منطقة يتمازج فيها جمال الانسان مع جمال الطبيعة تتناغم فيها مفاتن الجسد مع براءة الروح، إنها منطقة وصاب الشامخة بشموخ جبالها التي تعانق السحاب وشيدت على قممها القلاع والحصون التي لم يكشف التاريخ عن كثير من أسرارها حتى الآن وتتمتع وصاب بالخضرة التي تكسو المكان لتزيده جمالاً فوق جمال جباله ووديانه الرائعة ومدرجاته الزراعية التي تشتهر بزراعة مختلف الحبوب والفواكة. مديرية وصاب السافل هي وجهتنا في هذا العدد لننقل لكم عادتها وتقاليدها المختلفة التي تتميز بها عن غيرها من مديريات المحافظات الأخرى... وقد اصطحبنا في هذه الرحلة الجميلة الأخ هارون البرموت فإلى التفاصيل: إعداد:عبدالله الشاوش مديرية وصاب السافل تقع في الجهة الشمالية الشرقية من محافظة ذمار، مساحتها 832,6 كم2، يسكنها 168,762 نسمة. مركز المديرية : الأحد يربط المديرية بمركز المحافظة طريق رئيسي تجري سفلتته حالياً يبدأ من مدينة ذمار ويمر عبر مغرب عنس فعتمة ثم الدن في وصاب العالي ثم سوق الثلوث حتى مركز المديرية قرية الأحد . تشتهر المديرية بزراعة الفواكه وخاصة الموز والمانجو ويتم تصدير منتجاتها إلى الأسواق المحلية والخارجية وأكثر مزروعاتها الحبوب على اختلاف أنواعها، كما تهتم بزراعة البن والنخيل، كما يهتم الأهالي بتربية النحل الذي يجود بأفضل أنواع العسل. وتزدهر الصناعات الحرفية في وصاب السافل وأهمها صناعة الحصير من سعف النخيل، وصناعة الأواني الفخارية للاستعمال المنزلي، وهي المعروفة ب (المدر)، إلى جانب ذلك تميزت المديرية بحياكة وصناعة المنسوجات مثل المعاوز واللحافات والملايات والملابس.. وهناك الكثير والكثير من المفروشات والمزايا التي تتسم بها مديرية وصاب السافل، ولكننا سنحاول أن نسلط الضوء في سياق استطلاعنا هذا حول عادات وتقاليد الزواج في هذه المديرية أما عن عادة الزواج فقد التقينا بالأخ هارون الذي حدثنا عنها بقوله : الخطبة.. نظرة فابتسامة كنا قديماً لا نستطيع أختيار الزوجة بأنفسنا وكان الأهل هم المسئولين عن ذلك وكان اغلب الزواج لدينا أسرياً أما الان فقد تغير الحال واصبحنا نحن الشباب المسئولين عن الاختيار فمثلاً قد يختار الشاب زميلته في الثانوية أو بنت جارهم والأهل يكون دورهم التوجيه واسداء النصيحة للابن اذا كان اخطأ في الاختيار مثلاً وأغلب الاحيان تنشأ قصص حب ببن الشباب والشابات فمثلا بالصدفة يتعرف عليها في مورد الماء فالبداية تكون نظرة ثم إبتسامة ثم كلام أو مثلاً يلتقيان اثناء عمل الزراعة والفلاحة بحكم طبيعة بلادنا الزراعية المهم هناك قصص كثيرة لحكايات التعارف ولكن في الاول والاخير يكون حب شريف وصادق بين الشخصين وبعد هذا الحب لا بد من الوفاء من قبل الشاب بأن يقوم بطلب البنت رسمياً من والدها ويتم ذلك عن طريق الأم أو الأخت فتذهب الى بيت البنت لأخذ رأيها ومن ثم أخذ الموافقة الأولية من أمها وأهل البيت وتهيئة الاجواء لزيارة الاسرة لهم وبعد الموافقة الاولية يذهب والد الشاب مع شخصيات اجتماعية معروفة في القرية وايضاً الشاب واخوانه ويشترون معهم قاتاً يتم توزيعه على جميع الحاضرين في المجلس اما بالنسبة للعروسة فيشترون لها من السوق كمية الجعالة المتنوعة والعطور والهدايا الخاصة بها ويتوجهون الى بيت أهل البنت للخطبة رسمياً وبعد وصول أهل الشاب تقوم اسرة البنت بتوزيع جزء من هذه الجعالة المكونة من الحلويات والمكسرات على الجيران لتعريفهم أن اليوم هو يوم خطبة بنتهم وهذه تعتبر بداية مراسيم الحجز كما نسميها وفي بعض الاحيان يقوم والد الشاب بإعطاء والد البنت مبلغاً مالياً يخصم من المهر المتفق عليه