يتواصل التوتر، في مدينة عدن، في ظل استمرار العميد عبد الحافظ السقاف، قائد فرع قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقاً) في المحافظة، رفض تسليم هذه القوات تنفيذاً لقرار أصدره الرئيس عبد ربه منصور هادي وقضى بإقالته من موقعه هذا وتعيين العميد ثابت جواس بديلاً عنه. و نقلت صحيفة "الشارع" عن مصادر وصفتها ب"المتطابقة" في عدن إن العميد السقاف ظل، حتى مساء أمس الأول، في معسكر القوات الواقع في منطقة الصولبان، بمديرية خور مكسر، رافضاً تسليمه ومغادرته تنفيذاً للقرار الذي أصدره الرئيس هادي مساء الثلاثاء الماضي. و أوضحت المصادر أن السقاف استمر في مزاولة مهامه، في ظل انتشار قواته حول المعسكر، مسنودة بقوات عسكرية أخرى، استعداداً لصد أي هجوم قد يقوم به مسلحو اللجان الشعبية الموالية للرئيس هادي على المعسكر بهدف إجباره على تسليمه. وخيم التوتر، منذ مساء أمس الأول، على مديرية خور مكسر، ومدينة عدن بالكامل، التي استنفرت جميع وحدات الجيش فيها ورفعت جاهزيتها القتالية للقتال مع قوات الأمن الخاصة في حال تعرضت لهجوم من مسلحي اللجان. و فشلت جهود الوساطة بإقناع السقاف في تنفيذ قرار الرئيس هادي؛ رغم أن الأخير وافق على تعين قائد جنوبي أخر غير جواس لقيادة قوات الأمن الخاصة. واستمرت جهود الوساطة، التي يقوم بها مسؤولون محليون، على رأسهم محافظ عدن، الدكتور عبد العزير بن حبتور؛ إلا أن العميد السقاف استمر في رفض تسليم المعسكر. و واصل مسلحو اللجان انتشارهم في مدينة عدن، وتمكنوا، أمس، من السيطرة على جميع النقاط العسكرية والأمنية في المدينة وعلى مداخلها ومخارجها، في ظل معلومات عن تواجد مئات من مقاتلي جماعة الحوثي، منذ أسابيع في عدن، ورفع جاهزيتهم للمشاركة في القتال ضد لجان الرئيس هادي في حال هاجمت معسكر السقاف. و شوهد، أمس، عشرات الجنود منتشرين في جاهزية قتالية حول معسكر قوات الأمن الخاصة، مسنودين بأطقم وآليات وعربات مدرعة. و أكدت المصادر أن جنود قوات الأمن الخاصة ينتشرون في المناطق المحيطة بمعسكرهم بمساندة قوات أخرى من الجيش شاركتهم في هذا الانتشار. و ذكر سكان محليون أنهم شاهدوا المئات من الجنود ينتشرون في المناطق المحيطة بالمعسكر معززين بالأطقم والمدرعات والآليات العسكرية. و نقلت "الشارع" عن شهود إلى تمركز جنود على أسوار المعسكر وخارجها، وأمام بواباته، وفي عدد من الأحياء والمناطق المحيطة به والقريبة منه. و قالت الصحيفة، إن عدد من جنود قوات الأمن الخاصة أكدوا صحة هذه المعلومات، وقالوا إنهم في جاهزية قتالية وحالة استنفار قصوى ويتمركزون في مواقعهم داخل المعسكر وخارجه لصد أي هجوم قد يتعرضون له. في المقابل، انتشر المئات من مسلحي اللجان الشعبية، الموالية للرئيس هادي، في الشوارع والمناطق والأحياء القريبة من معسكر قوات الأمن الخاصة، في ظل مخاوف من تفجير مواجهات عنيفة بين الجانبين. و أكدت المصادر أن مدينة عدن لم يسبق لها أن شهدت حالة الاستنفار الأمنية والعسكرية هذه إلا في حرب صيف 94؛ وهو الأمر الذي دفع نحو التحشيد في المدينة، بما يهدد بتفجير حرب جديدة طرفها الحالي هو الرئيس هادي، الذي وصل، في 21 فبراير الفائت، إلى عدن وبدأ يمارس منها مهامه، بعد أن تمكن من القرار من العاصمة صنعاء، التي كان يقبع فيها تحت الإقامة الجبرية