حان الوقت للتغيير ولايجاد حامل سياسي جديد لليمن، وفق شروط المرحلة، وكان للامير محمدبن سلمان ولي العهد السعودي، والسفير محمد ال جابر الدور الاكبر في التقريب بين الاخوة اليمنيين، وانتاج المجلس الرئاسي الذي يظم الجميع، وفق شروط وطنية، لاتقبل سوى النجاح على كافة المستويات والجبهات.
ان اهدار الفرص مرفوض هذه المرة، فالبلد تعاني، والشعب يعاني كثيرا من الجوع والفقر والتشرد والنزوح، فالأمل يبدو كبيرا في الدكتور رشاد العليمي ورفاقه في عضوية المجلس، وفي كل الفريق الذي سيختاره للعمل معه، نريده ان يكون مجلسا متوافقا، ومتفاهما، ومنسجما، ومركزا على الاولويات المهمة لاستعادة الدولة وهيبتها في وجدان الناس، وعلى ارض الواقع.
وهذه الفرص المتاحة والعديدة، توفر ايضا مسار جديد لايجاد حل عادل للقضية الجنوبية،ومن خلالها اعادة صياغة عقد جديد لليمن، بجنوبه وشماله، في شكل دولة اتحادية جديدة، علينا ان نبرز معالمها، واعلامها، وان نناضل من اجلها، ومن اجل مضمون جديد للدولة ايضا في صورة مدنية وعصرية، تلبي تظلعات كافة اليمنيين في العدالة والمساواة والمواطنة والحرية.
واخيرا علينا ان نركز وان نستفيد من الاخطاء السابقة ونمنع تكرارها،وان لا نسرف في اهدار الفرص كما اهدرت من سابق، وان نركز في اختيار الحكومة واعضاءها وكافة موظفي الدولة، فالدولة ليست بحاجة للمسافرين والعايشين في الخارج، ولا للفاشلين والفاسدين، بل هي بحاجة لمن يعمل من الداخل، ومن لديه قدر عالي من الثقة، والامانة، والنزاهة.