مليشيا الحوثي تحتجز عشرات الشاحنات شرقي تعز وتفرض جبايات جديدة على السائقين    تعيين الفريق محمود الصبيحي مستشارا لرئيس مجلس القيادة لشؤون الدفاع والامن    الحوثيون يبدؤون بمحاكمة العراسي بعد فتحه لملف إدخال المبيدات الإسرائيلية لليمن (وثيقة)    شاهد.. الملاكمة السعودية "هتان السيف" تزور منافستها المصرية ندى فهيم وتهديها باقة ورد    جدول ترتيب هدافي دوري روشن السعودي 2023-24    ميلان يكمل عقد رباعي السوبر الإيطالي    تشكيل برشلونة المتوقع في مهمة استعادة الوصافة    صورة حزينة .. شاهد الناجية الوحيدة من بنات الغرباني تودع أخواتها الأربع اللواتي غرقن بأحد السدود في إب    النفط يواصل التراجع وسط مؤشرات على ضعف الطلب    انهيار جنوني متسارع للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي (أسعار الصرف)    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    الرعب يجتاح قيادات الحوثي.. وثلاث شخصيات بمناطق سيطرتها تتحول إلى كابوس للجماعة (الأسماء والصور)    رسميًا: تأكد غياب بطل السباحة التونسي أيوب الحفناوي عن أولمبياد باريس 2024 بسبب الإصابة.    باريس يسقط في وداعية مبابي    دموع "صنعاء القديمة"    فساد قضائي حوثي يهدد تعز وصراع مسلح يلوح في الأفق!    رسالة صوتية حزينة لنجل الرئيس الراحل أحمد علي عبدالله صالح وهذا ما ورد فيها    منصات التواصل الاجتماعي تشتعل غضباً بعد اغتيال "باتيس"    هل تُصبح الحوالات الخارجية "مكسبًا" للحوثيين على حساب المواطنين؟ قرار جديد يُثير الجدل!    كهرباء عدن تعلن عن انفراجة وشيكة في الخدمة المنهارة والغضب يتصاعد ضد بن مبارك    تحرير وشيك وتضحيات جسام: أبطال العمالقة ودرع الوطن يُواصلون زحفهم نحو تحرير اليمن من براثن الحوثيين    للتاريخ.. أسماء الدول التي امتنعت عن التصويت على انضمام فلسطين للأمم المتحدة    بغياب بن الوزير: سرقة مارب لنفط شبوة ومجزرة كهرباء عدن والمكلا    استقالة مسؤول ثالث في الاحتلال الإسرائيلي.. والجيش يعلن عن اصابة نائب قائد كتيبة و50 آخرين خلال معارك في غزة    استشهاد جندي من قوات درع الوطن خلال التصدي لهجوم حوثي شمالي لحج    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    عدن.. احتجاجات غاضبة تنديدا بانهيار خدمة الكهرباء لساعات طويلة    استئناف إضراب نقابة عمال شركة النفط بمحافظة شبوة    الأمم المتحدة تعلن فرار مئات الآلاف من رفح بعد أوامر إسرائيل بالتهجير    المبعوث الأممي يصل إلى عدن في إطار جولاته لإستئناف مفاوضات السلام مميز    كوابيس كشفت جريمة مرعبة: فتاة صغيرة تنقذ نفسها من القتل على يد شقيقها والامن يلقي القبض على الاب قاتل ابنه!    "أطباء بلا حدود" تنقل خدماتها الطبية للأمهات والأطفال إلى مستشفى المخا العام بتعز مميز    بمشاركة «كاك بنك» انطلاق الملتقى الأول للموارد البشرية والتدريب في العاصمة عدن    إب .. وفاة أربع طفلات غرقا في حاجز مائي    بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    التوظيف الاعلامي.. النفط نموذجا!!    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    مصرع وإصابة 20 مسلحا حوثيا بكمين مسلح شرقي تعز    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    لو كان معه رجال!    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    اليمن يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة مميز    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب اللندنية: طارق صالح بعيدا عن الأضواء قريبا من فوهات المدافع