في منزله من قبل جماعة الحوثي. و نقلت الصحيفة، عن مصدر وصفته ب"المطلع" داخل قوات الأمن الخاصة في عدن إن المساعي والوساطات التي يبذلها عدد من المسؤولين في المحافظة استمرت في التواصل مع العميد السقاف، الذي ظل يرفض حتى وقت متأخر من مساء أمس تسليم معسكر هذه القوات. وأوضح المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن السقاف كان قد وافق، بعد عصر أمس، على تعيين العقيد عدلان الحدس، قائد فرع قوات الأمن الخاصة في محافظة شبوة، خلفاً له في قيادة فرع هذه القوات في عدن؛ إلا أنه تراجع عن ذلك. و ذكر المصدر أن عدلان الحدس وصل، في ساعة متأخرة من مساء الأحد، إلى عدن، قادماً من محافظة شبوة، بعد أن طرح اسمه كبديل للعميد ثابت جواس لتعيينه في قيادة فرع قوات الأمن الخاصة بعدن. و نقلت الصحيفة عن مصدر أمني ثان داخل هذه القوات إن العميد السقاف أبلغ عدداً من الوسطاء، الذين التقوا لإقناعه بتنفيذ قرار الرئيس هادي، موافقته على تعيين العقيد عدلان الحدس خلفاً له؛ إلا أن "الوضع ظل على ما هو عليه"، حتى وقت متأخر من مساء أمس، "ومن المقرر أن يكون الحدس التقى بالسقاف خلال الساعات القليلة القادمة في مكتبه". على صعيد متصل، نقلت "الشارع" عن مصدر أمني ثالث، إن العميد السقاف وجه، أمس الأول، بصرف الذخائر لجنود معسكره، وشدد عليهم ضرورة الاستمرار في حالة الجاهزية القتالية العالية استعداداً لأي طارئ. و قالت "الشارع" أن عدد من جنود المعسكر، أكدوا لها صرف خمسين طلقة سلاح آلي لكل فرد منهم، مشيرين إلى أنه تم صرف 90 طلقة (خط ناري كامل) لجنود آخرين منهم، ضمن الاستعدادات الجارية ضد أي هجوم محتمل على المعسكر. و قال أحد الجنود: "استلمنا الذخائر والقنابل اليدوية، ونحن في حالة استعداد كامل لردع أي هجوم قد يتعرض له المعسكر من قبل اللجان الشعبية التابعة لابن الرئيس هادي، التي تنتشر في كل الشوارع والأحياء القريبة من المعسكر". و أشار هذا الجندي إلى أنه يتم صرف ألف ريال لكل جندي في المعسكر يومياً. وأضاف: " تم سحب جميع جنود أفراد الخدمات من جميع المكاتب والجهات الحكومية، وجرى إعادة هؤلاء الجنود إلى داخل المعسكر، استعداداً لصد اي هجوم، كي لا يتعرض هؤلاء الجنود لهجمات من مسلحي اللجان". و في الساعة الأولى من فجر الأحد، هاجم العشرات من مسلحي اللجان، الموالين للرئيس هادي، معسكراً تابعاً للواء 31 مدرع يقع ضمن مديرية دار سعد، بين عدد ولحج. و نقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية، إن المسلحين هاجموا هذا المعسكر، الذي يتمركز فيه عدد من الكتائب ما بين دبابات واستطلاع ومشاة بهدف السيطرة عليه؛ إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك؛ بسبب تصدي الجنود لهم. و قال مصدر عسكري: "نهار السبت الماضي، وصل عدد من الأشخاص إلى هذا المعسكر وطلبوا من قادة الكتائب المتمركزة فيه تسليم المعسكر للجان الشعبية؛ إلا أن قادة الكتائب رفضوا، بمن فيهم ضابط ينتمون لمناطق جنوبية". وأضاف: "و فجر الأحد، هاجم المسلحون هذا المعسكر بهدف السيطرة عليهم بالقوة؛ إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك. حيث كان جنود هذا المعسكر قالوا للوسطاء إنهم لا علاقة لهم بالعميد عبد الحافظ السقاف، ولن يقاتلوا معه؛ إلا أن المسلحين هاجموهم، ما دفع