بين الطرفين. زفاف بكل الألوان وعن مظاهر العرس فالعرس في ذمار قليل التكلفة قليل الايام فالاحتفال يكون بأكمله محصوراً في يوم واحد الا عند قليل من الاسر المقتدرة فقد تجعله يمتد إلى يومين مع التقصير في اليوم الاول فتقوم هذه الاسرة بإحياء يوم الاربعاء من خلال زيارة صديقاتها واقاربها من اعمامها واخوالها وتقوم هؤلاء الزائرات بإعطاء العروسة بعض النصائح بشأن العرس وكيف تتصرف مع عريسها وكيف تتعامل مع الاخرين من اهله واقاربه وفي اغلب الاحيان لا تحضر في هذا اليوم الكثير وانما قليل وبالتالي تكون هناك حرية مطلقة للحديث مع العروسة وبدون قيود وفي هذا اليوم ايضاً تلبس العروس فستاناً معيناً وايضاً وتقوم قريبات العروسة بنقشها نقشاً جميلاً يتفنّن فيه ووضع الحناء في يديها وتعمل الحاضرات زفة صغيرة للعروسة على أصوات المسجلة وأنغام موسيقاها الرائعة وتشغيل أشرطة اغاني منقاة بذوق رفيع تكون منوعة من الصنعاني واللحجي والخليجي وتقوم الحاضرات بالرقص على هذه الأغاني وتسمى هذه الساعة ساعة مرح ولا يستمرين في هذا الاحتفال وقتاً طويلاً بعدها تغادر كل واحدة الى منزلها وتتهيأ للعودة في اليوم الثاني من الصباح الباكر. مهر لا يقل عن خمسمائة ألف - بعد أن يستعد الشاب للزواج يقوم والده بالذهاب إلى والد البنت للإتفاق معه لتحديد يوم العرس، وقبل هذا كله يسلم والد العريس ما يلزم العروسة من مهر وشرط لا يقل عن خمس مائة ألف ولا تزيد عن مليون ريال ثم بعد ذلك تبدأ العروسة بالاستعداد للزفة فتقوم بشراء الملابس والعطورات والمكياج وكل ما يلزمها اثناء فترة العرس فيما يستعد العريس بتجهيز الدعوات وشراء ملابسه الخاصة والعطورات والمكسرات وكل ما يلزم فترة العرس من احتياجات ضرورية. وتقوم اسرة الطرفين بشراء مستلزمات العرس من سكر وأرز ودقيق.. إلخ من الاحتياطات اللازمة لعمل العزائم وتنظيف البيت وتحديد اماكن خاصة لجلوس النساء واماكن خاصة لجلوس الرجال سواء في وقت الغداء او المقيل والسمرة فمنزل الاسرتين خاضع لإقامة الاحتفالات للنساء والرجال.. الآثار القديمة والإسلامية توجد عدد من المواقع الأثرية في مديرية وصاب السافل، فهناك آثار عمارة قديمة على قمة جبل قور، كما توجد بقايا آثار متناثرة على جبال كثيرة مثل : جبل المصباح وجبل بني معانس وجبل بني علي وجبل بني حي وجبل القاهرة وجبل غراب وغيرها. الأسواق الشعبية توجد مجموعة أسواق شعبية أسبوعية في المديرية منها سوق الأحد وسوق الثلوث وسوق مشرافة، لا تختلف عن الأسواق الشعبية الأخرى من حيث الموعد والمنتجات المعروضة.. تسلق الجبال والطيران الشراعي شكلت جغرافية المديرية المنحدرة من الجبال العالية في الشرق حتى سهل تهامة في الغرب، عشرات الأماكن المناسبة لممارسة رياضة تسلق الجبال العالية، من ناحية أخرى يمكن ممارسة رياضة الطيران الشراعي في المديرية بسهولة وأمان. الزفة وموكب في منتصف الليل أما عن يوم الزفة فيقول الأخ هارون: يبدأ هذا اليوم منذ الصباح الباكر لدى الاسرتين.. فإلى منزل العروسة تتوافد النساء القريبات منذ الصباح الباكر لتنظيف البيت وترتيبه وتحديد أماكن معينة لغداء الرجال واماكن معينة لغداء النساء وايضاً أماكن معينة لجلوس الرجال بعد الغداء وما شابه ذلك ومن ثم الذهاب لتجهيز وليمة الغداء أما والدها فيذهب منذ الصباح الباكر لعزومة من يريد من أهل القرية وعلى رأسهم الاقارب وايضاً يقوم قبلها بإحضار كباش تذبح في الصباح أما المعزومون والمدعوون للمشاركة في هذا العرس فيجتمعون في المسجد ويؤدون صلاة الظهر ثم ينطلقون الى بيت العروسة لتناول طعام الغداء فيما يقوم