نشر في اليمن السعيد يوم 20 - 05 - 2018

لم يدر بخلد الضابط الشاب والعسكري المتمرس صاحب النفوذ الواسع وقائد الحراسة الخاصة لعمه رئيس الجمهورية، أنه سيأتي يوم يغادر فيه صنعاء تحت جنح الظلام، متخفيا وسائرا على قدميه في الشعاب والأودية الوعرة. بينما تطارده ميليشيات الجماعة الحوثية التي كانت توزع صوره بكثافة في أحياء وشوارع صنعاء بصفته المطلوب رقم واحد، وملامح الغضب والقلق بادية على وجوه قادتها خشية إفلات هذا المقاتل العنيد الذي خاض ضدهم مواجهة عسكرية شرسة استمرت لثلاثة أيام في قلب العاصمة، ودفعت بزعيم الحوثيين إلى التوسل للرئيس علي عبدالله صالح بأن يوقف الحرب، بعد أن كادت المواجهات تتحول إلى ثورة شعبية عارمة شارفت على إنهاء سلطة الميليشيات. استراتيجية مصيرية في معسكر خالد بن الوليد على الساحل الغربي لليمن عاد نجم العميد طارق صالح ليلمع مجددا في سماء الأحداث، محاربا هذه المرة في الجهة المقابلة للميليشيات الحوثية التي كان يقاتل في صفوفها ذات يوم، ومن المعسكر الذي شهد ولادة الرئيس اليمني الراحل كقائد عسكري، بدأ نجل شقيقه وقائد حراسته أولى مهامه العسكرية كقائد لقوات “حراس الجمهورية” التي يسعى من خلالها لاسترداد “الجهورية” المختطفة من براثن الميليشيات الحوثية، التي قتلت عمه ولا تزال تحتجز نجله وشقيقه واثنين من أبناء عمه الرئيس الراحل. وتعتمد استراتيجية صالح وفقا لمقربين منه على خوض معركة مقدسة ومصيرية ضد الحوثيين، من دون ضجيج وبعيدا عن عدسات الكاميرات وقريبا من فوهات المدافع التي دكت تحصينات الحوثيين، برفقة ألوية العمالقة والمقاومة التهامية وتمكنت خلال وقت قياسي من تحقيق إنجازات عسكرية مهمة ومحورية، انتهى الجزء الأول منها بتحرير مفرق “المخا” الاستراتيجي وصولا إلى مفرق “البرح” غربي تعز، وتحرير أكبر أربع مديريات في محافظة تعز، تعادل مساحتها نصف مساحة المحافظة الإجمالية تقريبا. وتحتشد قوات المقاومة الوطنية التي يقودها صالح على تخوم مديريتي الجراحي والتحيتا في محافظة الحديدة الاستراتيجية التي أعلن قبل أيام عن إطلاق معركة تحريرها، وهي المعركة التي يذهب العديد من الخبراء إلى أنها ستكون خاطفة وسريعة، وستكون لخبرة طارق العسكرية والكاريزما التي يتمتع بها، إضافة إلى طبيعة القوات التي يقودها والتي تتمتع بخبرة وتدريب عسكري عاليين مستمدين من كونها امتدادا لقوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة في الجيش اليمني السابق، دور رئيسي في حسمها. سياج أمني ينتمي العميد صالح إلى الجيل الثاني من عائلة آل عفاش التي ينحدر منها الرئيس اليمني الراحل، وشقيقه الأكبر محمد عبدالله صالح الذي قاد قوات الأمن المركزي اليمنية حتى وفاته، وقد اختار معظم أولاده ومن بينهم طارق أن يسلكوا ذات الطريق الوعرة في الحياة، من خلال التحاقهم بالسلك