بجنود وضباط هذا المعسكر إلى الاستنفار والاستعداد للقتال مع السقاف. وهاجم مسلحون يتبعون اللجان الشعبية، في الثانية والنصف بعد ظهر الأحد، غرفة حراسة سنترال مديرية المعلا، واعتدوا بشكل مهين على جنود الحراسة الذين كانوا فيها. و نقلت "الشارع" عن مصدر أمني إن المسلحين هاجموا غرفة الحراسة هذه التي كان فيها ثلاثة جنود يتبعون قوات الأمن الخاصة، واعتدوا عليهم واستولوا على اسلحتهم الشخصية، ثم أفرجوا عنهم. و نقلت الصحيفة، عن مصادر وصفتها ب"المتطابقة" إنه تم، السبت، سحب العشرات من جنود قوات الأمن الخاصة من "جولة العريش"، بعدن، التي كانوا يتمركزون فيها. و ذكرت المصادر أن مسلحي اللجان تمركزوا في "جولة العريش" بعد انسحاب هؤلاء الجنود منها بتوجيه العميد السقاف خوفاً من تعرضهم لهجوم أو عمليات قنص من قبل مسلحي اللجان الذين كانوا ينتشرون في مناطق محيطة بهم. و افادت المصادر بأنه تم اختطاف 5 من جنود العميد السقاف من قبل مسلحي اللجان الشعبية. مشيرة إلى انه تم اختطاف هؤلاء الجنود من نقطة كانوا يتمركزون فيها "في جولة السفينة". و قال قيادي حوثي ينشر في " فيسبوك" باسم "الأمين" إن مسلحي جماعته غادروا إلى عدن؛ إلا أنه لم يتم تأكيد ذلك. "الأمين" اعتاد نشر أخبار جماعة الحوثي، ويعتقد أنه مقرب من مصدر القرار فيها. ونشر الرجل، أمس، منشورين له في " فيسبوك"، قال في أولهما: "اللجان الشعبية الثورية غادرت إلى عدن"، وفي الثاني : "اللجان الشعبية الثورية في ضيافة السقاف..."، في إشارة إلى أن مسلحي جماعته أصبحوا داخل معسكر العميد السقاف في عدن للاشتراك في القتال معه. و في منشور ثالث، قال "الأمين": " عدن .. قوات الأمن الخاصة + قوات الجيش + اللجان الشعبية الثورية"، في إشارة إلى قوات الجيش ومسلحي جماعته يساندون قوات الأمن الخاصة في عدن، وسيشتركون معها في أي قتال محتمل. و أكدت للصحيفة مصادر من داخل معسكر قوات الأمن الخاصة أن نحو 150 من مسلحي الحوثي دخلوا، أمس الأول، إلى المعسكر، وجرى صرف فرشان وأغطية وذخائر لهم. و فيما أوضحت المصادر أن هؤلاء المسلحين دخلوا المعسكر بأسلحتهم الشخصية وتم صرف 90 رصاصة لك شخص منهم؛ أفادت بأن هناك المئات من مسلحي الحوثي ينتشرون في منازل سكنية داخل عدن، وحول معسكر العميد السقاف، وهم في جاهزية قتالية لخوض المواجهات عند تفجير القتال. و أشارت المصادر إلى أن هؤلاء المسلحين الحوثيين كانوا دخلوا مدينة عدن خلال الأشهر الماضية، بطرق شتى غير معلنة، وتوزعوا فيها استعدادا للسيطرة عليها. و نقلت "الشارع" عن مصدر عسكري وصفته ب"الرفيع" أنه تم خلال الأشهر الماضية إرسال آلاف المسلحين من الشمال إلى معسكرات الجيش المنتشرة في الجنوب، وخلال الأسابيع الماضية تم إرسال أكثر من الف مسلح حوثي إلى عدن، تم إدخالهم على دفعات عبر الضالع، وجرى توزيعهم في عدة مناطق ومنازل في عدن على شكل جماعات، وعند تفجر المواجهات سيقوم هؤلاء بحرب عصابات وحرب شوارع لحسم القتال مع مسلحي اللجان الموالية للرئيس هادي. وأضاف: "تريد صنعاء حسم القتال بشكل سريع، وهناك مخاوف لديها من حدوث تدخل عسكري خارجي معلن وغير معلن لإسناد هادي، وهناك بوارج أمريكية وغربية قريبة من شواطئ عدن، لهذا يجب أن تكون المعركة سريعة وخاطفة من داخل عدن، وليس عبر إرسال قوات عسكرية من الشمال". وقالت "الشارع" أن مصادر عسكرية وأمنية متطابقة، أكدت لها إن قوات الجيش المتمركزة في عدن في جاهزية قتالية عالية، وابلغ عدد من قادتها العميد السقاف استعدادهم للقتال معه في حال تعرض معسكره لأي هجوم من قبل مسلحي اللجان التابعين لهادي. و قالت "الشارع" إنها حصلت على معلومات حول قوة معسكر قوات الأمن الخاصة، ومناطق انتشاره في عدن، ومعسكرات الجيش التي رفعت جاهزيتها للقتال معه ضد مسلحي اللجان الموالية للرئيس هادي. و نقلت الصحيفة عن مصدر أمني وصفته ب"المطلع" أن معسكر قوات الأمن الخاصة في عدن قوامه 4000 فرد، 600 منهم إجازات، حيث يتكون من أكثر من 15 كتيبة، ويمتلك ترسانة أسلحة كبيرة، ويعد ثاني أقوى معسكر لقوات الأمن الخاصة، بعد معسكر قيادة هذه القوات في صنعاء. و أضاف: "هناك كتيبتان تابعتان لمعسكر المشاريع بمنطقة اللحوم في دار سعد، وكتيبتان أخريان تتمركزان في معسكر 20 في كريتر، وهذه الكتائب الأربع ما زالت تتمركز في معسكرها، فيما كان هناك كتيبة أخرى تتمركز في المصافي تم سحبها، الأيام الماضية، إلى داخل معسكر قوات الأمن الخاصة، كما تم سحب جميع أفراده من النقاط التي كانوا ينتشرون فيها في المدينة". وقالت المصادر إنه تم، أمس، استخدام حراثة لإقامة حواجز ترابية في مناطق محيطة بالمعسكر الرئيسي لهذه القوات، الواقع في منطقة "الصولبان"، ضمن الاستعدادات الجارية للحرب المرتقبة. و قالت الصحيفة، إنها حصلت على معلومات عن الألوية العسكرية المنتشرة في عدن ومناطق لحج القريبة منها، والتي تدين باللواء للعاصمة صنعاء، ورفعت جاهزيتها للقتال مع العميد السقاف. و نقلت الصحيفة، عن مصدر عسكري: " في عدن ومحيطها هناك الألوية التالية: اللواء 201 مشاة/ ميكا المتمركز في قاعدة العند العسكرية، واللواء 31 مدرع المتمركز في معسكر بدر، واللواء 39 مدرع المتمركز في معسكر صلاح الدين، وهناك القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي المتمركزة في العند، وجميع هذه الألوية والقوات تدين بالولاء للعاصمة صنعاء، وتحديداً للرئيس السابق، وتم رفع جاهزيتها القتالية للمشاركة في القتال مع السقاف". و أضاف: "لا يوجد أي معسكر في عدن أو لحج أو أبين موال للرئيس هادي، هناك فقط اللواء119 مشاة، الذي قائده فيصل رجب، والمنتشر في أبين، وهو موال لهادي لأنه كان مواليا لعلي محسن، وقوام هذا اللواء 1500 فرد فقط، كثير منهم في منازلهم". وتابع: "مع هادي مسلحو اللجان الذين جيء بهم من أبين إلى عدن، وعدد هؤلاء نحو 15 ألفاً، مسلحين بأسلحة خفيفة ومتوسطة وقذائف. وتقول المعلومات إن السعودية اعتمدت للرئيس هادي، منذ أسبوعين، رواتب 20 الف مسلح من مقاتلي اللجان الموالين له المنتشرين في عدن، بمعدل 60 ألف ريال لكل مسلح في الشهر، وتم تسليم هادي دفعة مقدمة لرواتب هؤلاء لعدة أشهر، كما سلمت له السعودية نصف مليار دولار مصاريف شخصية له، لا سيما وهو نزل عدن والبنك المركزي في صنعاء". و لا يزال التوتر مخيماً على عدن في ظل مخاوف من تفجر الوضع إلى مواجهات عنيفة بين الجانبين. و كان من المتوقع أن يسلم العميد السقاف، صباح السبت، قيادة المعسكر، تنفيذاً للقرار الجمهوري الصادر عن الرئيس هادي؛ إلا أن ذلك لم يتم، فشهدت عدن، منذ الصباح، تعزيز الانتشار العسكري والأمني، إلى جانب انتشار مسلحي اللجان.
