أثارت عودة محافظ البنك المركزي اليمني محمد عوض بن همام لمزاولة عمله في صنعاء بعد أن غادرها سراً قبل أسابيع، جدلاً كبيراً حول المسببات التي جعلت العقلية المصرفية الأولى في اليمن يعود لممارسة مهامه العصيبة من اجل إيقاف تداعي الأزمة المالية والمصرفية في بلد يعيش كوارث سياسية وأمنية كل يوم. يقول المستشار القانوني والخبير الاقتصادي الدكتور عبدالكريم سلام ل”يماني نت”: عودة بن همام لم تكن بقوة عبدالملك الحوثي، ولا بقوة اللجنة الثورية، ولا بقوة الرئيس هادي. إنما بقوة المؤسسات المالية الدولية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومعهما الأممالمتحدة. ويؤكد سلام أن الغاية من ذلك هو تدارك الانهيار المالي وتبخر جهود اصلاحات المالية العامة للبلاد التي دخلت تحت منذ الغام 1995 تحت وصاية المؤسسات المالية الدولية بامتثال حكومات صالح المتعاقبة لبرنامج الاصلاحات الاقتصادية المعروف بالتقويم الهيكلي، “الذي تتساوى أمامه الايدلوجيات والشعارات سواء كانت شعارات ثورية، أو دينية، أو زوامل قبلية” حد قوله، مضيفاً: من المعروف أن تلك الاصلاحات ترتب التزامات تجاه الدائنين الخارجيين والداخليين على حد سواء وتجاه المؤسسات المالية الدولية. وكان محافظ البنك المركزي اليمني، محمد عوض بن همام، عاد عصر أمس الثلاثاء، إلى العاصمة اليمنيةصنعاء بعد غياب استمر حوالي شهرين ونصف الشهر قضاها في مسقط رأسه بمنطقة غيل باوزير، في محافظة حضرموت، شرق اليمن. وأكدت مصادر إعلامية أن بن همام وصل إلى صنعاء بعد استنجاد الحوثيين به لمعالجة أزمة انهيار الريال اليمني أمام الدولار الأميركي. فيما ذكرت أخرى عن أن الرئيس هادي هو من أسهم مع ممثل الأممالمتحدة في إعادة الرجل لممارسة عمله قبل أن تكون الكارثة التي تتخوف منها المؤسسات المصرفية الدولية. وتقترب المديونية الخارجية لليمن من 7 مليار دولار فيما تصل المديونية الداخلية إلى ثلاثة ترليون ريال. وطبقاً لمراقبين فإن الاحتياطي النقدي من العملة الاجنبية تآكل مؤخراً بسبب الاضطرابات الأمنية والسياسية ليصل الى أقل من 4 مليار دولار “وهو ما يجعل الاوضاع المالية والمصرفية على حافة الانهيار خاصة بعد تراجع قيمة العملة اليمنية الى مستويات غير مسبوقة”. حد قولهم. وسجل الريال اليمني، أمس الأول، أدنى مستوى له أمام الدولار الأميركي في سوق الصرف المحلية، منذ مارس/آذار الماضي حيث هوى إلى 270 ريالا للدولار الواحد مقابل 243 في سبتمبر/أيلول و240 خلال أغسطس/آب الماضيين، في ظل استمرار امتناع البنوك الحكومية عن صرف الدولار واليورو.
وواصلت جميع محال الصرافة في العاصمة اليمنية إغلاق أبوابها لليوم الثاني على التوالي، في إضراب غير معلن. ونقلت يومية “العربي الجديد” عن مصدر في البنك المركزي اليمني، قوله أن عودة بن همام في هذا التوقيت سيكون له آثار إيجابية على الوضع المالي والنقدي، وتحديدا على مستوى أسعار الصرف، عبر إعادة الثقة في العملة المحلية الريال وامتصاص القلق الذي يراود الفاعلين في مختلف القطاعات الاقتصادية بشأن قيمة الريال. وكان بن همام قد غادر العاصمة صنعاء، في 10 أغسطس/آب الماضي، متوجها إلى مسقط رأسه في محافظة حضرموت، وذلك بعد أن فرضت عليه جماعة الحوثيين الإقامة الجبرية ومنعته من التنقل والسفر، خوفاً من هروبه وإعلان انضمامه للحكومة الشرعية لليمن، التي تمارس مهامها من العاصمة السعودية الرياض. وكشفت مصادر حكومية، حينها، أن محافظ البنك وصل إلى طريق مسدود مع جماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة منذ سبتمبر/أيلول 2014، وتدهورت العملة المحلية في عهدها بسبب الإجراءات التي اتخذتها مؤخراً، ومنها تعويم أسعار المشتقات النفطية عبر ربطها بالبورصة العالمية. وعين بن همام محافظا للبنك المركزي اليمني في أبريل/نيسان 2010، ويقول خبراء مصرفيون إنه عقلية مصرفية فذة، حيث ساهم بإدارته الجيدة للبنك المركزي في استقرار سعر صرف العملة اليمنية، رغم تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في البلاد منذ توليه مسؤولية البنك المركزي.