العسكري وانخراطهم في حياة الجندية الصارمة، وقد ساهمت في توجيههم نحو هذا الخيار، البيئة التي نشأوا وترعرعوا فيها في مسقط رأسهم بقرية “بيت الأحمر” بمنطقة سنحان جنوب صنعاء. وشكل صالح المولود في العام 1970 إلى جانب شقيقيه، عمار ويحيى، السياج الأمني الأول في نظام الرئيس السابق، حيث تولى الأول إدارة جهاز الأمن القومي “الاستخبارات”، فيما خلف الثاني والده في قيادة قوات الأمن المركزي التي تحولت لاحقا إلى قوات الأمن الخاصة عقب إعادة هيكلة الجيش والأمن في العام 2012. وحظي صالح بثقة عمه اللامتناهية، حيث أوكل إليه مهمة تأمين تحركاته وأمنه الشخصي، كقائد للحرس الخاص. وهي المهمة التي أصبحت أكثر إلحاحا وأهمية، عقب الاحتجاجات التي عمت اليمن في مطلع العام 2011، وقادتها أحزاب المعارضة اليمنية ثم انضمت إليها لاحقا كل مراكز القوى والجماعات التي لديها ثأر شخصي أو أيديولوجي مع الرئيس علي عبدالله، وهو الأمر الذي تطلب تكثيف الحراسة على الرئيس وتحركاته، في ظل ورود العديد من التقارير الاستخبارية حينها عن وجود شبح مؤامرة تستهدف حياة الرئيس وأركان حكمه وعائلته. نجا العميد صالح من حادث تفجير مسجد دار الرئاسة في يونيو 2011 والذي أصيب فيه عمه بجروح بليغة نقل على إثرها إلى العاصمة السعودية الرياض لتلقي العلاج، وقد ساهم في تلك المرحلة الحرجة في المحافظة على حالة التوازن العسكري والأمني الذي حال دون سقوط النظام، إلى جانب أشقائه وأبناء الرئيس علي عبدالله وفي مقدمتهم أحمد علي عبدالله صالح الذي كان لا يزال يتولى قيادة الحرس الجمهوري والقوات الخاصة. تضاعفت مسؤولية العميد صالح الأمنية بعد عودة عمه مرة أخرى إلى صنعاء، إثر تماثله للشفاء. وقد كان أول شخص يستقبله أمام سلم الطائرة التي أقلته من الرياض. ترافق ذلك مع خيبة أمل لدى خصوم الرئيس الذين ازدادوا إصرارا بعد فشلهم في اغتياله، ليعيدوا الكرة مرة أخرى، في أغسطس من العام 2014، حيث أجهضت حراسة الرئيس حينها محاولة اغتيال جديدة من خلال نفق سري تمّ حفره بالقرب من منزله، وصولا إلى أسفل غرفة نومه. تلك الحادثة دفعت، كما يبدو، العميد صالح إلى مغادرة ألمانيا التي عين فيها ملحقا عسكريا بعد إقالته من منصبه كقائد للواء الثالث للحرس جمهوري وقائدا للحرس الخاص في أبريل 2012 والعودة إلى صنعاء لتولي مسؤولية الحراسة الخاصة لعمه مجددا، إضافة إلى إدارة جزء من شبكات العلاقات الاجتماعية والعسكرية المعقدة التي كان الرئيس لا يزال يحتفظ بخيوطها. كان المشهد منذ عودة العميد صالح إلى ألمانيا يزداد قتامة وتعقيدا مع اقتراب الحوثيين من صنعاء، وهو الأمر الذي بلغ ذروته في سبتمبر 2014 عندما اجتاحت ميليشيا الحوثي العاصمة، وشرعت في إسقاط مؤسسات الدولة ومعسكرات الجيش، وتشير العديد من المصادر إلى أن العميد صالح الذي كان في ذلك الوقت لا يحمل أي صفة عسكرية أو مدنية في الجيش لم يكن مسرورا بهذه التطورات التي دفعت بالعدو التقليدي لعمه من جبال صعدة إلى شوارع صنعاء، إضافة إلى البعد الثقافي المتمثل في ميول العميد صالح “السلفية” التي كانت تهمة شائعة، إلى درجة اتهامه من قبل الحوثيين بدعم مركز دماج السلفي في صعدة. تحالف حذر مع الحوثيين اتبع العميد صالح