اهل العروسة باستقبالهم بحفاوة وترحيب كبير ويقومون بإدخالهم الى الأماكن المخصصة لهم مسبقاً وتقديم اصناف الطعام المختلفة مكونين مائدة كبيرة يجتمع حولها الجميع وبعد الانتهاء من الغداء يتم إدخال الضيوف غرفة أخرى خصصت ايضاً من قبل فيجتمعون فيها ويقوم والد العروسة بتوزيع القات على الحاضرين جميعاً فيجلسون في مقيل الى العصر حيث الوقت المقرر لوصول جميع أقارب العروسة من خارج القرية فيخرج الجميع إلى إستقبالهم وإدخالهم الى مجلس المقيل فيما يتم ادخال النساء الى غرفة العروسة ويستمرون في استقبال الضيوف حتى وصول اخر ضيف من اقربائهم ويصل اخر ضيف في المغرب بعدها يتم تجهيز وليمة العشاء ودعوة الحاضرين اليها ثم رجوعهم الى سمرة تطيب أكثر مع الجو الليلي المريح الذي يغمر هذا الاجتماع بالنشوة والسعادة، أما العروسة فتبدأ الاحتفال الفعلي لديها من بعد العشاء حيث تخرج من غرفتها الى المكان املخصص للاحتفال بها عبر زفة مترعة بالأنس والمرح على ألة المسجلة حتى تصل الى مكان الاحتفال وحيث النساء حاضرات ومتواجدات بعدها يتم تشغيل اغاني في المسجلة وتقوم الحاضرات بالرقص على هذه الاغاني الى منتصف الليل حيث يتم تجهيز العروسة بتلبيسها الفستان الابيض وعمل المكياج اللازم لها وذلك استعداداً لزفها الى بيت عريسها.. أما بالنسبة للعريس فيبدأ هذا اليوم عنده ايضاً منذ الساعة الثانية فجراً حيث يقوم أهل العريس بمساعدة الجيران بذبح الذبائح وتقطيع اللحم وفي الصباح الباكر يجتمع اهله وعماته وخالاته في غرفته أما البقية من النساء فيجهزن البيت للعرس وويجتمع أهل القرية في منزل العريس لتناول طعام الغداء والمقيل، وإذا لم يتسع بيت العريس للحضور فيتم الاستعانة بمنزل الجيران لإقامة المقيل والسمرة ويقوم والد العريس بتوزيع القات على جميع الحضور ويخالط هذا المقيل نشيد النشاد ويستمرون هكذا في مقيلهم الى بعد المغرب حيث يتم تجهيز وليمة العشاء ودعوة الجميع اليها ومن ثم استكمال المقيل وبدء السمرة الطويلة التي لا تنتهي الا مع نهاية الليل.. أما أهل العريس فيقومون بتعيين مجموعة اشخاص يسمون (المراوحة) يقومون بالذهاب الى بيت العروسة يخبرونهم بإستعداد أهل العريس لإستقبال العروسة وعند وصولهم الى بيت العروسة يكون هذا في منتصف الليل يتم الترحيب بهم وتسرع قريبات العروسة وصديقاتها بتجهيزها استعداداً لمغادرتها المنزل الى بيت عريسها وبعد تجهيزها تقوم والدة العروسة بمسكها من اليمين وخالتها من الشمال حتى يتم إدخالها السيارة حيث تغادر بيت أهلها متجهة إلى منزل عريسهاوسط أهازيج وألعاب نارية تملأ فضاءات المكان وفور وصولها منزل عريسها يقوم العريس بالترحيب بالعروسة ومن ثم إدخالها غرفتها أما العريس فيعود إلى مكان السمرة وتقوم والدته واخته بإزالة اللثام عن العروسة ولا يتم دفع آي مبلغ مقابل الفتشة كما يحصل في بقية المديريات أما العريس فيستمر في السمرة الى آخر الليل حيث يغادر عندها متجهاً إلى غرفته حيث عروسته منتظرة قدومه.. وفي بعض مناطق وصاب تقعد إحدى قريبات العروسة مدة ثلاثة أيام في بيت العريس وتسمى (بالمروحية) وعملها هو تأهيل العروسة على بيتها الجديد بل إنه في بعض المناطق أيضاً تظل العروسة مغطأة الوجه لمدة ثلاثة أيام وفي اليوم الثالث تقام حفلة النساء وتسمى الفتشة حيث تفتش العروسة عن وجهها وتكون الدخلة في اليوم الرابع. اليوم الرابع هذا اليوم هو الرابع من العرس حيث يتجه العريس مع عروسته الى بيت أهل العروس وتناول طعام الغداء هناك والمقيل ويعود العريس مع عروسته الى بيت الزوجية وبهذه العودة ينتهي العرس بجميع مظاهره.