حدس عمه الذي تحالف مع الجماعة الحوثية بعد دخولها صنعاء، لأسباب لا تزال مجهولة، من بينها كما يتردد في الأوساط السياسية اليمنية رغبته الجامحة في الانتقام من المعارضة التي أجبرته على مغادرة السلطة. أو التفكير المبكر ربما في الانقضاض على الجماعة الحوثية من داخلها في الوقت المناسب. وبالرغم من اختلاف الآراء حول السبب الحقيقي لهذا التحالف الحذر، إلا أن قصف منزل الرئيس من قبل التحالف العربي في مايو 2015 نقل تعقيدات للمشهد اليمني إلى طور آخر بعد أن وصلت العلاقة بينه وبين دول التحالف إلى نقطة حرجة من التأزم، انعكست من خلال تصاعد الخطاب المعادي للتحالف والشرعية من قبله، وهو الذي رأى أن أي انتصار للطرف الآخر هو انتصار لرؤية ونفوذ جماعة الإخوان التي ظل يتهمها بأنها من تقف خلف الصراع والحرب وأنها المستفيد الأول منها. وقد لعب العميد صالح في هذه المرحلة دورا مهما في التحشيد العسكري والقبلي، ولكنه ظل ملاحقا في نفس الوقت بنظرات الريبة والشك من قبل الحوثيين الذين لم تتغير نظرتهم له كسلفي مفترض، وهو ما تحدث عنه شخصيا في تسجل مسرب سرد فيه أسباب علاقته المتوترة بالجماعة الحوثية وخشيتهم منه ورفضهم منحه أي فرصة حقيقية للمشاركة في الحرب إلى جانبهم، كطرف يحمل مشروعا ثقافيا ووطنيا مختلفا. ونتيجة للتحولات المتسارعة وخصوصا في المسار العسكري وإصرار العميد صالح على بناء وحدات عسكرية ذات رؤية مغايرة، وتزامن ذلك مع تفاقم خسائر الحوثيين في الجبهات، رضخ قادة الجماعة الحوثية لمطالبه بإنشاء معسكر خاص لاستقبال وتدريب المجندين غير المؤمنين بفكر الحوثي والموالين لحزب المؤتمر وأنصار الرئيس، قبل إرسالهم إلى الجبهات، ويطرح هنا العديد من المراقبين للشأن اليمني بعض التكهنات حول الهدف الذي كان يرمي إليه العميد صالح، وهل كان يستعد بالفعل لخوض المواجهة الحتمية القادمة مع الحوثيين والتي كان يشعر باقترابها لا محالة. وبدلا من أن يعزز معسكر “الملصي” الذي أنشأه في معسكر ريمة حميد بسنحان العلاقات بينه وبين الحوثيين، تسبب في توتيرها، حيث بدأت الشكوك تساور الجماعة حول ما يدور في المعسكر، وطبيعة مخرجاته، ولم تفلح زيارة مشتركة قام بها الرئيس الراحل في يوليو 2017 برفقة رئيس المجلس السياسي الأعلى حينها صالح الصماد، الذي قتل في 19 أبريل الماضي، في تخفيف حدة التوتر وطمأنة جناح الصقور في الجماعة الحوثية، وخصوصا أن العقيدة العسكرية التي كان يعمل العميد صالح على تأهيل جنوده وفقها تنتمي إلى أفق ثقافي وعقدي مغاير تماما لفكر الحوثي بل ومضاد له في الكثير من الأحيان. ولادة جديدة تفاقمت حدة التوتر السياسي بين الرئيس الراحل والحوثيين بفعل التحريض الذي كانت تتزعمه قيادات حوثية بارزة رأت ضرورة التخلص منه ومن الشراكة مع حزب المؤتمر التي اعتبروها عائقا أمام خططهم في استكمال السيطرة على مؤسسات الدولة و”تحويث” المجتمع اليمني. وتعرض الرئيس وأقرباؤه وعدد من المقربين منه لاستفزازات متصاعدة وصلت إلى تهديد حياة الرئيس نفسه، وبينما كان قطاع كبيرة من قادة المؤتمر والمحيطين بصالح يدفعون باتجاه الانحناء للعاصفة والتأقلم حتى مع موجة الإهانات الحوثية، رأى فريق آخر ضرورة الاستعداد للمواجهة القادمة والحتمية مع الحوثيين، وكان على رأس هذا الفريق العميد صالح الذي أخذ على عجل خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي في جمع أكبر عدد من عناصر القوات الخاصة والحرس الجمهوري السابق، غير أن الوقت لم يسعفه كثيرا، حيث تسربت تحركاته إلى الحوثيين الذين كانوا قد اتخذوا بالفعل قرار تصفية الرئيس ولكن خشيتهم من أن تكون ردة الفعل أشدّ عنفا ساروا لتقديم موعد ساعة الصفر إلى مطلع ديسمبر من العام الماضي. وفي الثاني من ذلك الشهر أكمل الحوثيون استعداداتهم لمعركة التخلص من شريكهم الوحيد، وبدأوا بمهاجمة المربع الأمني الذي يضم منزل الرئيس الراحل ورئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، ومنازل عدد من أفراد أسرته من بينهم العميد صالح الذي قاد آخر المقاتلين الأوفياء لعمه في معارك عنيفة استمرت لثلاثة أيام، وكادت أن تتحول إلى انتفاضة شعبية عارمة تسقط الحوثيين لولا تخاذل العديد من شيوخ القبائل الذين كان يعول عليهم الرئيس علي عبدالله في تغيير مسار المعركة التي أنهاها الحوثيون باستخدام الأسلحة الثقيلة والدبابات في قصف المنازل والأحياء السكنية بشكل غير مسبوق، وتركيز جميع قواتهم في منطقة “الثنية” التي تضم منزل الرئيس. وفي الرابع من ديسمبر انقشع غبار المعارك ودخان الحرائق عن مقتل الرئيس ومحاولة الحوثيين إظهار أنه قتل بينما كان في طريقه إلى مسقط رأسه في سنحان وهي المسرحية التي انكشفت سريعا مع ظهور العديد من الشهادات التي أدلى بها من التقوا بالرئيس علي عبدالله قبل مقتله بساعات. أما مصير قائد المعركة مع الحوثيين فقد ظل غامضا، حيث أعلن بعد ذلك بساعات عن ترجيح مقتل العميد صالح في أول يوم من المواجهات، وتحدثت بعض المصادر حينها عن قيام عمه بالصلاة عليه في جامع “الثنية” ودفن هناك، فيما تبين لاحقا أنها محاولة لصرف أنظار الحوثيين عنه. بلغت شعبية العميد صالح عنان السماء بعد أن تصدر اسمه وسائل الإعلام التي غطت أخبار المواجهات بين الحوثيين وأنصار الرئيس السابق في صنعاء، وعلى الرغم من إعلان بيان صادر عن حزب المؤتمر مقتله مع عمه، إلا أن الحوثيين كان لهم رأي مختلف، حيث بدأوا بتمشيط العديد من مناطق صنعاء واقتحام بيوت أقرباء الرئيس الراحل وعدد من قيادات المؤتمر، إضافة إلى توزيع صور طارق صالح في شوارع صنعاء بصفته الشخص الأول على لائحة المطلوبين أمنيا. في تلك الأثناء كان العميد صالح يقوم بواحدة من أكبر وأصعب تحدياته، حيث استطاع أن يتخطى الحواجز الأمنية للجماعة الحوثية، برفقة عدد محدود ممن يثق بهم، وسيرا على الأقدام عبر طرقا وعرة، وبجسم منهك وقلب حزين ومكلوم تمكن من الوصول إلى مناطق سيطرة الشرعية، غير أنه فضل البقاء خلف الأضواء، ليظهر لأول مرة بشكل علني أثناء قيامه بمهمته الأولى بعد اكتمال علاجه من الإصابات التي لحقت به، وفي 11 يناير الماضي، ظهر في محافظة شبوة اليمنية
معزيا في مقتل رفيق عمه الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي عارف الزوكا، ليعود إلى الظل مجددا ويبدأ في مهمته الجديدة التي ظهرت نتائجها بعد ذلك بأشهر في جبهة الساحل الغربي لليمن، ولا تزال مستمرة حتى هذه اللحظة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.